عانت الأردن طيلة عهد الاحتلال العثماني بغياب الدولة عن شؤون الحكم والتنمية والأمن، فتبدّل الولاة والحكام على المنطقة وانتقلت تبعية الأراضي والجباية فيها ، بتبدّل الحكام والولاة، فكلّما انتصر والٍ عثماني جديد على آخر ووافق على دفع الضرائب للباب العالي في الأستانة وجمعها من الأهالي بالنيابة عنه ، انتقلت كل الأراضي والنيمارات والمالكانات إلى عهدته بالضرورة في حقبة كان عنوانها الأبرز ( حقبة حكم المزرعة).

وفي الفترة التي توسع فيها  حاكم عكا العثماني ظاهر العمر (1685-1775) بإمارته ونفوذه ليسيطر على لواء عجلون وما حوله، أرسل ابنه أحمد ظاهر العمر (1728-1775) ليكون حاكما بالنيابة . وقد بدأ ببناء قلعة ومسجد في تبنة، انتهى منهما حوالي 1770؛ ثمّ انتقل إلى الحصن. وعلى تلها بدأ ببناء قلعة.

في تلك الفترة ومنذ حوالي 1760 كان واحدٌ من أبرز شيوخ الحصن هو الشيخ ابراهيم بن مصطفى نصير ( شيخ عشيرة  النصيرات) ، وقد ولد الشيخ ابراهيم حوالي العام 1720 وتزوج من عشيرة الهزايمة. وقد رُزق بالعديد من الأولاد، وبما أنه لم توجد إدارة مباشرة للاحتلال العثماني على الأراضي الأردنية وكانت شؤون الحكم تدار بالوكالة من قبل الولاة والجباة، فقد كان الشيخ هو كل شيء: القائد والقاضي والشرطي.

 

مشانقٌ محليّة

استهل الحاكم العثماني الجديد لمنطقة حوران أحمد بن ظاهر العمر تعيينه بالنيابة عن أبيه بنصب ثلاثة مشانق لتكون علامة على طابع الحكم القادم لأهالي حوران الأردنيين وذلك بعد أن انتهى من بناء الطابق الأول من القلعة، وبناء السور الخاص بها، والواضح أنه أراد تقصير المسافة على الثوّار والأحرار من فرسان العشائر الأردنية، فبدلا من إرسالهم إلى سجون المحتل في الأستانة ودمشق وإعدامهم بالمشانق هناك، قرّر أن يجعل العقاب محليا ومباشرا وسريعا توفيرا للجهد والوقت بإعدام الأردنيين وقمع ثوراتهم.

لدينا مشانق جديدة ، فلنجرّبها !

وليكرّس عهد الحكم الجديد بالسطوة والقتل طلب أحمد ظاهر العمر من الشيخ ابراهيم النصيرات جلب ثلاثة أطفال من أبناء العائلات المسيحية الأردنية من عشائر الحصن وذلك لتجربة المشانق عليهم. حاول الشيخ ثنيه عن الجريمة ففاوضه بتجربة المشانق على الخراف ومن ثم على فرسه شخصياً، لكن الحاكم أبى وتعنّت ثم توعد الشيخ ابراهيم إن لم يجلب له الأطفال المسيحيين لشنقهم سيقوم هو ويختار من أبناء العشائر المسيحية الأردنية في الحصن بشكل عشوائي.

 وعاد الشيخ ابراهيم النصيرات إلى بيته مهموما، فسألته زوجته عن الأمر، فأخبرها بما حدث، فما كان منها إلاّ أن قالت : ( بالله لا تتقلد خطية أحد تأخذه من حضن أمه وأبوه، وبكرة إذا جاء هذا الظالم فليأخذ أحد أبنائنا، ويعوضنا الله خيراً) فآثرت التضحية بأبنائها على أن تخون حق الجيرة والدم لتقدّم أبناءها بدلاً من أبناء أشقائهم المسيحيين.

وتنفيذا لوعدها قامت زوجة الشيخ ابراهيم النصيرات بإطعام أطفالها ومن ثم قامت بتغسيلهم وإلباسهم أجمل ثيابهم بينما حافظت على هدوئها حتى لا تخيفهم، وهي تعدُّ اللحظات التي تفصل أبناءها عن تدوين أسمائهم في سجل الشرف والفداء .

مشهد للصورة المتخيلة في ذهن النشمية زوجة الشيخ البطل ابراهيم النصيرات لأبنائها وهم معلقين على المشانق العثمانية – لوحة للفنانة هند الجرمي

وفي منتصف تلك الليلة من عام 1774 م ، إذ بباب الشيخ ابراهيم النصيرات يُقرع بشدة وعنف شديدين، وكان الوالي العثماني أحمد بن ظاهر العمر هو القارع طالبا من الشيخ أن يفتح له الباب، وعندما فتح الباب أخبره الشيخ أن الموعد لم يحن بعد وأن الأولاد سيكونوا حاضرين في الصباح للإعدام على المشانق، فإذ بالوالي العثماني المخلوع يحتضن الشيخ ابراهيم النصيرات قائلا: أنا دخيل عليك يا ابن نصير، أنا طنيب عليك يا ابن نصير. فسأله الشيخ بصدمة عمّا حدث؟، فقال أحمد بن ظاهر العمر : لقد أرسل الوالي العثماني أحمد الجزار رجالا ليقتلوني. وذلك بعد أن دبّت الصراعات بين الولاة العثمانيين في المنطقة وأصبح أحمد بن ظاهر العمر والجزّار خصوماً في صراعات السلطة وتم اعلانه ملاحقاً ومطلوباً.

حدث هذا الأمر عندما أثار توسع نفوذ الأمير ظاهر العمر حنق الباب العالي العثماني، ما دفعه إلى إعلان الحرب عليه وعزله وأبنائه عن مناطق ولايتهم وتوجيه جيش بقيادة الوالي العثماني أحمد باشا الجزّار للقضاء عليه .

حينها استجدى الوالي المخلوع أحمد بن ظاهر العمر الشيخ ابراهيم النصيرات بأن يوصله بأمان إلى الأمير الغزاوي في الغور، وللوهلة الأولى أراد الشيخ ابراهيم النصيرات أن يفتك بالحاكم عقابا له وثأرا لكرامة الأطفال، لكن زوجته صرخت منبهة أنه دخيل بعُرف الأردنيين وتقاليدهم، وأن تقديم أولادهم بدلاً عن خيانة جيرانهم لا يزيد أهميةً بالمنظومة القيمية الأردنية عن إجارة الدخيل ولو كان قد ذبح الأولاد فعلياً.

فاستجمع الشيخ ابراهيم النصيرات قواه وضبط أعصابه وقام بترحيله مع مجموعة من الحرس إلى الغور مع ورقة تحمل ختمه، وطلب أن يختمها الأمير الغزاوي بعد وصول (الدخيل)، وأخذ منه مفاتيح منزل تل الحصن التي كان الطابق الأول منها قد أنجز، والعمل قائم على الطابق الثاني، وأحسَّ العمال الذين جلبهم الحاكم العثماني معه بعد زمن باختفاء الحاكم، فهربوا دون أن يكتمل بناء الطابق الثاني .

الغدر والثأر

وحسب الرواية الشفوية وقبل هروب الوالي العثماني أحمد بن ظاهر العمر وانقلاب العثمانيين على أبيه بأيام قليلة كان قد دعى الشيخ موسى الحمد الخصاونة في قرية تُبنة الى الغداء وبنيته الغدر به بعد أن خشي من خطرِ زعامة الخصاونة على ناحية بني عبيد ومناوئتهم للعثمانيين. وعند قدومه قام بغدره وأمر بضرب عنقه على سدر الطعام داخل بيته وأخفى الأمر ليتم التمثيل بجثته باليوم التالي،إذ علَقَ رأسَه على باب قلعته في بلدة تُبنه في الكورة التي كان يتخذها مقراً له وسجنَ العديدَ من رجالاتها، ولا تزال المعمرات من عشيرة الخصاونة يهزجن عن الشهيد البطل الشيخ موسى الحمد الخصاونة بالقول ”  موسى الحمد يا مطلع الجردة ….حملها رحلين ورواقها فردة “.

وعندما علم فرسان عشيرة الخصاونة ما حصل بشيخهم الشهيد البطل موسى الحمد الخصاونة قاموا ومعهم جمع من باقي فرسان الحصن بالذهاب إلى منزل الحاكم فلم يجدوه، فكسروا المشانق وأخذوا جميع الأسلحة والذخيرة التي وجدوها ووزعوها بين الفرسان وأرسلوا الى شيخ الغزاوية أن هذا الوالي المخلوع مطلوب لهذه الفعلة الشائنة وأن تسليمه للقاضي العشائري أمر لا يمكن تجاوزه أو التنازل عنه.

وكُسِرت المشنقة

وقبل ساعات من انفاذ قوانين القضاء العشائري الأردني المتجذر في التاريخ، كان أحمد ظاهر العمر قد خرج من الغور الى فلسطين وقد خرج من دخالة الأمير الغزاوي بحكم التقاليد بعد أن غادر ديرته، حيث لحق به بعض فرسان عشيرة الخصاونة فقتلوه وجنوده في الطريق وأحضروا بعض متعلقاته الشخصية وعلقوها فوق بيته السابق بالحصن.

بينما تشير روايات أخرى أنه حين سقطَ حُكم ظاهر العمر في عكا بعد انقلاب والي دمشق عليه، ثار العجلونيون على ابنه أحمد الظاهر، وطاردوه حتى قرية «لوبية» غربي طبريا.

خاتمة

ليس هذا الحدث برمزيته وعظمته ببعيد عن مسيرة كفاح الأردنيين نحو الاستقلال من الاحتلال العثماني، ولا هو بمختلف أو طارئ على سيرة الأردنيين ووئامهم، ولأجل هؤلاء العظام من أمثال أجدادنا وجداتنا الشيخ ابراهيم النصيرات وزوجته تستحق هذه المسيرة الوطنية أن تخلّد وتبقى في ذاكرة الأردنيين لا كقصة عابرة بل كنقش متوهج في صدورهم .

المراجع :

  1. نصير، د.عبدالمجيد، ورقة بحثية منشورة عن عشيرة النصيرات .
  2. كرد علي، محمد، خطط الشام، دمشق، 1925.
  3. الزركلي، خير الدين، موسوعة الأعلام، 1980.

مشانق الحصن

مشهد عام لربة عمون، يظهر في الصورة بقايا آثار رومانية

مقدمة

بنى أجدادنا الأردنيون الأوائل ثلاثة دول ذات أنظمة سياسية ملكية في بداية العصر الحديدي الثاني (أدوم، مؤاب، عمون)، وكانت هذه الدول حصيلة تطور راكمه الأردنيون عبر آلاف السنين. إن هذه الأنظمة الملكية، كانت تتسم بطابع تشاوري مبني على القيم الاجتماعية الأردنية، حيث لا يمكن تجاوز البنى الاجتماعية للدولة، ولا يستطيع الملك أن يتفرد بالقرارات المصيرية وحده دون الرجوع إلى زعامات البُنى الاجتماعية المتنوعة من مدن وقرى وتجمعات فلاحية وقبائل، وهو الذي يستمد شرعية حكمه منهم، حيث نشأت الممالك بناء على توافقات القوى الاجتماعية التي شعرت بضرورة تأسيس دولة ذات نظام متطور وجهاز إداري وعسكري قادر على صون مصالحهم، وعلى الرغم من ذلك لابد أن يكون للملوك الدور البارز، حيث أن الملك هو من يصدر الأمر باسمه في نهاية المطاف، وهو أحد رموز الدولة المهمة.

وعلى هذا الأساس حاولنا في هذا البحث إيراد أسماء الملوك الأردنيين العمونيين، والظروف السياسية في ظل حكم كل ملك منهم، كما حاولنا إيراد أهم الانجازات لهؤلاء الملوك حيثما وجدناها، وقد اعتمدنا في هذا البحث على ثلاث مصادر رئيسية، وهي (المصادر التاريخية، السجلات الأشورية، النقوش العمونية).

صورة لتماثيل عمونية، متحف الآثار الأردني- جبل القلعة

الملك الأردني ناحاش

هو ملك أردني عموني، حكم حوالي (1020- 1000ق.م)، وكان ملكاً طموحاً، حيث أن فترة حكمه جاءت عقب تراجع أصاب الأردنيين العمونيين لفترة من الزمن، استطاع خلالها العبرانيون التقدم داخل الحدود العمونية الأردنية والسيطرة على جزء من الأراضي الأردنية.

قام الملك الأردني العموني ناحاش بإعادة تجهيز جيشه، وبث الروح المعنوية العالية بين الأردنيين العمونيين، الذين كانوا غاضبين من التواجد العبراني داخل أراضيهم، وبدأ بشن الهجمات على المناطق التي احتلها العبرانيون وبث الرعب في قلوبهم، حتى طلبوا منه إبرام معاهدة.

وكان رد الملك الأردني العموني ناحاش على طلبهم هذا بأن يكونوا بمنزلة اجتماعية متدنية، ويرضخون للحكم الأردني العموني بنظام عمل أشبه بالسخرة، حينذاك حاول العبرانيون التفاوض على شروط أقل حدة.

في ذلك الوقت وصلت ثقة الملك ناحاش بقوته حد الغرور، حيث منح العبرانيين مهلة من سبعة أيام للرد على شروطه، وكان يعي أن ذلك يعني أن العبرانيين المحاصرين داخل الحدود الأردنية العمونية سيقومون بطلب النجدة من أقاربهم خارج الحدود، ولم يأبه الملك الأردني العموني ناحاش بذلك أبدا، بل على العكس كان يعتقد أن بإمكانه بذلك استدراج بقية القبائل العبرانية والانتصار عليهم وكسر شوكتهم.

إلا أن الأمر المفاجئ، أن هذا التقدم الملحوظ في قوى الأردنيين العمونيين، جعلت العبرانيين يستشعرون الخطر، مما دفعهم لتوحيد رايتهم وتنصيب شاؤول ملكا على جميع العبرانيين، كي تتجمع قواهم ويستطيعوا دفع الخطر الأردني العموني، وكانت هذه أول مرة يُنشئ بها العبرانيون مملكة موحدة يحكمها ملك واحد، وقام شاؤول بوساطة رجال الدين بدفع كل رجل قادر على حمل السلاح للمشاركة في الحرب، حيث منحها صبغة الحرب المقدسة موظفاً الدين في هذه الحرب.

استطاع شاؤول أن يتغلب على الملك الأردني العموني ناحاش، ويوقف طموحاته بالتوسع بعد أن استنفر جميع من يستطيع حمل السلاح من العبرانيين، مستغلاً نشوة تأسيس المملكة الجديدة، واستهتار الملك الأردني العموني ناحاش بحجم قوة اعداءه.

الملك الأردني حانون

في نهايات حكم الملك الأردني العموني ناحاش حالف الملك داوود في مواجهة شاؤول، حتى استطاع داوود السيطرة على حكم مملكة اسرائيل، وعندما توفي الملك الأردني العموني ناحاش قام داوود تقديرا للخدمات التي قدمها له ناحاش في وقت ضعفه، بإرسال وفد لتعزية الملك الأردني العموني الجديد (حانون) بوفاة أبيه الملك ناحاش.

وحين وصول الوفد الذي بعثه داوود إلى القصر الملكي في ربة عمون، شكَّ مستشارو الملك الجديد حانون بأن هذا الوفد جاء كي يستكشف المدينة تمهيداً لغزو من قبل مملكة اسرائيل، فأشارت الحاشية على الملك حانون بإهانة الوفد وطرده، وهذا ما تم، وحين عاد الوفد إلى داوود اعتبر داوود هذا التصرف بمثابة إعلان حرب عليه من قبل الملك الأردني العموني حانون، وقام بتجهيز جيشه للهجوم على المملكة الأردنية العمونية، ووقعت الحرب التي انتهت ولم يستطع الملك حانون الانتصار بها.

الملك الأردني بعشا

ورد اسم الملك الأردني العموني بعشا في إحدى السجلات الأشورية ضمن أسماء مجموعة من الملوك الذين كونوا حلفاً سياسياً عسكريا في مواجهة شلمنصر الثالث ملك آشور، وقد كان الملك الأردني العموني جزء مهماُ من هذا الحلف الذي كونه عدد من ملوك الدول المحاذية لآشور من جهة الغرب، لمواجهة مساعي شلمنصر الثالث في اخضاع هذه المنطقة والسيطرة عليها، وقد تواجه هذا الحلف مع قوات شلمنصر ثلاثة مرات لم يستطع خلالها الأشوريون من تحقيق أهدافهم رغم الخسارات العسكرية التي لحقت بالأردنيين العمونيين وحلفائهم.

الملك الأردني سانيبو

هو أحد الملوك الأردنيين العمونيين، الذين ورد اسمهم في حوليات تجلات بلاسر الثالث، من ضمن الملوك الذين قدموا الهدايا للملك الأشوري حينها.

الملك الأردني بودو ايل

ملك أردني عموني ورد اسمه في السجلات الأشورية في زمن الملك الأشوري سنحاريب، حيث كان من ضمن الملوك الذين قدموا الهدايا للملك سنحاريب.

الملك الأردني عمي ندب (الأول)

ورد اسم الملك الأردني العموني عمي ندب في السجلات الأشورية في فترة حكم الملك الأشوري آشوربانيبال، ويعتبر عمي ندب الأول لأنه تم ذكر ملك أردني عموني آخر يحمل ذات الاسم في فترة لاحقة على نقوش عمونية.

الملوك الأردنيون العمونيون الذين وردت أسماؤهم في النقوش العمونية

تمثال عازر، من جبل القلعة، عمون.
The art of Jordan, treasures from an ancient land,edited by Piotr Bienkowski, alan sutton publishing.

وجدت الحفريات الأثرية عدة قطع أثرية تحتوي على نقوش عمونية، وورد في بعضها أسماء لبعض الملوك الأردنيين العمونيين لكن دون ذكر تفاصيل واضحة حولهم لذلك سنورد أسماءهم وما ذكر عنهم في هذه النقوش .

  • الملك الأردني زاكور

هو ملك أردني عموني ورد اسمه في تمثال عمان (تمثال وجد في حفريات في جبل القلعة – ربة عمون – ويحمل نقشا على قاعدته) والملك زاكور هو ابن الملك شانيب الذي ورد اسمه بنقش تمثال عمان كما ورد اسمه في السجلات الأشورية أيضا  وأبو الملك يرح عزر.

  • الملك الأردني يرح عزر

وجد اسم الملك الأردني العموني يرح عزر أيضا في نقش تمثال عمان، إلى جانب اسم والده الملك زاكور، وجده الملك شانيب.

  • الملك الأردني عمي ندب الثاني
قارورة تل سيران

ورد اسم الملك عمي ندب في نقش قارورة تل سيران مرتان، حيث كتب في نقش تل سيران، “أعمال عمي ندب، ملك بني عمون، بن هصال ايل، ملك بني عمون، بن عمي ندب ملك بني عمون…”،  ويستدل من هذا النقش وبعد تحليل المدد الزمنية، أن عمي ندب الجد الذي ورد اسمه في القارورة هو ذاته الملك عمي ندب الذي ورد اسمه في السجلات الأشورية سابقاً، وأن الملك عمي ندب الحفيد يصبح بذلك الملك عمي ندب الثاني.

  • الملك الأردني هصال إيل

ورد اسم الملك الأردني العموني هصال إيل أيضا في نقش قارورة تل سيران، إلى جانب اسم أبيه وابنه الملوك الأردنيين العمونيين، عمي ندب الأول وعمي ندب الثاني.

المراجع

  1. كفافي ، د. زيدان عبد الكافي (2006 )، تاريخ الأردن وآثاره في العصور القديمة ( العصور البرونزية والحديدية) ، دار ورد ، عمان .
  2. أبحاث إرث الأردن،مدخل عام إلى عصر الممالك الأردنية القديمة
  3. العبادي، د. أحمد عويدي (2018)، التاريخ السياسي للممالك الأردنية القديمة، دار مجدلاوي للنشر والتوزيع، عمان.
  4. كفوف، نجاة ثلجي سعد(1995)، ملوك بني عمون،  رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة اليرموك، اربد، الأردن.

المملكة الأردنية العمونية – الملوك وانجازاتهم

مقدمة

على مرتفعات البلقاء، وسط الأردن، وفي سفوحها الوعرة، كان قلب المملكة الأردنية العمونية، ومن عمّان (ربة عمون)، كتب أجدادنا الأردنيون العمونيون، سفراً جديداً في كتاب الحضارة الانسانية، لترسم الجبال والمياه قصة شعب هزم قسوة الطبيعة، وبنى دولة الرفاهية.

على الرغم من صعوبة رسم الحدود السياسية بشكل دقيق بين الدول القائمة في الحقبة التي أنشأ بها أجدادنا الأردنيون العمونيون دولتهم، إلا أن تشييدهم للعديد من الأبراج الدفاعية التي صمدت آثارها حتى يومنا هذا، بالإضافة إلى السرد التاريخي الذي ورد عن المملكة الأردنية العمونية، إلى جانب الحدود الطبيعية استطاعت أن توصل لنا صورة جيدة عن حدود المملكة الأردنية العمونية، نوردها في هذا البحث، كما سنعرّج على بعض المدن والتجمعات السكانية ذات الأهمية.

حدود المملكة الأردنية العمونية

يبوق (نهر الزرقاء)
  • الحدود الشمالية

يعتبر نهر يبوق (الزرقاء) هو الحد الشمالي للمملكة الأردنية العمونية، والفاصل بينها وبين امتداد الممالك الآرامية على الأراضي الأردنية بعد اضمحلال مملكة عوج ملك باشان الأردنية، وتشير الكشوفات الأثرية إلى أن اللقيات الأثرية الأردنية العمونية، تجاوزت نهر الزرقاء شمالاً، مما يعني امتداد نفوذ وتأثير الأردنيين العمونيين إلى الشمال من نهر الزرقاء خلال عدة مراحل زمنية، إلا أن الأقرب للواقع أن حوض نهر الزرقاء كاملاً بضفتيه الشمالية والجنوبية كان يقع تحت نفوذ الأردنيين العمونيين.

  • الحدود الجنوبية
وادي الموجب 1900 نهاية القرن التاسع عشر شمال الكرك وعرف بنهر ارنون وتم ذكره في مسلة ميشع الملك المؤابي الأردني قبل الميلاد

يعتبر وادي أرنون (الموجب)، هو الحد الجنوبي للمملكة الأردنية العمونية والذي يفصلها عن المملكة الأردنية المؤابية، ولكن هذه الحدود ليست فاصلاً نهائياً بين المملكتين، حيث أن تمازجاً ثقافياً هوياتياً يجمع بين المملكتين الشقيقتين، فضلاً عن الحلف السياسي العسكري بين المملكتين الأردنيتين، الذي كان يسمح بتداخل للأراضي.

  • الحدود الشرقية

على امتداد مرتفعات البلقاء، وإلى الشرق منها، في البادية الأردنية الوسطى وعلى حد الصحراء، وجدت العديد من الأبراج العمونية الدفاعية، مما يعني أن الحدود الشرقية للمملكة الأردنية العمونية كانت تنتهي على مشارف الصحراء، ويُعتقد أن الأبراج الدفاعية العمونية كانت تحرس التجمعات الزراعية بالتعاون مع القبائل الأردنية البدوية الخاضعة للنفوذ العموني من الغزو القادم من الصحراء.

  • الحدود الغربية
نهر الأردن

امتدت الحدود الغربية للمملكة الأردنية العمونية على طول سفوح الجبال والمناطق الغورية المتاخمة لوادي الأردن، وتعتبر الحدود الغربية للمملكة الأردنية العمونية الأكثر خطورةً كونها تطل على مناطق نفوذ العبرانيين الذين ناصبوا الأردنيين العمونيين والمؤابيين العداء طويلاً.

أهم المواقع في المملكة الأردنية العمونية

  • العاصمة ربّة عمون (عمان)
جانب من الجدار الذي يحيط بمدينة ربة عمون

كان المركز الرئيسي للعاصمة ربة عمون هو موقع جبل القلعة الحالي الواقع في وسط عمان الحديثة، وهو يعتبر أحد جبال عمان الرئيسية، ويعود تاريخ جبل القلعة إلى بدايات العصر النحاسي، وعرف قروناً من الازدهار، حتى أقام على أرضه أجدادنا الأردنيون العمونيون عاصمتهم.

  • تل سيران
قارورة تل سيران

هو تل أثري يعود إلى العصر الحديدي، داخل حرم الجامعة الأردنية، اكتشف به أحد طلاب كلية السياحة والآثار قارورة تل سيران المعروفة، أثناء إحدى الحفريات الأثرية، كما وجد في نفس التل على عدد من الكسر الفخاري التي يعود تاريخها إلى كل من العصور الحديدية، والرومانية والأموية.

  • تل جاوة الجنوبي

بني موقع تل جاوة الجنوبي، إلى الجنوب من عمان، على مساحة تقارب العشرين دونماً، ويحتوي الموقع على مباني متنوعة، ويعتقد أنه تجمع زراعي متوسط الحجم.

  • موقع جلول

تقع جلول شمال شرق مدينة مادبا، قرب الحدود الفاصلة بين المملكة الأردنية العمونية، والمملكة الأردنية المؤابية، وبني الموقع على مساحة 73 دونماً، ويعد الموقع مدينة متوسطة الحجم.

  • موقع تل العميري

بني موقع تل العميري إلى الجنوب الغربي من ربة عمون، وهو تجمع سكاني يعود تاريخه إلى العصر النحاسي، ومر هذا التجمع السكاني بتطورات عديدة حيث أصبح (مدينة دولة) في العصر البرونزي ثم أحد أهم المدن الأردنية العمونية.

  • تل صافوط الأثري

بني هذا الموقع شمال عمان على الطريق الواصل بين عمان ومناطق الشمال (جرش، اربد، عجلون)، ويعد من أهم المواقع الأثرية في عمان، ووجد فيه العديد من الآثار العمونية.

  • عراق الأمير
عراق الأمير 1900 جنوب غرب عمان وهي من أهم المواقع الأردنية العمونية

بدأ التواجد البشري في عراق الأمير منذ آلاف السنين، حيث استوطنها أجدادنا الأردنيون الأوائل منذ العصر الحجري الوسيط (8000- 10000) ق.م، كلمة عراق تعني الكهوف، ويقال أن المنطقة سميت بهذا الإسم نسبة إلى الكهوف التي استخدمها الأمير طوبيا العموني إضافة إلى القصر الذي بناه فيها، وكانت عراق الأمير أحد أهم المواقع العمونية.

قصر العبد (قصر عراق الأمير)

يعود تاريخ بناء قصر العبد إلى ما قبل خمسة ألف عام تقريبا، أي إلى العصر الهيلنستي في القرن الثاني قبل الميلاد وقد بناه هركانوس من أسرة طوبيا العمونية الاردنية في عهد الملك سلوقس الرابع.
وقد سُمي قصر عراق الأمير ؛ عراق التي تعني مدخل المغارة والأمير وهو طوبيا العموني الأردني، وتشير الوثائق التاريخية والمسكوكات والرسومات والنقوش أن القصر يعود تاريخ بناءه بين عامي 187 و 175 ق.م في ظل حكم البطالمة وتحديدا في عهد سلوقس الرابع ويذكر أيضا أن هركانوس الذي بناه وهو أيضا من الأسرة الطوبية العمونية الأردنية كان أحد امراء العمونين الأردنيين الذين استقروا في منطقة وادي السير عام 360 ق.م، وكان طوبيا آنذاك أميرا ونائبا للملك وواليا على منطقة عمّان في عهد البطالمة، إلى أن اصبح ملكا وهو آخر ملوك العمونين الأردنيين.

  • رجم المخيزن (خربة الحجار)

هو موقع أثري عمون، في منطقة الرصيفة/ شلنر، عبارة عن أحد الأبراج العمونية الدفاعيةالتي تحمي حدود ربة عمون.

الخاتمة

رغم التخريب الذي تعرضت له مواقع أثرية عديدة، ومع شح الحفريات الأثرية التي تغطي الأردن في العصور الحديدية، إلا أن آثاراً عديدة تحدت آلاف السنوات لتبقى دليلاً على إحدى أهم الحضارات الأردنية، وقد حاولنا في هذا البحث وصف حدود المملكة الأردنية العمونية، وإيراد أهم المواقع المكتشفة في سعينا لتغطية كل ما يخص المملكة الأردنية العمونية، ونسعى لأن يكتمل العمل الآثاري حتى نستطيع أن نفي الجهد الذي بذله أجدادنا الأردنيون الأوائل حقه.

المراجع

  1. كفافي ، د. زيدان عبد الكافي (2006 )، تاريخ الأردن وآثاره في العصور القديمة ( العصور البرونزية والحديدية) ، دار ورد ، عمان .
  2. غوانمة، د. يوسف درويش (1979)، عمان حضارتها وتاريخها، دار اللواء للصحافة والنشر، عمان.
  3. أبحاث إرث الأردن،مدخل عام إلى عصر الممالك الأردنية القديمة
  4. أبحاث إرث الأردن، قصر العبد – عراق الأمير
  5. العبادي، د. أحمد عويدي (2018)، التاريخ السياسي للممالك الأردنية القديمة، دار مجدلاوي للنشر والتوزيع، عمان.
  6. جتاوية، نداء (2012)، مفهوم الإثنية في علم الآثار: دراسة تحليلية للمالك (عمون، مؤاب، أدوم) في الأردن خلال العصر الحديدي. رسالة ماجستير غير منشورة، الجامعة الأردنية، عمان، الأردن.

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                              

المملكة الأردنية العمونية- الحدود وأهم المواقع

Scroll to top