Latest articles
December 23, 2024
December 23, 2024
December 23, 2024
مقدّمة
كان للتجارة الأثر الكبير على الاقتصاد الأردني النبطي؛ إذ برع الأردنيون الأنباط في استغلال الموقع الجغرافي لحضارتهم بالإضافة إلى جودة ما قدموه من خدمات للقوافل التجارية ، فكانت تنقل البضائع على مراحل كما أنشؤوا الاستراحات و حفروا الآبار و أمّنوا الطرق بالحراسات الأمنية .
كان لذلك الأثر في رفاه الأردنيين الأنباط ومتاجرتهم بجميع سلع العالم القديم تقريباً إذ تاجر الأردنيون الأنباط بـ 18 سلعة رئيسية على الأقل فأحضروا البخور والمر والكافور والعطور والعاج والحرير واللؤلؤ من جنوب الحجاز والصين والهند وأفريقيا وشمال غربي الأبيض المتوسط واستخرجوا القار والنحاس وصنعوا الفخار والحُليّ وكان لبضائعهم الجودة التجارية التي نافست الرومان والفرس وباقي الحضارات .
فكان للأردنيين الأنباط باعٌ طويل في صناعة واستيراد وتصدير البضائع والمنتجات التجارية التالية :
- القار
و هي أهم ما استخرجه وتاجر به الأردنيون الأنباط، وهو نفسه القطران أو الاسفلت، وهي مادة لزجة لونها اسود، تحتوي على الكبريت والنحاس ومعادن أخرى، وكان يستخرج من البحر الميت بمعدل 10-30 ألف قدم مكعب سنوياً. [1]
استخدمت لتدعيم القوارب والسفن لعدم تسريب الماء وفي الغراء والطلاء وفي تعبيد الطرق وعزل الأسقف والسطوح، كما كانت لها استخدامات دينية في تحنيط الموتى واستخدمها المصريون الفراعنة بكثرة وضعها مع الميت لطرد العدو من القبر حسب اعتقاداتهم . [2]
- الفخار النبطي
كان الفخار النبطي أعجوبة صناعية قام بإبداعها الأردنيون الأنباط إذ زاحم بجودته ومميزاته ما انتجه العالم القديم من فخار، فكانت رقته ونعومته ودقة صنعه مبهرة للشعوب، فصنعوا الكؤوس والأطباق والزبادي والجرار والأسرجة وأدوات الطبخ .
كما دخل في تزيينها الاشكال الطبيعية من النباتات كأشجار النخيل والرمان والعنب والتوت بالإضافة إلى الأشكال الهندسية البسيطة و المعقدة . [3]
- النبيذ
صنع الأردنيون الأنباط النبيذ في معاصر مخصصة من العنب و الرمان في خربة الذريح في الطفيلة [4] بالإضافة الى قرية البيضا بالقرب من العاصمة الأردنية النبطية البترا حيث كان يوزع الشراب من الملك في الاحتفالات الدينية والأفراح و كان يُصدّر إلى روما حيث كان الرومان هم الزبون الأول للنبيذ الأردني النبطي . [5]
- اللبان
و هي مادة تستخرج من شجر الكندر أو اللبان ، يستخدم كبخور وله رائحة زكية وفي الوصفات الشعبية أيضاً ، تحتاج الشجرة للإثمار إلى نمو يتراوح ما بين ثمان إلى عشر سنوات وهي من فصيلة البخوريات كثيرة الأغصان أوراقها خضراء داكنة، ويتراوح ارتفاعها ما بين ثلاثة إلى خمسة أمتار وهي ذات جذع واحد أو متفرع عند القاعدة و يجمع نتاجها من مرتين إلى ثلاث مرات في السنة .
كان أطباء الفراعنة يستخدمونه في علاج المس وطرد الأرواح الشريرة، كما أن له فوائد طبية؛ في علاج السعال وأوجاع الصدر وضيق التنفس وعلاج القروح والنسيان والضعف العام بالإضافة الى البرد والحكة وجروح العين والعديد من الاستخدامات الطبية إضافةً إلى ما كان يستخدم به من طقوس دينية، وكان الأردنيون الأنباط يجلبوه من عُمان واليمن و يبحروا به إلى أوروبا حيث كان يستخدم أيضاً في الطقوس الدينية المسيحية . [6]
- البخور
البخور و هو المصدر العطري الأول قديماً وهو خليط من العطور المستخرج من عدة مصادر نباتية، وكان يقصد به بالأغلب بخور العود .
جلب الأردنيون الأنباط البخور من الهند وجنوب شرق اسيا وجنوب الحجاز عن طريق “طريق البخور” ، وامتد هذا الطريق من سواحل اليمن ومر بالحجاز إلى حدود المملكة الأردنية النبطية ومن ثم تاجر به الأردنيون الأنباط إلى شمال الأبيض المتوسط وإلى مصر . [7]
إذ استخدم البخور الهندي في صناعة الأدوية أما بخور الظفار العُماني فاستخدم في المعابد والطقوس الدينية واستخدم الفراعنة البخور في تحنيط الموتى ، و كانت له استخدامات عطرية أيضاً .
- العطور
و كان يسمّى بالطيب، له عدة أنواع منها الصندل وعرق الزعفران و العنبر و المسك، وعرق الحنة والياسمين وزهر الليمون والورد والنعناع والغرنوق والخزامى، ومن جذور معينة مثل الزنجبيل والسوسن.
كان يُجلب من الحجاز ويُرسل إلى العراق ومصر ودمشق، وبعض الأنواع جلبها الأردنيون الأنباط من افريقيا والهند.
ولم تُستخدم العطور في التعطير الشخصي فقط بل استخدمت في الطقوس الجنائزية والمعابد فكان يوضع في جرار وتوقد نار هادئة تحته واستخدمه العرب في التطبب أيضاً .
- المُرّ
و هي مادة صمغية تنبت في اليمن وشمال اليمن وعُمان و الصومال و وشمال إفريقيا .
كان له استخدامات طبية في أوجاع الكلى والمثانة والمغص والمفاصل، وعلاج السموم والأورام وكان يستخرج من شجرة عن طريق جمع ما يخرج منها بعد جرح جذعها، وقد استوردها الأردنيون الأنباط من مناطق انتشارها وقاموا بتصديرها عبر قوافلهم التجارية.
- الكافور
شجرة الكافور تنمو في الصين و اليابان وهو شجر سريع النمو فقد يصل طوله إلى 50 متراً وجذعه قد يصل عرضها إلى متر .
و استورده الأردنيون الأنباط من الصين للتطيب به ولاستخدامه في صناعة الصابون وطقوس الدفن ولفوائده الطبية وللاتجار به فقد استخدمت أوراق شجر الكافور في الربو والكحة والصداع و الرعاف والاحتقان الرئوي وكمنفث للبلغم ومضاد للجراثيم وزيته يفيد في تطهير الشعب الهوائية ومجري التنفس وعدوى الجلد . [8]
- اللؤلؤ
و قد جلبه الأردنيون الأنباط عبر مينائهم في الجرها (الخليج العربي حالياً) واستخدموه في زينتهم وتاجروا به [9]
- القرفة
جلب الأردنيون الأنباط القرفة بشكل كبير من الهند، كما أنهم جلبوه أيضاً من الصين وكان يعد من المنتجات الثمينة في الحضارات القديمة .
- الملح
ظل البحر الميت مورداً ثميناً للأردنيين عبر العصور وما زال ، فقد أرّخ المؤرخ جوزيف فلافيوس استخراج الاردنيين الأنباط للملح من البحر الميت، وقد استغلوا الجزء الجنوبي منه لاستخراجه وتصديره للعالم عبر موانئهم على البحر الأبيض المتوسط . [10]
- المعادن
وُجِدت خامات النحاس والحديد بكثافة في جنوب الأردن وقد استخرجها الأردنيون الأنباط وصنّعوها واستخدموها في منتوجاتهم وتاجروا بالفائض منها. [11]
- زيت الزيتون و زيت السمسم
كان لإنتاج الأردنيين الأنباط لزيت الزيتون وطرقهم الابداعية حينها في معاصرهم السبب في جعلهم يحققون الاكتفاء الذاتي منها [12] و يتاجروا بفائض ليس باليسير من الكميات التجارية التي انتجوها، فلم يكتف الأردنيون الأنباط بما وجد من أشجار وغطاء نباتي يغطي شمال الاردن ووسطه بل وزرعوا أشجار السمسم والزيتون والنخل و العديد من الأنواع بأرجاء البلاد عبر استخدامهم لأنظمة الحصاد المائي بذكاء وبراعة .[13]
- البلسم
هذه النبتة التي انتشرت بالقرب من البحر الميت واستعملت أوراقها للتطبب والعقاقير، لم تكن مجرد انتاج نبطي وصل إلى أرجاء العالم بل كَمِنت أهميته في أن الرومان أعجبوا به فنقله الامبراطور جستينيان الأول في القرن السادس إلى روما بعد غزوه للمنطقة .[14]
كما تاجر الأردنيون الأنباط بالتوابل والجواهر والحناء من الهند والحرير من الصين وأرسلوا اليهم ما كانوا يحضروه من خزف يوناني وايطالي بالإضافة إلى ما انتجه الأردنيون الأنباط أنفسهم.
و على ذلك، كان لتجارة الأردنيين الأنباط وإبداعهم الزراعي والصناعي السبب في رفاه واكتفاء الشعب الأردني النبطي والحصول على منتجات العالم القديم مما كان سبباً في النمو الحضاري الأردني النبطي، فلم تحمل القوافل الكثيفة كالجيوش من ميناء القرية البيضاء لوكي كامي البضائع فقط، بل حملت رفاهً و غِنى وتقدم الحضارة الأردنية النبطية وتطورها.
المراجع
[1] diodorus siculus , The library of History , p.95
[2] عباس ، احسان ، تاريخ دولة الانباط ، ص 110
[3] Amr, khairieh, the pottery from Petra: A Neutron actiriation analysis study, Oxford, BAR in ternational series, 324, 1987.
[4] الحسيني، خربة الذريح موقع نبطي ، ص7
[5] البيضا : كنز أثري يحكي قصة شعب عظيم ، جريدة الدستور ، 28 / 4/ 2006
[6] فيليب حتي ، تاريخ سوريا ، ص 300
[7] موقع الحكواتي ، طريق البخور
[8] الحسيني ، مرتضى ، تاج العروس في جواهر القاموس ، ج3، ص527
[9] فيليب حتي ، تاريخ سوريا ، ص425
[10] joesphus , Jlaviuus , Wars of the jews ,pp.21,48
[11] Rostovzeff , Caravan cities , p.28
[12] خربة الذريح موقع نبطي ، ص7
[13] Kammerer, A. , Petra et la nabatene , p.370
[14] عباس ، احسان ، تاريخ دولة الانباط ، ص111