Latest articles
November 15, 2024
November 15, 2024
November 15, 2024
مقدمة
على أطراف حفرة الانهدام، في منطقة شهدت الكثير من الكوارث الطبيعية، ولم ينقطع التواجد البشري فيها على مر القرون، شيَّد أجدادنا الأردنيون المؤابيون حضارتهم الضخمة، التي وصلنا أثرها شفوياً ومادياً، ورغم انعدام وجود مدينة أثرية متكاملة العناصر تعود لأجدادنا الأردنيين المؤابيين، وهو أمر طبيعي، ومع التقصير في الحفريات الأثرية إلا أننا من خلال هذا البحث سنحاول إلقاء الضوء على بعض الآثار التي وجدت والتي تعود إلى المملكة الأردنية المؤابية، وهي تنقسم إلى عدة أشكال، ليكون هذا البحث جزءاً من السلسلة البحثية التي تدرس الأردن في عهد ممالكه الثلاث (المملكة الأردنية الأدومية، المملكة الأردنية المؤابية، المملكة الأردنية العمونية).
الآثار العمرانية
- المنازل
وجد المنقبون الآثاريون العديد من أسوار المدن في مواقع مختلفة تعود للمملكة الأردنية المؤابية، ووجدوا داخل حدود هذه الأسوار بيوت ذات مخططات متشابهة، وهي في أغلبها منازل تتكون من ساحة داخلية محاطة بعدة غرف، بعضها مبني من الحجارة، وبعضها من الطين اللبن، واستخدمت مواد للقصارة مثل الشيد، كما وجدت مبنية مباشرة على الأرض وفي أحيان أخرى رصفت الأرضية بحجارة أو بالملاط، وانتشرت هذه البقايا الأثرية في عدة مواقع منها: (جبل نبو، أدر، بالوع، عراعر، الكرك، ذيبان، مادبا، خربة المدينة).
- المعابد
عثرت الحفريات الأثرية في منطقة ذيبان (التي كانت عاصمة للمملكة الأردنية المؤابية لفترة طويلة) على بقايا مبنى ضخم، وجدت به بقايا مباخر، الأمر الذي يدل على كونه معبداً، ويرجح أنه المعبد الذي أمر ببنائه الملك الأردني المؤابي ميشع.
- التحصينات
انتشرت التحصينات الأردنية المؤابية بشكل واسع داخل حدود المملكة، ولكنها تركزت بشكل قوي في المناطق الشرقية منها مثل موقع الثمد، حيث يبدو أن هذه التحصينات كانت قد بنيت في مواجهة القبائل البدوية القادمة من الصحراء إلى الشرق من المملكة الأردنية المؤابية، وتكونت هذه التحصينات من عدة أبراج تشكل قلعة بشكل عام، واستخدمت في بناء هذه القلاع الحجارة البازلتية السوداء الموجودة بكثرة في البادية الأردنية المؤابية، بينما صنعت البوابات من الحجارة الكلسية البيضاء، فيما عثر على عدد من تاجيات الأعمدة التي تعود إلى المملكة الأردنية المؤابية، ويُذكر أن الفرنجة استخدموا هذه التاجيات في بناء قلعة الكرك.
الفخار
وجدت بقايا فخار مؤابي في عدة مواقع منها: (الكرك، جبل نيبو، ذيبان، وغيرها)، وتنوعت الأواني الفخارية الأردنية المؤابية بين الزبادي العميقة ذات الأرجل الثلاثة، والأباريق الكبيرة والصغيرة، وكانت معظم هذه الأواني مزخرفة بأشرطة عريضة تفصل بينها مثلثات، كما وجدت قارورة غريبة الشكل تشبه الجزرة ويُعتقد أنها من التأثيرات الآشورية.
وبعيداً عن الأواني الفخارية فقد عثرت الحفريات الأثرية على دمىً فخارية تعود للملكة الأردنية المؤابية، وجاءت هذه الدمى على عدة أشكال.
- دمى إلهة الخصوبة
كانت الدمى الفخارية التي تمثل إلهة الخصوبة الأردنية المؤابية (عشتر-كموش) تصنع على شكل إمرأة على صدرها شعار مقدس، ذات أذان كبيرة، و ذقن مدببة، بوجنات بارزة، وفم منفرج قليلاً، عيونها منفرجة ومستديرة، مرتفعة الحواجب، ويتدلى من الرأس بعض خصل من الشعر، وانتشرت هذه الدمى في عدة مناطق داخل المملكة الأردنية المؤابية، مثل خربة موسى، وخربة المدينة، ووادي الثمد، وبالوعة.
- دمى على شكل رجال
عثرت حفرية أثرية في خربة المدينة، أحد المواقع التي تعود للملكة الأردنية المؤابية بالقرب من الكرك على دمى فخارية على شكل رجل، ويعتقد أنها تمثل ملكاً أو إلهاً أردنياً مؤابياً، وقد وجد تشابه كبيرة بينها وبين تماثيل تعود لملوك أردنيين عمونيين وجدت في ربة عمون – عمان.
- دمى على شكل حيوانات
عثر على الكثير من الدمى الفخارية الأردنية المؤابية على شكل حيوانات، منها ما هو على شكل حصان، ومنها على شكل رأس كبش، كما وجدت دمية على شكل وعل مكسور القرون بعلامات لجام تنزل من قرونه المكسورة إلى رقبته.
المدافن
وجدت أغلب المدافن الأردنية المؤابية في منطقة ذيبان وجبل نبو، حيث كانت هذه المدافن محفورة بالصخر يتقدمها دكة، كما وجدت بعض المدافن بمداخل مقوية، يتقدمها درجات تصل إلى حجرة الدفن الرئيسية المقسمة لعدة حجر غير متناسقة، بالإضافة إلى ما يشبه المقاعد العامة، مع حجرة دفن كبيرة عامة تتوسط باقي الحجرات.
الآثار الكتابية
- مسلة ميشع
مسلة ميشع هي حجر بازلتي أسود على شكل قوس، يبلغ ارتفاع المسلة 124 سم، وعرضها 71 سم، حيث خلّد الملك الأردني المؤابي ميشع انتصاراته وإنجازاته عبر 34 سطراً في إعادة بناء الدولة، وتعمير المدن، وإنشاء المعابد، وعملية الإصلاح الزراعي التي قادها عقب انتصاره على العبرانيين وطردهم من مملكته، ومطاردتهم والاستيلاء على جزء من أراضيهم، وقد استفاد الباحثون من هذه المسلّة في عدة حقول، منها دراسة الحالة السياسية والاجتماعية في المنطقة في تلك الفترة، ودراسة اللغة الأردنية المؤابية وتراكيبها بالإضافة للخط الأردني المؤابي.
- مسلة الملك كموشيت
الملك كموشيت هو ملك أردني مؤابي، وهو والد الملك الأردني المؤابي ميشع، ولقد وجدت الحفريات الأثرية جزءًا من مسلة حجرية تعود له، تحمل أربعة سطور، في حين لم يتم العثور على باقي المسلة بعد.
- قطع حجرية من ذيبان
وجد الباحثون في تل ذيبان قطعاً حجرية بازلتية متناثرة تحمل كتابات بالخط الأردني المؤابي، واعتقد الدارسون في بداية الأمر أن هذه القطع ما هي إلا شظايا من مسلة الملك الأردني المؤابي ميشع، إلا أن تحليل الكتابة أثبت عدم صحة هذه النظرية، وأن هذه القطع الحجرية تعود لنص مختلف تماماً يعود للقرن التاسع قبل الميلاد، واستطاعوا قراءة أول ستة حروف وهي (اسوح بنت كمش)، ويعتقد بأن هذه الحجارة جزء من نص يوثق الإنجازات المعمارية لبعض الملوك الأردنيين المؤابيين، وتعتبر هذه الحجارة بالإضافة إلى مسلة الملك الأردني المؤابي ميشع ومسلة والده كموشيت دليلاً على انتشار عادة توثيق الملوك الأردنيين المؤابيين لإنجازاتهم كتابياً على مسلات حجرية، ونأمل أن تجد الحفريات الأثرية القادمة المزيد من هذه الآثار الكتابية.
- قير مؤاب (الكرك)
بنى أجدادنا الأردنيون المؤابيون عاصمتهم الأولى قير مؤاب على حافة هضبة الكرك التي ترتفع عن سطح البحر 950م، في منطقة محصنة طبيعيا يصعب الوصول إليها، فيما أبدعوا بتحويل هذه المنطقة القاسية التضاريس، مدينة حضارية، ينعم أهلها بالرفاهية والأمان، حيث شق أجدادنا المؤابيون الصخور، وحفروا الأنفاق لجر المياه إلى المدينة، بعد أن قاموا بتحصين المدينة من الجنوب والجنوب الشرقي عن طريق حفر خندق ضخم يصعب اختراقه، وتقوم قلعة الكرك الآن على أنقاض هذه المدينة.
2. ذيبان (ديبون)
تقع ذيبان العاصمة الثانية للمملكة الأردنية المؤابية في محافظ مادبا شمال وادي الموجب وشرق البحر الميت، لا يوجد الكثير من الآثار الأردنية المؤابية في ذيبان، كونها كانت كثيفة السكان في مختلف العصور الأمر الذي طمس العديد من البقايا الآثارية الأردنية المؤابية، والجدير بالذكر أن مسلة الملك الأردني المؤابي ميشع وجدت في ذيبان.
3. الربة ( ربة مؤاب)
مدينة مؤابية عرفت عبر التاريخ بربة مؤاب، تقع جنوب لواء القصر في محافظة الكرك، وهي بلدة غنية بالآثار التي تعود لمختلف العصور، وتملك الربة أهمية دفاعية استراتيجية كونها تشرف على وادي الموجب والبحر الميت، كما يمر منها الطريق التجاري الملوكي، كما كانت الربة من أهم المدن الزراعية كونها تقع في سهل ممتد وخصب التربة.
4. خربة مدينة الراس
وهي خربة أثرية تقع على قمة معزولة من جميع الجهات جنوب غرب مدينة الكرك، وتعتبر حصنا من سلسلة حصون تحمي الهضبة المؤابية من الجهة الجنوبية الغربية.
5. مديبع
عثر على بقايا حصن أردني مؤابي في هذا الموقع يشرف على منطقة محيا، ويعد من الحصون التي تحرس الحدود الشرقية للملكة الأردنية المؤابية.
6. المسناه
موقع اثري شمال شرق الربة، ويتميز هذا الموقع أنه استمر معمورا بنفس الطريقة من العصر الحديدي حتى العصر البيزنطي دون انقطاع.
7. خربة بالوعة
تقع خربة بالوعة شمالي محافظة الكرك، وتحتوي على قلعة أردنية مؤابية تحمي الطريق الملوكي المار بوادي الموجب (أرنون)، وعثر فيها على لوحة بالوعة الشهيرة.
8. قصر أبو الخرق
قصر أو قلعة مبنية من الحجارة في منطقة قاحلة على الحدود الشرقية للملكة الأردنية المؤابية، لحماية الحدود الشرقية للبلاد، كما عثر في محيطها على عدة آبار.
9. مادبا (ميدبا)
وهي مدينة مادبا الحالية، وهي أحد أهم المدن الأردنية المؤابية، حيث ورد ذكرها في مسلة ميشع، وقد تعرضت الآثار المؤابية فيها للتخريب منذ مُدد طويلة، إلا أنها ما زالت تحتفظ باسمها الأردني المؤابي، كما وجد فيها العديد من القبور التي تعود إلى عصر مملكة مؤاب الأردنية.
10. خربة التلساح (التلساه)
هي أحد أهم المناطق الزراعية منذ العصور البرونزية، وتقع إلى الجنوب الشرقي من الكرك، وقد وجد المنقبون في الحقول الزراعية الواسعة الممتدة حولها العديد من الكسر الفخارية العائدة إلى المملكة الأردنية المؤابية وتعتبر هذه المدينة من المدن التي لا تحتاج إلى تحصينات ضخمة كونها تقع في وسط البلاد بعيدا عن أي خطر خارجي.
المراجع
- كفافي ، د. زيدان عبد الكافي (2006 )، تاريخ الأردن و اثاره في العصور القديمة ( العصور البرونزية و الحديدية ) ، دار ورد ، عمان .
- A.H.Van Zyl، تعريب وإعداد، ياسين، د. خير نمر، (1990)، المؤابيون، الجامعة الأردنية عمان
- أبحاث إرث الأردن، الملك الأردني المؤابي ميشع
- أبحاث إرث الأردن، نشأة مملكة مؤاب الأردنية