Latest articles
December 24, 2024
December 24, 2024
December 24, 2024
مقدمة
مملكة الأردنيين الأنباط واحدة من الممالك التي استطاعت أن تحقق مكانة متميزة في مجال الصناعات في العصور القديمة، وقد عرفت منتجاتها في كل موضع من البلاد المجاورة والعالم وهي الوحيدة في ذاك الوقت التي زادت صادراتها على وارداتها، حيث عرفت منتوجاتهم في معظم أنحاء المنطقة بل وصلت إلى أبعد من ذلك، إذ لم تقتصر صناعة الأردنيين الأنباط على نوع واحد أو صنف معين، بل برزت في كل نوع من الأنواع المعروفة في ذلك العهد، والتي دعت الحاجة إلى ظهورها وتوفرت موادها الأولية فيها مثل صناعة الحديد وإستخراج المعادن وتحويلها إلى مصنوعات، والنجارة والحياكة، والدباغة، والأصباغ والصموغ، وزيت السمسم الذي كانوا يستخدمونه مكان زيت الزيتون، كما توافرت لدى الأردنيين الأنباط معادن مختلفة ومتعددة كالذهب والفضة والنحاس والحديد والبرونز.
وقد وجدت آثار ذلك النهضة الصناعية التي قادها الأردنيين الأنباط في بيتولي في إيطاليا التي كانت مرفأ لروما لمدة من الزمن كما وجدت وثائق نبطية اخرى في جزيرة رودس ودلتا النيل الشرقية ومصر العليا وعند مصب الفرات في بحر إيجة وفي اليونان وهذا يدل على علاقات الأردنيين الأنباط التجارية مع أعظم الدول والحضارات في العالم المتمدن آنذاك.
انتاج المعادن في المملكة النبطية الأردنية
- الذهب
ويقال له التبر أيضا، وذكر أن (التبر) الذي في المعدن، والذي لم يضرب ولم يصنع، والذهب (ابريز) بمعنى خالص. و(العقيان) الذهب الذي لا يستذاب من الحجارة، إنما هو ذهب ينبت نباتا، مما يدل على أنهم يقصدون وجود حبيبات خالصة في معادنه، ويجمعونها فيحصلون عليه من غير نار ولا إذابة حجر، وكانوا يطحنون أحجار الذهب، ويذرون تراب المعدن لاستخلاص الذهب منه، وكان للذهب أسماء عديدة ومنها القفاعة ومنها ما كان إسمها ينسب للقبائل.
كما كانوا يضعون المعدن في التنور ليميع، ثم يجعلونه في (الكوج) ليتخلص المعدن وينقى من الشوائب العالقة به ويستعمل لهذا الغرض المنافيخ الخاصة بإيقاد النار وزيادة لهبها لغرض صهر المعدن وجعله ليناَ، أما معدن الفضة والبرونز فلا بد أن الأردنيين الأنباط قد استعملوا الطريقة نفسها التي استخدمت في تنقية الذهب لغرض تنقيته وصياغته بالشكل المطلوب.
ولهذا نفترض ان الأردنيين الأنباط قد إستخدموا الطريقة نفسها والمتبعة عند الرومان واليونان والفرس والعبرانيين، حيث يتم إستخلاص الذهب من الحجارة وتنقيته بعد أن يتم طحن حجارته أولاَ ومن ثم يذرى تراب المعادن لإستخلاص الذهب منه.
2. الفضة
تعرف في النصوص ب (صرفن) أو (الصرف) ومعناها الفضة الخالصة، ومعدن (شمام) معدن فضة ومعدن نحاس وصفر، ويظهر أن ما كان يستخرج من الفضة لم يكن بمقياس واسع وبكميات كبيرة تصلح للتصدير الى الخارج.
3. الرصاص
وقد استخدمه الأردنيين الأنباط في كثير من الأعمال، منها صبه في أسس الأعمدة، وبين مواضع اتصال الحجارة لترتبط بعضها ببعض.
4. الحديد
وقد استخدمه الأردنيين الأنباط في صناعة الأسلحة العسكرية فائقة الجودة والشهرة كالسيوف التي اكتسبت سمعة طيبة لجودة الصنع، وقد استعملوا الحديد أحيانا في بعض مصنوعاتهم من السهام والنبال والأسلحة الخفيفة، ومع أن الباحثين لم يجدوا في آثار الأنباط أي أسلحة لكن توافرها في رسومهم يدّل على أنها كانت كثيرة الاستعمال سواء كانت مستوردة أو مصنوعة محلياً، إذ يدّل قطعهم للصخور وجوبهم لها على استعمال الآلات المعدنية اللازمة لذلك، كما أن نشاطهم الزراعي يشير إلى استخدامهم الأدوات الصالحة للزراعة وهكذا يقال في الأواني المعدنية الصالحة للطبخ أو تلك التي لا يستغنى عنها في سياسة الدواب كاللجم وما أشبه.
5.النحاس
وقد استعمله الأردنيين الأنباط لشد صب الرصاص الذائب في أسس الأبنية وبين فواصل أحجار الأعمدة لتشدها شدا محكما، ومن المعروف أنهم كانوا يستخرجون النحاس من وادي عربة وخاصة عند حمرة الفدان والصيرة، حتى لقد عد بعض الباحثين أن النحاس أحد الأسباب الرئيسية لثراء الأردنيين الأنباط، كما أن مناجم النحاس منتشرة في شتى أرجاء المملكة النبطية الأردنية ولا سيما في منطقة سيناء ووادي عربة فضلا عن مناطق حبرة وخربة النحاس وخربة ديبة وخربة جرية.
كما وجد رأس مصنوع من معدن النحاس في منطقة خولان في اليمن مما يؤكد أن الأردنيين الأنباط كانوا يصدرون الفائض من إنتاجهم إلى خارج بلادهم وصولا إلى اليمن.
ويظهر أن الأردنيين الأنباط قد استغلوا هذه المناجم لاستخراج معدني النحاس والحديد لما لهما من أهمية اقتصادية وقيمية تجارية تتمثل في صنع المواد اللازمة لشؤون حياتهم الخاصة وتصدير الفائض من الإنتاج للخارج، ويذكر أن أكثر مناجم المعادن في تلك الفترة كانت تحت سيطرة الحكومة النبطية وقد استخدمت الأيدي العاملة بكثافة للعمل في هذه المناجم.
6.الكبريت
وقد ذكر أن الأردنيين الأنباط كانوا يكبرتون أباعرهم ( إبلهم)، يطلونها بالكبريت مخلوطا بالدسم والخضخاض، وهو ضرب من النفط أسود رقيق لا خثورة فيه وهو ليس بالقطران لأنه عصارة شجر أسود خاثر.
ويرجح أن الاسفلت وغيره من المعادن المربحة كان يستخرج من الساحل الشرقي للبحر الميت، وكان الحرير الخام يستورد من الصين مقابل ما يصدر إليها من هذه المعادن.ومن الجدير بالذكر هنا أن الأردنيين الأنباط قد استخدموا المصنوعات المعدنية في معاملاتهم النقدية فكانت نقودهم تسك من البرونز والأقل منها كان من الفضة، ولكنهم فيما يبدو لم يستعملوا العملة الذهبية ، كما تم العثور على ثلاث (مخربشات) في منطقة سيناء، يعتقد أن الغرض منها يرتبط بعملية التعدين، إذ كان تعدين النحاس من أهم أعمال التعدين لدى الأردنيين الأنباط؛ وخربة فينان (45 كم شمال البترا) تعد من أكبر مناجم النحاس في المنطقة التي أكدت على عظمة صناعة التعدين النبطية، فقد قدرت كميات النحاس المكتشفة فيها بـ 15000 طن بناء على أكوام خبت النحاس الموجودة في المنطقة، ويرى الدكتور جواد علي أن طريقة إذابة المعادن هي واحدة عند مختلف الشعوب كالعرب والرومان واليونان والفرس والعبرانيين، ويذكر أيضا أن الأردنيين الأنباط استخدموا طريقة الشعوب الأخرى في إذابة المعادن إذ أن هناك طريقتين استخدمتها الشعوب المجاورة عموما؛ أولهما عن طريق خطوات متسلسلة ومتناغمة وتبدأ بوضع المعدن في نقر خاصة لإذابته ويوضع فوقه الخشب وذلك لإيقاد النار اللازمة لإذابته واستخلاص المواد الغريبة العالقة به، وإذا ذاب المعدن وتخلص من المواد الغريية عولج معالجة خاصة لتنقيته واستخراج معدنه.
أما الطريقة الثانية فكانوا يستخدمون فيها (الآتون)، حيث توقد النيران في أسفله لتذيب المعدن وتحيله إلى سائل يخرج من خلال فتحة خاصة بذلك.
استخدام الأحجار في المملكة النبطية الأردنية
استفاد الأردنيون الأنباط من الأحجار في البناء، إذ كان الحجر مادة البناء عندهم ويقطع من المقالع قطعا بعضها ضخمة استخدمت في بناء الأبنية المهمة مثل: قصور الملوك والمعابد والسدود وبيوت السادات.
ويوجد أيضا حجارة (النورة) و (البورق) وهما حجران يحرقان ويستخدمان في البناء والبورق يستعمل لتبيض الجدران، اما الأحجار(المسنى) تعمل منها نصب السكاكين و(الشزب) حجر يعمل منه ألواح وصفائح وقوائم سيوف ونصب سكاكين ومداهن وقحفة، و (الهيصمي) وهو حجر يشاكل الرخام إلا أنه أشد بياضا يخرط منه كثير من الآنية.
وقد نحت الناحتون من بعض الحجارة قدورا للطبخ عرفت عندهم ب (البرمة)، وقيل البرمة قدر نحت من حجارة أو عمل من حديد أو نحاس.
كما عرف الأردنيين الأنباط بالأوزان الخاصة بها على ما يبدو، إذ كانت تسمى ” أ ب ن” أي حجر، ولا تزال الكلمة مستخدمة في السريانية والعبرية بمعنى الحجر، ويبدو أنه كانت لهذه الأحجار أوزان محلية متعارف عليها، وكانت وحدات الأوزان الآرامية أو الآشورية شائعة في المنطقة، ولكن لم تشر المصادر التاريخية والأثرية إلى هذه الوحدات بشكل واضح، وقد عرف من وحدات الوزن لدى الأنباط (الككرين – ك ك ر ي) وهي تعادل تالنت وهي وحدة وزن استخدمت في المنطقة وخارجها كاليونان ، واستعملت الكلمة أيضاَ بمعنى (عملة)، واستخدمت كلمة ( ك م) لقياس الكميات والمقادير، وهذه الكلمة لا تزال مستخدمة في لغتنا اليوم بالمعنى نفسه، ثم جاء الرومان من بعدهم فأشاعوا أوزانهم الخاصة، التي وجد منها عينات جيدة تدل على دقتها وتسلسلها وإيفائها للأوزان المتناهية في الصغر كالذهب والتوابل والعطور، أما الميزان فقد كان معروفا لدى الأردنيين الأنباط أيضا، وهو عبارة عن صحنين متطابقين وزنا يعلقان على طرفي القضيب يقرب طوله من ياردة، ومن المحتمل أن يكون الأردنيون الأنباط قد عرفوا أشكالا أخرى من الموازين، وخصوصا موازين المواد الثقيلة، ولكن من المؤكد هنا أن الحضارات القديمة اجمالا كانت تستخدم المكاييل أكثر من استخدامها للموازين.
المراجع
إحسان عباس (1987). تاريخ دولة الأنباط، (ط1)، عمان: دار الشروق للنشر والتوزيع.
جواد علي(1971). المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، (ط1)، بيروت: دار العلم للنشر والتوزيع.
فيليب حتي(1986). تاريخ سورية ولبنان وفلسطين، بيروت: دار الغندور للنشر والتوزيع.
خالد الحموري(2002).مملكة الأنباط،عمان: مشروع بيت الأنباط للتأليف والنشر.
خزعل الماجدي (2012). الأنباط التاريخ-المثولوجيا-الفنون،(ط1)، دمشق: دار النايا ودار المحاكاة للدراسات والنشر والتوزيع.
عزام أبو الحمام (2009).الأنباط تاريخ وحضارة، (ط1)، عمان: دار أسامة للنشر والتوزيع.