الأديب الملك عبد الله الأول بن الحسين

By Published On: October 15, 2016

 

4.indd

الشهيد الملك المؤسس عبدالله الأول بن الحسين – 1946

 

عُرف الراحل الكبير الشهيد الملك المؤسس كواحد من أبرز شخصيات القرن العشرين الأكثر تأثيرا في المنطقة ، اذ ساهم في قيادة عدد كبير من معارك الثورة العربية الكبرى، و عمل كسياسي و دبلوماسي عريق طيلة الفترة التي سبقت تأسيسه مع الأردنيين لإمارة شرقي الأردن ، و اشتهر بفكره السياسي الاستراتيجي و نضاله للاستقلال و التحرر من اشكال الهيمنة و الاحتلال و الاستعمار ، لكن زاوية مهمة بقيت غائبة عن أنظار قارئي شخصيته ، وهي شخصية الأديب و الشاعر و المثقف التي كانت عاملا رئيسيا في نجاحه بمشروع النهضة في الدولة الأردنية الحديثة ، و في هذا البحث نقدم سردا موجزا عن هذا الجانب من شخصية الملك المؤسس .

ويمكن لنا أن نتنقل إلى هذا الجانب من الشخصية عبر استذكار واحدة من قصائد الراحل العظيم و هو يستذكر مسيرته في الثورة و رحيله عن مسقط رأسه بالقول :

«ذكـرتُ منازلاً بجـوار وَجٍّ
  فحييـتُ المنـازلَ والدّيـارا!
منـازلَ أصبحـت منّا خلاءً
  وقـد كانـت لنا أبـداً قرارا!
نزحنـا تاركين بهـا رجـالاً
  مـن الأعـوان خلناهـم خيارا
نزحنـا كي نناضل عن بلادٍ
  لمحنـا للعـدوّ بهـا شـرارا
وكـان نزوحنـا أنّـا دُعينا
  فلبينـا نـداءَ مـن استجـارا
فكـان جزاؤنـا فيمـن تركنا
  ببلدتنـا عقوقـاً، لا انتصارا!
وكـان جزاؤنـا ممـن دعانا
  خـلافاً واضحاً، وأذىً جهارا!»

 

 

وُلد الشهيد الملك المؤسس عبد الله الأول بن الحسين بن علي سنة 1882 في مكّة المكرّمة، تعلّم القراءة والكتابة، والقرآن الكريم، ومبادئ العلوم على أيدي نخبة من الشيوخ والمعلمين. ارتحل سنة 1893 مع والده الشريف الحسين بن عليّ إلى الآستانة حيث تابع دراسته؛ فتعلّم التركية والعلوم العصرية على أيدي معلّمين مختصّين.

 

2.indd

الشريف الحسين بن علي – قائد الثورة العربية الكبرى

 

تقلّد مناصب عدّة، ففي سنة 1909 انتُخب نائباً لمكّة في مجلس “المبعوثان”، ثم نائباً لرئيس هذا المجلس.

تولّى قيادة الجيش الشرقي عند إعلان الثورة العربية الكبرى، وهاجم الحامية التركية في مدينة الطائف، واشترك مع والده في إنشاء الحكومة المستقلّة، وتقلّد فيها منصب وزارة الخارجية. وفي 8/3/1920 أعلن المؤتمر الوطني الذي عقده العراقيون المناداة به ملكاً على العراق.

 

70

الملك المؤسس عبدالله الأول بن الحسين أثناء قيادته للجيش الشرقي في معارك الثورة العربية الكبرى 1917

 

وقد شعر أهل شرقي الأردن أنّهم بحاجة إلى زعيم قوي يوحّدهم بعد سقوط الحكومة الفيصلية، فأجمعوا على قيادته لهم بعد نجاح الثورة العربية الكبرى و طرد المحتل العثماني، واستقبلوه في معان سنة 1920 بالترحاب، ثمّ في عمّان سنةَ 1921، ومنذ ذلك الحين بدأ بتأسيس الإمارة على أسس متينة، وقاد مشروع النهضة الأردنية وجمع حوله نخبة من السياسيين، والعلماء، والأدباء.

 

3.indd

الشهيد الملك المؤسس عبدالله الأول بن الحسين في ساحة قصر رغدان العامر – 1946

 

وتحت ضغط ظروف سياسية صعبة، ناضلَ مع الأحرار من أبناء الأردن بفكر استراتيجي دبلوماسي إلى أن تم الحصول على الاستقلال سنةَ 1946، ونودي به ملكاً دستورياً على المملكة الأردنية الهاشمية.

كانَ بلاطُه يعجّ بالأدباء ورجالِ الفكرِ والعلماء، يقرّبهم، ويستشيرُهم في ملمّات الأمور، ويقارضُهم الشِّعرَ وفنونَ القول، وعرف عن الراحل ايمانه بحرية التعبير كحق أساسي وتسامحه حتى مع الشعراء الذين انتقدوه شخصياً، إضافة إلى دعمه للنماذج الشعرية الحداثية كنموذج عرار – مصطفى وهبي التل – وبعض الشعراء العراقيين وغيرهم فولد الشعر الحر عند عرار ومن ثم الرواية الحداثية عند الراحل تيسير السبول، وكان الملك المؤسس يتابع و يوجّه الحركة الصحفية الناشرة للشعر و الأدب خاصة تلك التي كانت تشغل الرأي العام ولا تمر الا وقد قرأها شخصياً، و عمل حينها على دعم تأسيس عدد من الصحف و المجلات المتخصصة التي وفّرت منابر خصبة للشعراء و الكتّاب، وقد نشأت عن ذلكَ حركةٌ أدبيّة وفكريّة وسياسيّة كانَ لها أثرُها في الحياةِ الثقافيّة والفكريّة العامّة في الأردنّ.

وفي ذلك يقول الشاعر سليمان المشيني : «لقد أقالت يدُك الكريمة الشعرَ العربيّ عندنا من عثرته، وأنهضته من كبوته، وأعادت له ديباجته المشرقة، ومعانيه الجميلة!… وكنتَ، يا أبا طلالٍ، رفيع الذوق، دقيق الاختيار، غزير المادة، متأنّقاً في غذاء العقل، كثير المحفوظ، متملكاً لناصية اللغة، تتصرف بها تصرّفَ الخبير بأسرارها، والمتمّرس بنحوها وصرفها وبلاغتها، والمحاجج بها في ميادين المناظرة والجدال والبيان».

استُشهد يوم الجمعة 20/7/1951 في بيت المقدس، ودُفن في المقابر الملَكية بعمّان.

من أبرز أعماله:

  • الأدبيّة:
    • “مذكرات الأمير عبد الله”، مذكّرات وسيرة (تحقيق: أ. ليفي بروفنسال)، دار المعارف، القاهرة، 1955. ط2، المطبعة الهاشمية، عمّان، 1970.
    • “الآثار الكاملة”، الدار المتحدة للنشر، بيروت، 1973.
    • “الوثائق الهاشمية.. أوراق عبد الله بن الحسين (وحدة الضفتين)” (م11)، وثائق ومذكّرات (جمع وإعداد: محمّد عدنان البخيت وآخرون)، جامعة آل البيت، المفرق، 1998.
  • في موضوعات أخرى:
    • “من أنا”، يتحدّث فيه عن العرب: قديمهم وحديثهم، وشيئاً من الإمارة الهاشمية في مكّة المكرّمة، إضافة إلى نبذة حول العلوم عند العرب، وخاتمة حول الثورة العربية الكبرى. وتجري فصول الكتاب على أسلوب السؤال والجواب.
    • “جواب السائل عن الخيل الأصائل”، رسالة وضعها إجابةً للشيخ فؤاد الخطيب، وتكلّم فيها حول فضائل الخيل، وأصنافها، وألوانها، وجيادها، وأنسابها، وأجناسها، ووصف الخيل في الشعر العربي.

المراجع:

  • “معجم أدباء الأردن” (ج1: الراحلون)، وزارة الثقافة، عمّان، 2001.
  • “الملك عبد الله كما عرفته”، تيسير ظبيان، المطبعة الوطنية ومكتبتها، عمّان، 1967.
  • الموقع الإلكتروني لوزارة الثقافة  www.culture.gov.jo