Latest articles
December 22, 2024
December 22, 2024
December 22, 2024
مقدمة
يُعدُّ وضع المرأة في أي مجتمع دلالة على رقي أو انحطاط هذا المجتمع. فالأمم التي تحترم المرأة وتشركها في مناحي الحياة تتقدم حضاريا على غيرها في سباق التطور. عند تتبع الحضارة التي خلفها الأردنيون الغساسنة عبر الكتب والمصادر نخلص لنتيجة مهمة وهي أن المرأة كانت تتمتع بقوة وحرية كبيرة في المجتمع الغساني، لقد كانت المرأة الأردنية الغسانية نموذجا يريد العالم لنسائه أن يحتذين به وقد جعل هذا النموذج المشرف الإمبراطور جستنيان يسمي ابنة أخيه “أرابيا” أي العربية قاصدا بها النموذج الذي رآه في المرأة الأردنية الغسانية.
سنستعرض في هذا البحث أهم محاور مشاركة المرأة الغسانية وكيف أسست هذه المشاركة ومهدت الطريق أمام الأردنيات فيما لحق لأن يكنّ خير سلف للمرأة الأردنية الغسانية في المشاركة الفعالة في السياق الحضاري للأردن.
لكي نفهم أكثر طبيعة اختلاف المجتمع الغساني عن شكل المجتمع الحديث اليوم لا بد لنا أن نتطرق إلى شكلين أو نمطين من أنماط المجتمع وهم الذكوري والأمومي. في الذكوري يتم نسب العائلة وامتدادها للرجل، أما المجتمع الأمومي فهو مجتمع تنسب فيه العائلة لجهة الأم لا لجهة الأب. وقد كان المجتمع الغساني مجتمعا أموميا كما يظهر من أسماء الملوك كعمرو بن هند، أو ابن مارية أو ابن سلمى.
شخصيات نسائية ألهمت المرأة الغسانية
ألهمت العديد من الشخصيات النسائية البدوية المرأة الغسانية فتغنوا بذكر الملكة البدوية ماوية Mavia التي قادت جيوشا من القبائل البدوية في البادية الأردنية الشرقية وهاجمت المصالح الرومانية في المنطقة ودمرتها تدميرا شديدا حتى اضطر الرومان لعقد صفقة صلح معها.
كانت الملكة ماوية ملهمة للغسانيات خصوصا الأميرات منهن لا في مجال السلم والحرب فحسب إنما في الاعتقاد الديني كذلك. إذ كانت تدين بالمسيحية المونوفيزية (مذهب ديني مسيحي يؤمن بأن للمسيح طبيعة واحدة تشكلت عن اتحاد الطبيعة البشرية والإلهية معا)، وقد فرضت الملكة ماوية شروطها على الرومان وجعلتهم يعترفون بهذا المذهب ويعترفون بالقس المسؤول عن مسيحي الشرق من البدو والحضر وكان اسمه آنذاك يعقوب البرادعي. دان الأردنيون الغساسنة بهذا المذهب وتمسكوا فيه وظلت الملكة ماوية حاضرة في أذهانهم جميعا كصورة للملكة الشجاعة والراعية.
لم يقتصر تأثُّر المرأة الأردنية الغسانية بالملكة ماوية ولكنه تغذى بصورة المرأة المحاربة والقوية المستلهمة من شخصيات القرون السابقة كزنوبيا (الزباء) ملكة تدمر التي حاربت الرومان طويلا ودافعت عن مملكتها (شهيد: 2009) وهناك مارتيا أوتا سيلا سيفيرا وهي ملكة رومانية، زوجة الإمبراطور الروماني فيليب العربي، إذ ساهمت مارتيا برفقة زوجها بتأسيس حالة سلم ديني وقد عاش مسيحيو الشرق في عهدهما حالة سلم مبتعدين عن الاضطهاد الديني.
المرأة الغسّانية الملكة
تذكر المصادر أسماء 13 ملكة وأميرة من الغساسنة (مارية، حليمة، واثنتان باسم هند، سلمى، أمامة، فاختة[1]، ميسون، الرعلاء، النادرة، ليلى، الدلفى، الرملة) وكما ذكرنا آنفا بأن المجتمع الغساني هو مجتمع أمومي الطابع، النسب فيه للأم لذلك نسب الملوك لأسماء أمهاتهم الملكات كما ذكرنا.
انشغل الملوك الغساسنة بالحروب وأخذت المرأة الغسانية بقيادة الملكات الأردنيات الغسانيات على عاتقها الاهتمام بنواحي الحياة الاجتماعية والدينية والاقتصادية. فمثلا كن يُنشئن الأديرة ويُقمن موائد الاحتفالات الدينية والأعياد. ولا يمكن أن نغفل عن “المروءة والكرم” التي ألزمت المرأة الغسانية نفسها بها كما كانت تُلزم الرجال. إذ كانت الغسانية تستقبل الضيف وتكرمه أشد الإكرام وتُجير الملهوف وتمنح حق الأمان لمن يلجأ إليها كما حدث مع الهند بنت النعمان التي سنأتي على ذكر قصتها بشيء من التفصيل، ما يجعلنا في هذا السياق نستذكر قصة حفيدتهن الشيخة عليا يونس العقول الضمور الغساسنة وإجاراتها لقاسم الأحمد الثائر على جيش ابراهيم بن محمد علي باشا .
1. الملكة مارية
ملكة غسانية ينسب لها أعظم ملوك الغساسنة الحارث بن جبلة والذي كان يعرف بـ “الحارث بن مارية” (529-569 م). يقول الشاعر حسان بن ثابت في رثاء الملك الحارث بن مارية:
أولاد جفنة حول قبر أبيهم
قبر ابن مارية الكريم، المفضلِ
كانت الملكة مارية إحدى أميرات مملكة كندة شمال الجزيرة العربية تزوجها الأمير الغساني جبلة وقادا سويًّا حملة ضارية ضد الرومان في فلسطين عام 500 ميلادي قبل أن يدرك الرومان الخطر المحدق بهم إن استمر الغساسنة بحشد القبائل الأردنية ضدهم.
2. الأميرة حليمة
أشهر الأميرات الغسانيات على الإطلاق وباسمها تسمت موقعة حربية كاملة هي (يوم حليمة). عام 544 ميلادي، تجدد الصراع بين المناذرة والغساسنة، الصراع الذي كان يخمد قليلا ويعود للثوران كبركان غاضب. كان النزاع هذه المرة على منطقة مهمة تدعى ستراتا تقع إلى الجنوب من تدمر، وهي منطقة استراتيجية مهمة للطرفين حيث تمر بها القوافل التجارية وترعى بها القبائل البدوية مواشيها. بدأ المنذر، ملك المناذرة، الهجوم فتوغل في المناطق الغسانية وتصدى له الحارث بن جبلة. انتصر الحارث في النهاية وصرع عدوه المنذر بالقرب من قنسرين وتنامى بعدها الخلاف بين الفرس والروم وتراشقت الإمبراطوريتان بالتهم.
وقد تناولت الأدبيات الجاهلية هذه الموقعة، فحسان بن ثابت تغنى “بزمن حليمة” كثيرا في أشعاره فقال:
وَتَحسُبُهُم ماتوا زُمَينَ حَليمَةٍ
وَإِن تَأتِهِم تَحمَد نِدامَهُمُ غَدا
وقد قالوا في يوم حليمة أيضا:
يوم وادي حليمة وازدلفنا بالعناجيج والرماح الظماء
كما نجد أن الموروث الشعبي للأمثال احتفى بهذا اليوم فيقال “ما يوم حليمة بسِر” أي أنه مشهور جدا للدرجة التي لا يجهله فيها أحد.
قادت الأميرة حليمة الجيوش للنصر، وكانت مسؤولة عن المؤونة والعتاد والملابس وتمريض الجرحى وذكرت كثيرا في المصادر الحربية هي وأميرة غسانية أخرى تدعى هند شاركت أيضا في ذلك النصر.
لا عجب أن تقود الأميرة حليمة جيش وطنها للنصر فقد كانت جدتها لأبيها الملكة مارية التي قادت وجدها جبلة الحرب على الحامية الرومانية في فلسطين من قبل.
سمي باسم الأميرة حليمة واد ومرج (وادي حليمة ومرج حليمة)، وخُلّدت في الذاكرة والأدب ضاربة المثل في حب الوطن.
3. الملكة الرعلاء
كانت ملكة غسانية نسب إليها ابنها عَدي بن الرعلاء. شاركت في معركة عين أباغ الشهيرة وهي معكرة دارت بين المناذرة والغساسنة أنشد فيها عدي بن الرعلاء شعرا قال فيه مطلعه:
كم تركنا بالعين عين أباغ من ملوك وسوقة أكفاء
أمطرتهم سحائب الموت تترى إن في الموت راحة الأشقياء
ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت الأحياء
4. ملكات أخريات
بالاعتماد على المصادر الشعرية كديوان النابغة وديوان حسان بن ثابت يمكننا استخلاص أسماء ملكات كثيرات كالملكة سلمى والملكة فاختة والدلفى وليلى وهند (ملكتان تحملان اسم هند ينسب لواحدة منهما الملك الغساني النعمان بن هند) ولكننا نواجه شُحا في المصادر الأخرى، فلا معلومات عن الحروب التي شاركن بها أو الإنجازات التي قمن بها، ولكن يمكننا أن نشير بثقة إلى أن السياق العام للمرأة الغسانية كان سياقا يشجعها على الإنجاز والعطاء ويلزم الملكة بممارسة واجباتها تجاه شعبها.
المرأة الغسانيّة الفنانة
لا شك بأن المرأة التي شاركت في الحرب والسلم وكانت حجر أساس في المجتمع الأردني الغساني، أن تكون أيضا ذات بصمة في الفنون. ورغم نقص المصادر التي يمكن أن يعتمد عليها بشكل كبير، إلا أن شعر حسان بن ثابت يعتبر مصدرا مهما وهو الذي يعده الباحثون الوثيقة الاجتماعية الأهم لحياة الغساسنة . ومنها أن حسان بن ثابت يذكر في شعره وصفا دقيقا لمجلس الغناء.
إذ يورد ذكر “المُسمِعة” أي المغنية، ويصف لباس المغنيات وهو لا يختلف كثيرا عن لباس النسوة في المجتمع عدا عن أنهن يرتدين الحلي الغالية جدا مما يحصلن عليه جراء غنائهن. ويذكر أسماء المغنيات اللواتي كن يرتَدن ديوانه أيضا فهنالك ليلى وزينب وشذى والنادرة وأم عمر والعامرة ولميس. وللمغنيات تحديدا العديد من الألقاب الوظيفية عدا عن المُسمعة، فقد سماهم الغساسنة “مدجِنة، داجنة، صادحة، رومية ” (شهيد: 2009) وبإمكاننا أن نعتبر أن تعدد مسميات الأمر عندهم هو دلالة على أهميته ولا نغفل بالطبع عن الثورة الشعرية التي أحدثتها القيان في أوزان البحور الشعرية فقد كان وجودهن محفزا للشعراء على الإبداع والتجديد (الأسد: 1969)
المرأة الغسّانية الشاعرة
برعت الأردنيات الغسانيات بالشعر كثيرا وكان صيتهن يجوب المنطقة بأكملها. ارتبطت ممارسة الشعر عندهن بمناسبات اجتماعية ومواقف معينة. فمثلا استخدمن الشعر في طلب الإجارة أو إعطائها وفي الرثاء والغزل وفي الرجز (بحر شعر مرتبط بالحرب وتشجيع الجنود والمحاربين). لم يصلنا الكثير من أشعار الغسانيات للأسف إنما استدللنا عليها من ذكرها في المصادر التاريخية ومن شعر حسان بن ثابت.
المرأة الغسّانية والدين
آمن الغساسنة بالمسيحية وكانوا مخلصين لمذهبهم، فكما ناقشنا في بداية البحث، اعتنقوا المذهب المونوفيزي بتأثير من الملكة البدوية ماوية التي فعلت الكثير لتثبيت هذا المذهب في المشرق. كانت صورة السيدة مريم العذراء تَمثل دوما أمام كل امرأة غسانية. فالسيدة مريم مثلت بالنسبة إليهن الصورة الكاملة للمرأة الأم التي تكافح وترعى الجميع.
امتد تأثير السيدة مريم ومن بعدها الملكة ماوية إلى الملكات الغسانيات تحديدا فبنين العديد من الأديرة. كما تسمين باسمها ونسبن أولادهن لهن فنرى أن اسم والدة أحد ملوك الغساسنة الحارث بن جبلة تسمى “مارية” وهو أحد أسماء السيدة مريم. (شهيد: 2009)
الشهيدات الغسانيات
عظمت الملكات الغسانيات سيرة الشهيدات اللواتي قضين نحبهن وهن متمسكات بدينهن أمام الاضطهاد الديني. عام 520 ميلادي قتلت حوال 100 امرأة من نجران التي كانت تابعة آنذاك لحكم مملكة كندة ومن ثم لحكم الغساسنة، فآوت الملكات الغسانيات النساء المهاجرات من نجران وكانت من أهمهن امرأة تدعى “رُحُم” ذكرت كثيرا كقائدة روحية وملهمة لشعراء الغساسنة (شهيد: 2009)
تعد قصة الشهيدة ثاؤذتي وبناتها انسيموس وابرابيوس ولانديوس إضافة لابنيها الطبيبين قزمان ودميان من القصص المؤثرة للغاية. كانت ثاؤذتي امرأة طيبة القلب ربت أبناءها على أن يكونوا مخلصين للمسيحية. دفعت بابنيها قزمان ودميان لتعلم الطب وعلاج المرضى المحتاجين والمساكين بالمجان أما بناتها الثلاث فسلكن طريقة الرهبنة ووهبن حياتهن للكنيسة. عندما ارتد الإمبراطور دقلديانوس عن المسيحية بدأ بتعذيب الأهالي المسيحيين بطريقة وحشية وكانت ثاؤذتي وعائلتها من الذين خضعوا طويلا للاضطهاد الديني.
وقفت ثاؤذتي بشجاعة أمام الإمبراطور نفسه ونهرته عن أفعاله فقطع الإمبراطور رأس ثاؤذتي ولم يجرؤ أحدهم على الاقتراب حتى صرخ ابنها القديس قزمان وقال:” يا أهل المدينة أليس فيكم أحد ذو رحمة ليستر جسد هذه العجوز الأرملة؟” فقاموا ودفنوها. وغضب الإمبراطور من ذلك فأعدم باقي عائلتها. وبحسب الروايات المسيحية نالت هي وأبناؤها إكليل الحياة وصورت وهي ترتديه في الكنائس والأيقونات كما بنيت أكبر وأقدم كنيسة تمجد ذكرى ابنيها القديسين قزمان ودميان في مدينة جرش.
المرأة والحج
كان المجتمع الأردني الغساني بأكمله يمتلئ حماسا عند موسم الحج المسيحي خصوصا. شاركت المرأة بطقوس الحج الدينية بشكل أكبر حتى من الذكور. يذكر الأصفهاني اسم أميرة غسانية تُدعى ليلى كانت ترعى الحجاج وتساعدهم وتؤمن لهم المأوى والطعام. ويمكننا القول بثقة أن المرأة الغسانية بناء على رحلات الحج تمتعت بحرية تنقُّل كبيرة وذمة مالية مستقلة ساعدتها على الإنفاق على رحلتها أو على مساعدة الحجيج الآخرين.
اكتسبت المرأة الأردنية الغسانية صفة “الحاجّة” وكانت من تمتلك هذا اللقب تحظى باحترام كبير. اقترن هذا اللقب بداية بصفية بنت ثعلبة وهي امرأة غسانية أعطت “حق الجوار” أي الأمان للأميرة هند بنت النعمان آخر أميرة من سلالة المناذرة وكانت تدين هي الأخرى بالمسيحية. وصفت صفية بنت ثعلبة بالحاجّة أو الحجيجة (صيغة تحبب وتصغير) وكانت شاعرة مُجيدة، حتى أن الأبيات الشعرية التي أنشدتها في حادثة إعطاء الأمان للأميرة هند لا زالت موجودة تشهد لها على حسن الخلق:
أحيوا الجوار فقد أماتته معا
كل الأعارب يا بني شيبان
ما العذر قد لفت ثيابي حرة
مغروسة في الدر والمرجان
بنت الملوك ذوي الممالك والعُلى
ذات الحجال وصفوة النعمان
كان الغساسنة مؤمنين مخلصين يهتمون للغاية بتقويم الأعياد المسيحية. ارتبطت المرأة الأردنية الغسانية روحيا بأعياد السيدة مريم العذراء[2]. في سجلات الكنيسة يكاد يغيب ذكر الذكور في أغلب ما يتعلق بهذه الأيام وتنفرد النساء الغسانيات بالتجهيز لتلك الأيام المقدسة.
لم تقتصر حياة الرهبنة على الرهبان، إنما كانت النساء الغسانيات أكثر ميلا لهذه الحياة. “التأسي بالمسيح” كان أسلوب حياة تتخذه الراهبات فينقطعن عن الملذات ويهبن حياتهن لأعمال الخير والعبادة.
وقد تغنى الشاعر امرؤ القيس الذي يُنسب إلى الغساسنة عن طريق والدته[3] “بالرواهب – الراهبات”، كما ذُكرن أيضا في شعر حسان بن ثابت. وكان التنظيم الذي تتبعه رهبنة النساء الغسانيات يقسم للراهبات العاديات وللراهبة الأم التي تسمى “حَيجمانة أو هَيجمانة”.
المرأة الغسانية في السلم وفي الحرب
خاض الأردنيون الغساسنة الكثير من الحروب وكانت النساء ترافق المحاربين لأغراض علاج الجرحى وتطبيبهم. ولمرافقة الغسانيات لأزواجهن في الحرب أبعاد اجتماعية أخرى كالتشجيع والحماسة فأغلب الأردنيات الغسانيات شاعرات يتقن بحر “الرجز” وهو بحر شعري كان مقتصرا على إنشاد الشعر في الحرب، والجدير بالذكر أن الرجز في المنطقة كان محصورا في الرجال ولكن النساء الغسانيات دخلن هذا المجال الفني وأبدعن فيه.
انصرفت المرأة الأردنية الغسانية في أوقات السلم للأعمال الخيرية الاجتماعية والدينية. فكما قلنا كانت النساء مخلصات للمسيحية فاهتممن بالحجاج وأقمن الموائد الخيرية.
المرأة الغسّانية والحياة الأسرية
تقدس المرأة الغسانية الزواج باعتباره رابطا مقدسا يربط روحين معا للأبد. فبعد احتفال “المِلاك” يصبح الزوجان كيانا واحدا. ولما كانت كل الجيوش تسير لحماية حدود الإمارة وخوض الغزوات، كانت المرأة الغسانية تعتني بالمنزل عند عدم مرافقتها للجيش، إضافة إلى ممارسة التجارة والزراعة وبذلك تبقى عجلة الحياة الاجتماعية مدارة دون توقف أو تعطل.
ويمكن القول بثقة أنّ المرأة الغسانية كانت شديدة التمسك بزواجها ويظهر ذلك من الأشعار الكثيرة التي خطتها الغسانيات حزنا على أزواجهن الشهداء في الحروب والغارات. احتذت الشاعرات في شبه الجزيرة العربية فيما بعد بالنموذج الشعري الملهم الذي رسمته الأردنية الغسانية الشاعرة الرقيقة فبرزت أسماء كالخنساء التي كتبت الكثير من القصائد الرثائية (يموت: 1934)
الخاتمة
تمتعت المرأة الأردنية الغسانية بكثير من الحرية والاستقلال الذاتي وشاركت بقوة في شتى محالات الحياة. خاضت حروبا ومارست الفنون والغناء وكانت مخلصة لدينها متمسكة فيه. لم يثنها عن ممارسة واجبها الوطني أي شيء. وساهمت بحضور مؤثر في السياق الحضاري للمجتمع الأردني الغساني ونهضة المملكة الأردنية الغسانية وهو ما انتقل بالفطرة لحفيداتها الرائدات الأردنيات عبر العصور.
المراجع:
- E (1996) Bazantinum and Arab in the sixth century, Vol2, Part 2 Dumbarton Oaks, Harvard University.
- الأسد، ناصر الدين . (1969)، القيان والغناء في العصر الجاهلي (ط2)، دار المعارف: مصر
- أبحاث إرث الأردن، الحياة الاجتماعية عند الغساسنة الأردنيون
- أبحاث إرث الأردن المنشورة، كنيسة القديسين قزمان ودميان في جرش
- أبحاث إرث الأردن، المجتمع الغساني، الترف الحضاري والحرية
- أبحاث إرث الأردن، الغساسنة: العلاقات السياسية الخارجية
- تمجيد وقصة القديسين قزمان ودميان، موقع نبض الكنيسة
- يموت، ب. (1934)، شاعرات العرب في الجاهلية والإسلام (ط1)، الدار الأهلية: بيروت
- المرزباني، ع. (2005) معجم الشعراء (ط1)، دار صادر، بيروت
[1] الفاختة: الحمامة ذات اللون الأبيض
[2] للمزيد انظر: https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D8%B9%D9%8A%D8%A7%D8%AF_%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%85_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B0%D8%B1%D8%A7%D8%A1
[3] كان النسب قديما إلى الأم في نظام اجتماعي يسمى بالنظام الأمومي.