Latest articles
December 24, 2024
December 24, 2024
December 24, 2024
تمهيد
يأتي هذا المدخل حول الممالك الأردنية في العصور القديمة، توطئةً للخوض في تاريخ هذه الممالك بشكل أكبر، وتكمن أهمية هذا التمهيد بأن يكون القارىء على اطلاع على الممالك الأردنية القديمة؛ أسماؤها وزمن نشوءها، وللتمييز بين كل مملكة وأخرى.
إطلالة على الممالك الأردنية الثلاث
أنشأ الأردنيون الأوائل مع بداية العصر الحديدي الثاني أولى دولهم الوطنية أو ما يسمى (دولة الأمة ذات السيادة على أرضها)، حيث نشأ بالتزامن ثلاثة ممالك من نهر الزرقاء شمالا، حتى خليج العقبة جنوبا على الترتيب (عمون، مؤاب، أدوم) وكان نظام الحكم في هذه الممالك ملكي وراثي في الأبناء الذكور.
وهذا يدل على قيام حس وطني لدى أجدادنا في تلك الحقبة، الذي دفعهم لأن يوحدوا القبائل والمدن تحت قيادة زعيم واحد، تحول إلى ملك، وبنظام سياسي معقد في بنيته الداخلية، لإدارة شؤون هذا الشعب، وتقديم المصلحة الجمعية، على مصلحة القبيلة والمدينة، ونشأت أول تراتبية سياسية إدارية دقيقة في تلك المرحلة، ووزعت المهمات القيادية على رجال الدين وزعماء القبائل والمدن والقادة العسكريين، وأنيط بكل مدينة من مدن الدولة مهماتها، من حماية الطرق التجارية داخل إطار نفوذها، و إدارة القرى والعزب الزراعية الواقعة تحت نفوذها، كما كانت تتداعى جميع القبائل والمدن إلى جانب الجيش النظامي في حالة تعرض المملكة لخطر خارجي، أو خوضها حربا خارجية للدفاع عن مصالحها أو لتوسيع نفوذها، كما كان يناط بالملك، إدارة العلاقات الخارجية، سواء مع الممالك المجاورة، أو مع الامبراطوريات العظمى في ذلك العصر وفق ما تقتضيه المصلحة العامة للمملكة.
وقد ساهمت هذه الممالك الأردنية الثلاث، في تطوير الحضارة الانسانية، في مجالات عدة مثل الصناعة والتجارة والأدب والفنون و العمران والعقائد الدينية، وخاضوا الحروب الضخمة لحماية مصالحهم وانتصارا لكرامتهم، كما عقدوا المعاهدات وأنشأوا الأحلاف مع ممالك مجاورة ضد ممالك أخرى، ومارسوا الدبلوماسية بأدواتها مع الامبراطوريات الكبرى المحيطة، لتحقيق مصالحهم، فيما تمردوا أحياناً أخرى على هذه الامبراطوريات في سياق التحرر الوطني وفرض السيادة.
إن هذه الحقبة تعد حلقة من سلسلة التاريخ الأردني، وجزء هام من تاريخ الأردنيين الأوائل، هذه الممالك التي نافحت عن حقها بالوجود في وجه الطبيعة والأعداء، وانتزعت هذا الحق، لتلتئم مع ما سبقها وما تلاها، من نضالات الأردنيين لبناء دولتهم والحفاظ على وجودهم وكينونتهم.
موجز عام عن مملكة أدوم الأردنية
(القرن 13 ق.م – 125 ق.م )
أنشأ الأردنيون الأدوميون مملكتهم في المنطقة الواقعة إلى الجنوب من وادي الحسا، في منطقة تمتاز بالمرتفعات والطرق الوعرة، وكانت بصيرا في محافظة الطفيلة حاليا عاصمة مملكة أدوم، وقد فرضت طبيعة الأراضي التي قامت عليها مملكة أدوم الأردنية طبيعة النشاط الاقتصادي الذي مارسه الأردنيون الأدوميون، من الرعي مرورا بالزراعة وصولاً إلى التعدين وخاصة معدن النحاس المتوافر بكثرة في وادي عربة، وقد بدأ الوجود السياسي لأجدادنا الأردنيين الأدوميين في هذه المنطقة منذ الألف الثاني قبل الميلاد، حتى بداية نشأة مملكة الأردنيين الأنباط.
تشير المصادر التاريخية، إلى أن أول ظهور لمملكة أدوم، كمملكة موحدة، قوية، ومستقلة، كان بعد أن توحد الأردنيون الأدوميون، وشنوا حرباً على مملكة يهوذا العبرانية، ودمروها، ويبدو أن النظام القبلي الذي كان قائما بين الأردنيين الأدوميين، والذي كان به لكل عشيرة أو قبيلة شيخ، فيما يجمع هؤولاء الشيوخ على اختيار زعيم عليهم جميعا، وهو من يكون صاحب أكبر قوة ونفوذ، تطور هذا النظام ليصبح هذا الزعيم القبلي ملكاً، مما ساعد هذا الملك الأردني على توحيد القوى العسكرية والهجوم على مملكة يهوذا المجاورة والتي كانت تحاول دوماً مد نفوذها على أراضي أدوم الأردنية، لتنشأ هكذا مملكة أدوم الأردنية.
موجز عام عن مملكة مؤاب الأردنية
(القرن 13 ق.م – 125ق.م )
تواجد الأردنيون المؤابيون في المنطقة الواقعة إلى الشرق من البحر الميت، وقد أكدت الدراسات الآثارية عدم ثبات حدود مملكة مؤاب، حيث كانت تتوسع وتتقلص حسب الظرف السياسي شمالاً وجنوباً، إن أهم ما يميز مناطق مملكة مؤاب الأردنية هو التواجد السكاني منذ عصور ما قبل التاريخ دون انقطاع، وكان نشاط الأردنيين المؤابيين الاقتصادي، مشابهاً للنشاط الاقتصادي لباقي الشعوب الأردنية القديمة، من رعي وزراعة وتجارة، وفي عصر قضاة اسرائيل، كان الأردنيون المؤابيون يمدون نفوذهم على مناطق العبرانيين، وبعد نشأة المملكة اليهودية الموحدة (مملكة داوود) اشتد العداء حتى هزم الملك الأردني المؤابي ميشع مملكة اسرائيل كما ورد في مسلة ميشع، والتي ذكر فيها أيضا كيفية تنظيم المدن وشق قنوات المياه والطرق، وفي زمن الأشوريين كانت مملكة مؤاب الأردنية تدار بحكم ذاتي للملك المؤابي ولكن باعتراف بنفوذ الملك الأشوري، حفاظاً على مصالح مملكة مؤاب الأردنية وللاستفادة من النفوذ العسكري لتلك الامبراطوريات على الطرق التجارية.
موجز عام عن مملكة عمون الأردنية
(القرن 13 ق.م – 125ق.م )
سكن الأردنيون العمونيون شمال وادي الموجب، حتى محيط وادي الزرقاء (وسط الأردن)، وقد كان لهم عدة مراكز حضارية مهمة منها العاصمة ربة عمون (جبل القلعة حاليا) ومدينة جاوا وعراق الأمير وغيرها، وقد تميزت مناطق مملكة عمون الجغرافية بأنها كانت تجمعاً لعدة طرق تجارية، وقد وصلت مملكة عمون الأردنية قمة ازدهارها في القرنين السابع والسادس قبل الميلاد، إذ أثبتت المسوحات والكشوفات الأثرية، ازدياد المواقع العمونية بشكل ملحوظ في تلك الفترة، كما احتوت هذه المواقع على دلائل رفاهية ووفرة بالإنتاج، حيث كثرت الآبار ومعاصر العنب والأراضي الزراعية، هذا الأمر الذي منح أجدادنا الأردنيين العمونيين القوة والطموح وصولاً لقيام الأردنيين العمونيين باغتيال الحاكم البابلي حسب الروايات التاريخية، وتعد مملكة عمون من أهم الممالك الأردنية القديمة وأكثرها نفوذا، وتطورا، ولها الحظ الأوفر من حيث المواقع واللقيات الأثرية المكتشفة، وقد استمر العمران على آثار عاصمتها ربة عمون خلال العصور التالية، وصولا للعاصمة الأردنية عمّان في العصر الحالي .
المراجع :
- ياسين ، د. خير نمر (1994) ، الأدوميون ، الجامعة الأردنية ، عمان .
- كفافي ، د. زيدان عبد الكافي (2006) ، تاريخ الأردن و اثاره في العصور القديمة ( العصور البرونزية و الحديدية ) ، دار ورد ، عمان .
- Bienkozki , piotr (1996) The art of Jordan , UK