صالح باشا العيد قاقيش

By Published On: June 18, 2016

صالح باشا العيد القاقيش

download

ولادته

ولد المرحوم صالح باشا عيد مفرح خلف انصير قاقيش في مدينة السلط في حدود سنة ١٨٥٦، وهو أخ لكل من : خلف ونويصر وعيد وبخيت وخليل، كان والده عيد القاقيش أحد المعتمدين في تقسيم الأراضي على العشائر والعائلات في أواخر عهد الاحتلال التركي.

حادثة طريفة

يروي معالي فؤاد قاقيش – أحد اللذين روا عن سيرته –  أن المرحوم ابراهيم الحنيطي جاءه يشكو عندما كان وزيراً لوزارة البلديات و الشؤون القروية أن احدى العائلات حاولت الاستيلاء على أراضي لهم، و كان عيد مفرح قاقيش – والد صالح باشا – أحد أعضاء اللجنة التي خصصتها مراع للحنيطية عند تقسيم الواجهات العشائرية، وكتبوا صكاً بذلك مؤرخاً بين سنة 1898 بخطه، فأراد معالي فؤاد قاقيش أن يمزح معه قائلاً له : الأرض ليست لكم! فقال له المرحوم الحنيطي : قاقيش خصصها لنا وقاقيش آخر يريد تقشيطها منا !!، وبعدها أرسله إلى مدير عام دائرة الأراضي والمساحة، وثبتها لعشيرة الحنيطية.

 

نشأته و عمله

التحق المرحوم صالح بالكتّاب فتعلم القراءة والكتابة، وثقف الثقافة الاجتماعية حيث كان يجلس في ديوان والده، وبدأ حياته تاجراً وتعاطى تجارة الحبوب بعامة، حتى صار شديد الثراء، وربما تمّول بذلك إبان الحرب العالمية الأولى عندما ارتفعت أسعار المواد التموينية ولا سيما الحبوب.

وتظهر بعض الوثائق سندا يدل على أن أحد وجهاء الشراكسة قد استدان منه ستة آلاف ليرة ذهب، كان أخيه نويصر قاقيش يملك موقع بستان ( أبورصاع )، وعندما تزوج محمد مصطفى قدم له صالح باشا قاقيش نقوطا كان عبارة عن قطعة الأرض التي عرفت ببستان ( أبو رصاع).

تزوج بالسيدة شيخة السالم قاقيش، فأنجبت له : يعقوب وكمال، وتوفيت زوجته في العشرينيات، ولم يتزوج بعدها اخلاصا لها.

 

موقفه من الثورة العربية الكبرى

كان صالح باشا معروفا بمعاداته للاحتلال التركي و دعواته المتكررة للتحشيد ضد القوات التركية المتحصنة بالمدينة، وأخذت تصل القيادة التركية أخباره الداعية إلى تشكيل فرق المتطوعين و الثوار و امدادهم بالسلاح للثورة على القوات التركية و الضباط الألمان المنتشرين في مركز القيادة التركية داخل السلط بدلا من انتظار جيش الثورة حتى يدخل المدينة، فلم تكن تخلو اجتماعاته مع زعماء المدينة و شيوخها و أبناء عشيرته من هذه المواقف، ونشطت دعوة صالح باشا لمقاومة الاحتلال التركي و حلفائه الألمان و النمساويين للأسباب الموجبة التالية :

  1. مصادرة العثمانيين وحلفائهم الألمان والنمساويين المقدر عددهم ب١٤ الف جندي لمحاصيل السلط الزراعية مما أدى لانتشار المجاعة.
  2. نصب المشانق لأبناء السلط و الفحيص لكل من :
  • رفض التجنيد الإجباري
  • رفض دفع الضرائب المفروضة عليه بالقوة و التي تصل قيمتها ل 25% من الناتج .
  • قاوم عمليات سلب و نهب مؤونته ومحصوله من قبل جنود جيش الاحتلال العثماني التركي .
  • كل من كانت تثبت عليه محاولة تحرير المدينة من العثمانيين وحلفائهم عبر عمليات قتالية غير منظمة.
  1. والأهم ان الاحتلال العثماني أحضر أكثر ٥٠٠٠ تركماني ووطنهم بالفحيص وبعض مناطق السلط بعد تهجير اَهلها ضمن سياسة خلق مجتمع موالي له يحارب ضد قوات الحلفاء.

وبعد انتشار مواقفه المؤيدة للثورة العربية الكبرى ودعوته للانتفاض ضد الاحتلال التركي،أصدرت القيادة التركية العليا أمرا باعتقاله، و تم ارساله بالقطار العثماني قبل نهاية الحرب إلى سجون الاحتلال التركي في دمشق حيث ذاق الأمرّين هناك من صنوف التعذيب و بعد دخول قوات الثورة إلى دمشق و رفعها لراية الثورة تم تحرير الكثير من أبناء الأردن من براثن العثمانيين، فعاد إلى السلط بعد ثلاثة شهور، و استقبله أهل عشيرته و شيوخ المدينة بعدما فقدوا الأمل ببقائه على قيد الحياة .

دوره في بناء الدولة

لعب دورا مهما في توضيح وجهة النظر الأردنية والدفاع عن الحقوق العربية ( الإسلامية و المسيحية ) في فلسطين، وكان له دور رئيس في توحيد كلمة رجالات مدينة السلط وذلك في الاجتماع الذي عقد في ديوانه مع هربرت صموئيل المندوب السامي البريطاني إلى فلسطين عندما قام بزيارة السلط

وكان نال الباشوية سنة 1922 هو وسعيد أبو جابر، و تموّل من تجارته كثيراً، وقدم المساعدات المالية للقوات المسلحة الاردنية التي كانت تتأسس في العشرينيات.

انتخب عام 1927 عضوا في اللجان التحضيرية لسنّ قانون الانتخابات للمجلس النيابي، وقد فاز في الانتخابات التشريعية عام 1934 هو وأعضاء حزب الشعب العام، و كان من عادته أن يصحوا مبكرا ليتناول افطاره قبل الساعة السادسة ثم ينزل من بيته في حارة الخضر قرب حي العطيات إلى كراج الحارس حيث يركب الباص ذاهبا الى عمان ويجلس في الكرسي الأمامي وخلال جلوسه في الباص كان يقرأ الجريدة اليومية، وإذا لم يجد الباص  يبدأ المشي على طريق عمان فيتوقف له  له الباص ، وكان طبيعياً أن يقوم له أحد الركاب ليجلس مكانه في الكرسي الأمامي احتراما وتقديرا لمكانته.

وكانت له مضافة يستقبل بها وجهاء البلاد، كما كان يرتاد الدواوين في السلط ويجتمع بالوجهاء، ليتبادل معهم الرأي، وكان له صلة وثيقة باسماعيل السالم العطيات و الحاج فوز النابلسي وسعيد الصليبي وعبد الله الداود ونمر الحمود العربيات ومحمد الحسين وذوقان الحسين العواملة وسعيد أبوجابر وسواهم، كما كانت بيوت القواقشة مفتوحة له دائما، وتستقبله وتستقبل ضيوفه.

ونظرا لمكانته و شهرته زاره الصحفي الشهير نجيب نصار في مضافته ، وأقام فيها بضعة أيام ، وذكره في كتابه ( جولات صحفي عربي ) .

صفاته

وكان له حدس صادق ، فعندما كان يحمل الشمسية فذلك يعني توقع هطول المطر، وكما كان أنيقاً في مظهره، فقد كان أنيقا في مأكله، فكان لا يأكل إلا بالملعقة والشوكة والسكين، وكان يقدم المساعدة لمن يطلبها طالما إليه، ويدعو إلى جمع الكلمة، والمؤاخاة الدائمة بين المسلمين والمسيحيين، وقد وصف بأنه كان رجلاً مستقيما، قوي الارادة لا يعرف الاعوجاج، صريح المواقف صادقاً .

وفاته

توفي في بيت أخيه عيد مساء يوم 12 / 3 / 1970، حيث كان يشاهد التلفزيون وعندما قام للنوم، شعر بالاعياء والألم ولم يتمكن ذووه من إحضار الطبيب، فأدركه الموت قبل منتصف تلك الليلة، وكانت جنازته حافلة.

، ودفن بمقبرة صبيح بالسلط، بعد أن شيع جثمانه من منزله إلى كنيسة الروم الأرثوذكس ومنها إلى مثواه الأخير.

المراجع :

  • أحسن الربط في تراجم رجالات من السلط، د.هاني صبحي العمد، ص240 –243، 2007، مطبعة السفير.
  • عامان في عمان، خير الدين الزركلي، ص63.
  • قاقيش “عشيرة أردنية من أعمدة السلط “، هاني سالم سويلم قاقيش، ص79-81.