كذبة لورنس: الجزء الثاني …آراء حول لورنس

By Published On: May 24, 2016

13140531_10154029248950211_1533711072_n

تمهيد

قدّم الباحثان الدكتور بكر خازر المجالي وقاسم الدروع في كتابهما “التاريخ العسكري للثورة العربية الكبرى فوق الأرض الأردنية “ ملخصاً عاماً عن لورنس وحقيقة دوره في معارك الثورة بالاستناد إلى مذكرات قادة الثورة والضباط العرب المشاركين في عملياتها ، و بالإعتماد على كتاب المؤرخ الأردني الأستاذ سليمان الموسى (لورنس وجهة نظر عربية ( ، إضافة إلى عدد كبير من مؤلفات الكتاب و علماء النفس و المؤرخين من الغرب.

في هذا الجزء نقدم استعراضاً عاماً لمجموعة من المفاصل التي تضع شخصية لورنس على محك التحليل النفسي من وجهة نظر المؤلفين و علماء النفس الغرب، و يتبعها في الأجزاء البحثية القادمة مزيد من التفاصيل التي تكشف الكذبة السينمائية التي ارتبطت بعمليات الثورة العربية الكبرى وساهم بها مؤلفون و مسرحيون وكتاب غربيون و على رأسهم لورنس نفسه بخياله الواسع، فعرفت لجمهور المتنورين بــ كذبة لورنس .

آراء حول لورنس

يتضح لنا من مذكرات القائد العسكري صبحي العمري والذى شارك كقائد لإحدى مفارز المدفعية في جيش الثوره،  بعض الأقوال والشهادات حول لورنس الأسطورة الكاذبة التي ملأت الدنيا وأشغلت الناس إعلاماً خيالياً عندما تلقفه الكتاب والصحفيون و الموتورين حتى وصل أخيراً إلى أيدى الغرب المنتجين السينمائيين فقاموا بتصوير فيلم لورنس العرب حيث ظهر لورنس بطلاً أسطورياً يقود العرب كيفما يريد وإن شاء كل ذلك من خلال هذا السيناريو الغريب ، الذي شوه فيه المخرج وكاتب السيناريو كل ما يتعلق بأبطال الثورة فظهروا بحالة سيئة يرثى لها من التخلف والانحطاط في الهجوم على الغنائم من جهة وفي قلة معرفتهم لأدنى وسائل الحضارة من جهة أخرى، بينما الحقيقة مغايرة تماما و تكاد تكون صادمة لأؤلئك الموهومين بكذبة لورنس و أوهامه .

لورنس يكشف مهزلة الأوسمة

يقول لورنس في وصفه لتقريره عن معركة الطفيلة: ( أرسلت تقريراً للقيادة العامة -للجيش البريطاني – في فلسطين، لقد كُتب بوضاعة للتأثير على القادة الانجليز وكان مليئا بالتشابيه الطريفة والبساطات الهازئة، وجعلهم التقرير يحسبونني هاوياً متواضعاً يلحق خطى القادة العظماء لا بهلواناً يستدق النظر وراءهم، وكان التقرير الخاص بالمعركة محاكاه ساخرة، ولكن القيادة العامة للجيش البريطاني امتدحته ببراءة ولكي تتوج المزحه قلدتني وساماً على ما جاء فيه، ولو إستطاع كل واحد في الجيش البريطاني أن يكتب التقرير عن أعماله دون شهود لامتلأت صدور الكثيرين بالأوسمة ).

ماذا قال لورنس عن نفسه  ؟

يقول في مقالة نشرت له عن تصوره للثورة : ” من سوء الحظ أنني كنت مسئولاً عن سير القتال إلى أي حد أريد ، دون أن يكون لي أي خبرة في شؤون القتال تؤهلني لهذا العمل ” .

وقال في فصل محذوف من كتابه ( أعمدة الحكمة السبعة ) :

” لقد كانت الثورة حرباً عربية خاض غمارها العرب جنوداً وقادة لتحقيق هدف عربي في بلاد العرب، وكان نجاح الثورة طبيعياً لا بد من وقوعه، هذا النجاح لم يعتمد إلا على القليل من المساعدة الخارجية التي قدمها البريطانيون القلائل في الثورة ” .

 وقال :  ” كان دوري الحقيقي في الثورة دوراً صغيراً ، ولكن نتيجة لقلم سيال وذهن ناشط فإنني أخذت لنفسي دوراً رئيسياً مصطنعاً “.

 وقال أيضا : ” لا مجال لأي تهرب أو تملص، لقد فرض علي أن أعود من جديد إلى لبس قناع الخداع في الشرق ورغم الإحتقار الذي أواجه به أنصاف الحلول سارعت إلى الإقناع للعب الدور المناط بي ” .

لورنس يشكو أوزار كذبته

وبعد أن شكا أتعابه بإحدى المناسبات قال :

“وهذه المتاعب ما كانت لتصيبني شيئاً نظرا لعدم إكتراثي بما هو جسدي وإنما هناك الخداع المرهق الذي اضطررت أن أحمل ثقل وزره، وهو إدعاء قيادة ثورة وطنية لعنصر آخر، بعد أن لبست لها لباساً لا عهد لي بمثله من قبل، وتسلحت بلغة أجنبية يصعب علي التبشير بها مع يقيني التام بأن الوعود التي أطلقناها للعرب لن تكون لها أية قيمة عملية فيما بعد إلا بمقدار ما سيظهر العرب أنفسهم من قوة “.

 

آراء من عرفوا لورنس و خبروه

   (  الصحفى الأمريكى  لويل توماس )

وهو أول من كتب عن لورنس وأول من أذاع شهرته وعرف العالم العربي به، وقد اعتمد في تأليف كتابه على سعة خياله وعلى ما قاله لورنس عن نفسه فخرج به كرواية أساسها شيء من الواقع وفي بنائها الكثير من الخيال .

( المؤرخ سليمان الموسى ) 

يقول : إن الكتاب الذين إمتدحوا لورنس مثلهم مثل الذين قدحوا فيه وكل ذلك على حساب العرب ولم يجرؤ أي فريق منهم أن ينصفهم، وأبدى الموسى شكوكه في صداقة لورنس للعرب ومحبته لهم .

   ( برنارد شو ) 

كان هو وزوجته يعطفان على لورنس دائما .

و قال عنه : عندما كان يقف في وسط المسرح والأضواء الساطعة تتجه إليه رأيت كل واحد يشير إليه قائلاً : أنظروا إنه يختبيء إنه يكره الدعاية لنفسه ” .

ثم قوله : ” لم تكن محاولاته لإخفاء نفسه تنطوي على عزم صادق، لقد كان ممثلاً يفوق أذكى الشياطين في أدوار الكوميديا ” .

وقال عنه أيضاً : ” وصفه اليصيفي بأنه كان خجولاً ولكنني لم أر أي دليل أو إشارة  تدل على خجله، كان لورنس مخلوقا غريبا جدا، مطبوعاً على التمثيل منذ مولده، متصرفاً لجميع أنواع الحيل والألاعيب و لم يكن المرء يعرف بأي منظار ينظر إليه ” .

 (السير ريدر بولارد ) 

زميل لورنس في ( دائرة الشرق الأوسط ) التي ألفها تشرشل عام 1921  والمعتمد البريطاني في جده

 قال يصفه : ” كانت بعض تصرفات لورنس يكتنفها الدجل والخداع، ورغم أنني شاهدته في في لندن يعلن أحياناً عن نفسه ويطمسها أحيانا أخرى إلاّ أننى أستطيع القول أنه كان رجلا عظيم التفوق، وكان بمقدوره أن يحقق نجاحاً كبيراً فى مجالات عديدة مختلفة من علم الآثار إلى هندسة الآلات ولا يمكن لمحض مشعوذ أن أن ينال كل ذلك التقدير من قبل العديد من مشاهير الرجال “.

 

 ( الشريف الحسين بن علي ) 

كان لا يميل إلى لورنس ولا يوافق على تدخله فيما لا يعنيه وقد رده فاشلاً في أكثر من مره

 

 (الملك عبدالله الأول بن الحسين) 

يقول عنه : لورنس…أُطلقت له الحرية في جيش الملك فيصل فأصبح بما بذل من مال وما قال من أقوال، ملك العرب غير المتوج، وأنه صاحب الثورة، وأنه لولاه لما نال العرب أي شيء !، وفي الحق أنه كان المزهو بنفسه الغريب الطباع .

 (الملك فيصل الأول ملك العراق) 

كان رأيه فيه كرأي والده وإخوانه ولكنه سايره بقصد الإستفادة منه حينما رآه حائزا على ثقة المسؤولين من الإنجليز، يقول الملك فيصل في حق  لورنس : ”  لورنس ؟ قال عني أمورا كثيرة لا تتصل مع الواقع في شيء، وقد في أقول عنه مثل ذلك “.


المراجع:

  1.  التاريخ العسكري للثورة العربية الكبرى فوق الأرض الأردنية، بكر المجالي و قاسم الدروع ، مطابع القوات المسلحة الأردنية، 1995.
  2.   لورنس و العرب، وجهه نظر عربية ، سليمان الموسى