Latest articles
December 24, 2024
December 24, 2024
December 24, 2024
مقدمة تاريخية
يقال في اللغة: نَبْطُ العلم أي بثه ونشره، ونَبَطُ الماء أي أخرجه والنّبِطُ أول ما يخرج من ماء البئر، ونَبَطَ الأرض أي نقّب فيها وأخرج المعدن ولا يوجد ما يصف حضارة عظيمة كحضارة الأردنيين الأنباط أكثر من هذه الخصائص الثلاثة: العلم والماء والمعدن. ورد ذكر الأردنيين الأنباط في الكتاب المقدس بقوله “أهل الجنوب” كما ورد ذكرهم في النقوش الآشورية العائدة إلى القرن السابع قبل الميلاد.
ارتحل الأردنيين الأنباط في الصحراء الأردنية وتنقلوا فيها وتجذرت في نفوسهم حياة البداوة على أن هذا لم يمنعهم أبدا من استيعاب الحياة الزراعية واستيعاب الحضارات الأخرى رومانية وهلنستية ومصرية، حتى وصلوا وبشكل مدهش إلى التفوق على هذه الحضارات في بعض المجالات. إن المميز في حياة البداوة النبطية التي عاشها هذا الشعب هو انفتاحهم على التجارة فكانوا رغم حياتهم البدوية يجهزون القوافل التجارية ولم يتوقفوا عند ذلك بل طوروا أساليب لاستخراج القار[1] من البحر الميت وبيعه للمصريين آنذاك، وكان كل ذلك في المرحلة الأولى الممهدة لقيام حضارتهم.
بعد الاستقرار النبطي وتحوله عن التنظيم البدوي ومزاحمتهم للأردنيين الأدوميين في التجارة والزراعة سادوا المنطقة وأخذوا بالتوسع ومد نفوذهم أكثر وأكثر وطوروا أساليب بديعة في الري والعمارة والتي لا زلنا نرى أمثلة عليها من أول خطوة نخطوها في السيق نحو مدينة البترا، عاصمة الدولة النبطية الأردنية. تلا هذه المرحلة استقرار أكبر وتنظيم مدني حيث ظهرت الملَكية وأخذت المدن النبطية الأردنية معالمها الحضارية من تطور صناعي وزراعي وثقافي يشمل الفنون والدين والخط وامتدت ممالكها من العراق (مملكة ميشان) والأردن (البترا) وصولا إلى شمال الجزيرة العربية (الحِجر).
بدأت الحضارة النبطية الأردنية بعد شدة الاتساع تثير مطامع الممالك والإمبراطوريات المجاورة، فطوال تاريخها عانت كثيرا من محاولات الغزو والاحتلال. اذ كانت مستهدفة من قبل السلوقيين والبطالمة والرومان والإغريق وصولا إلى اليهود المكابيين الذين نازعوا الأنباط الأردنيين على تجارتهم مع المصريين. ولكن حضارة الأنباط صمدت قرابة الأربعة قرون أمام كل هذه المحاولات مرسخة حب الحرية والاستقلال في نفوس أبناء هذه الأرض، وعقب زوال المملكة النبطية بدأت القبائل النبطية الأردنية بالاختلاط مع الشعوب المجاورة. وقد خلّف الأردنيون الأنباط بعد زوال مملكتهم الآثار المعمارية العظيمة والخالدة إضافة للخط واللغة النبطية، وكذلك الآلهة النبطية التي قدستها قبائل الجزيرة العربية واقتبستها عنهم إضافة لما أخذوه عنهم من مظاهر حياة سياسية واجتماعية واقتصادية أخرى.
منذ خطواتنا الأولى في السيق وحينما تبرز لنا الخزنة من بين الشقين الجبليين الهائلين تتراءى لنا عظمة الإنسان النبطي الأردني وغنى مخيلته ووجدانه، ولا يتوقف الأمر عند بناء الخزنة إنما يمتد للمسلات والأضرحة والمذابح والنقوش؛ فكل زاوية تقع عيون الناظر عليها كانت ذات دلالة عميقة للنبطي الأردني آنذاك. فإنسان تلك الفترة كان إنسانا عطشا للروحانيات ولهذا صارت الديانة والمعبودات والطقوس معبره نحو إشباع هذه الرغبة. في خضم التفاعل الحضاري الذي ساد المنطقة آنذاك، صاغ الأردنيين الأنباط قيمهم الدينية ومعبوداتهم ورموزهم الخاصة التي وبلا شك تأثرت وأثرت في ميثولوجيا المنطقة عامة.
الآلهة الأنثى
العزى ( ذات القناع )
اختلف الباحثون في أصل اسم هذه الآلهة الأنثى فقيل أنها آلهة سريانية (هن- عزى) أي ذات العزة وقيل أنها من أصل سينائي (عبدت في سيناء/ النقب) ورأى آخرون أنها من أصل سومري وتعني (العارف بالماء) وكان يطلق على الطبيب، وارتباط العزى بالماء والخضرة حاضر في الأذهان (الماجدي:2012) وقيل أيضا أنها عبدت في مدينة العز (الخلصة حاليا في النقب). تم تمثيل العزى بامرأة جميلة ووراءها أشجار وخضرة وتمسك في يديها سيفين وأمامها قطة أو أسد. ولهذا قيل إنها قد تمثل آلهة الحرب.
يرمز لهذه الآلهة بالقمر وبنجمة الصباح أي كوكب الزهرة. وهي آلهة للقوة والخصب وتقابل في صفاتها الآلهة الرافدية عشتار والآلهة السورية أرتاقتس وآلهة الجمال اليونانية أفروديت. وسميت العزى في البترا الآلهة (ذات القناع) ولها منحوتات ونقوش عديدة داخل المدينة الأثرية.
اللات
عُدّت اللات أكبر الآلهة الأنثوية والذكورية على حد سواء أي أنها “أم الأرباب” وكانت من أهم المعبودات في المنطقة وذكرت في كثير من نقوش وأدبيات الحضارات الأخرى كالبابلية والفينيقية واليونانية وبتسميات شبيهة باسمها “اللات”. ويدور الجدل فيما إذا كانت الأم العذراء للرب الأكبر “ذو الشرى” أم كانت حبيبته وزوجته.
يُرمز للات بصخرة مربعة بيضاء مزينة بالزخارف وتلقب “كعبو” وربما تكون هذه الكلمة أصل الكلمة العربية ” كاعب” وهي وصف للمرأة الحسناء التي ربما ما كانت سوى الآلهة اللات. أما إذا صارت الصخرة سوداء فترمز حينها للإله ذو الشرى نفسه. كما يرمز لها بالشمس وبحزمة القمح كذلك وبالماء الجاري والينابيع. أما في تدمر فقد رمز لها بأسد يقف بين قائمتيه غزال.
بالنسبة للأردنيين الأنباط، كانت اللات من أهم معبوداتهم فقد بنى “الملك رب أيل الثاني” معبدا في وادي رم وسماه “معبد اللات”. كما بني لهذه الآلهة معبد في تدمر سمي بمعبد الشمس ووجد على مدخله كتابة تفيد بأنه بني بأموال الربة اللات، وفي عام 1957 وجد تمثال من المرمر للآلهة اللات كما وجد لاحقا تمثال لأسد على قائمتين في مدخل المعبد.
مناة
إن كانت العزى هي آلهة الخصب والعطاء والولادة الجديدة فإن مناة هي وجهها الأسود. تعتبر الآلهة مناة آلهة الموت وقد عبدت على نطاق واسع جنوب المملكة النبطية الأردنية وتحديدا في الحِجر. سماها الأردنيون الأنباط “مناتو أو مناواة” وهي ترمز للموت أو القدر، فمن ناحية لغوية اسمها مشتق من كلمة “منية” والتي تعني الموت، وقد اقترح بعض العلماء أن اسمها مرتبط بالحظ والأماني أي أنها “آلهة الحظ والرعاية” لدى الأردنيين الأنباط. تتحكم مناة بالأرواح والعالم السفلي وغالبا ما يرمز لها بالقمر وبكأس بخور ويقترن ذكرها بذو الشرى. ويرجح علماء الآثار أن تكون الخزنة المنحوتة في الصخر بيتا للآلهة مناة بصفتها حامية وراعية العاصمة النبطية الأردنية ( البترا ). كما يذكر أنها ارتبطت بالاستمطار والسحب والمطر.
لقد أرخ الباحثون لهذا “الثالوث الأنثوي” الذي ظل مقدسا حتى عهد طويل. إن هذا الثالوث يفصح لنا عن مدى قدسية الأنثى وارتباطها بالسماويات عبر جعل كل آلهة ذات رمز كواكبي يعكس معناها. لقد عبد الإنسان النبطي الأردني آلهة أنثى أغنت حياته الدينية وجانبه الروحاني وصبغت جميع جوانب حياته بالموسيقى والفن والنقش والعمارة.
الوجه الذكوري من الآلهة
ذو الشرى
ذو الشرى أو وذ شرا أو دوسر كلها أسماء تدل على هذا المعبود النبطي العظيم. يكمن تميز هذا الإله من كونه الوحيد الذي لا يخرج من سياقه النبطي الأردني فلا نكاد نجد له أي أثر خارج حدود المملكة النبطية الأردنية على عكس كل الآلهة الأخرى. ربما يعود هذا التميز إلى كون هذا الإله مرتبطا بالسلالة الحاكمة وراعيا لها حيث جاء ذكره في نص بعنوان “رب الملك” كما ذكر نص آخر تحت اسم ” فاصل الليل والنهار” وفي نصوص أخرى باسم “سيد العالم والإله المنير”.
اختلف الباحثون عن سبب تسمية ذو الشرى باسمه، فبعضهم قال إنه يعود لمنطقة جبال الشراه جنوب الأردن التي لا تزال تحمل ذات الاسم، ويقترح أحد الباحثين أن اسم “شرى” لا يرتبط بجبال الشراه بل يُعنى بالزراعة الكثيفة ، ويرى آخرون أنها قد تكون مشتقة من العبرية بمعنى “سعير”. وبوصفه أكبر الآلهة حظي باحترام وتقدير عظيمين حتى حمله التجار الأنباط في رحلاتهم، ففي ميناء بوتسوولي جنوب إيطاليا وجد نقش طيني بالخط النبطي يحمل اسم ذو الشرى.
رُمز لذي الشرى بعدة رموز أهمها الشمس وهي ذاتها رمز زوجته أو أمه اللات وهي دلالة الخير عند الأردنيين الأنباط ولهذا اتجهت أنصابه نحو الشرق دوما، إضافة لعدة رموز أخرى كالصقر والأسد والثور والأفعى وكروم العنب. كما رمز له بكتل صخرية عالية الارتفاع وأنصاب سوداء على سطوح المنازل يحرق لها البخور وأخرى سوداء مربعة بارتفاع أربعة أقدام. كان ذو الشرى مرتبطا بكل ما هو طاهر بدلالة أن بجانب كل معبد من معابده مكان للاغتسال والطهارة قبل أداء الصلوات.
والناظر لطبيعة المدينة النبطية الصخرية يجد أن كل جزء منها هو جزء من جسد الإله ذو الشرى واللات (التي رمز لها بالماء) تجري في عروق هذه الكتل الصخرية كما يجري الدم في جسد الإله ذو الشرى. إن هذا يعطي بعدا “طبيعيا” للميثولوجيا الدينية النبطية فلم تكن تستمد المعابد والهياكل قيمتها من ذاتها إنما من الطبيعة المنحوتة منها (الماجدي: 2012).
أما عن مصير هذا الإله فقد ارتبط بعد مجيء الرومان بالإله ديونيوس (إله الخمر) وفيما بعد ارتبط بالإله زيوس الإغريقي ومن ثم أخذه العرب عقب انهيار الدولة النبطية وقدسوه حتى جاءت المسيحية ومن ثم الإسلام.
شيع القوم
بتصويره على شكل محارب، حضر الإله شيع القوم في النقوش التدمرية النبطية على وجه خاص، فلم يكن حضوره قويا في البترا العاصمة. إله المحاربين وحامي القوافل، يتقرب له التجار بالنذور والقرابين ويمتنعون عن الخمر من أجله لأنه إله كاره للخمر. يرى الدارسون بأنه أقدم من الإله ذو الشرى لأن الأردنيين الأنباط عرفوا بزراعة الكروم وصناعة النبيذ في مراحلهم المتأخرة.
الكتبا
كان الإله الكتبا راعيا للعلوم والكتابة والتجارة النبطية الأردنية. ورغم أهميته الكبيرة إلا أن المعلومات تتضارب بخصوصه، فبعض الباحثين يرجح أنه أنثى وأنه اسم آخر للعزى. وآخرون يرجحون أنه ذكر أو أنه في أحسن الأحوال الوجه الذكوري للآلهة العزى.
لقد تم الكشف عن هذا الإله لأول مرة على يد العالم ج. ستراغنل عام 1959 باكتشافه نقشا يحمل اسم “الكتبا” إضافة لاسم “العزى” على جبل في وادي رم. وجدت نقوش أخرى في مدن نبطية كمدينة جايا وكان النقش يقول “الكتبا.. الرب الذي في جايا” كذلك ذكر الإله في نقش في وادي صياغ وكان النقش يقول ” في حضرة الكتبا.. الإله ربنا”
ويرجح أن الأردنيين الأنباط قد نقلوا عبادة الكتبا إلى مصر القديمة في سياق علاقتهم التجارية القوية والممتدة آنذاك؛ فقد تم الكشف عن معبدين نبطيين في منطقة قصر الغيط وقد نقش على أحد المعبدين “من هاويرو ابن جيرام إلى الكتبا” يحاكي المعبدان معبد الأسود المجنحة ومعبد خربة التنور وغيرها من المعابد النبطية الرئيسة إلى حد كبير.
لقد وجد تمثال في نبع عين الشلالات في البترا وكان بطول 15-30 سم. وقد حفظ في كوى في الحائط. إن تمثال الكتبا خال من أي نحت لمعالم الوجه فيما عدا محجر العينين والذي غالبا ما تم حشوه بأحجار كريمة. فيما بعد، تأثر الكتبا بالحضارة الهلنستية واتصل بالإله هرمس-مركوري الذي وجدت له عدة آثار في خربة التنور.
آلهة الخصب النبطية
بعدما استقر المجتمع النبطي الأردني ودخل مرحلته الزراعية، شهد تطورا كبيرا في أساليب الزراعة والري. ولكن تلك الأساليب لم تقتصر على الجانب العملي إنما كان لها خلفيتها الميثولوجية القوية. فعندما ينحبس المطر وتتأخر المواسم كان الإله حدد أو هدد هو سيد طقس الاستمطار ويوازي اليوناني جوبيتر وزيوس ويتشارك الثلاثة بقدرتهم على التحكم بالعواصف والبرق. تبعا لأهمية هذا الإله سمي الملك الأدومي حدد بن بدد باسمه، ولقد ذكر في الكتاب المقدس[2] وفي تفسير القرآن[3].
حدد هو إله من أصل آرامي كنعاني قديم، تم تقديسه في شمال المملكة النبطية الأردنية (سوريا حاليا- حلب وبصرى وحوران الأردنية على وجه التحديد) وقد كان الجامع الأموي معبدا للإله حدد قبل أن يصير كنيسة ومن ثم مسجدا. لقد لعب الإله حدد دورا مهما في الحياة الزراعية النبطية، وكان يرمز له بصاحب عرش مجنح بالثيران (الماجدي: 2012) أما الإله قيس أو قوس أو قيسو فهو إله من أصل أدومي مرتبط بقوس قزح وقد كان إضافة لحدد إلها تقدم له القرابين النباتية والنبيذ وعبد في منطقة التنور.
(إذا سرق الحاكم ثيران الشعب وأخفاها أو عاث بحقولهم وزرعهم أو أعطاها إلى الأجنبي فإن أدّاد (حدد ) سيكون له بالمرصاد، وإذا استولى على غنمهم فإن أداد ( حدد ) ساقي الأرض والسماء سيبيد ماشيته في مراعيها وسيجعلها طعامًا للشمس ) نقش طيني على أحد معابد الإله حدد. (الصورة للإله حدد من موقع pinterest)
في مرحلة لاحقة انسجمت صفات حدد وقيس وتداخلت مع ذو الشرى الإله الأكبر. كما تداخلت الآلهة “أترعتا” زوجة الإله حدد مع صفات اللات والعزى لتحولهما من آلهة صحراوية الطباع إلى آلهة زراعية خصيبة.
تأليه الملوك
لقد كانت عادة تأليه الملوك عادة شائعة في الحضارات القديمة. فكان الملك يؤله وترتبط صفاته بصفات الإله الجديد. فيذكر لنا الباحث زيدون المحيسن أن أحد الملوك كانت له مضافة وكان يجمع الناس ويقيم لهم الولائم ويشرف على خدمتهم بنفسه، كانت تلك المضافات تسمى “مرزحا” أي المعبد أو المجلس، ويذكر أن الأنباط قد ألهوا هذا الملك وسموه “رب مرزحا” أي سيد المرزاح.
إلا أن الأردنيين الأنباط عرفوا شكل أكبر وأعمق من تقديس الملك فحسب. فحسب الأدلة الكتابية عبد الأردنيين الأنباط الملك “عبادة ” (7 ق.م -125 ق.م.) وقدسوه بعد موته، ويرى الباحثون أنه قدم شيئا مميزا لشعبه جعلهم يقدسونه ويستعينون بذكره على المصاعب التي قد تلحق بسلالته الحاكمة؛ حتى وجدت بعض النقوش التي تحمل تسميات مثل “عبد عبادة ” وتشير النقوش في مدينة عبدة جنوب فلسطين إلى أن عبادة هذا الإله قد استمرت حتى 193 ق.م بدلالة وجود نقش على واجه المعبد يربط اسم الملك باسم الإله زيوس. وتقول بعض النقوش الأخرى التي وجدت في المعابد النبطية “ذكرى طيبة لمن يقرأ أمام عبادة الإله”.
كما قدس الأردنيون الأنباط ملوك آخرين على الرغم من كون عبادة أهمهم. فقد كان اسم الملك الحارث الرابع تتقدمه كلمة “عبد – الحارث” للدلالة على التبرك. كما عبدوا الإله مالك ( ا ل ه م ل ك و)، يقول الباحثون بأن تعظيم وتقدير الأبطال وحبهم هو ما دفع بالأردنيين الأنباط لعبادة الملوك والأسلاف بحيث جُعل الملك البطل رمزا تحتذي به سلالته من بعده.
المدينة المعبد
عبد الأردنيون الأنباط هؤلاء الآلهة وكان لهم معبودات أخرى ثانوية الأهمية، فقد ذكرت النقوش العديد من الآلهة مثل هبلو وربة هيرابولس ولكنها لم تكن بأهمية الآلهة الرئيسة السابق ذكرها، كما أنها وفدت من حضارات أخرى كالرومانية والإغريقية في وقت متأخر نسبيا من تاريخ المملكة النبطية.
ارتبط بعض هذه الآلهة الثانوية بالزراعة وبعضها بالعلم وآخر بقضاء الحاجات. وخضعت الديانة النبطية الأردنية لتحولات عديدة وفقا لتأثيرات البيئة المحيطة بها من محاولات الغزو والاحتلال والتلاقح الحضاري الحاصل بسبب اتساع النفوذ والتجارة.
كانت الميثولوجيا النبطية الأردنية بداية تفجر طاقات الإنسان النبطي فمنها استلهم النحت في الصخر، فجعل ذو الشرى الصخري يعانق اللات المائية عبر نظام مائي/صخري متفرد لا يتكرر، ومنها نرى أدراجا عملاقة للرقي لآلهة السماء ومذابح وقصور وأضرحة وتماثيل وكأن المدينة النبطية بأكملها معبد مقدس فأينما أقبلوا كان الإله حاضرا. وبهذا ترسم لنا كل زاوية من زوايا المدينة النبطية ملامح الحياة التي عاشها أجدادنا عامرةً بالفن والجمال والتدين.
المراجع
- راسكين، س. (2009) المدن المنسية في بلاد العرب، ترجمة عبد الله الملاح، (ط1). أبو ظبي: هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث.
- الماجدي، خزعل. (2012)، الأنباط: التاريخ، الميثولوجيا، الفنون، (ط1)، دمشق، دار نايا ودار المحاكاة.
- الحموري، خالد. (2002)، مملكة الأنباط-دراسة في الأحوال الاجتماعية والاقتصادية، (ط1)، عمان، بيت الأنباط للتأليف والنشر.
- الروابدة، ندى. (2008)، الحياة الدينية عند الأنباط، رسالة دكتوراة، جامعة دمشق، دمشق، الجمهورية السورية العربية.
- المحيسن، زيدون.(2009)، الحضارة النبطية (ط1)، عمان، وزارة الثقافة الأردنية.
- معبد اللات في تدمر، موقع اكتشف سورية.
English References
Allpas, Peter& John (2011) The Religious life of Nabatea. Doctoral thesis, Durham University
Nabatean Pantheon. Nabatean.net
الهوامش
[1] الزفت أو الأسفلت أو القير أو الحُمًر مادة نفطية ذات لزوجة عالية ولون أسود
[2] (سفر أخبار الأيام الأول 1: 46) وَمَاتَ حُوشَامُ فَمَلَكَ مَكَانَهُ هَدَدُ بْنُ بَدَدَ الَّذِي كَسَّرَ مِدْيَانَ فِي بِلاَدِ مُوآبَ، وَاسْمُ مَدِينَتِهِ عَوِيتُ.
[3] في تفسير الآية الكريمة :وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا” واختلف في اسم هذا الملك فقيل : هدد بن بدد/ تفسير القرطبي