Latest articles
November 21, 2024
November 21, 2024
November 21, 2024
مقدمة
تقدم مؤسسة إرث الأردن سلسلتها البحثية الجديدة المتعلقة بالإرث الغذائي والإنتاجي الأردني تزامناً مع افتتاح مطعم إرث الأردن والذي جاء ليتوّج جهود خمس سنوات من العمل والزيارات الميدانية لمختلف المناطق الأردنية لتوثيق الأطباق الأردنية المصنوعة من منتجات محلية، وطرق إعدادها الأصلية كما عكفت على ذلك الجدّات والسيدات الأردنيات لسنين طويلة، بشكل يضمن استدامة هذا الإرث والحفاظ عليه، من خلال حرص المؤسسة على الحصول على المنتجات من السيدات الأردنيات اللاتي ما زلن يحافظن على أصالة هذه الأطباق ويقمن بإنتاج المواد اللازمة لذلك منزلياً في تسع محافظات أردنية، تتناول هذه السلسلة البحثية كافة تفاصيل المطبخ الأردني، وما يلتصق بعملية إعداد وتناول الطعام من أبجديات الضيافة وطقوس اجتماعية تمتد لتاريخ طويل من الإسهام في الإرث الغذائي الإنساني الممتد لأكثر من أربعة عشرة ألف سنة تاريخ أقدم بقايا خبز تم العثور عليها في العالم على الأرض الأردنية.
تمهيد
يعتبر حليب الضأن والماعز والإبل والبقر المقوّم الأساسي الثاني في الغذاء الأردني بعد الحبوب، ويندر أن يتم شربه طازجاً ولكنه يُقدّم أثناء مواسم الحلب دافئاً ومحلّى أثناء الفطور، ويخضع إلى سلسلة من التحولات في عملية المعالجة، وقد ابتكر الأردنيون عبر العصور أساليب لحفظه واستدامته لاستخدامه طوال العام، فمنه الجميد والكشك والزبدة والسمنة وغير ذلك مما سيتم تناوله في هذا البحث المفصل والذي سيتم التطرق من خلال عناوينه إلى الثروة الحيوانية وأهميتها في المجتمع الأردن وسلوكياته الإنتاجية، مروراً بطرق استدامة موارد هذه الثروة واستثمارها، وصولاً لطرق حفظ منتجاتها وتطويرها واستخدامها في الأطباق المتنوعة التي تشكّل جزءاً كبيراً وهامّاً من المطبخ الأردني الغني بالوصفات والمكونات والنكهات.
الثروة الحيوانية في الأردن
في مجتمع انتاجي مزيج ما بين الفلاحة والبداوة كما تم شرحه في بحثنا السابق: ديموغرافيا الهوية الغذائية الأردنية، يُنظر للثروة الحيوانية بأهمية توازي الأرض وذلك في مشهد آخر من تجلي قيم الإنتاجية لدى الأردنيين القدماء الذين كانوا من أوائل المجتمعات الإنسانية التي قامت بتدجين الحيوانات للاستفادة منها، وذلك في منطقة عين غزال الأردنية، والتي تعتبر شاهدة على أهم التحولات الجذرية في حياة المجتمعات البشرية والأنماط المعيشية للناس مع بداية الألف العاشر قبل الميلاد، بعد أن بلغت قرى الصيادين، وتَمثل هذا الانعطاف في الانتقال من حياة الصيد وجمع القوت والتنقل إلى التدجين والزراعة والإنتاج والاستقرار في قرى ثابتة، تعتبر عين غزال أقدمها، ويقع موقع عين غزال، الذي شهد نشأة أول مجتمع زراعي منظم عاش قبل حوالي عشرة آلاف عام، في المنطقة الشرقية من العاصمة عمّان. وتشكل هذه المنطقة نقطة التقاء بين سكان المناطق الجبلية في الغرب والبادية الأردنية في الشرق.
وعلى مر العصور، حافظ الأردنيون على الثروة الحيوانية وأحسنوا استدامتها واستخدامها وتدبيرها بما يلبي احتياجاتهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتعلقة بالزراعة من حراثة الأرض ودراسة المحاصيل للحصول على الغذاء وصولاً للأمن والمحافظة على مناطقهم في ظل هجمات احتلالية استعمارية متتالية، وصولاً لاستخدامها في التنقل وحتى في المناسبات والطقوس الدينية قبل الديانات السماوية وما بعدها وكذلك فيما يتعلق بالمناسبات الاجتماعية من المهور وطعام الأفراح والأتراح، وحتى فيما يتعلق بالمخلّفات التي يتم استخدامها كأسمدة عضوية أو مصدراً للطاقة، ونستعرض أدناه أبرز وأهم عناصر الثروة الحيوانية في الأردن:
- المواشي:
تنتشر تربية المواشي في مختلف أنحاء الأرض الأردنية، وتمتاز المناطق السهلية بتربية الأغنام فيما تكثر تربية الماعز في المناطق الوعرة والجبلية لمقدرتها على التسلّق والتكيّف مع تضاريس تلك المناطق، وقد استفاد الأردنيون من المواشي بكامل تفاصيلها، فمن ألبانها ولحومها صنعوا الغذاء وطوروا منتجات الحليب بشكل يضمن إمكانية الاستفادة منها طوال العام وهو ما سيأتي ذكره لاحقاً بالتفصيل ضمن هذا البحث، واستفادوا من صوفها في لباسهم وأثاثهم المنزلي، وأما من جلودها فقد صنعوا الأحذية والفراء والأدوات المنزلية اللازمة لعمليات تحضير الغذاء.
- الإبل
وجدت الإبل في الأردن بأعداد كثيرة، وقد استُفيد منها في التجارة والتنقل والحرب لخفتها في الحركة وتحمّلها للمسافات الطويلة والأحوال الجوية الصعبة، ولما كانت العشائر الأردنية قديماً هي المسؤولة عن تنظيم قوافل الحج وحمايتها وتأمين الحجيج وتلبية احتياجاتهم، من خلال استلامهم من مناطق شمال حوران الأردنية وصولاً للمدينة المنورة جنوباً، في رحلة تتضمن تأمين النقل والحماية والمأكل والمشرب والإقامة في النزل التي تم بنائها على امتداد طريق الحج الملوكي التاريخي بفاصل مكاني يبلغ حوال 50 كم وهي المسافة التي تعادل مسير الإبل في اليوم الواحد، وحتى اليوم توجد فرقة خاصة من القوات المسلحة الأردنية هي فرقة الهجّانة التابعة لقوات البادية الأردنية والتي كانت نواة تأسيس الجيش الأردني.
كما استخدم الأردنيون حليب الإبل ( النوق ) ، وقدموا لحم الإبل في المناسبات الكبيرة ، وفي ولائم عزاء كبار الشيوخ، وفي استقبالهم لكبار الضيوف والوجهاء لديارهم ومضاربهم.
- الأبقار
اهتم الأردنيون بتربية الأبقار، للاستفادة من لحومها، وحليبها ومشتقاته حيث تمتاز الأبقار بوفرة حليبها طوال العام على عكس المواشي التي يتوفر حليبها خلال مواسم معينة، كما استفادوا من الأبقار والثيران في حراثة الأرض ودرس المحصول وجرّ العربات.
- الحمير والبغال
اهتم الأردنيون بتدجين الحمير والاستفادة منها لحاجتهم لها في التنقل وحمل الأثقال وخصوصاً المياه في ظل مرحلة غياب الدولة والخدمات خلال الاحتلال العثماني، كما استخدمت في بعض مجالات الزراعة حيث تتطلب بعض الأراضي حراثة خاصة باستخدام هذه الحيوانات تبعاً لحجم الأرض ومساحتها وتضاريسها ونوع المحصول، كما كانت الحمير تؤجر لنقل البضائع، وتعتبر خياراً اقتصادياً أقل تكلفة مقارنة بالخيول والجمال.
- الخيول
ينظر للخيل في الأردن بكونها رمز للفروسية والشهامة والشجاعة، وللخيل رمزية خاصة في وجدان الأردني وأهمية لا تقل أهمية عن الشرف والعرض، وترتبط بها الكثير من الأمثال والقصائد والقصص في الذاكرة والموروث الشعبي الأردني، وقد استخدمت الخيل في الحرب والتنقل، وكانت هناك منافسة لا تقل عما هي عليه اليوم في عمليات بيع وشراء الخيل الأردنية الأصيلة، ولم يقتصر حب امتلاكها على الرجال فقط، بل تعدّى ذلك ليشمل النساء والسيدات وفقاً لما تشير له سجلات دفاتر الضرائب العثمانية كما أن الشراء كان يتم أحياناً على جزء من الفرس أو الحصان بالشراكة مع الآخرين، وتوجد فرقة خاصة بالخيّالة ضمن تشكيلات القوات المسلّحة الأردنية حاليا.
- النحل
تشير الكثير من سجلات دفاتر الضرائب العائدة لفترة الاحتلال العثماني أن الأردنيون قاموا بتربية النحل في مناطق عديدة خلال العقود الماضية، وقد ورد في هذه السجلات الإشارة للقواديس والتي تعني خلايا النحل، ولأجران النحل، مما يدل على اهتمام الأردنيين بهذه المادة الغذائية وفوائدها الكثيرة.
- الطيور الداجنة
تنوعت اهتمامات السكّان في تربية الطيور الأليفة والداجنة، كالدجاج والأوز والحبش وغيرها، وذلك بهدف الحصول على لحومها وبيضها أو حتى لمجرد التسلية والاهتمام بها.
- الحيوانات والطيور البرّية
بالإضافة للحيوانات الأليفة والمدجنة، أشار الكثير من المؤرخين والرحّالة الذين زاروا المنطقة الى العديد من الحيوانات والطيور البرّية، ومنها: الغزلان، وبقر المها، والماعز البرّي (البدن)، والثعالب، والنمور، والفهود، والذئاب، والخنازير البرّية، والضباع، ومن الطيور: الحباري، والحمام، والنعام، والحجل، والقطا.
الرعي
نظراً لأهمية الحيوانات عموماً والمواشي خصوصاً في الاقتصاد الأردني الإنتاجي، أنشأ الأردنيون منظومتهم الاجتماعية الخاصة بهم لإدارة شؤونهم الاقتصادية هذه فوضعوا القواعد والمهام والقوانين والعادات التي تحكم تعاملاتهم المتعلقة بـ “الحلال” وهي لفظة أردنية تعني المواشي في إشارة لأهمية ومكانة وقداسة الثروة الحيوانية كوسيلة للعيش والبقاء، وكانت عملية تربية المواشي والاعتناء بها على شكل “قطعان” مفردها قطيع ويتكون بالمتوسط من مائة رأس يتوكل راعي بمهمة حمايتها والسير بها للمراعي الخصبة في رحلة تمتد لأسابيع، ويحرص الرعاة على إبقاء المواشي في المناطق المنخفضة والدافئة خلال أشهر الشتاء والخريف ويحتمون بالمغر من البرد القارص، وفي أشهر الربيع والصيف يخرج الناس بمواشيهم الى المناطق المرتفعة.
وتعتمد عمليّة توظيف الرعاة على عدد الأغنام فإذا كثر عددها (أكثر من 150 غالباً) يتم تعيين راعيين، واذا قلّ العدد وكان متوسطاً يُكتفى براعِ واحد ويمكن ان يتشارك أبناء القرية راعِ واحد لكل مواشيهم اذا كانت قطعانهم صغيرة، ويحصل مقابل عمله لمدة عام في العادة على “فطيم – من الفطام وهو صغير الغنم حديث الولادة الذي انقطع شربه للحليب وبدأ بتناول الأعلاف ” و 10 شياه، بالإضافة لحصوله على “منايح – من المنحة بدون مقابل” وهي المواشي التي تمنح لفترة مؤقتة لأهل الراعي بغرض رعايتها والاستفادة من حليبها ولبنها وسمنها وصوفها، ويمنح الراعي كذلك الكسوة التي تشمل اللباس والحذاء، وفي الموسم يعود الراعي بأغنامه لبيت صاحبها ليتم حلبها، أما اذا انتهى الموسم فيبقى الراعي مع الحلال في مناطق التعزيب ويتم تزويده بالغذاء والزوّادة من قبل صاحب الحلال.
أما الإبل فلا تحتاج الى الرعي بشكل عام، وكانت تسمّى “إبل همال” حيث يتركها صاحبها في المرعى ويتفقدها بين الحين والآخر وفي ذلك دليل على الثقة والأمان الذي كانت تمنحه المنظومة الاجتماعية لأفرادها، وتوسم المواشي والإبل خصوصاً بوشم العشيرة الخاص، وتمنع قيم الأردنيين الاعتداء على الابل التي ترعى بعيداً عن أصحابها، كما كان يعتبر امتلاك الإبل دلالة على الأصالة، وكانت العشائر الأردنية البدوية تتمايز في عدد الإبل التي تمتلكها، فالأسرة العادية تمتلك حوالي 10 رؤوس بينما الأسر الأقوى مكانة كانت تمتلك ما بين مئة وثلاثمائة رأس منها.
أنظمة التكافل الاجتماعي
في ظل حالة غياب الدولة خلال أربع قرون من الاحتلال العثماني أنشأ الأردنيون العديد من أنظمة التكافل الاجتماعي التي تتضمن مساعدة الفقراء والمحتاجين بطريقة تحفظ كرامتهم، وهنا نستعرض بعض هذه الأنظمة المتعلقة بتربية المواشي وآليات إدارتها واستدامتها وكيفية تشارك الموارد في الاقتصاد الأردني الإنتاجي:
- المنايح: يعطي للشخص الميسور الفقير عدداً من رؤوس الماشية في بداية موسم الحلب (رأس أو رأسين)، وذلك للاستفادة من انتاجها من الحليب ومشتقاته، وغالباً ما تصبح هذه الأعطية دائمة ولا تسترد.
- العدايل: وفيه يمنح الشاوي (مالك المواشي الكثيرة)، الشخص المحتاج عدداً من الأغنام يصل لعشرة للاستفادة من حليبها ومشتقاتها ومواليدها الذكور، بينما تعود المواليد الإناث إلى الشاوي.
- شاة الوحدة: تعطى للفقير كزكاة ولا تسترد.
- وهناك نظام الشراكة الذي يفوض فيه صاحب الحلال راعياً للاعتناء بأغنامه مقابل نصف الإنتاج من الحليب والصوف والشعر ونحوه وكذلك المواليد.
- الفلاج / الخدامة: وهو من أساليب المشاركة الرعوية وفيه يأخذ شخص عدد من رؤوس الحلال من صاحبها ويقوم بالاعتناء بها مقابل ثلث انتاجها من الحليب ومشتقاته، بينما باقي الإنتاج من الصوف والمواليد يكون لصاحبها.
- ذبائح الولائم وأنواعها
في مجتمع قائم على الاقتصاد الإنتاجي لن يكون من السهل التضحية بوسائل الإنتاج بشكل عبثي وغير محسوب وبدون ضمان الاستدامة للموارد، الشحيحة أصلاً، فكان اللحم لا يعتبر جزءاً من الوجبات اليومية للأردنيين لإتاحة الفرصة للاستفادة من المواشي كمصادر للإنتاج بدلاً من كونها موضع للاستهلاك أما طعام الولائم والمناسبات الخاصة فيتضمن اللحم كمكوّن أساسي، كما جاء في بحثنا السابق عن أبجديات الضيافة في قاموس الكرم الأردني، وفي ذات القاموس نجد أن الذبيحة لدى الأردنيين مرتبطة بِبُعد ميثولوجي صريح وحتى بالنظر في العادات الإيمانية نجد ان الذبيحة تحتل الموقع المركزي فيها قبل الصلاة والصيام ف قد تجد من هو غير ملتزم دينياً بهذه المهام والفروض لكنه يقوم بالذبح والتضحية خلال الأعياد والمناسبات الدينية، والذبيحة الدينية مرتبطة بمناسبات محددة قليلة التكرار، بينما ذبيحة إكرام الضيف هي الأكثر تكراراً واحتمالاً ولا ترتبط بمناسبة معينة أو حدث ما، بل هي جائزة للمعزبين الذين بقيامهم بواجب الضيافة المقدس يربحون مناسبة أخرى لتناول الذبيحة واللحم، وهنا نستعرض مناسبات الذبائح الأردنية التي حصرها العلّامة روكس بن رائد العزيزي على النحو التالي:
- المسكن: ذبيحة العقد، ولاحقاً ذبيحة الباطون، ذبيحة الصبّة (سقف البيت)، ذبيحة البيت- الدار- العتبة عند السكن في بيت جديد، ذبيحة النزل – الجيرة للجار الجديد.
- في الزراعة: ذبيحة الحصيدة، ذبيحة البيدر، ذبيحة الجورعة (عند نهاية الحصيدة تترك بواقي الزرع للفقراء وتذبح لهم ذبيحة)، ذبيحة الطاحونة.
- العرس: ذبيحة الجاهة، ذبيحة الفاردة، ذبيحة القرى، الدخلة، الزوّارة (زيارة العروس لأهلها).
- المولود: ذبيحة المولود ذكراً أو أنثى بدون تمييز، وتسمّى عقيقة – ذبيحة الطهور عند المسلمين، وذبيحة العماد عند المسيحيين، وبالنظر لعادات شعوب دول الجوار نجد أن هذا النوع والذبائح غير متعارف عليه لدى المسلمين والمسيحيين على حد سوّاء إلا في الأردن، مما يعني خصوصية وأردنية هذا الموروث أكثر من كونه موروث ديني، ويستدل على ذلك من خلال وجوده وذكره في سجلات الأردنيين الغساسنة مما يرجّح أن يكون هذا الفعل طقساً أردنياً غسّانياً في الأصل وحافظ عليه الأردنيون لاحقاً رغم اختلاف دياناتهم.
- الغنم والحليب: ذبيحة متعلقة بمواسم الرعي والإنتاج.
- المعاملات: ذبيحة الشراكة (في التعاملات المالية، عند القيام بصفقة او اتفاق شراكة بين شخصين على نية التوفيق) ، ذبيحة الصفاح (في التعاملات الاجتماعية تتم هذه الذبيحة بعد الاتفاق على الخطبة ومصافحة والد العريس ووالد العروس)، ذبيحة الكسب (ذبيحة ما بعد الانتصار والفوز في معركة).
- الدين والمعتقدات: ذبيحة الضحية (عيد الأضحى)، ذبيحة سماط الخضر (نسبة لسيدنا الخضر الموجودة مقاماته في عدة مناطق أردنية أهمها السلط والفحيص)، ذبيحة سليمان بن داهود، ذبيحة دانيال، ذبيحة الحليّة، ذبيحة النذر.
- الموت: ذبيحة القبر وولائم العزاء ويكون رأس الذبيحة منكّس للأسفل دلالة على الفقد والحزن.
- الفرس: عند شراء الفرس.
- الضيف: عند قدوم الضيف وهي أحد أهم أركان عملية الضيافة.
الحليب والألبان بأنواعها
يستخدم الحليب ومنتجاته بكثرة في المطبخ الأردني، وكما أوردنا سابقاً أنه قلّما يُشرب طازجاً إلا أنه يقدّم في موسم الحلب دافئاً ومحلّى أثناء الفطور، ويستهلك أكثره معالجاً حيث يخضع الى سلسلة من التحوّلات، في سياق هذه العمليّة التي سنقوم بتتبعها وتوضيحها في سياق هذا الجزء من البحث، وتعتمد وفرة الحليب على عدة عوامل، أهمها المباعدة بين الأحمال بين المواشي للاستفادة من إدرار الحليب لأطول فترة ممكنة، وعلى وفرة الرعي الربيعي، وتمارس الأسر أشكالاً متعددة من عملية الحلب، فمنها من يقوم بالحلب مرتين يوميا صباحاً ومساءاً، ومنها يكتفي بمرة واحدة يومياً، وإجمالاً يتم الحلب مرتين خلال فترة ذروة الموسم (فصل الربيع)، ثم يتم تقليل عدد مرّات الحليب فيما يليه من الأشهر، وقد يطول موسم الحليب حتى شهر تموز في أفضل الأحوال، ولا يتم معالجة حليب النوق (الجمال) إنما يشرب طازجاً أو دافئاً فلا يتم تخثيره ولا مخضه.
أبرز منتجات الحليب:
- اللبن الرائب: يُصفّى الحليب بكيس قماش ويترك جانباً حتى يخثر أو يروب فيصبح لبناً، وتختلف طرق تحضيره تبعاً للمنطقة، فيقوم البعض بغليه والآخر يكتفي بدون ذلك، وكذلك الحال فيما يتعلق بإضافة “روبة” وهي كمية من لبنة معدّ سابقاً لتسريع عملية التخثر / الترويب، ويعتمد الوقت الذي يحتاجه اللبن حتى يتشكّل على الأحوال الجوية السائدة ويستغرق ذلك أحياناً ساعات أو يستمر لنحو ثلاثة أيام.
- اللبنة: يتم وضع اللبن في كيس من القماش يسمى “خريطة” حتى يتصفى من السوائل ويصبح أكثر تماسكاً ولزوجة وبذلك يشكل اللبنة الحامضة المميزة في المذاق وتشتهر بها محافظة جرش.
- الزبدة: يخضّ اللبن في وعاء مخصص لهذه الغاية يسمى “السّعن” مرفوع على منصب خشبي ثلاثي القوائم “رويجة” مع إضافة الماء البارد أو الثلج إن توفّر، وتستمر عملية التحريك “الخضّ” لمدة ساعة تقريباً حتى تتشكل من الزبدة كريّات صغيرة ثم تضغط لتكوّن كتلة جامدة.
- لبن المخيض/ الشنينة: هو السائل منزوع الدسم وهو الناتج المتبقي من عملية استخراج الزبدة ويمكن خزنه طويلاً ويستهلك شراباً أو في إعداد المنسف.
- السمنة: هي زبدة مصفّاة يستخلص منها الماء إلى حد بعيد، ثم تمزج بالمنكهات وكلما قل مقدار الماء في الدسم زادت إمكانية خزن السمنة لمدة أطول، ويمكن ذلك من خلال سلسلة من عمليات التصفية والتسخين والتبريد والقشد وإضافة الطحين أو الجريشة، وكذلك الأعشاب التي تلوّن السمنة وتمنحها النكهة عبر عملية ( التحويج )، وتختلف هذه الأعشاب باختلاف المنطقة مما يكسب السمن خصائص وسمات إقليمية ومنزليّة، ومن أهم النباتات المستخدمة: في حواجة السمنة: الفيجن، والحندقوق، والعصفر وغيرها.
- الجميد: يُعدّ من لبن المخيض الذي يُغلى ثم يخثّر ويصفى بكيس قماش ما بين يومين الى ثلاثة أيام، ويعجن بالملح قبل نقله إلى كيس آخر أكثر رقّة، ويثقل عليه بحجر حتى يتصفّى تماماً، ثم يجعل على شكل أقراص ويتم تجفيفه في مكان مشمس، ويحتوي الجميد على كمية قليلة من الدهن، بينما يحتوي على نسبة عالية من البروتين استناداً لتحليلات تم اجرائها على عينات من الجميد.
- الكشك: وهو مزيج من الحبوب، ومشتقات الحليب من خلال إضافة البرغل الناعم “السميد” إلى الشنينة، وجعلها أقراصاً حتى تجف.
- الجبنة المالحة: يستعمل الحليب مع إضافة مادة “الإنفحة” التي تؤخذ من معدة الماعز أو الخروف يوم ولادته أو من بعض المكونات النباتية مثل عصارة التين، وتساعد عند إضافتها للحليب الساخن أو الدافئ، على تخثّر الحليب بشكل سريع فيما بين 15-30 دقيقة ثم تعجن الخثارة وتوضع على قطعة قماش، وتضغط تحت أثقال لتصفية السوائل ويحفظ الجبن لاحقاً في ماء شديد الملوحة للحفاظ عليه وتخزينه.
أطباق أردنية بمنتجات الحليب :
- المنسف
- الرشوف
- المجللة
- الهيطلية
- المحاشي البردقانية
- الكشكية
- فطائر الكشك
- التشعاتشيل
فرصة للتذوق
كل هذه الأطباق وغيرها يمكنكم الاستمتاع بتجربتها في مطعم إرث الأردن، والذي تم افتتاحه مؤخراً بعد رحلة بحثية استمرت لأكثر من 5 سنوات في المطبخ الأردني والهوية الغذائية تم جمع أكثر من 63 طبق متنوع من مختلف المحافظات الأردنية ويتم إعدادها بمنتجات غذائية عبر سيدات المجتمع المحلي من 9 محافظات وعلى يد أمهر الطهاة من أبناء هذه المناطق.
المراجع
- حتّر، ناهض & أبو خليل، أحمد (2014) المعزّب ربّاح، منشورات البنك الأهلي الأردني. عمان:الأردن
- بالمر، كارول (2008) الفلاحون والبدو في الأردن: دراسة اثنوجرافية في الهوية الغذائية، تعريب عفاف زيادة, مؤسسة أهلنا للعمل الإجتماعي والثقافي.عمان: الأردن
- العبادي، احمد (1979) المناسبات البدوية، عمان: الأردن
- العبادي، أحمد (1994) المناسبات عند العشائر الأردنية، دار البشير.
- العزيزي، روكس (2012) الطبعة الثانية، الجزء الثالث، معلمة للتراث الأردني، مطبعة السفير، عمان: الأردن
- فريق باحثين (2013) أطلس الأردن – التاريخ، الأرض والمجتمع، المعهد الجغرافي الملكي والمعهد الفرنسي لدراسات الشرق الأدنى، عمان: الأردن