المسار الثامن لمعارك التحرير- غور المزرعة

By Published On: June 21, 2016

المسار الثامن لمعارك التحرير – غور المزرعة

10.indd 

تاريخ التنفيذ :   28  كانون الثاني 1918

 خط المسير الجغرافي لقوات الثورة : الطفيلة – مؤتة – غور المزرعة

تمهيد

     بعد اتمام تحرير الطفيلة فى في 15 كانون الثاني 1918 م  وبعد النصر الكبير الذي تحقق فى 25 كانون الثاني من عام  1918 م، قررت قيادة الثورة العربية الكبرى على الأرض الأردنية  الاندفاع نحو الشمال لتأمين خط المرتفعات من الطفيلة وحتى وادي الحسا ثم جبال مؤاب، وان يكون الهدف في هذه المرحلة هو ميناء غور المزرعة المحتل من قبل القوات التركية و الذي تتواجد فيه مفرزة تركية وقوارب إمداد تنقل المعدات والتموين إلى شمال البحر الميت ومن هناك لتنتقل إلى الجبهة العسكرية التركية في وسط وشمال فلسطين .

139

قوات الثورة العربية الكبرى على إحدى مرتفعات الطفيلة أثناء عمليات تطهيرها من الاحتلال التركي و تظهر الدخان المتصاعد من البيوت جراء قصف المدفعية التركي و النمساوي

طريق تقدم قوات الثورة

تقدمت قوات الثورة و مقاتليها بقيادة الشريف عبدالله بن حمزة الفعر وانطلقت من الطفيلة يوم 26/1/1918 م  ولم تصادف في طريقها أية اعاقات عسكرية كبيرة سوى اشتباك بالرشاشات جرى فى سهل مؤته بالكرك، وهو الاشتباك الوحيد الذى يسجل خلال عمليات الثورة العربية الكبرى فى منطقة الكرك .

 خطوط عمل الثورة العربية الكبرى بعد معركة الطفيلة 25/1/1918 م
    

     ان القارئ لعمليات الثورة العربية الكبرى يجد انها عمليات تحرير ومسك الارض والسير فى خطوط متماسكة تضمن التنسيق المتواصل والإسناد المتبادل بين قوات الثورة ، لذلك فعند قراءة خريطة التحرك لمقاتلي الثورة ، انطلاقا من جنوب الأردن نجد هذا التحرك يسير فى الخطوط التالية التى تتجه جميعا شمالا :

أ . الخط الشرقي الذي ينطلق من جنوب معان باتجاه الجفر ثم باير فالأزرق والذي انتهى بتحرير قوات الثورة و فرسان العشائر الأردنية لكافة الأراضي الأردنية من الاحتلال العثماني.

ب . الخط الاوسط الشرقي : والذي يبدأ من أبي اللسن فمعان فالجردونة ثم إلى عنيزة وجرف الدراويش والحسا وهو خط يركز على التأثير على مواصلات الأتراك و خط سكة الحديد العثماني المستخدم لنقل الجنود و أسرى العشائر الأردنية و الخشب الذي تم تقطيعه من أشجار الشوبك ووادي موسى و المؤن التي تم نهبها من المدن الأردنية .

 ج . الخط الاوسط الغربي : وهو الذي يبدا من المريغة ثم دلاغة فالراجف إلى الطيبة ثم إلى وادي موسى فالطفيلة وشهد هذا الخط معارك حاسمة وقوية جدا خاصة وان هذا الخط يمسك اكتاف وادي عربة الشرقية .

د . الخط الغربي وهو الذي يبدأ من العقبة عبر وادي عربة فإلى غور الصافي ثم غور المزرعة وصولا إلى اريحا وهو خط حيوي لالتقائه المباشر مع خطوط تحرك قوات الحلفاء في فلسطين وهو يمثل منطقة الغلق في الجنوب والذي يبدأ من تحرير العقبة و الذي تم في 6 تموز 1917م لتكتمل حلقة الغلق هذه في 28/1/1918 م بتحرير غور المزرعة .

أهداف عملية غور المزرعة

9.indd

خنادق جيش الاحتلال التركي في ميناء البحر الميت عام 1918

لقد مثلت عملية غور المزرعة بعدا جديدا في تطوير نمط العمليات العسكرية لقوات الثورة وقد أظهرت هذه العملية :

أ . بُعد الرؤيا في في وضع الخطط العسكرية لتشمل ساحة العمليات بأكملها وبجميع اطرافها .

ب . قدرة فرسان العشائر الأردنية و قوات الثورة على استثمار النجاح حتى النهاية ، فقد كانت عملية غور المزرعة بعد ( ٣ ) ايام فقط  من هزيمة الجيش التركى فى الطفيلة و اندحاره عنها مكسورا ، فجاءت هذه العملية لكسب الوقت واستغلال الاندفاع القتالي لمقاتلي الثورة بعد النصر.

ج . التصميم على تحقيق الأهداف الموضوعة لتحرير الأرض الأردنية والسيطرة عليها تمهيدا لانشاء كيان سياسي مستقل عن الاحتلال العثماني ودولة الخلافة المزعومة .

 أهمية ميناء غور المزرعة

10.indd

سفن شراعية و قوارب في الميناء على شاطئ البحر الميت عام 1922

تأتي أهمية هذا الميناء من كونه يؤدي المهام الوظيفية التالية وهي :

أ . نقل المؤن والذخيرة من العقبة عبر وادي عربة إلى ميناء غور المزرعة ومن ثم نقلها بالسفن عبر البحر الميت إلى المنطقة الشمالية و المدن الفلسطينية لتوصيل هذه الإمدادات للقوات التركية المحتلة في نابلس واريحا والقدس وكذلك استقبال الإمدادات التي تصل عبر موانئ البحر المتوسط إلى شمال البحر الميت ثم إليه لتوزيعها وايصالها للقوات المرابطة في نابلس واريحا والقدس وكذلك استقبال الإمدادات التي تصل عبر موانئ البحر الأبيض المتوسط إلى شمال البحر الميت ثم اليه لتوزيعها وايصالها للقوات التركية المحتلة في الكرك وجنوبا حتى العقبة عبر طرق وادي عربة المؤدية إلى الطفيلة وهذه الطرق لا زالت موجودة لغاية الان .

ب . استخدامها كمنطقة عسكرية تتألف من حامية عسكرية تتكون من حوالي (60 جنديا تركيا) كقوة استخبارية لجمع المعلومات ، وكقوة يمكنها اخراج الدوريات لمراقبة طريق غور الذراع — الكرك من منطقة الأغوار ، والحامية التركية المحتلة كانت تتمركز في الحصن العسكري الذي يرتفع فوق تل يبعد حوالي 1500 متر عن الشاطئ لجهة الجنوب .

حجم الميناء

أما عن حجم الميناء ولدى زيارته واستطلاع المنطقة حسب ما يؤكد المؤرخ الدكتور بكر خازر المجالي فانه لم يعثر على أثر لأرصفة  التحميل والتنزيل وذلك متوقع خاصة و انه على  مدى 80 عاما تقريبا تراجع ساحل البحر الميت لأكثر من ٢ كلم في رأس البحر الجنوبي في منطقة نهاية اللسان، حتى أصبح موازيا لطرفه الجنوبي كل ذلك بفعل عوامل طبيعية أولا وبفعل التجفيف لغايات استخراج المعادن خاصة وان اسرائيل تستغل بالبحر الميت منذ الستينات، لانتاج البوتاس والأملاح الأخرى في مصنعها على الرأس الجنوبي قبالة المصنع الأردني الذي بدأ  انتاجه الفعلي في مطلع الثمانينات ويبدو ان حجم هذا الميناء هو من النوع الصغير، بدليل سعته لعدد من الزوارق، حيث ذكر الأمير زيد في مذكراته وضمن رسالة منه إلى الأمير فيصل ما يلي : ” وأغرق فيه 6 سفن شراعية “، ويبدو انها كانت كميناء على بحر داخلي يتميز بمحدودية المد و الجزر وانخفاض ارتفاع امواجه وسكون مائه وضحالة الماء في شواطئه  التي انحسرت أيضا لما يزيد عن  100 متر .

موقع الميناء و شكله

          و من دراسة المؤرخ الدكتور بكر المجالي لخرائط المنطقة و المعلومات حولها ومن بقايا السفن التركية فى المنطقة فقد تحدد موقع الميناء في الطرف الشرقي لمنطقة اللسان هذه التي تمتد لمسافة 1 كلم عرض من الشرق ولمنطقة اللسان المرتفعة وهي عريضة فعلا، تتوفر لديها الحماية الطبيعية من المرتفعات الحادة المحيطة بها من جهة الشرق وتستند على منطقة سهلية يعلوها فى الوسط أكمه، حيث هي الرصيف المحتمل للتنزيل والتحميل والذي استخدمته شركة البوتاس كميناء لانزال القوارب لغايات التجارب العلمية بالدرجة الاولى ونفس المنطقة هى الان كمنتزه تديره شركة البوتاس .

         وكان الحصن التركي أو المركز العسكري التركي يقع لجهة الشمال بحوالي 1500 متر وهو بمثابة خط دفاع أول عن منطقة الميناء، وهذا الحصن متهدم حاليا واستخدم حتى فترة قريبة كمركز أمني للأمن العام الأردني  .

13518273_907583476053448_1137348716_o

أحدث الصور الملتقطة للمركز العسكري التركي ” الحصن “، وتظهر تهدم اسوار الحصن و الرميات على جداره

          ويربض هذا الموقع فوق ربوة ترتفع حوالي 60  مترا عن الأرض المحيطة بها ويؤمن المراقبة البعيدة لمنطقة اللسان ولمسافة بعيدة لجهة الجنوب والغرب وتبلغ مساحة هذا الحصن حوالي 600 متر مربع فهو بطول 30 متر تقريبا ” شرق غرب” ، و 20 مترعرض ” جنوب شمال” وهو بناء من طابقين وتكثر في  الجدارالقائم حاليا في جهته الشمالية فتحات الرمي.

13499580_907583469386782_278658281_o

صورة للربوة التي يربض عليها الحصن التركي من بعيد

واختيار هذا الموقع جاء ليحقق أكثر من غاية عسكرية للقوات التركية المحتلة كالسيطرة على الأرض المحيطة وتوفر ميادين الرمي لجميع الجهات والمراقبة الجيدة وحماية الميناء في الشمال منه .

13509847_907583489386780_1110601146_o

صورة لجدار المركز العسكري التركي و تظهر فيه آثار التهدم و الرميات

بقايا الميناء

أما بقايا الميناء الذي استخدمته القوات التركية المحتلة فقد كانت عند زيارته من قبل المؤرخ المجالي فى3/2/1994    18/12/2001 ومن ثم من قبل فريق الفرس الشقراء هي كالتالي :
أ . بقايا حطام زورق من النوع المتوسط الذي يستخدم البخار حيث ان الحجرة البخارية لا زالت ظاهرة في الحطام .

ب . هيكل شاصي السفينة  يقع إلى الشرق قليلا من حطام السفينة السابقة وقد ظهر هذا الهيكل بين الأشجار الكثيفة الصنوبرية التي نبتت في داخل الهيكل بحيث أصبح من الضروري تقطع هذه الاشجار واجتنانها قبل تحريك الهيكل  من مكانه .

ج . الرصيف المرتفع عن سطح البحر بحوالي ٥ متر وهذا بالقياس الحالي وقتها وهو أقل من هذا الارتفاع اذا ما اعتبرنا الانحسار للمياه وانخفاض الارتفاع فيه .

د .  بقايا جنزير لربط السفن وتأمينها ، مثبت على بكرة يدوية يعتريها الصدأ  الشديد  وتركب المجموعة كاملة على قاعدة  حديدية مثبتة في الارض .

 التخطيط للهجوم على ميناء غور المزرعة

  كان التفكير فى تحرير غور المزرعة سابقا للعملية العسكرية  فى الطفيلة في 25/1/1918 م   فقد ظهر في أوراق  الأمير زيد من مذكراته رسالة وجهها الأمير زيد  نفسه إلى الأمير فيصل بتاريخ 22/1/1918 م  يشرح فيها خطط العمليات المقبلة ،  وعن غور المزرعة فهو يقول : ” أما الشريف عبدالله بن حمزة فأملي ان ينزل إلى غور المزرعة في هذين اليومين ويقطع المواصلات التركية للكرك مع أريحا عن طريق بحر لوط “، لذا فان خطة احتلال غور المزرعة هي من وضع وتفكير الأمير زيد بن الحسين، أما قائد العملية فقد كان الشريف عبدالله بن حمزة الفعر، ولقد كان التخطيط فى الطفيلة حيث كانت هي مركز القيادة لقوات الأمير زيد بعد الدخول إليها في 15/1/1918 م  حيث تحركت القوات في جميع الاتجاهات لتأمين المنطقة عسكريا ومراقبتها فكانت مفرزة الشريف مستور في وادي الحسا وكانت تلك القوات التي ذهبت للاتصال  مع قبائل الكرك والتي تمكنت من الاستيلاء على رشاش في عملية قرب سهل مؤته وكان التجهيز لعملية غور المزرعة من ضمن العمليات لإكمال تحرير المنطقة  فى القاطع الاوسط والغربي .

فقد عين الشريف عبدالله بن حمزة ليقود هذه العملية وليقوم بالاتصال مع عشائر المنطقة وعشائر شمال الكرك تحديدا لنشر رسالة الثورة، وليواصل تقدمه شمالا  ليكمل المهمة وليحقق الاتصال والتماسك المباشر مع قوات الحلفاء في تلك المنطقة .

    وقد نفذ الشريف عبدالله عمليته هذه بقوة تألفت من سبعين فارسا من العشائر الأردنية، أما حجم القوة فكما تشير المراجع  ومنها مصطفى طلاس في كتابه  الثورة العربية الكبرى ص 242 وسليمان الموسى ومنيب الماضي في تاريخ الأردن بين الماضي والحاضر ص 52 .

مكان انطلاق الحملة على غورالمرزعة

10.indd

مجموعة من الجبال المحيطة بالبحر الميت 1918

يقول مصطفى طلاس في كتابه ص 242 يذكر ما نصه : ( أسند الأمير زيد هذه المهمة إلى عبدالله الفعر الذي اختار لمساعدته في تحقيق الهدف حوالي سبعين فارسا وسار على رأسهم قاطعا الطريق الوعرة بين جبال مؤاب والساحل …)،  أما سليمان الموسى في كتابة تاريخ الاردن بين الماضي والحاضر ص 52 يذكر ما نصه (.. اذ ان الأمير زيد أرسل الشريف عبدالله بن حمزة الفعر  الذي كان يخيم في وادي عربة جنوبي البحر الميت يبلغه انباء الانتصار الذي أحرز في الطفيلة، و يطلب اليه ان يهاجم زوارق الأتراك ومراكبهم في في البحر الميت وكانوا يستعملونها لنقل الحبوب التي يجلبونها من الكرك إلى قواربهم المرابطة عند نهر الاردن ) .

وفي رسالة الأمير زيد إلى الأمير فيصل المؤرخة في 23/1/1918  يذكر فيها (. . اما عبدالله بن حمزة  فاملي ان ينزل إلى غور المزرعة في هذين اليومين ويقطع مواصلات الكرك مع اريحا…..)  وهنا نستنتج من الرسالة ان القوات ستقوم بعمليات نزول من مناطق مرتفعة إلا اذا كان القصد النزول من من قاعدته في وادي عربة إلى منطقة غور المزرعة باعتبارها اخفض من وادي عربة ذاته ….

     أما صبحي العمري والذي كان موجودا في في الطفيلة خلال فترة الهجوم فهو يقول في  مذكراته  ص 183 : (وصلتنا الاخبار ان الشريف عبدالله بن حمزة القعر قد هاجم الشونة التي في غور المزرعة غربي الكرك على شاطئ البحر الميت وهو مركز الجيش التركي، و فيه بعض القوارب والبحارة ينقلون بواسطتها الأرزاق والمهمات بين المدن الأردنية الجنوبية و اريحا و المراكز الاخرى….).

    والهدف من ايراد هذ الروايات المختلفة لتصل إلى حقيقة الموقع الذي نستطيع ان نؤكد انه وادي عربه وعودة إلى تحرير العقبة  فقد تحركت  بتلك الفترة قوات وقادة من شيوخ العشائر الأردنية و ضباط الثورة إلى منطقة وادي عربة مهمتها الاتصال مع العشائر هناك ، وتأمين خطوط الاتصال  مع قوات الحلفاء، خاصة و ان العديد من قوافل الإمداد كانت تأتي عبر وادي عربة  لقوات الثورة وهي تقاتل حول معان في تلك الفترة .

 تنفيذ الهجوم

         تجمع المراجع جميعها تقريبا على نفس سيناريو الهجوم على غورالمزرعة وقد ساعد في نجاح عملية التحرير وحسم المعركة بسرعة تحقيق عنصر المفاجأة فلم يكن الأتراك ليتوقعوا  وصول أي من  قوات الثورة إليهم مطلقا، وحقق النجاح أيضا اسلوب هجوم قوات الثورة بواسطة فرسان العشائر الأردنية الذي لأحدث الصدمة نتيجة لحركة الخيالة بسرعة في جميع الاتجاهات في نفس الموقع وهذا ما أربك العدو التركي العثماني وأفقده التركيز والقدرة على التعامل مع المهاجمين، وكان توقيت الهجوم أيضا ً مهما ً في تحقيق النصر الحاسم وتأكيد عامل المفاجأة والصدمة وهو في فترة الفجر والجنود الأتراك فى حالة استراحة.

كيف بوغت البحّارة الأتراك

نورد هنا ما كتبه مصطفى طلاس ص 242  عن هذا الهجوم بقوله : ( . . يصل مع التباشير الأولى للفجر إلى مقربة من المركز التركي ، وعلى المعسكر الشمالي من الميناء كانت ترسو الزوارق التجارية والشراعية التابعة للأتراك وبالقرب منها بحارتها النائمون على الشاطئ في أكواخ من القصب غير عابئين بشيء، وبدون ان يضعوا أية حراسة قتالية على انفسهم او على عتادهم ، لم يكن هؤلاء البحارة الأتراك ، مستعدين لأية معركة برية فكيف بها تأتيهم على يد فرسان راكبين، لذلك ما كاد هؤلاء البحارة يفتحون عيونهم ليعرفوا ما الخبر حتى رأوا فرسان الثورة يطوقونهم ويدمرون أكواخهم ويستولون على ما في مخازنهم من مؤن وعتاد حربي ثم قفز الفرسان عن خيولهم ثم إلى الزوارق الراسية فثقبوها وأغرقوها واستسلم الأتراك دون أية مقاومة تذكر . . . ) .

9.indd

صورة تذكارية للجنرال التركي المحتل جمال باشا أمام شواطئ البحر الميت عام 1915

      ولعل رسالة الأمير زيد إلى الأمير فيصل المؤرخة في 30/1/1918 م  الصادرة من الطفيلة تعطي أبلغ تعبير حول هذه المعركة حيث يستهلها الأمير زيد (ابشركم ان مفرزة بحر لوط  بقيادة الشريف عبدالله بن حمزة الفعر هاجمت مركز المزرعة وأسرت اثنين وخمسين عسكريا ً تركيا وضابطين واستولت على جميع الذخائر وأغرقت ست سفن شراعية تركية ….) .


النتائج

كان النصر في غور المزرعة على درجة من الأهمية لقوات الثورة، و فيه أكملت قوات الثورة غلق منطقة الجنوب حتى العقبة أمام القوات التركية المحتلة، وأمنت الاتصال مع قوات الحلفاء للسير معا باتجاه الشمال وجاءت هذه المعركة وفقا لخطط قيادة جيش الثورة وهذا اورده نصا مصطفى طلاس ص 242 في كتابه الثورة العربية الكبرى بقوله :  (…وهكذا تم في 28/1/1918 تعطيل حركة النقل التركية عبر البحر الميت قبل اسبوعين من التاريخ الذي حددته قيادة جيش الثورة …)

 وهذا ما يعطي وقتا أفضل للتخطيط للعمليات القادمة، وقد كانت النتائج كما يلي :

أ . كاتبت- أي راسلوه و أعلنوا دعمهم للثورة- عشائر غور الصافي الشريف عبدالله بن حمزة  وهذا ما ورد في رسالة الأمير زيد إلى الأمير فيصل 27/1/1918 الصادرة في الطفيلة حيث يقول “اهل غور كتبوا معه…” .

ب . أوجدت هذه العملية هياجا لدى أهل الكرك مطالبين  بسرعة وصول قوات الثورة اليهم ، وهذا ما ورد نصا في رسالة الأمير زيد إلى الأمير فيصل المؤرخة في 30/1/1918 الصادرة من الطفيلة (الكرك في هياج عظيم….) .

ج . حرمان الاحتلال التركي من مصدر تموين لقواته في الكرك وفي الطفيلة وغيرها وقطع طرق الاتصال بين شمال البحر الميت وجنوبه .

د . أسر ما لا يقل عن 60 جنديا ً وضابط تركي وسوقهم إلى العقبة .

هـ . الاستيلاء على مواد تموينية سترسل للقوات التركية المحتلة في معان ، فقد جاء ذكر كميتها فى كتاب سليمان الموسى تاريخ الأردن بين الماضي والحاضر ص 52 بأنها عشرة أطنان من الحبوب .

و . تدمير 6 قوارب تركية على اللأقل تجارية وشراعية .

ز . الاستيلاء على الحصن التركي وتدمير بعض أجزائه في حينها .

     تلك كانت عملية غور المزرعة وهي العملية الأولى والفريدة التي هاجم بها مقاتلو الثورة القوارب والسفن التركية ودمروها واستولوا على مواد تموينية من قوات خفر السواحل التركية لأن كل الهجمات الأخرى كانت ضد قوات  متمركزة أو تتحرك على طول خط سكة الحديد أو حولها.

المراجع :

  • الثورة العربية الكبرى : الموسوعة التاريخية المصورة ، البحث التاريخي والإشراف الدكتور بكر خازر المجالي ؛ فريق العمل فريق الفرس الشقراء ، مركز أرض الأردن للدراسات والنشر، 2011  .
  • الثورة العربية الكبرى : الحرب في الأردن 1917-1918 : مذكرات الأمير زيد / سليمان موسى، دائرة الثقافة والفنون.
  • التاريخ العسكري للثورة العربية الكبرى فوق الأرض الأردنية / بكر خازر المجالي، قاسم محمد الدروع 1995 .
  • المعارك الأولى : الطريق إلى دمشق، صبحي العمري،أوراق الثورة العربية؛ رياض الريس للكتب والنشر، لندن، بريطانيا ؛ ليماسول، قبرص ، 1991،  ط. 1.
  • المراسلات التاريخية 1914-1918 : الثورة العربية الكبرى. المجلد الأول / أعدها وحققها وكتب حواشيها وترجم بعضها سليمان الموسى، 1973.