Latest articles
November 16, 2024
November 16, 2024
November 16, 2024
المسار الحادي عشر – معارك معان
مقدمة :
يورد الرحالة النمساوي “موزيل” توقعه للثورة ضد الأتراك في الأردن اثناء سرده لهية الكرك التي شملت مدن الأردن حتى العقبة جنوباً ولكن في معان وليس الكرك وفي كتابه “شمال الحجاز” يقول أنه : مر بمعان يوم 10 ـ 7 ـ 1910، وقال موزيل: بأن كل شيء في معان يوحي بالثورة وإنها واقعة لا محالة إما في معان أو بين الحويطات الذين سأل عنهم فأخبروه أنهم توجهوا غربا ويستعدون للثورة.
ومع إطلالة عام 1916م بعث الشريف حسين برسالة سرية لرئيس بلدية معان الشيخ ابراهيم الرواد مفادها(أوصيك بأنجالي خيراً وأخبره بالثورة قبل أي كان)
وترجم ذلك على أرض الواقع حيث وقف الرواد مع الثورة هو ومجموعة من أبناء معان ممن استطاعوا الخروج من معان التي أحكم عليها وأطبق الخناق من قبل القوة التركية المتمركزة في معان والتي كانت قوامها ستة الآف جندي وفرقة مشاه وعدد من الطائرات علاوة على التحصينات الكبيرة التي أنشأتها الدولة العثمانية مع مطار ومستودعات للذخيرة والعتاد. وخلال الحرب زودت مجموعات من أبناء معان جيش الثورة بالطعام ليلاً ويذكر الكبار بأن مجموعات كانت تتسلل ليلاً لتزويد جيش الثورة في تلال السمنات بالفواكه من بساتين معان ويذكر أحدهم بأن الجيش التركي حاول مباغتة جيش الثورة في تلال السمنات غرب معان فأصدر أحد المشاركين من أبناء معان صوتاً مكن لجيش الثورة من الانتباه وتلافي الهجوم
من المعروف لدى خبراء و مؤرخي الثورة العربية الكبرى و معاركها أن مدينة معان الأردنية و مساراتها في إرث الثورة لم تكن مساراً عسكرياً واحداً فحسب وليست مجرد طريق تحرير و استقلال فحسب، بل كانت معان مسارا دائما في تاريخ الثورة العربية الكبرى، وهي المعركة المستمرة التي ظهرت فيها عدد من القضايا و الأسرار و المفاجآت التي أدركها قادة الثورة بعد حين و لعل أبرز هذه الملاحظات ما يلي :
أ . ظهر فى معارك معان بشكل جلي أن الحلفاء لا يريدون للثورة العربية أي نصر حاسم أو تقدم عسكري واضح.
ب . وظهرت في معارك معان قدرة قوات الثورة و فرسان العشائر الأردنية على تحقيق النصر ولكن الاسلحة الحاسمة لم تكن بأيديهم
جـ . و تبيّن في معارك معان خداع الحلفاء، وكيف أنهم ارادوا لجيش الثورة العربية أن يبقى أطول فترة ممكنة في منطقة جغرافية محصورة كي لا يتوسع في عملياته نحو الشمال الأردني وأن يتم استنزاف قدرات هذا الجيش إلى أقصى حد ممكن .
د . وتزامن كل ما سبق مع تمركز قوات الاحتلال التركي في مركز مدينة معان متخذين من السكان دروع بشرية جعلت عملية الاقتحام اكثر تعقيداً وباتت تحتاج مدى زمني اقصى لتجنب اي خسارة بشرية أردنية من السكان المدنيين وبالفعل هذا ما كان لحظة تحرير معان.
هـ . ابتزاز الاحتلال التركي لأهالي معان عبر تهديدهم بالبطش والفتك بهم ورمي أهالي المناصرين للثورة في سجن معان سيء الذكر إن هم ناصروا قوات الثورة أو انضموا لها أو اذا امتنعوا عن تسليم مؤنهم للقوات التركية المحتلة وسيعلقوا لهم المشانق كما فعلوا سابقاً في السلط والكرك
الوصف العام لمنطقة معان
معان ارض صحراوية ترتفع (1100 متر) عن سطح البحر كمعدل عام وهي تمتاز بالبرودة شتاءا، والجفاف والحرارة صيفا إضافة لتباين حرارة الليل عن النهار.
وارض معان وما حولها منبسطة لكن الطيات الأرضية تكثر فيها، وهناك بعض المرتفعات التي لا يزيد ارتفاعها عن 1300 متر تحيط بالمدينة من جانبها الغربي والجنوبي، واشهرها مرتفع سمنة ووادي العقيقة ووادي المحطة ووادي الجرذان و وادي وهيدة ، وتكاد معان تتوسط مواقع عديدة حولها فهي الى الشرق من وهيدة وأذرح والى الشمال من أبواللسن ورأس النقب والمريغة والى الجنوب من عنيزة والجرذان ، والى الغرب من الجفر والمدورة والشيدية .
موقف القوات التركية
تمركزت القوات المحتلة التركية في مدينة معان في منطقة صحراوية وتأثرت هذه القوات بالعوامل التالية :
أ . البعد عن المراكز القيادية الرئيسية للجيش العثماني في دمشق أو الناصرة أو المدينة المنورة في الجنوب ولا تقل المسافة عن 700 كيلو متر وهذا يؤثر فى عملية اتخاذ القرار .
ب . تمركز القوات التركية في أرض عربية ووسط أهاليها وحتى بعد استخدامهم كدروع بشرية ولهذا تأثيره السلبي حيث أن الوضع الاستراتيجي العام لم يكن في صالح القوات التركية المحتلة على المستوى البعيد .
جـ. نجحت قوات الثورة في قطع خط الاتصال بين القوات التركية في معان ومركز السيطرة في المدينة المنورة بعد نجاح عملياتهم في المدوّرة وغدير الحاج وابو طرفة والرملة وبطن الغول وعقبة حجاز وغيرها وبالتالى عزلت القوات التركية من الجنوب .
د . نجحت قوات الثورة و فرسان العشائر الأردنية في عملياتهم شمال وغرب معان في وهيدة و أبو اللسن وبسطة وغيرها وأثروا على أبو الجردان في الشمال و التي شهدت أربع معارك مختلفة وساهمت هذه العمليات في عزل القوات التركية المحتلة في معان من جهة الشمال والشرق .
الوضع الاستراتيجي للقوات التركية
أخذت القوات التركية تنظر إلى معان كمركز استراتيجي هام لقواتها واعتبرتها ورقتها الرابحة ولم تعر الاهتمام لكل الخسائر التي لحقت بها في أطراف معان من كل جهاتها، خاصة أن في معان محطة سكة حديد للقطار العسكري من الدرجة الأولى وهي محطة تحويلية صناعية وصيانة تامة ، من هنا وضعت خطة الاتراك لتوضيع قواتهم في المنطقة لحماية المراكز التالية :
- قيادة جيش جمال باشا الثالث
- مركز قوات الحفاظ على الخط الحديدي للقطار العسكري.
وكان توزيع القوات التركية حول و داخل المدينة كالتالي :
- خط الدفاع الرئيسي في الغرب حيث اتجاه الهجوم الرئيسي المحتمل والذي يبدأ بعد 5 كيلومتر غرب معان بامتداد تلول السمنات من جهة الجنوب مرورا بوادي سمنة حتى تلول السمنات الشمالية في اطراف وادي الجرذان.
- خط الدفاع الشرقي على امتداد التلال الشرقية لمحطة القطار العسكري حيث ترتفع طبيعة الأرض في تلك المنطقة ثم انحدارها لوادي المحطة الذي يمر بالقرب من القلعة و بركة معان .
- خط الدفاع الثالث والذي يسند خط الدفاع الأول خلف تلول السمنات .
- خط الدفاع الرابع وهو على أطراف بساتين معان وبيوتها للاحتماء بها و استخدام سكانها كدروع بشرية و مصدرا للتموين عبر الاستيلاء على محاصيلهم و مؤنهم، ويتصل مع خط الدفاع الثاني ويتلاقى معه في الجهة
الشمالية . - القيادة الرئيسية داخل معان حيث وضعت في مكان تحت الأرض وأحيطت بالقوات التركية.
وقد استهدف هذا التنظيم ما يلي :
أ . الاستفادة من بعد خط الدفاع الاول (حوالي 5 كيلو مترات) حتى تكون نيران قوات الثورة بعيدة ولا تصل إلى مركز القيادة أو المحطة آخذين بالأعتبار أقصى مدى للأسلحة المستخدمة لدى قوات الثورة و فرسان العشائر الأردنية .
ب . أن يكون مطار معان العثماني ضمن خطوط الدفاع وتوفير الحماية له .
جـ. حماية محطة القطار العسكري التركي نفسها وإبعاد قوات الثورة عن التحصينات والمناطق المبنية .
د . امتصاص زخم هجوم قوات الثورة و فرسان العشائر الأردنية الذي يهدف إلى تحقيق النجاح واختراق اكثر من خط دفاعي في الجبهة .
هـ. كسب الوقت بحيث تطول المعركة وهذا يوفر الفرصة لوصول النجدات الى القوات التركية، واذا ما عدنا الى الوثائق سنجد تأثير ذلك واضحاً عندما استخدمت القيادة التركية الخدعة ضد جنودها و مرتزقتها حيث أخبرتهم أن هناك نجدات ستصل إلى معان لإسنادهم .
حجم القوات التركية في معان
لا تعطي المصادر معلومات دقيقة عن القوات التركية المتحصنة في معان ولكن المؤكد أنها كانت على الأقل فرقة من قوات الجيش الرابع الذي يقوده جمال باشا ومركز قيادته دمشق وهي عبارة عن فيلق يبلغ تعداده حوالي (7000) جندي، ويقول العدروس في تاريخ الجيش العربي ص (229) أن القوات التركية المرابطة في معان كانت تبلغ حوالي (4602) جندي بقيادة ( علي بك ) ويذكر المؤرخين سليمان الموسى ومنيب الماضي في كتاب تاريخ الاردن في القرن العشرين ص (75) ما نصه : ” كان جمال باشا ينوي الاحتفاظ بعمان حتى تصل قوات الفيلق الثاني المتراجعة من معان ومحطات سكة حديد الحجاز “
واذا ما عدنا إلى تنظيم دفاعات الأتراك في معان فإنها تعطي الدلالة على ضخامة العدد المتواجد فى المنطقة خاصة وأن المعارك حدثت في أواخر نيسان 1918 بعد تحرير مناطق غرب وشرق وجنوب معان من قبل قوات الثورة وجميع القوات التركية التي كانت موجودة في مواقع ” وهيدة وبسطة ودلاغة والمريغة ووادي ابوالرتم و المدورة وتلول الشحم ورملة وأبو اللسن والفقى والطاحونة” قد تجمعت في أقرب مركزعسكري لها فى معان وهذا ضاعف من حجم القوات التركية فيها وبقيت منطقة الشمال حيث احتشدت قوات تركية في أبو الجرذان وأخرى في عنيزة ، وقد وصلت امدادات عسكرية من هذه المواقع الى معان في اللحظات الأخيرة وبعد توقف القصف المدفعي المساند لقوات الثورة مما أتاح للقوات التركية الفرصة لتسديد رشاشاتها وأسلحتها نحو قوات الثورة وإلحاق الخسائر فيها ومكّنهم من الخروج من خنادقهم وتحصيناتهم لإعادة احتلال المواقع التي اخلتها قوات الثورة نتيجة للتبدل في الموقف .
الموقف العسكري لقوات الثورة
تميزت قوات الثورة بإسناد فرسان العشائر الأردنية بمميزات خاصة جعلتها تتفوق في ميادين العمليات العسكرية أهمها :
- الرغبة الجامحة لدى كل جنود الثورة لتحقيق هدف الاستقلال من الاحتلال التركي والوحدة ، والحياة الفضلى و قيم النهضة .
- قناعة كل الفئات والشرائح الممثلة للأردنيين والعرب بأهداف الثورة العربية الكبرى وانها انما جاءت لتلتقي وأمانيهم وطموحاتهم بتكليل جهود الثورات الصغرى للاستقلال النهائي .
- قاتلت قوات الثورة فوق اراضيها وبين شعبها ومن اجلهما معا (تحرير الأرض والانسان) وبالتالي فهي تكسب صفة التفوق على القوات المحتلة لهذه الاراضي وسيادة أهلها .
لهذه الاسباب وغيرها فقد كان اندفاع الأردنيين المنتظم نحو تحقيق أهدافهم وعلى أساس خطط له بطريقة ترقى لمستوى التنظيم في اي جيش في العالم في حينها وبهذا كان موقف قوات الثورة العربية الكبرى يرتكز على اكتساب صفة الشريك الكامل في المعركة كحليف مكتمل الشروط .
وقد تأثر حجم قوات الثورة بعوامل عديدة يصعب معها الوقوف على العدد الحقيقي وذلك للأسباب :
أ . التغير في بعض الأحيان في عدد قوات العشائر الأردنية المشاركة لأسباب مختلفة كعدم وجود التموين الكافة للانتقال في المسارات العسكرية أو بعد المناطق المراد تحريرها عن مراكز هذه العشائر أو وجود بعضها في خارج مناطق نفوذها و انتشارها و بعضها الآخر نتيجة الفتن التي زرعها الاحتلال العثماني بين العشائر الأردنية و ساهم باستغلالها إبان انطلاق العمليات العسكرية للثورة مما سبّب في أحيان قليلة عدم مشاركة عشيرة أردنية في العمليات العسكرية في منطقة ما حتى لا تضطر للاحتكاك المباشر مع عشيرة أخرى لا تجمعها بها علاقات ودية.
ب . إن عددا محدودا من الجنود غير النظاميين كانوا يتركون ساحة المعركة بعد تحقيق هدف تلك المعركة ولا يعودون وهذا كان له أثره على العمليات اللاحقة .
جـ. إن نسبة القوات غير النظامية كبيرة – قوات العشائر التي تطوعت للقتال من تلقاء نفسها-وهى تتفاوت من حين لآخر ففي معركة الطفيلة مثلا بدأت المعركة بعدد قليل من قوات العشائر الأردنية لكن ما لبثت أن تصاعدت أعدادها بعد أن وفد الرجال المتطوعون من بلدة عيمة مثلا وآخرون من جرف الدراويش وبالتالي فقد كانت المعركة في ذلك اليوم على وتيرة واحدة من زخم الهجوم وقوة الثأر لأن المدد بالقوات كان متصلا ومستمرا على مدار اليوم كله .
د . لا يوجد تنظيم عسكري موازي لقوات الثورة بحيث يستطيع كل قائد أن يوفر حجم قواته التي ستشترك في المعركة لأن كل زعيم عشيرة أردنية كان يحشد قواته لكل مهمة فى حينها وهذا يتوقف على الموقف العام في ذلك اليوم ويؤثر هذا على التخطيط للمعارك اللاحقة، لأن القائد لم يكن بإمكانه تحديد حجم قواته الحقيقي .
ويمكن حصر قوات الثورة العربية الكبرى التي شاركت في معان من خلال الاستطلاع والبحث في المراجع المختلفة كالتالي :
(أ). القوى البشرية
- الفرقة الاولى في سمنة وتعدادها (3000 تقريبا )
- قوات العشائر الأردنية (3000 مقاتل )
- سرية اليمانيين (150 مقاتل )
- أربع افواج مشاة كل فوج (650 تقريبا ) (2600 مقاتل )
- قوات اللواء الثالث من الفرقة الثانية (700 مقاتل )
- قوات المدفعية والرشاش (300 مقاتل )
المجموع العام التقريبي 10000 جندي تقريبا
ويعتقد أن هذا العدد منطقي وهو أقل عدد ممكن لهذه القوات التي كان يقودها الأمير زيد بن الحسين ومعه جعفر العسكري، أما عن تنظيم قوات الثورة المسلحة تحديدا أورد البطل صبحي العمري في كتابه الأوراق الأولى تفصيلات المدفعية كما يلي :
- مدافع ابوس بقيادة الملازم أحمد البغدادي
- مدفع صحراوي 18 باوند بقيادة الملازم سامي رؤوف
- مدفع غروب سريع بقيادة الملازم أحمد الشنقيطي
- مدفع جبل غروب بقيادة الملازم الحاج احمد بكر
- مدفع مصري 7 سم بقيادة رفعت شوكت
- مدفع جبل فرنسي بقيادة الكابتن بيزاني
- مدفع هوجكس 2,5 سم بقيادة جميل المدفعي
- 20 رشاش
- 5000 بندقية
- 1000 مسدس
دور الحلفاء الفعلي في معارك معان
عملت قوات الحلفاء (البريطانيين والفرنسيين) في صفوف الثورة العربية الكبرى، وكان همهم بلا شك خدمة مصالح بلادهم بالدرجة الأولى، و حتى يتمكنوا من خدمة هذه الأهداف كان لا بد وأن يقدموا الإسناد والدعم لقوات الثورة وهذا الأمر بحد ذاته لم يكن مرغوبا فيه بشكل فعلي من قبلهم لأنهم لم يريدوا في الوقت نفسه أن تصبح قوات الثورة مؤثرة في الساحة وتصل إلى مستوى الشريك الكامل الذي يفرض مطالبه ويجلس الى جانب المنتصرين في المفاوضات، وقد كشفت معارك معان عن الدور الحقيقي لهم قبل وأثناء المعركة .
ففي يوم (8 نيسان ) 1918 تقرر عقد لقاء لوضع خطة للهجوم على القوات التركية المحتلة في معان حضره قادة الثورة وأعضاء البعثة الانجليزية العسكرية ، وقرر قادة الثورة شن الهجوم فورا على الفيلق التركي في معان و خاصة للأسباب التالية :
- إن تعداد الجيش الشمالي للثورة قد بلغ أكثر من ثمانية الآف مقاتل تقريبا وهذا يشكل قوة تؤهله للقيام بالعمليات القوية والحاسمة.
- تلقت قوات الثورة مساعدة وأسلحة كافية بالنسبة لها (أسلحة خفيفة فقط) .
- وعود الحلفاء بإسناد هجماتها من قبل وحدات المدفعية الفرنسية .
تآمر الحلفاء على قوات الثورة
كان موقف البعثة الانجليزية مختلفا فقد وقفت ضد تنفيذ أية هجمات على القوات التركية، واعتبروا أن أية عمليات عسكرية ضد الأتراك في معان مجازفة ومغامرة لا يعرف مدى عواقبها واستشهدوا في حججهم على أن مدينة معان منطقة مكشوفة يصعب التستر والاختفاء فيها وتطبيق مناورات الهجوم والالتفاف وغيرها، إضافة الى أن قوات الثورة ليست لديها الخبرة في التعامل مع التحصينات وخطوط الدفاع المنظمة، وظهر الأمر واضحا ً حين كانت قوات الحلفاء تستعد لتنفيذ هجوم شامل في منطقة أريحا وشمال فلسطين، ولكن اصطدم هذا ايضا بخوف الانجليز من أي انتصار لقوات الثورة، وأجلوا البحث بالهجوم لكن فرسان العشائر و قادة الثورة كانوا وراء تنفيذ الهجوم على الحامية التركية في معان وفي التوقيت المحدد الذي وضعته قيادة الثورة دون اعتبار لوجهات نظر الحلفاء الذين رغبوا أن تسير الامور وفقا لرغباتهم ومقتضيات مواقفهم العاجلة في كل موقع وليس وفقا للأماني العربية ، لذلك وضعت خطة قيادة الثورة على أساس الهجوم الشامل لتحرير معان من محتليها.
ونجحت قوات الثورة في تنفيذ مخططاتها وسارت العمليات العسكرية وفق الخطة المرسومة وتمكنت من الوصول الى قلب محطة سكة القطار العسكري التركي، وعطلوا المطار التركي في معان واستولوا على مصادر المياه فى المنطقة، لكن الدور الانجليزي والفرنسي ظهر جليا هنا ضد تحقيق النصر للثورة ولكي يثبت الحلفاء على أنهم محقون في وجهات نظرهم وأن الهجوم على معان مجارفة، اوقفوا الإسناد المدفعي تماما رغم أن المدفعية الفرنسية لم تطلق أكثر من (20) طلقة بحجة نقص الذخيرة، وانسحبوا الى اوهيدة غربا وتركوا الجبهة وهذا اتاح الفرصة للرشاشات التركية لتسديد نيرانها على قوات الثورة وخرج الجنود الأتراك من خنادقهم وصبوا نيرانهم على قوات الثورة التي قاتلت باندفاع شديد، وحينها تبدل الموقف وتأثرت قوة نيران الثورة والمسددة ما جعل القوات تتراجع غلى الخلف لتفادي الخسائر الكبيرة التي بدأت تلحق في صفوفها .
المؤشرات حول الهجوم أعطت دلالات على الفشل، حيث أن القوات التركية كانت متحصنة تماما وتملك امدادات هائلة من الاسلحة والتموين ويسندها استخدامها للمدنيين من الأهالي كدروع بشرية لتلقي القذائف و الرصاص و التهديد بهم عبر استخدامهم كأداة ضغط أمام أهلهم من فرسان العشائر الأردنية كما قامت بابتزاز المدنيين من أهالي معان عبر التهديد بالبطش بهم و الفتك بأهلهم إن هم ناصروا قوات الثورة العربية أو انضموا لها أو اذا امتنعوا عن تسليم مؤنهم للقوات التركية المحتلة وسيعلقوا لهم المشانق كما فعلوا سابقاً في السلط والكرك، وهذا كان عاملا محددا على أسلوب الهجوم الذي نفذته قوات الثورة بحيث لا تلحق الأذى عبر عملياتها العسكرية بأهل معان وبأي شكل كان، حتى أن الفارس الشيخ محمد بن دحيلان الحويطات قاوم و منع أي عمليات قصف جوي من قبل الحلفاء لمدينة معان للحفاظ على أرواح أهلها و أبنائها.
وعارض الشيخ الفارس محمد ابن دحيلان خطة الإنجليز الرامية لقصف قطاعات الأتراك المتمركزة في مدينة معان بالطائرات عبر قيامه بأقناع قيادات الثورة بخطورة خطة الدروع البشرية التي يستخدم فيها الاحتلال التركي ابناء معان كغطاء من المدنيين العزل
وتبدو اعظم نتائج معارك معان هي اكتساب قوات الثورة لخبرات مميزة في القتال القريب وادخال ذلك الرعب في قلوب الجنود الأتراك الذين لم يستطيعوا مغادرة المنطقة بأية حال، وعندما صدرت أوامر الانسحاب إليهم في22 أيلول 1918 بادروا فورا لتنفيذ هذا الأمر وخرجوا من المدينة ليلاقوا مصيرهم بعد ذلك في زيزيا.
هجوم قوات الثورة على الحامية التركية في معان
ذكرنا دور الحلفاء السلبي و المثبّط في الإعداد للهجوم على معان ، ونورد هنا خطط الهجوم على الأتراك في معان، التي تدل على أن قوات الثورة كانت تنفذ هجماتها وفقا لتعبية عسكرية متوازنة ومدروسة يجعلها فعلا جيشا نظاميا مقاتلا محترفا وليست قوات اغارة وهجمات محدودة.
وبالرجوع الى المذكرات العديدة والأبحاث المتوافرة يمكن رصد خطط الهجوم على الأتراك في معان وفقا لهذه المصادر مع اختلافها فيما بينها وتاليا بعض هذه الخطط كما تم ايرادها :
- خطة الهجوم كما اوردها صبحي العمري :
ذكر العمري في مذكراته ص 209 من أوراق الثورة العربية الكبرى – أنه في8 نيسان عقد مؤتمر دولي خاص لهذه الغاية حضره الأمير فيصل ونوري السعيد والكولونيل داوني لوضع الخطة حيث كانت كما يلي :
أ . المرحلة الاولى : الاستيلاء على محطة غدير الحاج في جنوب معان ومن ثم تخريب خطوط سكة الحديد في الجنوب والشمال وبعدها تعود المفرزة إلى ابواللسن بعد ترك مفرزة صغيرة للرصد في الجهة الجنوبية .
ب . المرحلة الثانية : تقوم الفرقة الثانية المرابطة في عين نجل في اليوم نفسه بمهاجمة محطة أبو الجردان ، وبعد الاستيلاء عليها تقوم بتخريب خط السكة وترك بعض المشاة للرصد والانذار في الشمال ثم تلتحق بأبو اللسن .
جـ. المرحلة الثالثة : وتبدأ في 24 نيسان 1918 حيث تقوم الفرقة الأولى بمهاجمة تلول السمنات وبعدها تهاجم القوات التركية في معان حسب الخطة المقررة ، وتضمنت هذه الخطة تفصيلات الهجوم على معان وتنظيم القوات المهاجمة حسبما ورد في الحديث عن موقف قوات الثورة العربية الكبرى .
- خطة الهجوم كما أوردها البطل محمد علي العجلوني :
ذكر البطل محمد علي العجلوني الذي قاد سرية في المعركة أن الهجوم على الأتراك في معان تميز بالدقة والمستوى الفني المتقدم حيث يقول :
” واستعد الفريقان لهذه المعركة استعدادا فائقا وعلى مستوى فني أعلى مما كان قبلا مع الفارق بالأوضاع، لأن جيشنا يهاجم في فضاء مكشوف والعدو متحصن بخنادقه ومن ورائه المحطة تمده بالنجدات وبالذخيرة.”
و يذكرالعجلوني مجمل الخطة عندما يقول : ” وبعد تمهيد المدفعية شرعنا في الزحف في افواج المشاة على الخط الاول” .
ولا شك أن العجلوني كمقاتل في المواقع الامامية وكقائد لسرية مشاة في لواء المشاة الذي يقوده أمين الأصيل قد تحدث في مذكراته كعسكري محترف فقد تناول التطبيق العملي للخطة وأبعادها وأثر توقف القصف المدفعي الفرنسي في أحرج اللحظات خاصة وأن الأتراك كانوا على وشك الاستسلام وهو يقول هنا :
” لقد كانت المفاجأة مذهلة فقد كانت المدفعية الفرنسية متوقفة عن مواصلة قصفها، فسهلت للعدو التركي استخدام مدفعية الرشاش بحرية تامة، ولم نبلغ الخط الثالث حتى فقدنا نصف الضباط الذين يندفعون أمام الجنود في الهجوم بين جرحى وقتلى وكانت الخسارة في الجنود فادحة جدا ً…” .
- خطط الهجوم على معان كما وردت في مذكرات الامير زيد بن الحسين :
تناولت رسائل الأمير زيد بن الحسين الميدانية التي تعتبر أفضل الوثائق التي تحدثت بشكل واقعي وعملي عن مجريات المعارك جميعها ، تناولت معارك معان بالذات في مواقع متفرقة في الرسائل لكننا لا توجد رسالة خاصة بمعارك معان بالذات والسبب أن الأمير زيد كان يعرض في كل رسالة له الموقف العسكري العام كقائد لا يختص بمنطقة محددة دون الاخرى ونورد هنا نص رسالة من الأمير فيصل بن الحسين الى الامير زيد مؤرخة في 12نيسان 1918:
“وصلتنا بشارتكم ولا شك أن بشائرنا وصلتكم الآن نحن نحكم سمنة، العدو لازم جبل الشعار يرمينا بمدافعه، بقدر ما يمكنكم أسرعوا بالتوجه الى الجنوب بعد ان تبقوا من يحمي ظهركم من عنيزة، وتوجهوا على معان، ربّما أننا باكر- غدا- نهاجم معان، أنا في وهيدة ، نوري- السعيد- في سمنة، مولود- مخلص- جرح في رجله ولكن إن شاء الله طيب، شهداءنا أربعة فقط وسلامي على كافة الاخوان” .
خسائر معارك معان
ندين لوثائق الأمير زيد بأنها تكاد تكون الوحيدة التي دونت خسائر معان في جانب قوات الثورة وأثبت نص رسالة الأمير زيد الى الملك الحسين بن علي طيب الله ثراه مؤرخة في 21 / 5 / 1918 م يبعث بها من الفقي غرب معان .
من : زيد الى الملك الحسين
الفقي : 21 / 5 / 1918 م
” تشرفت بالإرادة الملوكية المؤرخة 24 رجب 1336 هــ وبها علم احسان الجلالة للملوك وسام النهضة ، مدالية تذكار حرب معان ، فعسى الله لا يحرمني من بقاء ولي النعم . ولا شك أن الوسامات التي ننالها في ميادين القتال أكبر شرف لنا ولغيرنا من الذين يريدون استقلال البلاد العربية تحت ظل راية صاحب الشوكة … لم يحدث ما يوجب عرضه بهذه المناطق بعد المحاربة السابقة سوى أنني بمن معي من الجنود العرب هاجمنا الجردونة ثانية وغنمنا مدفع جبلي، وثلاث رشاشات و 180 اسيراً علاوة على الخراب المستمر في شمالي محطة معان . ثم بعد أن أخذنا المحطة المذكورة بيومين أتت قوة مركبة من ثلاثة مدافع صحراء وأربعة رشاشات، و 450 جندي تركي من معان ، وهجمنا عليهم في المرة الثالثة ودخلنا استحكاماتهم واخذنا مدافعهم، ولكن مع مزيد الأسف بعد أن أراد العدو التسليم وبالفعل سلّم منهم 13 جندي تركي، ورأوا جند صاحب الشوكة متقدمة عليهم بكل بسالة وشجاعة، غدروا بهم وأطلقوا عليهم القنابل اليدوية واستشهد في هذه الأثناء قائد اللواء الثاني السيد علي مع مرافقه السيد مصباح البيروتي وقسم من الجنود الذين دخلوا الاستحكامات، والقسم الباقي تراجع عقب هذه المسألة، ولا شك أن هذا من المقدرات الألهية . أما شهداؤنا فهم ستة ضباط بمن ذكرت أسماءهم أعلاه و 20 جندي ، والجرحى كثيرون ولكن اصابات خفيفة، وان شاء الله قريب سنأخذ الثأر منهم على غرم لجنود صاحب الجلالة .
ولي النعم ، لا يمكن لي تقدير الاعمال التي يعملها الضباط والأفراد بصورة التفاني ، كل ذلك لاستقلال بلادهم . وقد فقدنا في معارك معان 26 ضابط بين شهيد وجريح ما عدا الجنود، والقسم الأعظم من الشهداء من قادة الفرقة والألوية والأفواج . أمس نسفنا جسر مركب من تسع عيون وارتفاع خمسة أمتار مع قضبان كثيرة بين الجردون وعنيزة . ”
إلى هنا انتهت رسالة الأمير زيد للشريف الحسين بن علي
تحليل لسير العمليات حول معان
من خلال الأحداث حول معان فإننا نصل الى تلك الصورة التي كان جيش الثورة يحاول تحقيق حسم سريع في المنطقة ليلحق بركب قوات الثورة في الشمال حيث كانت تعسكر في الأزرق او بدأت بالتوافد الى المنطقة الشمالية استعدادا للانتقال لتحرير باقي مدن الشمال .
وخلال الأحداث السابقة فإننا نلاحظ أن معان لم تتعرض للحصار أو الهجوم في الفترات الماضية، بل كانت قوات الثورة تتخطاها أو تتجاوزها حتى أن قوات الثورة أول ما بدأت من الجفر باتجاه العقبة في الأول من تموز 1917 قد اتجهت إلى الجنوب من معان باتجاه غدير الحاج ثم الى ابو اللسن ، ورأس النقب نزولا الى وادي اليتم على الرغم من امكانية قوات الثورة المسيطرة على المنطقة في حينها لكن الاعتبارات المختلفة و الحذر الشديد لعب دوره فى تأجيل هذه العملية .
وعندما تقرر الهجوم على المحتل التركي في معان في 18 نيسان 1918 م توفرت القوات العسكرية حيث بلغ تعداد هذه القوات حوالي عشرة آلاف مقاتل معززة بقطع مدفعية وغيرها ، لكنه لم يتوفر لديهم :
- التنظيم العسكري المتكامل الذي ينسق عمليات القوات النظامية والقوات غير النظامية ، وظهر ذلك واضحا فى حركة القوات غير النظامية التي كانت تنفذ عمليات منفصلة .
- لم تتوفر المعلومات الكافية حول تنظيم دفاعات القوات التركية ولا حول حجم قواتها، وقد ظهر ذلك واضحا من خال قراءة الوثائق المتعلقة بهذه المعركة والتي ورد فيها أن القوات التركية كانت على وشك الاستسلام ولكن حدث تحول مفاجئ في الموقف نظرا لانسحاب المدفعية الفرنسية و توقفها إضافة إلى الغدر التركي عبر التظاهر بالاستسلام و ثم رمي القنابل اليدوية عن قرب فبعد أن اقتحمت قوات كل دفاعات الأتراك ودخلوا المحطة بدأوا بالإنسحاب واخلاء المنطقة والعودة الى تلول السمنات .
لقد كان موقف قوات الثورة وكما هو واضح في السياق موقفا متوازنا يؤهلها لمسك زمام المبادرة والسيطرة على المعركة وقيادتها لصالحها وجاء تنظيمها ليحقق المهمة المطلوبة ، ولكن الى أي مدى تم تسخير هذا التنظيم لخدمة المعركة ؟
والأهم من كل هذا ان عامل الاستخبارات العسكرية كان ضعيفا إلى الحد الذي لم تعرف قيادة القوات شيئا عن حجم انجازاتها وتقدمها على طول خط الجبهة في معان فقد اجتازوا كل خطوط الدفاع التركية وهم لا يعلمون حتى أن أحد جنود الثورة قد استولى على جرس المحطة نفسها، ولا يعلمون أي شيء عن موقف القوات التركية التى أخذ قادتها يكذبون على جنودهم بأن هناك نجدات عسكرية قادمة فى الطريق من الجردانة وعنيزة وهم يدركون حراجة الموقف وصعوبته .
ومن قراءة سير العمليات العسكرية أيضا نجد أن قوات الثورة كانت تركز على إحراز النجاح وتحرير الارض وعندما تنسحب القوات التركية من موقع معين لا تتابعها قوات الثورة لإلحاق الخسائر في مؤخرتها لأنه لم من شيمهم الغدر بالمنسحبين مع العلم أن افضل الفرص لإلحاق الخسائر هي في عدو منسحب، وإنما كنت تكتفي قوات الثورة بأن تحل محل القوات المنسحبة فقط .
ومهما يكن فإن عمليات قوات الثورة بقيادة الأمير فيصل بن الحسين كقائد عام، وقيادة الأمير زيد بن الحسين كقائد ميدان في حينها أظهرت القوة والتصميم الأكيد على تحقيق المهمة كما كان التنسيق قد وصل إلى مستوى عال، ففي الوقت الذي كانت تشن به قوات الثورة هجومها ضد الحامية التركية في معان كانت قوات الثورة في شمال معان تهاجم محطات الإمداد والتعزيز خاصة محطة الجردون التي اختير الهجوم عليها في منتصف ليلة 24 نيسان 1918 م لتتزامن مع الهجوم على الجبهة التركية الأخرى في معان، كما قامت القوات النظامية بتأدية مهمتها بتخطيط سليم وتنسيق.
وظهر في معارك معان قلة خبرات قوات الثورة في الهجوم على المواقع المحصنة وإدراك الاتراك لنقاط الضعف هذه لدى الثوّار فأكثروا من إنشاء التحصينات و التمترس بالدروع البشرية ولهذا نلاحظ التحصينات ممتدة على طول خطوط سكة حديد القطار العسكري التركي وفي المناطق الداخلية للوقوف امام هجمات الثورة .
ومن الملاحظ أن نشأة التحصينات العسكرية في المنطقة إبان الثورة قد بدأ في أثناء معارك معان، وأيضا ً أخذت القوات التركية تتجمع في نقاط قوية كما أن مسار العمليات العسكرية للثورة قد أخذ ينحصر في منطقة مسار سكة حديد القطار العسكري وما حوله ، لأن الأتراك أرادوا السيطرة على خط السكة لضمان الإنسحاب والإمداد كذلك عبر قطارهم العسكري . ولهذا فإن معظم التحصينات ومرابض الرشاشات أو خنادق المشاة كانت حول مسار خط سكة القطار العسكري التركي وضمن مسافة لا تتجاوز الخمسمائة متر على جانبي الخط .
المراجع:
- الثورة العربية الكبرى : الموسوعة التاريخية المصورة ، البحث التاريخي والإشراف الدكتور بكر خازر المجالي ؛ فريق العمل فريق الفرس الشقراء ، مركز أرض الأردن للدراسات والنشر، 2011 .
- الثورة العربية الكبرى : الحرب في الأردن 1917-1918 : مذكرات الأمير زيد / سليمان موسى، دائرة الثقافة والفنون.
- التاريخ العسكري للثورة العربية الكبرى فوق الأرض الأردنية / بكر خازر المجالي، قاسم محمد الدروع 1995 .
- المراسلات التاريخية 1914-1918 : الثورة العربية الكبرى. المجلد الأول / أعدها وحققها وكتب حواشيها وترجم بعضها سليمان الموسى، 1973.
- المؤرخ محمد عطاالله المعاني 18-7-2016م
- ذكرياتي عن الثورة العربية الكبرى، محمد علي العجلوني، مكتبة الحرية ،عمّان ، 1956 .
- المعارك الأولى : الطريق إلى دمشق، صبحي العمري، أوراق الثورة العربية؛ رياض الريس للكتب والنشر، لندن، بريطانيا ؛ ليماسول، قبرص ، 1991، ط1..