Latest articles
November 22, 2024
November 22, 2024
November 22, 2024
مقدمة
كان جريئأ في قول الحق بأشعاره، لا يخشى تهديداً في مرافعاته، متواضعاً في حياته ويرفض الالتفات خارج دوائر الحقيقة و الواقع، إنه من نسل أجدادنا الأردنيين الذين قدموا أنفسهم فداء من أجل بلدهم، فلم يقبل الظلم والضيم و القمع الذي مارسته سلطات الاحتلال العثماني ضد وطنه وأحرار العشائر الأردنية وفرسانها، فحمل سلاحيه ( لسانه وقلمه ) ضد البطش والظلم وكان بحق أحد أوّل مؤسسي حركات المعارضة الأردنية والمطالبة بالاستقلال من الحكم العثماني، ما حمّله مصاعب شتى بين السجن والنفي والملاحقة جعلته شاعر الثورات الأردنية الوسطى و أبرزها ( ثورة الكرك – الهيّة ) وأحد أبرز روّادها.
ولادته ونشأته
ولد الشاعر المحامي عبدالله العكشة في الكرك عام 1880، وقد جاء الشاعر الى هذه الدنيا حينما حفّت وطنه الأردن السحب العثمانية السوداء وما رافقها من الإهمال والتجهيل الذي مارسته السلطات العثمانية منذ احتلالها للأرض الأردنية وحكمها من الخارج بالوكالة، ورغم هذا الاهمال المتعمّد وعدم وجود المدارس آنذاك والعائق الكبير الذي أوجده العثمانيون أمام الراغبين في طلب العلم من أبناء الأردن عبر اشتراط تعلّم اللغة التركية للدراسة في مدارسها خارج الأردن، إلا أن العكشة كان عصامياً رافضًا الخضوع لعوائق العثمانيين، يطلب العلم بكل الوسائل الممكنة ولا ينتظر قدومه وقد أسعفه الحظ بدخوله مدرسة الروم الارثوذكس، ولم يكتفِ بذلك ما جعله لاحقا الشاعر والمحامي المُجيد لخمس لغات مختلفة سبق فيها أقرانه في ظل محتّل يجبر المواطنين على تعلّم لغته وحده فقط، ولكن كيف تعلم هذه الخمس لغات؟؟
مقاومة التجهيل العثماني
تذكر القصة التي رواها الراحل عبدالله العكشة أنه سمع شاباً قادماً من القدس يتكلم الفرنسية مع أحد السياح فأخذه الحماس والإصرار على طلب العلم وتعلم اللغات على وجه التحديد، ما جعله يقوم باللجوء إلى كاهن الطائفة اللاتينية في الكرك المعروف عنه اتقانه للفرنسية والايطالية والانجليزية ليقوم بتعليمه اللغات الثلاث، أما التركية فكان يتقنها كتابةً وقراءة ولفظًا والتي تعلمها مُكرها بسبب سياسة التتريك التي كانت تجبر الناس على تعلمها، بينما كانت العربية لغته الأم التي أحبها وأجاد فنونها.
تميز (الاعكيش) – كناية عن انتسابه لعشيرة العكشة – بـ قوة الشخصية والنباهة والاجتهاد ما جعل حياته عبارة عن صورة مشرقة وبالغة الأثر في البنية السياسية التي كانت آنذاك وفي البنية الاجتماعية أيضاً .
تزوج الشاعر عبدالله العكشة ثلاث مرات في حياته، حيث تزوج فتاة من عشيرة الحجازين من الكرك عام 1901وتزوج بعدها من عشيرة الزعمط من السلط، بينما تزوج الثالثة في السنة 1917 من عائلة أبو عقلة.
نضاله ضد الاحتلال العثماني
كان لعبدالله العكشة الدور النضالي الواضح و المؤثر ضد تجبر وظلم الدولة العثمانية بمختلف الوسائل والأدوات، وبدأ هذا النضال على أوسع أبوابه حينما قام بكتابة رسالة شديد اللهجة إلى الصدر الأعظم – رئيس الوزراء العثماني في حينه – في اسطنبول يستهجن فيها سياسة الظلم وارتفاع الضرائب والسخرة التي يعانيها أهل الكرك في ذلك الوقت، وحتى يحمي نفسه من الملاحقة والغدر العثماني؛ قام عبدالله العكشة بتغيير خط يده ولم يترك اسماً أو توقيعاً على الرسالة وكتب في آخرها باللهجة المحكية ( تحكمنا دولة قرود ولا الدولة العثمانية) ما يشير إلى قبول الناس – في ظل فظاعة المحتّل – لأي شكل من أشكال الحكم بدلا عن هذا الحكم، ولكن ورغم اخفائه لهويته قامت السلطات العثمانية وبعد أشهر قليلة باعتقاله ونفيه إلى الطفيلة عقابا له على رسالته اذ لم تكن لتخفى لغة هذا البطل عن أعين جواسيس المحتل وقياداته.
شعر العكشة في مواجهة العثمانيين
تبدّت نبوغة العكشة في الشعر منذ صغره، اذ عرف عنه ذائقته الشعرية البليغة وقدراته اللغوية التي مكنته من التعبير بذكاء عن كل ما يمرّ به، وقدرته الفائقة على تحويل الكلمات و المفردات إلى نصوص شعرية مليئة بالصور الفنية السهلة الممتنعة، إضافة لثقافته الواسعة وامتلاكه لفنون الخطابة القادرة على التحفيز والإثارة.
وكلما اشتم العكشة رائحة الضيم أو الجور، كان يثور بحمية لا تعرف الخضوع، ويحتج على ذلك بالشعر، اذ كانت أشعاره تنبه زعماء الكرك، ومشايخها للدفاع عن بلدهم، ورفع الضيم عنها، ما جعله شاعرا أوّل وأوحد لثورة الأردنيين عام 1910 ( الهيّة ) وما سبقها من انتفاضات شعبية ضد العثمانيين، وقد جلبت له أنفته وثورته على الظلم حقد العثمانيين وبطشهم ذلك الأمر الذي جعله معرّضا لسلاح السجن و النفي لمرات متعدّدة بعيدا عن أهله وأحبائه ووطنه.
بدأت مسيرة الراحل البطل عبدالله العكشة في مواجهة العثمانيين في عام 1900 عندما تسلّم ( مصطفى باشا العابد ) منصبه كمتصرف جديد بعد متصرف اللواء السابق ( رشيد باشا )، وكانت سمعة مصطفى باشا العابد سيئة جدا، اذ لم يكن يخجل أبداً من التباهي بقبوله للرشوة وأخذها من الشاكي ومن المشتكى عليه، وفيما بعد أعاد مصطفى باشا العابد تطبيق و إحياء نظام ( السخرة ) العثماني على أهالي الكرك وأجبر الأهالي على العمل بها، رجالاً ونساء ومن جميع الأعمار، اذ تعددّت الأعمال من بناء الثكنات العسكرية و جلب المياه إلى المعسكرات والمخافر وشق الطرق المؤدية لها ومن ثم قطع الأشجار الحرجية ونقلها لمحطات سكة القطار العسكري العثماني الذي استخدم فورا وبعد انطلاقه بقليل لقمع ثورة الهيّة ، ورغم أنها جميعها يفترض بها أن تكون أعمالا موكلة للجيش والدرك التركي، ونظرا لحجم مساوئ هذا النظام ضجر الأهالي، وساءت العلاقة بين الشيخ قدر المجالي وشيوخ الكرك وبين المتصرف مصطفى باشا العابد .
وقد عبّر عن هذا الضجر والاستنكار الشاعر البطل عبدالله العكشة، اذ بينما عُقد اجتماع لعشائر الكرك للقضاء على ( نظام السخرة) وفرض الضرائب والتجنيد الاجباري والوقوف في وجه استمرار تطبيقها، قام الشاعر وانتهز الفرصة لإلقاء قصيدة في هذه المناسبة، وكانت غايته أن يشعل الهمّة في صدر الشيخ قدر المجالي ومن معه من شيوخ العشائر الأردنية ضد الاحتلال العثماني و ظلمه و فساده، وقد قال في بعض أبيات قصيدته :
الله مِنْ قِلْبِ أظرمَت بِيْه نِيــــــــرانْ جِوَّى ضلوُعي زَايد لْهِا لَهابـــــــا
عدِيرةٍ ما هي مِلِكْ إبن عثمــــــــــانْ وظلَّت عَزيزة بَالشَّرف والمهابــــــا
تَرى السِّخْرَةْ خَلَّت النَّاس نِســـــــوان وغَدَت على بعض المخاليق نابـــا
لا يا قدر يا شَوقْ مَسلوبَ الابِـــدانْ يا شيخ لا تَرضَى علينا الخرابــا
انخى أخو شاهه يوم رَوْغَاتَ الارهَانْ رفيفان فَرِّج هَمَّنا والعذابـــــــــا
وما أن ألقيت القصيدة حتى تحمس الشيوخ و الوجهاء و الفرسان و ثاروا واشتعلت جرعات الأدرينالين التي بثها العكسة في أبياه، فأبرقت الإدارة العثمانية المحلية برقيات مستعجلة إلى المراجع العليا لدى الباب العالي العثماني محذرة من قيام الثورة نتيجة هذه الاحتجاجات على نظام السخرة، فأوقفت السخرة في النهار نفسه قبل أن يعاود الاحتلال العثماني استخدامها مجددا عندما بدأ بمدّ سكة القطار العسكري العثماني عبر الأراضي الأردنية، ما جعل قصائد العكشة سلاحا فعّال في وجه المحتّل لم يكن يسهل مواجهته أو كتمه.
قصائد المنفى – الكرك والثورة في وجدان العكشة
كان الشاعر عبدالله العكشة يحب الكرك، يتغنى ويتغزل بها على الدوام و قد سطّر في حبها القصائد العظام، كردٍّ بالغ على تصرفات الدولة العثمانية وممارساتها ضد وطنه وأهله، وما بعد ثورة الكرك ( الهيّة ) عام 1910 وعقابا له على المشاركة بالثورة والتحريض عليها عبر قصائده، وتحسّبا من العثمانيين من مشاركته ودعمه للثورة العربية الكبرى التي بدأت تصل أنباؤها للأردنيين، صدر بحقه مع مجموعة من شيوخ ووجهاء العشائر الأردنية عقوبة النفي خارج الأردن وكان نصيبه النفي إلى منطقة قوزان في جبال القوقاز، فكان قرار نفيه يلخص هذا التخوّف بالقول : ( انفوه حتى لا يتحول لسلاح إضافي في يد الثوّار ، لا ينقص الثورة العربية الكبرى شعراء جدد ، يكفينا ما نالنا منه بالهيّة ) !
كان واضحا أن شعر العكشة الذي ايقظ البركان الأردني في الهيّة، كان قادرا أن يصل إلى حوران الأردنية لو أقبلت الثورة العربية الكبرى و العكشة بين أهله وفي وطنه، ولو قدّر له أن يكون في وطنه بدلا من المنفى لكان العكشة بلا منازع سلاح فرسان العشائر الأردنيين الفتاك في مواجهة آلة البروبوغندا الألمانية العثمانية .
ولم يكن للمنفى أن يبعده عن هواه ومعشوقته فقد قام عام 1918 بتنظيم قصيدة في منفاه يظهر فيها حجم شوقه للكرك.
وهذه بعض من أبيات القصيدة:
يَا نَاسْ ما بَالَ القَلمْ مِستِكنّ مِنْ عِقب ما هو ع القراطيسْ سنَّان
سِرْ يا قَلَمْ إوْ فَرج الَهمّ عَني إكتبِ اقوافاً،فضي– فض البالَ غَثيانْ
دلن علي بينهــــــن شَوْشَحنّـي بالسيس حطني على حد قوزان
بِاديار ما فيها رفيقاً يحن كِلاً يَعضّ ابهامْ يِمْناه غلان
يا رَبّ يا رَبّ المخاليق حِنِ كَم شدة فرجتها وامرها هان
كما نظم قصيدة أخرى أيضاً في منفاه يتحسر فيها على غيابه عن مدينته وأحبته وينعى رفيقه الشيخ البطل قدر المجالي بعدما وصل خبر اغتياله بالسم من قبل العثمانيين إلى مسامعه في المنفى يقول في بعض أبياتها:
وَيْنَ(الكرك) وِاجْبَالْها،وين (شِيْحَانْ)؟ وين الاِقْنان اللِّي بها الميْس مغواه
وَيْنْ(القَصِر) يا عَين و(اتْلاعْ وسلمان) (الرَّبَّة) الله عَزَّها نايف الجاه
إصبر وَالين الصَّبرْ فَراجَ الاحزانْ كم شِدّة ياتي فرجها امْنَ الله
لا بِدَّ ما انْعُودَ الكرك وَايَّ الاوطانْ وِاحاسبْ هَيلَ الدَّين إو نعطيهم اياه
ولم يعد الشاعر عبدالله العكشة إلى أرض وطنه ولم يصدر قرار فك أسره، إلا بعد انتصار قوات الثورة العربية الكبرى وفرسان العشيرة الأردنية وهزيمة الدولة العثمانية، حيث نظم قصيدة يذكر بها قساوة ما عاناه الأردنيون من قبل قوات الاحتلال العثماني وتسلطها وظلمها، وهولات الحرب العالمية الأولى وسعير القتال والتجهيز لها، يقول في بعض من أبياتها:
فعلَ القنابل زايدا ً بالاكرامِ أَللِّي ادهَجَنُّه ما بقي ليَهْ تالي
بَالوَصِفْ غَوَّصاتْ مِنْ تحتِ الابحارْ وِالاَّ اقلاعا ً بالهوا فوق طيَّاره
وِالاَّ حَناتيرٍ على القَاعْ سَيَّارْ وِالاّ مراكِبْ عَ الابحور الزَّلالِ
ثلاثِ اسنْينٍ وَالعربْ بَالبلاَوي ذاقوا مِظالْمِ مَعْ عَذاب او مِساوي
كانَ السَّببْ (جمال) باشا خلاوي النَذَلْ نَذَل أوْ لو يسمَّي جمالِ
يَا ظِلُمْ تِركيَّا ، غذا اليوم مَشهور يم العرب سَاقَت ثَلَثمْيِةِ طابورْ
وكما تفاخر وتغنى بالثورة العربية الكبرى كان لقائدها المغفور له الشريف الحسين بن علي وأبنائه من قادة جيوش الثورة نصيبا من شعره يقول فيه:
نَستحِمدَ الباري ، على كِلَّ الادوارْ أَللي حَمانا مِنْ ظلايم هالاشرارْ
بالهاشمي اللِّي كِنَّهْ الذِّيب مِغوار إبنَ الاِجْوادْ إو من افرُوع اطْوال
مِنْ (شان) تِخليص العَربْ مِنْ شِقاها إرخْص ابروحهُ دُوْنها وافْتداها
مِنْ سِريةَ الأتراك (فيصلْ) حَمَانا بَالسَّيفْ كِنْ قَطَّع مَواصِلِ اعدانا
(عبد الله) َ عجمع الامعادي رماها، ألسِّرّيه القشرى ابسيُفه َ حداها
ب ( َ زيد) زاد النا الشَّرف والمقام حرًا َ نهار الرَّيب يروي الاحسامِ
عبدالله العكشة وميزان العدالة
وبينما كان يناضل بقلمه في وجه قوة الاحتلال، لم يعدم البطل عبدالله العكشة الوسائل والحيل ولم يكتف بشعره فقط لمواجهة التجبر والظلم العثماني على أهله ووطنه، فحاول بكل الوسائل الممكنة تعلم القانون ليحاول متى استطاع الدفاع عن أهله بكل الوسائل الممكنة، ونظراً لعدم قدرته على الالتحاق بمعاهد علمية أو جامعات في ظل حالة التجهيل التي فرضتها الدولة العثمانية؛ طلب مساعدة صديقه عودة القسوس حيث كانا يتناقشان دوما في المسائل القانونية وفي مواد مجلة الأحكام وهما يتنزهان في الطريق السلطاني: طريق الكرك – عمان الحالية، وانكبّ على دراسة كتب القانون حتى تمكّن من تحصيل المعرفة القانونية بشكل مفصّل وواسع.
العكشة والمناصب العامة
عين المرحوم (عبد الله العكشة) عضوا في محكمة الكرك في العهد الفيصلي بعد نيل الاستقلال الأولي عن العثمانيين، ثم عيّن في محكمة بداية (إربد) في السنوات الأولى من تأسيس الإمارة الأردنية، وبعد تركه للوظيفة سنة ١٩٢٧ زاول الراحل مهنة المحاماة في الكرك، إلى أن تقاعد سنة ١٩٥٢، فكان عبدالله العكشة المحامي النزيه الذي لا يستلم أي قضيةٍ إلا بعد دراستها جيدا فإن كانت على حق قبلها، أما إن كانت على باطل فكان يرفض استلامها مهما كان الثمن ومهما تكن الفائدة منها، فيما عيّن لاحقا عضوًا في لجنة الدستور الأردني.
سيرة الجَلَدِ والصبر
كان منزل ( الاعكيش ) يومياً لا يخلو من الأصدقاء والأقارب والمحبين حيث يلعبون الشطرنج والنرد وتقام الحلقات النقاشية والشعرية بينهم محولا له لصالون أدبي ثقافي ترفيهي دائم، وفي ذات يوم وفي إحدى الجمعات في منزله مات أحد أطفاله وما كان من عبدالله العكشة إلاّ أن حبس أنفاسه وآلامه بالصبر والكتمان، ونبه أهله بأنه لا يريد أن يسمع صوت بكاء أو صراخ إلى أن يخرج الضيوف مكرّمين من منزله، وفي اليوم الذي تلاه سمع الناس بوفاة ابنه فقاموا بتعزيته بمصابه، وسألوه متى توفي فقال لهم : “عندما كنتم في منزلي ” فتعجب القوم من تحمله المصائب والشدائد ومن جلده وقوة احتماله، ومن اصراره على أن لا يعكر صفو ضيوفه.
كان الراحل البطل عبدالله العكشة ومن هول ما مرّت عليه في حياته من ملمات جلدا صبورًا لا يبكي ميتا، مع أنه في ذات الوقت كان رقيق العاطفة سريعا إلى النجدة، والسبب في أنه لا يقبل أن يحد على ميت، اعتقاده أن ذلك نوع من الاحتجاج على الباري. وأنه من المظاهر الكاذبة، التي لا ترد فائتا!
وفي عام 1922 وبينما كان أهل بيته يعدون العدة لزواجه جائه خبر مقتل ابنه البكر – وكان يبلغ الثامنة عشر من عمره – في الحقل قبل عيد الفصح بأيام، ولكنه لم يقم بالحداد، فقام بتقديم الحلوى للمعايدين والمعزين حيث بعث له الشاعر سالم القنصل قصيدة يقول بها :
يا صاحبي بَلواكْ ما تِقبلَ الطبّ، أما انت رجَّالا ترى الصبر بالله!
اللي جرى هذا سماحا ً امن الرب، يا ربْ صبر أيوب عَ مِثلِ بَلواه،
حزنك شريك اللي تِضَحَّى عن الحبّ، الخلّ والممزوجّ مَنْ هُوْ تِسقَّاه؟
يا ليت إنْ وَاكِدْ خبركم إمكَذِّبْ، يا ربعي ، يا بلواي من عظم بَلواه!
إبراي اني دفنتِ اغلام يلقع على القلب، من عظم حزن اصويحبي كِنْ عزيناه!
يَدوم راسك والقرايب والاصحاب، عَسَى الفقيد الجنَّة الخلِدْ ماواه!
فرد العكشة على صديقه القنصل قائلا :
الموت حق فرض واجب علينا ، من خِلقت الدنيا على الكل محتومْ!
الحمدالله على متا دز لينا، امْرُهْ امْطَاعْ اوْ نِشِكَر هَدايمَ الدومْ!
اغفر لنا يارب عَمَّا جنينا وِالطُف لنا يا راحما ً كل مَظلومْ
وصمَتَ القلم
بقي الشاعر عبدالله العكشة يزاول مهنة المحاماة الى أن تقاعد سنة 1952، وبعدها بقي يمارس الزراعة ومطالعة الكتب وكتابة الشعر، إلى أن توفاه الله بتاريخ 7 شباط 1956.
عاش الشاعر والمحامي مكافحاً بحبه لوطنه والنضال لاستقلاله ومدافعا عنه ضد كل ما يمسه . وسيبقى هذا الشاعر البطل علماً من أعلام هذا الوطن ولتكن قصائده ديوانا في قصص البطولة والفداء في وجه المحتلين وراياتهم.
المراجع :
- المرحوم الشاعر عبدالله العكشة ، معلمة للتراث الاردني، روكس بن زائد العزيزي، مطبعة السفير، 2012.
- عرس البويضا، فريد العكشة، وزارة الثقافة،2011.
- ألفاظ وأشعار كركية، فرّاس دميثان المجالي، مطبعة السفير، 2009.
- الشاعر الشعبي عبدالله العكشة ( عرار الجنوب ) ، الغد، 2006.