ممارسات الدفن عند مجتمعات وادي فينان في العصر الحجري الحديث
Latest articles
December 22, 2024
December 22, 2024
December 22, 2024
تتوالى الاكتشافات العلمية في إذهالنا والتأكيد على حقيقة قِدَم وعُمْق السياق الحضاري والإنساني للأردن والأردنيين . وبالطبع توجد العديد من المواقع الأثرية التي تؤرخ للعصر الحجري الحديث في الأردن والتي بالتالي تؤرخ لبداية تأسيس المجتمعات الإنسانية في العالم. من صيد الحيوانات والترحال إلى الزراعة والاستقرار ومن عدم دفن الموتى إلى دفنهم في المساكن ومن ثم في مقابر منفصلة.
تقدم لكم إرث الأردن ترجمة لأحدث ما اكتشفه الباحثون في ممارسات الدفن في وادي فينان حيث انطلقت أولى المجتمعات الإنسانية في رحلتها نحو الاستقرار والتطور.
في وادي فينان وعلى مسافة 140 كلم جنوب العاصمة عمان تم اكتشاف مقبرة في الموقع الأثري WF16 – العصر الحجري الحديث وعمرها ما يقارب الأحد عشرة ألف ومئتين سنة، وأضاف الباحث أن هذا الاكتشاف يدل على معدل وفيات عال عند تلك المجتمعات المحلية.
يقول الباحث ميثن : “إن هذه المدافن التي تتضمن حديثي ولادة وأطفالا تؤشر إلى ارتفاع معدل الوفيات في هذه المجتمعات الماقبل تاريخية.”
مدافن وادي فينان
لقد دفنت الجثث في قبور محفورة داخل أرضيات المنازل ومن ثم سقفت بالطين والجص، يوضح ميثن مضيفا:” لقد وضعت الجثث في وضعيات النوم، على الجنب ضامة الركبتين إلى الجسد واليدين تحت الرأس”
وتم ملاحظة أن بعض القبور كانت تستخدم لدفن أكثر من جثة، وفي بعض الأحيان كانت تزال عظام الجثة الأولى.”فتحت بعض القبور لإجراء عملية دفن ثانية، وفي بعض الحالات كانت عظام الجثة الأولى تُزال”
وتشير الأدلة إلى أن الجماجم كانت تعرض في المنازل، فوفقا للباحث، في بعض الحالات جلبت الجثث إلى الموقع حيث اكتشف العلماء مجموعات من العظام كانت قد لفت بالجص والنسيج المصنوع من الألياف النباتية.
دفنت كل الجثث في موقع السكن نفسه، فمكان السكن كان مقبرة ومكانا للعيش في آن واحد ويتابع الباحث قوله:”أما في مرحلة متأخرة فقد اتخذت المدافن في وادي فنيان مكانا مختلفا”.
وخلال العصري البرونزي والحديدي، ظهرت المقابر منفصلة عن المساكن، باختلاف أعداد القبور، أحيانا تحت ركام من الحجارة (رجوم)، وأكد الباحث على أن أكبر عدد للمقابر في وادي فينان يعود للعهد الأردني النبطي والروماني والبيزنطي.
ويوضح:” وجدت تلك المقابر بمئات القبور متمركزة حول خربة فينان التي كانت مركزا لتعدين النحاس في فينان، كما حوت القبور جثث الذين عملوا بالتعدين بشكل رئيسي إضافة لعدد من المهن المساعدة كالحدادة والزراعة والتجارة. “وبعد القرن الرابع قبل الميلاد توافرت بعض القبور التي تنتمي لمسيحيين حيث غطت قبورهم بألواح وصليب”؛ ويضيف ميثن أنه تبعا لكونهم من العمال فقد كانت حياتهم صعبة، إذ عانوا كثيرا من الجروح والإصابات والإعاقات”.
ويؤكد الباحث على الجثث كانت قد دفنت دون مرفقات جنائزية ورغم ذلك تعرضت القبور لعمليات السلب والنهب والتخريب مما محا الكثير من المعلومات التي كانت من الممكن أن تكتشف بالتنقيب.
بقايا الجماجم
يؤرخ الموقع Wf16 في العصر الحجري إلى 11,500 -10,200 ألف سنة. وقد بني بشكل رئيس لجامعي الطرائد (البشر الصيادون) “غالبا خيّم الصيادون في الموقع عدة أسابيع كل سنة” يقول الباحث ميثن مضيفا أنهم دفنوا موتاهم في الموقع إشارة إلى ملكيته.
وبشكل تدريجي، عبر السنين، بدأ الصيادون بقضاء وقت أطول في الموقع ويعكس هذا مقدرتهم على صيد الوعل البري وجمع العديد من الثمار والنباتات كالتين والفستق والشعير.
“لقد بدأوا ببناء مباني أخرى من الطيب والجص وبأرضيات تنخفض عن مستوى الأرض، وعندما يموت المواليد والأطفال يتم دفنهم في أرضية المسكن بعدما تترك جثثهم لتجف من سوائلها، وفي بعض الحالات تنقل عظام أكثر من فرد إلى قبر واحد، فعلى سبيل المثال وجدت أجزاء من جماجم سبعة أفراد مختلفين مدفونة أعلى جمجمة فرد آخر”.
“وبالمحصلة، إننا نعتقد بأن تفريقهم بين الحياة والموت كان أقل مما نقبله اليوم، فالمدفن والمسكن واحد يشيران لذلك، إذ اكتشف الباحثون 30 مدفنا تحوي رفات أكثر من 40 فردا”.
ويقول الباحث بأن وضع المرفقات الثمينة مع القبر لم يكن أمرا شائعا في العصر الحجري الحديث :” في بعض الحالات، وضعت حجارة صوانية مفلطحة على صدر الجثة وفي حالات أخرى وضعت بعض الخرزات تبين أنها بقايا عقد أو إسوارة كانت الجثة ترتديها”.
المصدر: