نساء الثورة – نشميات الشوبك

دور النشميات الأردنيات في الثورة

نشميات الشوبك

14329265_968038110007984_605238304_o

لم تغب شمس النشمية الأردنية عن تاريخ البطولة وكانت دوما المرأة الأردنية ركناً لا هامش في تاريخ التضحيات في سبيل استقلال الأردن وأساساً في التنمية في وقت الرخاء ومنذ القدم  وفي عهد الملك الأردني النبطي الحارث الرابع قام بتوثيق العملة الأردنية النبطية بنقش صورته جنباً الى جنب مع زوجته .

وفي العصر الحديث ضربت جداتنا أروع صور البطولة في مواجهة أربع مائة عام من الاحتلال التركي والتجهيل والفقر والسرقة تحت ستار الخلافة والتجارة بالدين  وسارت النشميات جنباً الى جنب مع فرسان العشائر الأردنية  حتى تحقق الحلم الأردني بالاستقلال وعودة الأردن الى مساره الطبيعي في  الحضارة .

ونحاول في هذا البحث المقتضب سرد أبرز المواقف البطولية التاريخية لنشميات الشوبك في رحلة تحرير الأردن من الاحتلال التركي:

محاولة استخدام النساء في السخرة كان مرة أخرى سبب إحدى الثورات التاريخية في الأردن ضد المحتل التركي البغيض وهي ثورة الشوبك

حيث كانت بداية الحكاية عندما حاول رجال الحامية التركية تسخير جداتنا والحرائر الأردنيات الشوبكيات لنقل الماء اليهم من الينابيع التي تجري في الوادي ، وقد أدت هذه المحاولة إلى إثارة رجال الشوبك الأحرار الذين يترفعون عن انحطاط توظيف المرأة في سياق فقه الحرملك التركي فهاجموا الجنود وطردوهم من القلعة ثم تحصنوا داخل اسوارها المنيعة للدفاع عن انفسهم .

يقول سليمان الموسى في كتابه المشترك مع منيب الماضي (الاردن في القرن العشرين) ما يلي:

»على أن رجال الحكومة أنفسهم كانوا كثيرا ما يلحقون الأذى بالأهلين ويوقعون بهم شتى المظالم فيستفزونهم للخروج عن الطاعة وحمل راية العصيان ومن المعروف أن الموظفين والحكام والمسؤولين الذين كانت تعينهم الحكومة لإدارة البلاد لم يكونوا دائما ممن يحسنون الإدارة ويهتمون بمصلحة الاهليين العامة ويقدرون المسؤولية حق قدرها ويراعون عادات البلاد وتقاليدها، ومن أمثلة سوء تصرف مأموري الدولة ان رجال حامية الشوبك حاولوا سنة 1905م، تسخير نساء البلدة لنقل الماء اليهم من الينابيع التي تجري من الوادي وقد أدت هذه المحاولة إلى إثارة رجال البلدة فهاجموا الجنود وطردوهم من القلعة، ثم تحصنوا داخل أسوارها المنيعة للدفاع عن أنفسهم «.

%d8%a3%d8%ae%d9%88-%d8%ae%d8%b6%d8%b1%d8%a9
نشميات الشوبك يشعلن النخوة و الحميّة في نفوس فرسان الشوبك لتخليصهن من السخرة للعثمانيين – لوحة للفنانة هند الجرمي

رفضت الإدارة التركية الممثلة باللجنة التي بعثها متصرف الكرك الى الشوبك شرط زعماء الثورة المتمثل بوقف سياسات القمع تحت قوة جنود الاحتلال التركي من منطلق أن الحكومة لم ولن ترغب أن يفرض الاهلون شروطا عليها « فأرسل متصرف اللواء مئة جندي من الفرسان ومعهم رشاشات للقضاء على الثورة وإلقاء القبض على زعامتها وعسكرت هذه القوة على الجبال المقابلة للبلدة قصد الإرهاب وحمل الثوار على الاذعان، ولكن ثوار الشوبك صمموا على الدفاع وانضم اليهم عدد من البدو المجاورين، وهدد قائد القوة بتدمير القلعة على من في داخلها من الثوار، واشترط المحتل التركي المطالب التالية:

  • اخلاء القلعة من الثوار.
  • تسليم الثوار لأنفسهم دون قيد او شرط
  • عودة رجال البدو إلى مضاربهم قبل حلول الليل
  • عودة الأهالي إلى منازلهم وعدم التجمع بالقرب من القلعة إلى حين استدعائهم للقصاص منهم
  • يرفع زعماء ووجهاء الشوبك الاعتذار الخطي الى الحاكم الاداري.

تدارس زعماء الشوبك مطالب قائد القوة المهاجمة فوافقوا على بعض الشروط خاصة في ظل عدم تساوي موازين القوى مقابل أن توافق الحكومة على مطالبهم، وتلخصت مطالب اهالي الشوبك في :

  • أن تحسن الحكومة اختيار الموظفين والحكام الذي الذين يديرون شؤون الادارة في المنطقة، وأن يكونوا على دراية بعادات وتقاليد أهل المنطقة.
  • معاقبة ومحاسبة قوى الدرك ورجال الحامية الذين اساءوا لنساء بلدة الشوبك ونقلهم من الشوبك نهائيا.
  • منع الجنود من دخول احياء الشوبك إلا في الحالات الامنية الضرورية.
  • يعتبر أهالي الشوبك- رجالا ونساء- غير ملزمين بجلب المياه من الينابيع إلى الحامية وجنودها، وإلى منازل الغرباء مهما كانت صفاتهم ورتبهم
  • اختيار العناصر العسكرية والأمنية وجباة الضرائب من ابناء الشوبك او من ابناء القرى الشوبكية المجاورة.
  • عدم تعرض الثوار إلى المساءلة أو الاعتقال أو الملاحقة الامنية

فهدّد قائد قوات الاحتلال التركي ثوار الشوبك بالإبادة ردا على مطالبهم ، فقرر أهالي الشوبك مقابلة التحدي بالتحدي، فما كان من القوة إلا أن هجمت على البلدة وفتكت بعدد كبير من رجالها، واحتلت القلعة وأخضعت أهل البلدة بأشد ضروب التعسف والتنكيل وشردت الأهالي وصادرت الأموال والممتلكات لتخضع الشوبك إلى فصل طويل من فصول الارهاب الذي مارسه الاحتلال التركي العثماني على مدى قرون، وأقدمت على اعتقال زعماء الثورة وساقتهم الى الكرك ثم نقلتهم الى دمشق للمحاكمة العسكرية بتهمة الخيانة والتمرد والقتل وهم:

  • مصلح الهباهبة
  • مطلق حسن البدور
  • أحمد خلف الغنميين

واستشهد مطلق حسن البدور واحمد الغنميين في السجن بينما أنهى مصلح الهباهبة مدة السجن وهكذا انتهت الثورة ولكن الشوبك سجلت من جديد أروع معاني البطولة في رسم طريق الاردن الشاق نحو الاستقلال وكانت كرامة المرأة الأردنية عنوان الثورة .

المراجع:

  1. طه الهباهبة، الشوبك في التاريخ والوجدان الشعبي،الجزء الاول،ص75.
  2. تاريخ الشوبك 1983-1946م ، فواز عودة الرشايدة.
Scroll to top