سلسلة كنائس الأردن القديمة: كنائس أم الجمال

البرانثوريوم من الجنوب

تعتبر أم الجمال إحدى النفائس الأثرية التي تغني ثقافة وتاريخ بلدنا الأردن. وهذا لأن أم الجمال تحمل بصمة عدة حضارات جعلت الأردن وطنها عبر التاريخ. فقد سكنها الأردنيون الأنباط والرومان والبيزنطيون وصولا إلى الدولة الأموية المبكرة.

الصخور القوية التي استخدمت في بناء الكنائس

لقد بقيت أغلب الآثار سليمة ويعود السبب لقوة أحجار البازلت العظيمة التي استخدمت لتقوية البناء.  لقد ظلت مباني أم الجمال الضخمة صامدة. إن مباني أم الجمال عبارة عن مجموعات كنسية إضافة لمبان أخرى مدنية كالمنازل والمحال وغيرها. شهدت أم الجمال بناء 15 كنيسة تختلف في الشكل والتصميم والوظيفة وكان ذلك في الفترة التي تمتد بين الحكم الغساني – الروماني والبيزنطي.

وتأتي الكنائس في أم الجمال على شكلين: رواقات كنسية وباسيلقا (كنائس مستطيلة) أما القاعات الكنسية فهي طويلة وضيقة وتحتوي على أقواس ودعامات خشبية تحمل الأسقف المسطحة للمبنى.  وتختلف الباسيلقا عن الرواقات الكنسية بكونها ذات شكل مستطيل وصحن للكنيسة وممشى. وتشترك كنائس أم الجمال بكونها جميعا متصلة بمبان أخرى يعتقد بأنها أديرة للرهبان.

وللأسف، فقد تم تأريخ كنيستين فقط من أصل خمسة عشر كنيسة في أم الجمال. تتبع كنيسة جوليانوس نمط الرواقات الكنسية باتخاذها تسعة أقواس مقنطرة وهيكل نصف دائري بارز ومزخرف. وعلى الجهة الشمالية من الكنيسة توجد غرف بثلاثة أبواب تفضي إلى الكنيسة من الداخل.  أما على الجهة الجنوبية، فهنالك باحة ورواق على طول الكنيسة. ليس للكنيسة مدخل مباشر، فالمداخل المتاحة هي فقط تلك التي من المباني المرفقة إلى الكنيسة.  أرخت  كنيسة جوليانوس إلى 345 ميلادي. وتتميز الكنيسة بأنها أقدم الكنائس التي تحمل نقشا مؤرخا من بين كل كنائس العالم. فقد وجد علماء الآثار خلال عمليات التنقيب عام 1993 عدة نقوش باللغة الأردنية النبطية والإغريقية على واجهات المقابر. إضافة إلى ذلك فقد وجد العلماء مبخرة (ثوميستيريون) والتي عادة ما تكون في المعابد الوثنية. إن هذا الخليط من الطقوس الوثنية والمسيحية يثير الاهتمام للغاية.

جزء من الكنيسة في أم الجمال

أما الكنيسة الثانية في أم الجمال فهي “الكاتدرائية” تتبع الكنيسة طراز الباسيلقا من هيكل شبه دائري مزخرف أمام  جنبي الممشى الضيقين. تعد “الكاتدرائية” واحدة من أكبر الكنائس وتقع في الجزء الجنوبي- الغربي من موقع أم الجمال وهي بعيدة عن كل المباني الأخرى.  ويمكن لانعزالها وحجمها أن يدلل على أن لها أهمية خاصة.  بنيت الكنيسة عام 557 ميلادي في أقصى اتساع للديانة المسيحية. وهذا ما يؤكد على أهميتها.

الصليب المسيحي على الكنيسة

الكنيسة المهمة الأخرى هي “كنيسة الشرق” وهي  إحدى أكبر الكنائس في أم الجمال وأكثر سلامة حتى الآن. للكنيسة جدارها الخاص المضموم إلى جدار المدينة. وتتبع الكنيسة الطراز الباسليقي (الطولي) كما هو الحال في الكاتدرائية. وما يميز هذه الكنيسة هو الأرضية الفسيفسائية والتي رغم بساطة تصميمها إلا أنها زينت الأرضية بأربعة ألوان مختلفة. يختلف تصميم هذه الكنيسة عن باقي كنائس أم الجمال فهو يحاكي تصاميم الكنائس في شمال المشرق في الفترة الممتدة بين القرنين الخامس والسادس ميلادي.

تساعدنا كنائس أم الجمال على تحديد هوية أولئك الذين عاشوا في المنطقة. فهنالك الكنيسة المزدوجة التي تقع شمالي شرق البلدة والتي أرفق لها أربع وحدات سكنية. للكنيسة تصميم بسيط ولكنها تحوي نقوشا على إحدى قناطرها وتعود للفترة ما قبل الإسلام.  ويعتقد أن أم الجمال شهدت المرحلة المبكرة من تطور الكتابة العربية كما تبين لنا نقوش الكنيسة. إضافة لنقش الكنيسة فقد اكتشف نقش أموي على عمود بارتيوريوم في “دار الولاية” أي بيت الأمير والذي يقع غرب البلدة ويقول النقش” بسم الله الرحمن الرحيم”  ومن خلال آثار الموقع وتلك النقوش يمكننا تتبع تطور اللغة العربية في الأردن.

وعلى الرغم من أن أم الجمال كانت قد شهدت العديد من الحضارات والعادات والطرز المعمارية إلا أنها هجرت منذ أواخر القرن السابع وأوائل القرن الثامن ميلاي. ويرجح أن السبب في ذلك هو الزلزال الذي حدث في 747 ميلادي والذي دمر المدينة. وبغض النظر عن تلك الكارثة الطبيعية فإننا قد حظينا بفرصة رؤية هذه المجموعة الخلابة من الكنائس التي تعود ل1500 سنة مضت.

المراجع والمصادر

Atlastours.net. (2017). Umm el-Jimal, Jordan. [online] Available at: https://atlastours.net/jordan/umm-el-jimal/ [Accessed 29 Nov. 2017].

Mattingly, G. and de Vries, B. (2004). Umm el-Jimal: A Frontier Town and Its Landscape in Northern Jordan, Volume 1: Fieldwork 1972-1981. Bulletin of the American Schools of Oriental Research, (333), p.91.

رندة فؤاد (2007). “عمارة الكنائس وملحقاتها لـ رنده قاقيش ن عمان: دار ورد الأردنية للنشر والتوزيع.

Ummeljimal.org. (2017). The Umm el-Jimal Project: Archaeological Research, Cultural Heritage Preservation, and Community Development in Jordan. [online] Available at: http://www.ummeljimal.org

Vries, B. (1979). Research at Umm El-Jimal, Jordan, 1972-1977. The Biblical Archaeologist, 42(1), p.49.

Scroll to top