ثورة الشوبك 1905م، هي  واحدة من سلسلة الثورات الصغرى في تاريخ الاردنيين النضالي ضد الاحتلال التركي العثماني، والشوبك مدينة اردنية عريقة وصفت بأنها  قلعة حصينة بين عمان وأيلة قرب الكرك[1]، وجاء اسمها من تشابك الاشجار المحيطة بها[2] قبل ان يتم سحق غاباتها على يد الاحتلال التركي العثماني لبناء قطار قواته وعتادها.

وعرفت باسم مونتريال واشتهرت تاريخيا  بانتاج سكر مونتريال  الذي عرف عالميا

الشوبك 1900 قلعة الشوبك (مونتريال) قلعة تاريخية انشأها بلدوين الأول نظرا لأهمية الاردن الاستراتيجية
الشوبك 1900 م قلعة الشوبك (مونتريال) قلعة تاريخية انشأت نظرا لأهمية الاردن الاستراتيجية وثراء مونتريال وصادراتها العالمية كالسكر

وقد سبقت ثورة الشوبك في تاريخ انطلاقها ثورة الكرك (الهية)عام 1910م وقامت كذلك في الشوبك قبلها ثورة خلاص من الحكم التركي في مطلع عام 1900م، ولكنها ثورة اخمدت وقمعت بقسوة، فاندفاع السكان كان تحت الحاح الرغبة في الاستقلال والانعتاق بدافع التخلص من وطأة الاحتلال وقسوة الحكم التركي، وتميزت الحكومة التركية العثمانية المركزية بتصدير ارهابها الى القوميات الاخرى لتخفي طبيعة الصراع بين ابناء القوميات العثمانية، ذلك الصراع الذي نخر جسم الدولة، وتعد ثورة الشوبك الاولى والثانية من اهم الانذارات بدنو سقوط سلطة الاحتلال التركي بالأردن.

وقد كان الحافز المباشر للانتفاضة الاولى كثرة الضرائب الباهظة التي كانت تنهك كاهل الاهالي بلا أي مردود تعليمي أو صحي أو أمني فهاجم فرسان الشوبك الحامية التركية المعسكرة في القلعة وتسلقوا اسوارها وقتلوا بعض رجالها، وبسب غياب عوامل اندلاع حركة استقلالية شاملة فقد تمكنت السلطات من القضاء على هذه الثورة. وبعد ان طفح الكيل اخذ الشوبكيون ينتظرون فرصة مواتية لكي يترجموا مشاعرهم وجاءت المناسبة عام 1905م[3].

محاولة استخدام النساء في السخرة:

كانت البداية عندما حاول رجال الحامية التركية تسخير النساء لنقل الماء اليهم من الينابيع التي تجري في الوادي الذي ظل حتى الحقبة المملوكية يصدر السكر، وقد أدت هذه المحاولة الى اثارة رجال الشوبك الاحرار الذين يترفعون عن انحطاط توظيف المرأة في سياق فقه الحرملك التركي فهاجموا الجنود وطردوهم من القلعة ثم تحصنوا داخل اسوارها المنيعة للدفاع عن انفسهم،[4]

يقول سليمان الموسى في كتابه المشترك مع منيب الماضي (الاردن في القرن العشرين) ما يلي:

»على ان رجال الحكومة انفسهم كانوا كثيرا ما يلحقون الاذى بالاهلين ويوقعون بهم شتى المظالم فيستفزونهم للخروج عن الطاعة وحمل راية العصيان ومن المعروف ان الموظفين والحكام والمسؤولين الذين كانت تعينهم الحكومة لادارة البلاد لم يكونوا دائما ممن يحسنون الادارة ويهتمون بمصلحة الاهليين العامة ويقدرون المسؤولية حق قدرها ويراعون عادات البلاد وتقاليدها، ومن امثلة سوء تصرف مأموري الدولة ان رجال حامية الشوبك حاولوا سنة 1905م، تسخير نساء البلدة لنقل الماء اليهم من الينابيع التي تجري من الوادي وقد ادت هذه المحاولة الى اثارة رجال البلدة فهاجموا الجنود وطردوهم من القلعة، ثم تحصنوا داخل اسوارها المنيعة للدفاع عن انفسهم «.

رفضت ادارة الاحتلال التركي العثماني الممثلة باللجنة التي بعثها متصرف الكرك الى الشوبك شرط زعماء الثورة المتمثل بوقف سياسات القمع تحت قوة جنود الاحتلال التركي من منطلق ان الحكومة لم ولن ترغب ان يفرض الاهلون شروطا عليها« فارسل متصرف اللواء مئة جندي فرسان ومعهم رشاشات للقضاء على الثورة والقاء القبض على زعامتها وعسكرت هذه القوة على الجبال المقابلة للبلدة قصد الارهاب وحمل الثوار على الاذعان، ولكن ثوار الشوبك صمموا على الدفاع وانضم اليهم عدد من اخوانهم من البدو المجاورين، وهدد قائد القوة بتدمير القلعة على من في داخلها من الثوار،

واشترط المحتل التركي المطالب التالية:

  1. اخلاء القلعة من الثوار.
  2. تسليم الثوار لانفسهم دون قيد او شرط
  3. عودة رجال البدو الى مضاربهم قبل حلول الليل
  4. عودة الاهالي الى منازلهم وعدم التجمع بالقرب من القلعة الى حين استدعائهم للقصاص منهم
  5. يرفع زعماء ووجهاء الشوبك الاعتذار الخطي الى الحاكم الاداري.

 تدارس زعماء الشوبك مطالب قائد القوة المهاجمة فوافقوا على بعض الشروط مقابل ان توافق الحكومة على مطالبهم،

وتلخصت مطالب اهالي الشوبك في :

1-ان تحسن الحكومة اختيار الموظفين والحكام  الذين يديرون شؤون الادارة في المنطقة، وان يكونوا على دراية بعادات وتقاليد اهل المنطقة.

2- معاقبة ومحاسبة قوى الدرك ورجال الحامية الذين اساءوا لنساء بلدة الشوبك ونقلهم من الشوبك نهائيا.

3- منع الجنود من دخول احياء الشوبك الا في الحالات الامنية الضرورية.

4- ان اهالي الشوبك- رجالا ونساء- غير ملزمين بجلب المياه من الينابيع الى الحامية وجنودها، والى منازل الغرباء مهما كانت صفاتهم ورتبهم

5- اختيار العناصر العسكرية والامنية وجباة الضرائب من ابناء الشوبك او من ابناء القرى الشوبكية المجاورة.

6- عدم تعرض الثوار الى المساءلة او الاعتقال او الملاحقة الامنية

فهدد قائد قوات الاحتلال التركي ثوار الشوبك بالابادة ردا على مطالبهم ، فقرر اهالي الشوبك الموت بشرف ولا العيش بمذلة الاحتلال، فما كان من القوة الا ان هجمت على البلدة وفتكت بعدد كبير من رجالها، واحتلت القلعة واخضعت اهل البلدة باشد ضروب التعسف والتنكيل وشردت الاهالي وصادرت الاموال والممتلكات لتخضع الشوبك الى فصل طويل من فصول الارهاب الذي مارسه الاحتلال التركي العثماني على مدى قرون، واقدمت على اعتقال زعماء الثورة وساقتهم الى الكرك فتوترت أجواء الكرك وأنذرت بثورة مناصرة لاخوانهم زعماء الشوبك فتم نقلتهم الى دمشق للمحاكمة العسكرية بتهمة الخيانة والتمرد والقتل وهم:

  1. مصلح الهباهبة
  2. مطلق حسن البدور
  3. احمد خلف الغنميين
  4. صورة للرجلين من نشامى الشوبك قبل الثورة بخمسة اعوام 1900م
    صورة لرجلين من نشامى الشوبك قبل الثورة بخمسة اعوام 1900م

واستشهد مطلق حسن البدور واحمد الغنميين في السجن بينما انهى مصلح الهباهبة مدة السجن وهكذا انتهت الثورة ولكن الشوبك سجلت من جديد اروع معاني البطولة في رسم طريق الاردن الشاق نحو الاستقلال


[1] القلقشندي،أحمد بن علي(ت821هـ) صبح الاعشى في صناعة الانشا، تحقيق:محمد حسين شمس الدين،ج4،ط1،دار الكتب العلمية،بيروت1987،ص162

[2] الرشايدة،فوازعودة الرشايدة ،تاريخ الشوبك 1893-1946م،وزارة الثقافة،ص34

[3] الهباهبة،طه الهباهبة، الشوبك في التاريخ والوجدان الشعبي،الجزء الاول،ص75

[4] المصدر السابق

 المراجع الرئيسية:

  • تاريخ الاردن،سليمان الموسى
  • الشوبك في التاريخ والوجدان الشعبي الجزء الثاني ،طه الهباهبة
  • تاريخ الشوبك 1983-1946م ، فواز عودة الرشايدة
  • الشوبك في التاريخ والوجدان الشعبي الجزء الاول ، طه الهباهبة

ثورات الشوبك: 1900م و 1905م

Scroll to top