الملك المؤسس عبدالله الأول (الأمير في حينه) يفتتح المجلس التشريعي الأول

ما بعد التخلص من الاحتلال العثماني وتأسيس الدولة الأردنية الحديثة بشكل “الإمارة الأردنية” ،  استمرت محاولات الأردنيين لنيل استقلالهم وبناء دولتهم الحديثة، منتهجين في ذلك كل الطرق والأساليب السياسية والعسكرية، من مؤتمرات وطنية وثورات مسلحة ضد البريطانيين وأعوانهم، وبعد ذلك أصبحت الظروف مهيأة لإجراء الانتخابات النيابية وبشكل خاص بعد أن أعلنت الحكومة البريطانية تصريحًا في 25 أيار 1923 ينص على نيتها الاعتراف باستقلال الأردن وتنظيم معاهدة بين الطرفين بهذا الشأن.

وقد صدرت الإرادة الأميرية السامية في أوائل تموز من عام 1923، بتأليف لجنة أهلية من زعماء البلاد، لتقوم بوضع قانون لانتخاب المجلس النيابي، وعلى الرغم من ذلك لم تجر الانتخابات النيابية إلا بعد عام 1928 بسبب مماطلة بريطانيا وخوفها من دخول رجالات الحركة الوطنية الأردنية إلى مجلس النواب واكتسابهم صفة تشريعية، كما تعمدت بريطانيا التأخر في توقيع المعاهدة مع الأردن والتي كانت تشكل مطلباً أساسياً لإقرار الدستور الذي سيتم بناءً على نصوصه استكمال العملية الانتخابية النيابية، ثم اكتشفت الحكومة وبعد التوقيع على المعاهدة الأردنية البريطانية في 20/2/1928 الحاجة لوجود هيئة تمثل الشعب للمصادقة على هذه المعاهدة، بدأت الحياة النيابية تظهر في الأردن وتشكّلت خلال الفتـرة (1928 – 1947 ) خمسة مجالس تشريعية منتخبة.

وقد أُجريت الانتخابات لأول مجلس تشريعي في شهر كانون الأول 1929م، وأشركت الحكومة موظفيها في الاقتراع، وأفراد القوات المسلحة. في ظل مقاطعة المعارضة احتجاجاً على استمرار الوجود البريطاني، ولم يفز من المعارضة سوى ثلاثة نواب، خرجوا عن قرار المعارضة بمقاطعة الانتخابات، هم : نجيب الشريدة ، نجيب أبو الشعر ، وشمس الدين سامي. وانعقد المجلس التشريعي الأول يوم الثلاثاء 2 نيسان 1929م ، وكان برئاسة دولة السيد حسن خالد ابو الهدى رئيس النظار (رئيس الوزراء) . وكانت مهمة المجلس في البداية النظر في المعاهدة الأردنية البريطانية، إما أن يصدقها المجلس أو يرفضها، دون اجراء أي تغيير فيها، حيث تم الموافقة على المعاهدة وتصديقها، وفي أيار 1929 م نُشِر النظام الداخلي للمجلس التشريعي.

المجلس التشريعي

أخذ القانون الأساسي لسنة 1928 بنظام ( المجلس الواحد ) ويتألف من 16 نائبا منتخبا وفقاً لقانون الانتخاب، ومن رئيس الوزراء وأعضاء مجلس الوزراء، وعددهم (6)، وكان أعضاء مجلس الوزراء أعضاء لهم حق التصويت في المجلس التشريعي .

تكوين المجلس التشريعي:

يتألف المجلس التشريعي من أعضاء منتخبين طبقاً لقانون الانتخاب الذي ينبغي أن يراعى فيه التمثيل العادل للأقليات ومن رئيس الوزراء وأعضاء مجلس الوزراء الآخرين الذين لم ينتخبوا ممثلين.

رئاسة المجلس التشريعي :

يرأس رئيس الوزراء أثناء حضوره اجتماعات المجلس التشريعي كافة، وفي حال تغيبه يرأسها الذي يعينه رئيس الوزراء لتلك الغاية من الأعضاء غير المنتخبين وإذا لم يحصل تعيين فيرأس الاجتماع أكبر أعضاء المجلس التشريعي مقاماً من الأعضاء غير المنتخبين.

مدة المجلس:

مدة المجلس التشريعي ثلاث سنوات، ويجوز أن تمدد المدة حتى خمس سنوات بمقتضى قانون خاص أو قانون مؤقت على أن يقتصر هذا التمديد على المجلس التشريعي الموجود عند سن القانون الخاص أو القانون المؤقت.

اجتماعات المجلس:

يجتمع المجلس التشريعي للدورة العادية في اليوم الأول من شهر تشرين الثاني من كل سنة، وكذلك يجتمع المجلس في أي حين يدعوه سمو الأمير للاجتماع بصورة استثنائية، ومدة الدورة العادية ثلاثة شهور قابلة للتمديد والإرجاء من قبل سمو الأمير حسب القانون الأساسي والنظام الداخلي.

النصاب القانوني للمجلس:

تصدر قرارات المجلس التشريعي بأكثرية أصوات الأعضاء الحاضرين ما عدا الرئيس إلا أن يكون القانون الأساسي قد اشترط حصول أكثرية ثلثي أعضاء المجلس، وإذا تساوت الأصوات فيجب على الرئيس أن يعطي صوت الترجيح.

وظائف المجلس التشريعي:

أولاً: الوظيفة التشريعية

تنحصر صلاحيات المجلس التشريعي على إقرار مشاريع القوانين التي يقدمها المجلس التنفيذي، وكذلك اقتراح مشاريع القوانين المقدمة من أعضاء المجلس، وإذا وافق المجلس على أي مشروع قانون لا ينفذ القانون ما لم يقبله الأمير ويقترن بتوقيعه وينشر في الجريدة الرسمية، حيث أن صلاحيات الأمير بالتصديق مطلقه، فإذا رفض الأمير التصديق على أي مشروع قانون أقره المجلس لا يعتبر نافذاً.

ثانياً: الوظيفة الرقابية:

 انحصرت صلاحيات المجلس التشريعي الرقابية على السياسة الحكومية وعلى أي أمر له صلة بالإدارة العامة. فكان للمجلس الحق في توجيه الأسئلة وقبول الشكاوى والبيانات من المواطنين، إلا أن صلاحيات المجلس الرقابية لم ترق إلى مستوى الاستجواب وطرح الثقة بالحكومة، كما لم تكن له سلطة رقابية على المعاهدات والاتفاقيات الدولية، ولا على كيفية منح الامتيازات المتعلقة باستثمار ثروات البلاد الطبيعية.

 

 

المجلس التشريعي الأول

رئيس المجلس

حسن خالد أبو الهدى

مدة المجلس

انتخاب المجلس التشريعي الأول كان على فترات مختلفة باختلاف الدوائر الانتخابية حيث جرت الانتخابات في بعض الدوائر بتاريخ 18/2/1929، وتم انعقاده 2/4/1929 واستمر لغاية 9/2/1931 بعد ما حل نتيجة عدم موافقته على ملحق الموازنة.

 

أعضاء المجلس

أ‌- الأعضاء المنتخبون

1. نجيب الشريدة.

2.عبد الله الكليب الشريدة.

3.عقلة المحمد النصير

4.نجيب أبو الشعر

5.سعيد المفتي

6.علاء الدين طوقان (عين مديراً للآثار في17/10/1929 فاستقال وانتخب بدلاً منه السيد نظمي عبد الهادي في 14/11/1929)

7. شمس الدين سامي.

8. سعيد الصليبي

9. محمد الإنسي

10. بخيت الابراهيم

11. عطا الله السحيمات

12. رفيفان المجالي

13. عودة القسوس

14.  صالح العوران.

15. حمد بن جازي

16. مثقال الفايز.

ب‌- الأعضاء غير المنتخبين

انتخب المجلس التشريعي الأول في ظل حكومة دولة السيد حسن خالد أبو الهدى والتي دخل أعضاؤها في المجلس التشريعي كأعضاء غير منتخبين وهم على النحو التالي:-

1.حسن خالد أبو الهدى.

2.رضا توفيق.

3.حسام الدين جار الله.

4.عارف العارف.

5.عبد الرحمن غريب.

6. ألن كركبرايد.

وخلال فترة انعقاد المجلس التشريعي الأول تشكلت حكومة جديدة برئاسة السيد حسن خالد أبو الهدى في 17/10/1929 حيث دخل أعضاؤها كأعضاء في المجلس التشريعي الأول وهم على النحو التالي :

1.حسن خالد أبو الهدى.

2.إبراهيم هاشم

3.توفيق أبو الهدى.

4.علاء الدين طوقان.

5.عوده القسوس.

6.سعيد المفتي.

 

المراجع :

  •    محمد ربيع الخزاعلة ، الأوائل في تاريخ الأردن الحديث ، ص 26-27 ، 2003 .
  •   هاني خير ، موجز تاريخ الحياة البرلمانية في الأردن ، (1920-1988) ، 1988 ، عمان:مطبوعات مجلس الامة .
  • الموقع الالكتروني لمجلس النواب الأردني.

أول مجلس تشريعي أردني

 منذ بداية تأسيس الدولة الأردنية، بدأت الجهود الفعلية لتأسيس مجلس نيابي في الأردن يمثل البلاد تمثيلاً حقيقياً بفضل اصرار الأردنيين في مؤتمر السلط وأم قيس وغيرها على نشأة الدولة الأردنية التي تمثل طموحاتهم وحقوقهم السيادية، فكانت مساعي الأمير عبد الله بن الحسين – الملك المؤسس- كبيرة لتأسيس دولة عصرية في الأردن تقوم على أسس وقواعد دستورية بدعم شيوخ ووجهاء العشائر الأردنية، حيث قام سموه في عام 1923 بتأليف لجنة ممثلة لكافة مناطق الأردن لوضع قانون للمجلس النيابي والانتخابات النيابية، كما شكل سموه لجنة أخرى من العلماء والمشرعين لوضع لائحة القانون الأساسي ( الدستور ) في كانون الثاني 1923.

وقد صدرت الإرادة الأميرية السامية في أوائل تموز من عام 1923، بتأليف لجنة أهلية من زعماء البلاد، لتقوم بوضع قانون لانتخاب المجلس النيابي، وكانت هذه اللجنة برئاسة السيد سعيد خير، وعضوية شخصين عن كل مقاطعة من المقاطعات الستة لإمارة الأردن، وهي: (عمان / الكرك / مأدبا / السلط / جرش / اربد). وقد انتُخب لعضوية هذه اللجنة، السادة التالية أسماؤهم:

  • عن مقاطعة عمان : سعيد خير وشمس الدين سامي .
  • عن مقاطعة اربد : علي خُلقي وعلي نيازي .
  • عن مقاطعة السلط : محمد الحسين العواملة وسعيد الصليبي.
  • عن مقاطعة جرش : علي الكايد ومحمد العيطان .
  • عن مقاطعة مأدبا : إبراهيم جميعان وإبراهيم شويحات .
  • عن مقاطعة الكرك: زعل المجالي وعبدالله العكشة.

وقامت هذه اللجنة، التي كان مستشارها القانوني إبراهيم هاشم ، بوضع أول قانون للانتخاب على أساس التمثيل النيابي السليم.

المرجع :

  •     محمد ربيع الخزاعلة ، الأوائل في تاريخ الأردن الحديث ، ص 23،24 ، 2003 .
  •    هاني خير ، موجز تاريخ الحياة البرلمانية في الأردن (1920 – 1988) .

أول قانون للانتخابات

على تلة من تلال الحصن ، تجد ذاك البيت القديم ذو العقد المؤابية مثله كمثل باقي بيوت الأردنيين ، إلا أن ذاك البيت تحديداً شهد على أحد معجزات الأردن في القرن العشرين ، هو القلم المبدع و العقل الفيلسوف ، الراهب الناسك، المتبحر في العلوم ، تارةً يلاعب القطط و تارةً يجادل الفيزياء، تارةً يداعب الحمام و تارةً يسطّر جُملاً لو أنها خرجت لحملت بصاحبها فوق الأكتاف وطافت به بين الأجيال ، إلا أن هذه المعجزة بقيت حبيسة غرفتها البسيطة ذات الشباكين ، إنه أديب عباسي الذي شهد له الغريب بقلمه قبل جاره ، همته ، كهمة الفلاحين الأردنيين و عزيمة باديته و أبناءها ، نسير في هذا البحث عبر حياته لنرى كيف عاش وكيف أصبح إبن الأردني و الأردنية ، معجزة .

الميلاد والنشأة

أديب عبّاسي (1905-1997)، أديب ومفكّر وشاعر وفيلسوف وعالِم أردني، وُلد في بلدة الحصن، في بيت العائلة الذي بُني أواخر القرن التاسع عشر على طراز القناطر والعقود وعاش فيه حتى وفاته. عرفه أقرانه منذ صغره على أنه الطفل الذكيّ والموهوب، وكان مرجعًا لزملائه في المسائل الدراسيّة المختلفة، وظل معروفًا في وسطه الاجتماعيّ بهذه الصفة حتى في مراحل دراسته الجامعيّة. كما امتاز بشخصيته التي تحب المجادلات الفكريّة والنقاشات العلميّة مع المثقّفين المحلّيين والأجانب. بالإضافة إلى أنه أتقن اللغة التركية بحكم ولادته في عهد الاحتلال العثماني، وبالرغم من سياسات التجهيل الممنهجة وأساليب فرض الثقافة التركية الدخيلة التي مارستها سلطات الاحتلال العثماني على الأردنيين آنذاك، إلا أن أديب عباسي ومنذ شبابه كان منفتحًا على الثقافات الأخرى، وأتقن اللغة الإنجليزية وتحدّثها بطلاقة، وعبر الموجات الراديوية القصيرة كان يستمع لإذاعات هنديّة وكان يفضّل أصوات المغنّيات الهنديات اللواتي استمع إليهن عبر الإذاعة.

أديب عباسي في كهولته

تعليمه وعمله

تلقّى جزءًا من تعليمه الابتدائي في مسقط رأسه حتى الصف الرابع، ثم وعلى إثر خلافٍ نشأ بينه وبين إدارة المدرسة انتقل، وبحكم نشاط والده التجاريّ، للدراسة في مدينة الناصرة ليكمل المرحلة الابتدائية، وواصل بعد ذلك تعليمه في معهد دار المعلّمين في القدس وتخرّج منه. ونظرًا لتميّزه الأكاديمي حصل أديب عبّاسي على منحة من الإمارة الأردنية آنذاك لدراسة الاقتصاد في الجامعة الأمريكيّة في بيروت، وكان من بين قلّة قليلة من الروّاد الذين حصلوا على منح للدراسة في الخارج، وقبل أن يُكمل متطلبات الحصول على شهادة البكالوريوس أُجْبِرَ على تغيير تخصصة لدراسة اللغة العربيّة وعلم النفس، وتخرّج في العام 1929. وكان إجباره على تغيير تخصّصه قرارًا من سلطات الانتداب البريطانيّة التي رأت فيه أردنيًا ذا تطلّعات تحرّرية، وقد ظهرت عليه ملامح النبوغة والذكاء وصفات الإنسان الوطنيّ الذي لا يرضى لوطنه البقاء تحت رحمة الاعتماد على سلطات أجنبيّة، ولذا استخدمت السلطات البريطانيّة نفوذها لتغيير اختصاصه من الاقتصاد، بصفته اختصاصًا مؤثرًا وحيويًا.

عمل بعد تخرّجه لمدّة عام واحد فقط في وزارة الاقتصاد، وبعد استقالته منها عمل مُعلِّمًا منذ العام 1932 وحتى الأربعينيات، وانتقل خلال هذه الفترة للتعليم في السلط والكرك والحصن، ثم اضطر مجددًا لترك مهنة التعليم بسبب نشاطه الصحفيّ في الصحف المصرية، وتفرّغ بعدها بالكامل لانتاجه الفكريّ وعاش في بيته زاهدًا رغم يسرة حاله.

الانتاج الأدبي

كانت شخصية أديب عباسي متنوّعة وثريّة، اذ تمتّع بنمطٍ فكريٍّ متحرّرٍ ومَرِن، الأمر الذي جعله صاحب أثرٍ ملموسٍ في مجالات مختلفة، سواءً في مجال الاقتصاد الذي درسه في الجامعة الأمريكيّة ببيروت، أو على صعيد المجال التربوي والعلوم والآداب والفلسفة والفِكر الاجتماعيّ، كما أنه كان مُهتمًا بعلوم الفيزياء والفلك، وله كتابات علمية نقد فيها النظرية النسبية للعالم الألماني الشهير آينشتاين.

مارس أديب عباسي الكتابة في سن السابعة عشر، وراسل مجموعة من الصحف الأردنية والسورية والمصرية آنذاك من بينها (الرسالة، المقتطف، الهلال، الرواية)، ونشر فيها مقالاته، كما دخل في مناظرات فكرية مع مجموعة من الأدباء والمفكّرين الكبار في القرن العشرين كان من بينهم العقّاد، وله مقالات في الفلسفة الإسلامية نُشِرَت في مجلّة الرسالة في أواسط ثلاثينيات القرن العشرين.

كتب أديب عبّاسي مجموعة من المخطوطات باللغتين العربيّة والإنجليزية ومنها مخطوط بعنوان “فيلسوف الغابة”، بالإضافة إلى عدد من الكتب كان من أوّلها “عودة لقمان” بعدّة أجزاء، تضمن حكايات خيالية على لسان الحيوانات، مرّر خلالها مجموعة من أفكاره الأدبيّة ومفاهيمه الفلسفية التي تعبّر عن فكره الشخصيّ بأسلوبٍ قصصي مستوحى من بيئته المحلّية والأحداث التي عايشها والمزاج الشعبيّ الذي عاصره أديب عبّاسي في القرن العشرين.

نُشِرَ له بعد وفاته كتاب “بُنيّات الطريق”؛ أي التفرّعات الصغيرة من الطريق الكبير، وقد كتب فيه مجموعة من الخواطر والأفكار والمقولات التي تعالج زوايا فلسفية اهتم بها أديب عبّاسي، منها ما هو جدليّ أو وجوديّ، أو ذات صلة بالقيم والأخلاق الإجتماعيّة، ومما جاء في الكتاب :

  • “المتكبّر كالرّابية الجرداء”
  • “الفضيلة سياجٌ من شوك ليس له باب، يجدُ الداخِلُ والخارِجُ منه صعوبةً على السّواء”
  • “كلّما دَنَت النفوسُ من الأرض، هانَ قِطافُها، شأنُها شأنُ الثّمر”
أديب عباسي مستنداً على باب غرفته

محطات مميزة في حياته

كان الاهتمام الإعلامي بأديب عباسي لا يرقى إلى المستوى الذي يليق بمكانته وانتاجه الفكريّ، ويُعزى ذلك إلى عدة أسبابٍ منها شخصيته التي امتازت بالزهد وعدم اللهث وراء تسويق الذات. في أواسط السبعينيات قام أحد الصحفيين من جريدة الرأي بإجراء مقابلةٍ مع أديب عبّاسي، وبعد نشر المقابلة أحدثت ضجّة في الأوساط الثقافية والإعلاميّة، وسُلِّطَت الأضواء عليه لأوّل مرّة بهذا القدر، وكان من تداعيات هذه المقابلة أن زاد الاهتمام به إعلاميًا على صعيد الإذاعة والتلفزيون والصحف المحلّية، كما نُظِّمَت له مجموعة من الندوات العلمية في عدّة محافظات منها إربد وعمّان.

تفضل جلالة الملك الراحل الحسين بن طلال – رحمه الله – بتكريم أديب عباسي بمنحه وسامًا ملكيًا تقديرًا لمكانته الأدبية وأثره الفكريّ القيّم ، وفي العام 1995 تبرّع سموّ الأمير الحسن بن طلال وليّ العهد – آنذاك – بمبلغٍ ماليٍّ شهريٍّ لأديب عبّاسي وذلك لتغطية نفقات علاجه أثناء إقامته في المستشفى في السنوات الأخيرة من عمره، ولقد كان سموّ الأمير شغوفًا بكتابات أديب عبّاسي، حيث استعار سموّه مجموعة من مخطوطاته باللغة الإنجليزيّة من وزارة الثقافة ليطّلع عليها، اهتمامًا من سموّه بالانتاج الفكريّ والأدبي لعبّاسي.

حياته الشخصيّة

عاش أديب عباسي حياته زاهدًا في بيته الذي وُلِد فيه، وهو بيتٌ بُني أواخر القرن التاسع عشر، واهتم بانتاجه الفكريّ بعيدًا عن الأضواء وحبّ الظهور. كما عُرِفَ عنه قربه من الناس وتواجده في مناسباتهم وتواصله معهم، تمامًا كما هي شخصيّة الأردنيّ المتفاعل مع بيئته والمنتمي إليها مهما بلغ نسيجه الفكريّ من التعقيد. ولم يكن له مزاجٌ غذائيٌ غير الذي يعرفه الأردنيّون في كل بيوتهم، لكنه كان ميّالاً إلى الطعام النباتي أكثر من الحيوانيّ، الأمر الذي يُضاف إلى مميزات زهده وتواضعه وانشغاله بالفكر أكثر من أي شأنٍ من شؤون الحياة اليوميّة، رغم توفّر الامكانيات المادّية لديه للعيش برفاه أكثر.

لم يتزوّج أديب عباسي طيلة حياته، لأنه كان يرى في الحياة عذابًا لا يريد أن يتسبب به لأطفاله في حال أنه تزوّج، ولربما أيضًا أنه كان يعي تعقيدات حياته الشخصية وعدم قدرته على القيام بواجبات الارتباط بالزوجة بسبب انكبابه على الانتاج الفكريّ والأدبيّ. وبالرغم من موقفه الحازم تجاه الزواج إلا أنه وفي إحدى قصائده التي كتبها في العقد التاسع من عمره لام نفسَه على هذا القرار فقال :

عسى الكربَ الذي أمسيتُ فيهِ              يجيئ وراءَه فرجٌ قريبُ

بموتٍ أو حياةٍ لا توالى                        لنا فيهِ بلا عدٍّ كروبُ

وبعد الكلِّ يأتينا مُضاعًا                       أضعْناهُ بحمقٍ لا يتوبُ

كزوجٍ والبنينَ وكلِّ نجلٍ                      كما يختارَهُ أبدًا نجيبُ

كان أديب عبّاسي إنسانًا وادعًا مع البيئة التي يعيشها، وكانت صديقاته الحمائم التي عاشت في “العقد”، بيته، ولم تتركه حتى بعد وفاته، وقال فيها قصيدة جاء في مطلعها :

فيمَ النواحُ لديكما الجنحانُ             يا جارَتيَّ، وباعَها الإنسانُ

بدماغِه، لا بورِكَت من صفقةٍ            أبدًا، لو فيها انبرى سَجّانُ

كما كانت له أسرةٌ من القطط التي تعيش معه وبلغ عددها تسعًا، كُنَّ يشارِكنَه الجلوس والطعام، وفي يومٍ من الأيام تعثّر أديب عباسي بمدفأة الحطب، فاضطر للبقاء في الفراش لمدّة من الزمن، ولاحظ أن واحدةً من القطط حزينة لبقائه في الفراش، فقال القصيدة “أنا وأسرتي من الهررة” التي جاء فيها :

قالوا على الهرّات تحنو               مثلما يحنو على أبنائهم آباءُ

قلتُ : الذين عرفتُهم أبدًا               بهم غدرٌ كما تغدرُ الرقطاءُ

أما لنا الهرّاتُ فهي مُحِبّةٌ              مهما عَرَتْ سرّاءُ أو ضرّاءُ

بل أنّ منها مَن بَكَت كصغيرةٍ         لما عثرتُ وطالَ بيَ استلقاءُ

وفاته

عانى أديب عباسي في سنواته الأخيرة من أمراض الهرم والشيخوخة، وأقام إثر ذلك في المستشفى، وقد كُتِبَتْ تفاصيل الرعاية السيئة التي عانى منها أديب عباسي في الصحف فأثارت اهتمام المسؤولين وعلى رأسهم ولي العهد آنذاك سموّ الأمير الحسن بن طلال.

 أديب عباسي في فراش المرض

دأبت على رعايته ابنة أخيه السيّدة يسرى عبّاسي، التي ربطتها منذ طفولتها عاطفة مميّزة بعمّها الذي كان يبادلها ذات الشعور العائلي الدافئ والخاص، فكتبَ لها كلمة وداع وشكر على رعايتها له :

أرجّي اليُمنَ واليسرَ المُرجّى                  لأهلِ البِرِّ في الكربِ الشديدِ

أرجّيه ليسرى مُذْ رَعَتْني                      ثلاثَ سنينَ في كربٍ مديدِ

تُوفّي رحمه الله عام 1997، وكان قد تبرّع بقرنيّتيه بعد وفاته، وأبصر شخصان الحياةَ من جديد بفضل سلوكه الذي يجسّد كرم الأردنيين وإنسانيّتهم، كما أوصى أن يُدفَن في قبرٍ متواضعٍ يُشاد ببعض تركته، وأن يُكتَب على القبر بيتان من الشّعر يجيب فيهما على أسئلة الناس التي ألحّوا بها عليه عن عدم زواجه :

إنّي شقيتُ ولمْ أُرِدْ             مِثلي هُنا يشقى بَنيّ

أدنى الدُّنى أبدًا لهُ              ذو العقلِ والسّعيِّ الأبيّ

أعماله

لأديب عباسي ستُ وتسعون مجلداً و مخطوطاً غير مطبوع ولا منشور، وهناك كتب احتوت هوامشها على نقد و كتابات بعضها قد سُرق .
لم ينشر للعالم الأردني أديب عباسي إلا بعض الكتب كان أبرزها عودة لقمان كتاب في حكمة الانسان بلسانه وعلى لسان الحيوان وسائر الكائنات و بنيات الطريق : خواطر وآراء في الحياة والأخلاق والاجتماع والفلسفة .

الغلاف الأول للنسخ القديمة من عودة لقمان

المراجع والمصادر

  1. مقابلة لفريق عمل إرث الأردن مع السيدة يسرى عباسي، الحصن، 2017 .
  2. مقابلة لفريق عمل إرث الأردن مع الدكتور مازن مرجي،الحصن،2017 .
  3. النمري ، ناصر(1998) أي الكونين هذا الكون، دار الكرمل، عمّان .
  4. النمري، ناصر(1987) أديب عبّاسي فلسفته العلمية والأدبية، دار الكرمل، عمّان .

الأديب والفيلسوف الأردني أديب عباسي

كانت الكرك قد تحررت منذ فترة من الوجود الفرنجي في المنطقة، وعادت الأمور إلى مسارها الطبيعي فعادت طرق القوافل بالامتلاء وأعيد ترميم قلعتها الشامخة، فكان لعودة النماء في المدينة أن يشهد على ميلاد أحد أهم علماء الجراحة الذي خلدته سطور الكتب وكل من نهل من علمه فيما بعد وبنى عليه مأوى للناس يزيل آلامهم .

كان ذاك العظيم هو أبو الفرج أمين الدولة موفق الدين بن يعقوب بن اسحق بن القف الكركي المعروف بابن القف الكركي، ولد يوم السبت بتاريخ 22 من اب 1233 ميلادية  في زمن الملك الأيوبي الناصر صلاح الدين داود وانتقل مع والده عندما رُقي إلى منصب كاتب قضائي في المحكمة العليا إلى صرخد (صلخد) لعمل والده في ديوان البر هناك ، كان والده طيب السمعة و المجلس و صديق للطبيب المشهور حينذاك ابن أبي اصيبعة الذي قال فيه : ” كان والده موفق الدين صديقاً لي مستمراً في تأكيد مودته، حافطاً لها طول أيامه ومدته. تستحلي الأنفاس مجالسته وتستحلي عرائس مؤانسته، ألمعي أوانه وأصمعي زمانه ، جيد الحفظ للأشعار، علامة في نقل التواريخ والاخبار ….. ” [1] .

ابن القف الكركي – تاريخ الجراحة عند العرب ص302

و في صرخد كان شباب ابن القف الكركي ، فنهل من العلم و حقق الكثير من حفظ و فهم و تحقيق و شرح لكل مصادر الطب حينها على يد معلمه، كما أحاط بمؤلفات أبقراط و الرازي و جالينوس و ابن سينا و المجوسي و الزهراوي غيره و من الطب و أساليبه و ادابه و منهجياته ، توفي معلمه الطبيب ابن ابي اصيبعة عام 668 هجرية بعد ان ترك كتاباً قيماً هو عيون الانباء في طبقات الأطباء و ذكر بها تلميذه الكركي .

انتقل ابن القف الكركي مع والده مرة أخرى إلى دمشق، فكان قريباً من بيمرستان النوري الكبير و القيمري و باب البريد ، ودرس هناك عن جهابذة الطب حينها ، كـشمس الدين الخسروشاهي و علي عز الدين الغنوي و نجم الدين بن المنفاخ ، و علي موفق الدين السامري , و درس أيضاً كتاب إقليدس على يد مؤيد الدين العرضي ، فأصبح ممارساً للطب عن عمر 29 عاماً أي في عام 1262 ميلادية و عيّن طبيبأ في الجيش فرقّي في الرتب و أصبح بعدها مدرساً لطلاب الطب حينها [2] .

قالوا عنه : ” كان فاضلاً، ماهراً، بارعاً في الصناعة الطبية، ظهرت نجابته من صغره

وكان حسن السمت، كثير الصمت، وافر الذكاء عالم بالطب والجراحة. ”  الزركلي[3]

عيّن أبو القف الكركي طبيباً في قلعة عجلون بعد أن كان هجوم التتار هو قضية المنطقة حينها فتمركز هناك و كتب كتاباً أسماه الشافي في الطب في عامي 1271 و 1272 ميلادية ، و كانت الجراحة هي المحور الرئيسي لممارسة ابن القف ، لكنه اهتم أيضا بالجوانب الأخرى للطب ، بما في ذلك علم التشريح وعلم وظائف الأعضاء وعلم الأجنة وعلم السموم والطب السريري والطب الوقائي [4] كما أن الكتاب تألف في أول كتابة له من 12 فصلاً حول مجموعة واسعة من القضايا الطبية. يعتبر هذا الكتاب من أهم مساهمات ابن القف في الطب في عصره ، و محفوظ الان في الفاتيكان و المتحف البريطاني ، وبعدها ألّف أيضاً :

  • جامع العرض في حفظ الصحة و المرض في عام 1274ميلادية ، وكتب فيه الكثير و أجتهد في علم الأجنة فوضع نظريته على نشأة الجنين والمراحل التي يمر بها في نموه ، لا سيما ظهور كتلة رغوية مثل اليوم السادس للإخصاب ، وعلى التكوين المبكر للجنين بعد اليوم الثاني عشر. وتحدث عن كيفية ظهور الرأس بوضوح منفصل عن الأكتاف وأن الدماغ هو أول عضو رئيسي يتطور [5] ، الكتاب مؤلف من 60 فصلاً محفوظة حالياً في المتحف البريطاني .
  • الكليات من كتاب القانون لإبن سينا في عام 1278 ميلادية في ست مجلدات ، وموجود الوقت الحالي في مكتبة الأسد بدمشق.
  • كتاب عمدة الإصلاح في عمل صناعة الجراح (يُعرف بالعمدة في صناعة الجراحة أيضاً) في عام 1281م
  • كتاب الأصول في شرح الفصول في عام 1283 والذي تم العثور عليه في القاهرة واسطنبول وباريس ، وطبع في الإسكندرية في عام 1902 .

و عدة كتب أخرى لم تتم أو فقدت .

كانت مساهمة الجراح الأردني بن القف الكركي في الطب عظيمة ، إذ أن كتابه العمدة هو أول كتاب مرجعي للجراحة و الجراحين ونشر هذا الكتاب في الهند واستخدمه أطباء هنديون في بعض نظرياتهم وكتبهم الطبية و طبع هناك في وقت ليس بالبعيد ! فقد طبع في عام 1937 ميلادية و في الاردن في التسعينات . [6]

يعرف العمدة على أنه أشهر دليل له ، و يتألف الكتاب من 20 كتاباً وتغطي مواضيع جراحية مختلفة باستثناء الجراحة العينية ، التي يعتبرها ابن القف تخصصاً مستقلاً. و حاول سد الثغرات في العلوم الطبية في وقته من خلال كتابة هذا الكتاب .وهذا الكتاب هو أول كتاب من القرون الوسطى (من القرن الخامس إلى القرن الخامس عشر الميلادي) الذي كتب بالعربية وخصص فقط للجراحة. لفترة طويلة ، ظلت هذه الرسالة بمثابة كتاب دراسي للجراحة في الشرق الأدنى [7] ، و برز في وقت كان هجوم التتار يفرض على المنطقة أن تكون أحوج ما إليه إلى المبدعين في مجال الطب ، فكان منيراً محيياً للطب في الوقت الذي بدأ السواد يزحف إلى المنطقة .

قد تكون المرة الأولى في تاريخ الطب ، أن يقترح طبيب استخدام وحدات قياس متماثلة في الممارسة الطبية والصيدلانية . كما أن العالم والجرّاح الأردني  ابن القف هو أول شخصية في تاريخ الطب تقول بوجود الشعيرات الدموية و تفترض أن الأوعية الدموية البشرية عبارة عن نظام وعائي مغلق داخل الجسم .فلعدة قرون قبل ابن القف ، كان الاعتقاد السائد هو أن الشرايين والأوردة تنقل الدم إلى الأعضاء الطرفية حيث يتم استهلاكه و ينتج دما جديدا مركزياً ليحل محل الدم الأول [8] ، كما شرح العالم الاردني ابن القف الكركي وظيفة صمامات القلب وعددها في تأصيل لمساهمة الأردنيين في الحضارة الإنسانية.

ميّز ابن القف بين الآلام و كتب في التخدير ، و صنّف التخدير فقال بأن ” المخدر الأول (أي الحقيقي) هو معارضة أو عكس سبب الألم (على سبيل المثال الجرح) ، أما المخدر ، وهو ما يحتاجه الجراح في هذه الحالة. فإنه يخفف الألم بأربعة طرق: أولا ، من خلال البرودة فإنه يمنع قنوات الروح ويمنع الإحساس المؤلم من الاختراق ، لذلك يقلل من الشعور والألم يخفف أو يمنع . وثانيا ، من خلال البرودة أيضاً، لكنها في هذه الحالة فإنها تقوّي جوهر الروح وتمنعه ​​من الاختراق والتداول. ثالثًا ، يحدث الشعور المؤلم من خلال وجود الحرارة والرطوبة ، ويكون المخدر باردًا وجافًا ، وبالتالي يعاديه. هذا يقلل من قوتها ويجعلها ضعيفة. رابعاً ، بما أن المخدر له تأثير سام ، فإن القوة الحسية تنخفض ، مما يؤدي إلى تقليل الألم “

وكانت الأدوية المستخدمة ، التي وصفت بأنها “مواد تحفز النوم وعدم الإحساس بها” ، في هذا الكتاب هي : الخس ، و القنب و الأفيون و غيرها .

” و الطريقة الأولى (طريقة تخفيف الألم الحقيقية) هي الطريقة المفيدة ولها نتيجة جيدة ، ولكن الطريقة الثانية يمكن أن تخفف الألم أو تستخدم في العلاج (الجراحي) ، لأنها تقلل الألم وتقلل من القوة الحيوية وتصلح المادة المؤلمة إلى العضو. لذا يجب على الجراح استخدامها فقط في مهام عظيمة ” . [9]

يُظنّ أن موضع سكنه في الكرك كان في وادي بن حماد، لوجود جبل هناك يحمل إسم جبل القف و فيه مغارات أثرية كانت اساساً لبيوت أقيمت هناك تُعرف اليوم بإسم “مغاير جحرا” .

توفي الجراح الطبيب العظيم ابن القف الكركي  سنة 1286 ميلادية عن عمر يناهز الاثنين و خمسون عاماً تاركاً خلفه من العلم ما خفف من آلام عصره والعصر الذي تلاه و لعل جزءا كبيرا مما يُدرّس اليوم في هذه المجالات الطبية والجراحية هو بما أنجزه وابتكره وجرّبه لنعيش على التراكم الحضاري الذي تركه لنا الآباء الأردنيين الأوائل والأجداد.

العمدة في صناعة الجراحة
مخطوط نادر ، الصفحات الأولى في الكتاب و يظهر جزء من التصنيف المعتمد حينها في الفهرسة
العمدة في صناعة الجراحة ، مخطوط نادر الفصل السابع في تشريح الأضلاع
العمدة في صناعة الجراحة ، مخطوط نادر
الفصل الحادي عشر في تشريح الشرايين
العمدة في صناعة الجراحة ، مخطوط نادر
الفصل الخامس عشر في تشريح عضل الجبهة

المصادر و المراجع :

اللبدي ، د. عبد العزيز (1992) تاريخ الجراحة عند العرب ، دار الكرمل ، عمّان ، ص 302-313

العودات ، يعقوب (2009) القافلة المنسية من أعلام الأردن ، وزارة الثقافة ، عمّان ، ص 36-42

جبران ، د.نعمان محمود ، و حداد ، د. حنا بن جميل ( 2007) معجم المنسوبين الى الديار الأردنية في المصادر التراثية ، مؤسسة حمادة للنشر والتوزيع ، اربد ، ص 301-302 .

Behnam Dalfardi and Hassan Yarmohammadi , Ibn al-Quff (1233–1286 AD), a medieval Arab surgeon and physician , Journal of Medical Biography 24(1) , 36-37

[1] ابن أبي اصيبعة: عيون الانباء في طبقات الاطباء ، دار الحياة ، بيروت . ص 768 .

[2]  Hamarneh S. Thirteenth century physician interprets connection between arteries and veins. Sudhoffs Archiv Fu¨r Geschichte der Medizin und der Naturwissenschaften 1962; 46: 17–26.

[3] الزركلي – الأعلام -ج 8 / ص 196

[4] Yarmohammadi H, Dalfardi B, Kalantari Meibodi M, et al. Ibn al-Quff (1233–1286AD), genius theorist of the existence of capillaries. International Journal of Cardiology 2013; 168: e165

[5] S. K. Hamarneh, “Ibn Al-Quff”, op. cit.,pp. 238-239.

[6] Hamarneh SK. Ibn Al-Quff (al-Karaki). In: Selin H (ed.) Encyclopaedia of the history of science, technology, and medicine in non-western cultures. New York: SpringerVerlag New York Inc, 2008, pp.1095–1096.

[7] Savage-Smith E. The practice of surgery in Islamic lands: myth and reality. Social History of Medicine 2000; 13: 307–321.

[8]  Azizi MH, Nayernouri T and Azizi F. A brief history of the discovery of the circulation of blood in the human body. Archives of Iranian Medicine 2008; 11: 345–350.

[9] Historical essay: An Arabic surgeon, Ibn al Quff’s (1232–1286) account on surgical pain relief Mohamad Said Maani Takrouri

الجراح الأردني ابن القف الكركي

” الحظّ للجميع ، أمّا الخلود الأدبي و العلمي فهو ، لأولئك الذين بذلوا

زهرة العمر وريعان الشباب ، متناسين كل ما في الحياة من مغريات .”

تحمِل الأردن وجوهاً من طيب, تقاسيمها طيّبة, في عيونها أسراب خير لها تاريخٌ غُرِسَ شجرهُ وحجرهُ بأيدي من غُرِست محبة الأردنِّ في قلوبهم, رَوَت يداهُ الزنابق حتى أينعت هذه الحروف النابضة من قلبٍ مرهف فأزهرت في سبعة أجزاء, ويا للغته الحسناء من نصيب من محبته وتدفق شذى قلبه وأدبه فكان مستطردُ البحث فيها, جامح في عملية بحثه وتوثيقه ,وأحبَّ الأردن حتى أشاد لتراثها الجميل الأصيل المتناغم معلَمَةً من خمسة أجزاء وكأنها مناهل علمٍ ومعالم عز, ومضافات تمدُّ زائرها بالحياة.

 يقتبس الطبيعة الأردنية ويصيغها ويرسمها ويقدم مكتبة أُردنية صورية ومكتوبة اجتهد فيها مواصلاً محبته ودماثة خلقه وتطبُّع الأردن فيه وجهود قلمه وفكره المستنير وذاكرته التي عاشرت وعايشت اللبان والصفصاف والعرعر والطلح والأثل.

وقدَّم الهوية التي لا تبور, والتُراث الزاهي بالطرب والكرم وقوة الرجال والكرامة المقصبة بحقول القمح التي كانت أقوى من عيون العدو, هوية لا تطرف فيها ولا ضيم ولا أرتال من الأحقاد كما قد يبدو الآن بفعل شوائب الزمان. تعلو إنسانيتها و وجدانيَّتُها على كل شيء.

قلبه ناعور من طيب وكرم ومحبة, نَبَض كعين ماءٍ مقدسة لا تخور قواها ولا يقف جريانها, ابن مأدبا الذي نشأ من أمشاج المحبة الأردنية, كان سنداً للمرأة كأنما السنديان, نسوياً من النوع الأصيل المُحق الفاعل وليس القائل وحسب.

ما أشبهَهُ بالجسر الذي يربطُ بين ضفّتين وعرتين ، ذاك الجسر الشامخ الثقافي الذي رَبَط بين قَرونٍ كثُر بها التجّهيل و الظلم و بين قرنٍ كان أقل هوناً على الأردنيين، أطاحَ بالحبرِ الذي في قلمه على أرض الصفحة كما يطرَحُ الجندي بالعدو أرض الميدان في المعركة ، فكان ثابت الخطى و لم يخفف تسارعه يوماً في تجسيد الهوية و الكلمة الأردنية و تأريخها فكتب ما زاد عن 40 مؤلفاً ، منها ما درس منهُ الأردنيون من منهاجٍ مدرسيٍ مقرر في بداية القرن الماضي في مدارسهم فكان خير جندي مجهول من جنودٌ مجهولين كثر ، أيقظوا الأردن القديم العظيم من غفوته كعودة عنقاء نفضت عنها غبار قرون التجهيل .

  • نشأة الحَبَر الأردني

ولد مَعلَمة التراث الأردني روكس بن زائد بن سليمان العزيزي في مادبا في السابع عشر من شهر أغسطس من عام 1903 ميلادية ، لقبيلة العزيزات الأردنية التي تعود بنسبها إلى الغساسنة ، سُمي بروكس تيمناً بعيد القديس ” روش ” الذي تصادف وقوعه في يوم ولادته ، و هو اسم لاتيني يعني المَلِك، بينما يُقال أن تسمية العزيزات تعود إلى سدانة وعبادة العُزّى  .

عُمّد روكس في الرابع و العشرين من ذات شهر ولادته، وأمه هي زعول بنت حنا الشويحات و كان هو السابع بين أخوته على أربعة بنات وخمس من الذكور .

كان لروكس طفولة حازمة و حميمة بنفس الوقت ، إذ أغدق عليه والده جل الاهتمام و الرعاية فكان قد اودعه حين أصاب القرية مرض ولمس أمه بعضاً منه إلى مرضعة من القيسية و إسمها غالية و بقي عندها ثلاثين شهراً و كان ذا عقلية متحضرة متعلمة فقد درس والده في مدرسة دير اللاتين في الكرك كما كانت كذلك أمه ؛ إلا أنه كان صارماً و متديناً و هذا ما عكس على روكس وعلى شخصيته بعض من الصلابة والالتزام والجَلد ، وعند إتمامه السادسة من العمر في 1909 ألحقه والده بمدرسة الدير إلا أنه لم يستطع إكمال تعليمه بسبب وضع الاحتلال العثماني يده على كنيسة مادبا و تحويلها إلى مخزن حبوب و تحوّلت مدرسة الدير إلى ملكيتهم فأوقف تعليمه عام 1914، و عادت المدرسة للتدريس بعد الثورة العربية الكبرى في عام 1918 م .

لم يكتفِ روكس بما كان يعطيه إياه أستاذه حنا بونفيل في المدرسة، فقد حذا حذو والده في الاهتمام بالعلم و الثقافة فكان يتصفح ما لدى والده من كتب في مكتبته الصغيرة و بسبب ذلك حفظ كتاب كليلة ودمنة للجاحظ وهو في عمر الخامسة عشر .

كان روكس بن زائد العزيزي كوالده وكباقي الأردنيين ، لم ينظر يوماً إلى دينه و مذهبه بتعصب ولم يصنف الأردنيين يوماً على هذا الأساس ، فقد درس القرآن والانجيل ومزامير داود والتوراة حتى وحفظ منها وذلك ما دفعه إلى كتابة كتاب ” علي بن أبي طالب أسد الإسلام و قديسه ” فيما بعد .

العلامة الأردني في أحدث صورةٍ له
  • روكس طالباً

كان لروكس نجابة وفطنة و إلتزام بالنظام في بيئة مدرسية لا تختلف كثيراً عن البيئات المدرسية اليوم في أطراف العاصمة وفي المحافظات ، فلم يأفل نور روكس في الإبداع والاندفاع للعظمة بل و كانت بيئته الأردنية سبباُ من أسباب تشكيله .

يذكر العزيزي عن طفولته و دراسته ، فيقول أنه رفض المشهد القاسي للطلبة عندما صحبه والده إلى أٌقرب مدرسة في المنطقة حينها، و لم يكمل يومه الأول حتى هرب قائلاً : “ما ودي هالمدرسة من عين أصلها ” ، وعاش العزيزي تفاصيل البيئة المدرسية الأردنية بانضباطها و شقاوتها و جَلَدها ، فكان شاهداً على سرقة عصا المعلم الصارم بل و دهن يده بدم “الجراذين” (جمع جرذون) حتى لا يشعر بألم ضربة العصا و هذه خرافة يتداولها الأطفال الأردنيين حتى يومنا هذا، ولم يخفِ مقته لصرامة المدير حتى خارج أسوار وأوقات المدرسة.

  • روكس معلّماً

في عام 1909 م بدأ الاحتلال العثماني باقتياد الشباب الصغار للتجنيد الإجباري من أجل حروبها مما جعل والد روكس يصغّر من عمره لفترة، من ثم بدأ روكس وظيفة التعليم في سن مبكرة ، إذ بدأ التدريس في 18-8-1918م أي عن عمر 15 سنة بالضبط و تعب فيها في بادئ الأمر فدرّس العربية وتاريخها و مبادئ اللغة الفرنسية في مدرسة اللاتين في مادبا لسبع سنوات ، وكانت مهنة التعليم حينها ذات تقدير اجتماعي عالٍ مما جعل المعلمين يتنافسون على العمل أكثر بالرغم من رواتبها القليلة والتي كانت تدفع لتسعة أشهر بالسنة على كل ثلاثة أشهر، و لم يكن التعليم مرحلياً إذ كان يقسم الأطفال على مرحلتين ؛ من عمر السادسة إلى الثانية عشر، ومن الثانية عشر إلى عمر السادسة عشر عاماً ، وحين تحررت المملكة من الاحتلال العثماني كان بها ثلاث مدارس : هي السلط ، وعجلون ، و معان بالإضافة إلى مدرسة شبه إعدادية في الكرك .

و كانت هذه المرحلة –أي تدريسه في مادبا 1918-1925 – بداية إهتمام روكس في الكتابة أيضاً فكان يكتب في عدة صحف منها (رقيب صهيون) في القدس ، كما كان مهتماً في القانون لدرجة أنه خوّل للتمثيل أمام المحكمة كمحامي .

 ومن ثم قام روكس بالتدريس في مدرسة السلط لسبع سنوات أيضاً و من ثم انتقل إلى مدرسة اللاتين في 1932 لسنتين فمدرسة عجلون لثلاث سنوات و أسس فيها ما أشبه بنهضة مسرحية أردنية في نادي عكاظ الذي أسسه ومن ثم عاد إلى عمان حتى عام 1942 ، متنقلاً يعلم أبناء هذا الوطن ما يستحقونه من علم حُجب عن ذويهم لأربعة قرون، من محافظة إلى محافظة و من مدينة إلى مدينة .

انتقل بعدها روكس للتعليم في كلية تراسنطة في القدس و ظل فيها حتى حلّت النكبة عام 1948 ، فارتحل عائداً إلى الأردن حزيناً،  وكان قد نُهب منزله ومخطوطاته هناك، وأعاد كتابة بعضها فيما بعد .

انتقل روكس للتدريس مع انتقال كلية تراسنطة إلى عمان فبقي ينهل على أبناء الوطن من عِلمه حتى عام 1956، وفي نفس العام نال دبلوماً في الصحافة من جامعة القاهرة ، من ثم انتقل إلى عدة مدارس في الأردن يُعلّم أبناءه حتى عام 1974 بذل أغلبها في تعليم أبناء الوطن و فضّل ذلك عن باقي المِهن التي عرضت عليه، كرئيس لبلدية مادبا مثلاً .

تأثر العزيزي في فترة تدريسه بالعديد من الاشخاص مثل الأب انستانس الكرملي و ميخائيل نعيمة وسلامة موسى و رشيد خوري وأحمد زكي أبو شادي ، مما جعله يبذل جهداً أكبر في تسليح الأردنيين بالثقافة و العلم فكان يؤسس الفرق المسرحية خلال تواجده في مدرسة دير اللاتين ، وعمل في تأليف المناهج خلال تواجده في مدرسة عجلون، وكان يستخدم آلة “الستانسل stencil ” أو المرسام و هي ورق او الواح رقيقة مفرّغة بالنص المراد طباعته لندرة الكتب المدرسية حينها وصعوبة طباعتها وكان ذلك كله جهد فردي منه ، كما كان يحرص على تعليم الطلاب القواعد والتاريخ  والجغرافيا وبذل اهتماماً في الأنشطة اللامنهجية لما اعتبره جزءاً مهماً في المسيرة التعليمية فكان يسيّر الرحلات المدرسية العلمية و يحرص على التمثيل والمحاضرات والمسرح وبعض الأشغال اليدوية .

الحبر الأردني برفقة الأمير حسن بن طلال
  • زواجه

” الذي من الله عليه بزوجة صالحة فهو إنسان سعيد ، و كذا كانت أم عادل “

تزوج روكس من آنسة فاضلة تدعى هيلانة سليم مرار في 23-3-1923 ميلادية عن عمر عشرين عاماً ، وكان زواجهم قد تم بعد معاناة من قبول الأسرتين لعلاقة والدها السيئة مع والد روكس حتى أنه عندما لم يقدر على منع زواجها منه، خيّرها بين روكس و بين الحياة مع أسرتها ولها ما تريد من الحلي و الملابس ! فاختارت روكس بالخمسين ليرة العثمانية التي استدانها حتى بل وسافرت معه من القدس إلى مأدبا ، وكانت لها أعظم الأثر في معاونته و مساعدته، هذا الأثر الكبير الذي دفعه لأن يكتب فيها المرثية المؤلمة في “جمد الدمع”؛ فقال منها في زوجته :

عرفتك ما أحزنتي قلبي لحظة       فما بالك تنسين في لحظة عهدي

نعيت حياتي فأنعمي عند ربنا       فقلبي دفين في ضريحك عن عمد

وداعاً إلى أن نلتقي عند ربنا      أعاتبك إن كان في العتب ما يجدي

فالمطلع على مذكراته ، سيلمس درجة حب المؤرخ و الأديب العظيم روكس العزيزي لزوجته و مدى تقديره لها ، ولعله ما ورثه عن والده الذي كان الأميز بين رجال مأدبا في تعامله مع أمه –أي والدة روكس- . و لم يقف تميز بيئته هنا بل إن والدته كان أيضاً طيبة و دمثة و لطيفة العِشرة مع زوجة روكس و تعطف عليها كثيراً.

أنجب روكس من الفاضلة هيلانة ، خمسة بنات و ثلاثة أبناء ، و رحلت في 29-1-1981 و بقي مخلصاً لها، فأخوها كان عرض على روكس بعد 40 يوماً على وفاتها أن يتزوج لحاجته إلى معين فقال روكس : “البيت الذي أقمت به معها لا أسمح أن تدخله زوجةً غيرها” و كان ذلك .

و من الجدير بالذكر ، نظرة روكس ين زائد العزيزي للمرأة، ففي معرض مقالته (الاستعمار يعمل لتأخير المرأة العربية) [1] قائلا : ” يخطئ من يظن أن الاستعمار لم يسعَ إلى تأخير نهضة المرأة العربية . و دليلنا على ذلك أن الانجليز عندما استولوا على الديار المصرية سنة 1882م كان أوّل ما فعلوه أنهم أقفلوا مدارس البنات في كل القُطر المصري مدعين أنهم فعلوا ذلك من أجل الاقتصاد، وأبقوا في مصر كلها مدرسة ابتدائية واحدة للبنات هي المدرسة السّنّيّة ترأسها ناظرة إنجليزية . لأنهم يعلمون أن نهضة المرأة هي أساس النهضة الاجتماعية ، وذلك لأن المرأة هي الأصل ، وهي أساس الأسرة ، ومربية الأجيال ” .
كما كتب عما دار في العراق عندما أبدى الملك فيصل الأول حرصه على تعليم المرأة و انتقد العقليات الجامدة التي كانت تقف ضد ذلك .
فنرى أن زائد العزيزي ورّث تحضره إلى ابنه روكس و ابنه ورّثه إلى أسطره، دليلاً على أن التربية و البيئة كانت خير صانع لما تحمله الأكتاف من أفكار و عقائد ، زائد العزيزي نفسه إبن البيئة الأردنية، ذاتها التي كان ملكها الاردني النبطي الحارث الرابع مشاركاً لزوجته الملكة شقيلات عملة الأردنيين الانباط التي جمعت صورتيهما، ذاتها التي حرص العزيزي على ذكر المنزلة الرفيعة عند البدوي لأخته التي قد تصل إلى تلبية “النخوة” عند الشدة بإسمها في الجزء الثاني من معلمة التراث الأردني .

ذاته ذات الأب الذي أبرق إلى إبنه روكس في إحدى فصول الشتاء معلِماً إياه بمرضه، فلما حضر روكس من عجلون إلى مأدبا وجده يقول : ” لا قيمة للمستشفى إذا كنت اليوم غائباً، وأنا اليوم أشعر إني تحسنت لرؤيتك” ! و كان والده قد رحل إلى جوار ربه بعد هذا الموقف بشهر واحد و روكس وعائلته حينها في عجلون .

  • العزيزي و التاريخ الأردني

في يوم من الأيام وكان يوماً ماطراً وأثناء تدريس العزيزي في مدرسة دير اللاتين ، في عام 1922 تحديداً ، مر بأربع جُباة فاسدين يتعلقون بقوّة برجل من بني حميدة و يتناقلوه بينهم و معه “شوال” من الفحم وكان كل واحد منهم يطلب منه نوعاً من الضريبة .
فلما رأى العزيزي قال : ( أنا بوجهك يا النشمي ) ، فقال : (وصلت) ، فدفع العزيزي كل ما طلبوه ، بل و اشترى منه الشوال وأخذه معه إلى البيت وأبقاه عنده تلك الليلة، و في الصباح شكر “الحميدي” روكس و نظم فيه مديحاً من خمسة عشر بيتا ً ، منها :

حياك ربّي كل ما حل طرياك   ولد الأعزيزي يا عقيد النشامى

لو أن نسينا أرواحنا ما نسيناك   و أعيالنا تفداك يا أبا اليتامى

فكّيتني من سرية دون ما انصاك   هذا الكرم والطيب لن فان عامَى

فكان هذا الموقف هو الدافع للعزيزي لتأريخ تاريخ هذا الشعب و محركه ، حيث قال حينها ” هذا شعب يستحق الدراسة ، فهذا العرفان والشعور المرهف الذي جعل هذا الرجل ينظم قصيدة مدح لأمر جدير بالاهتمام ” ، و لم ينسَ العزيزي هذا الموقف و كتب فيه في جريدة الأحوال اللبنانية مقالاً بعنوان (انتصاراً لفتى من قبيلة بني حميدة) .

منذ ذلك التاريخ التجأ العزيزي لدراسة البادية الأردنية ، فظل يتجول بين عام 1922 و 1938 ، و كان يكتب كل ما تعلق بحياتهم بأوراق كثيرة بلا ترتيب، وكان يَسعَد كلما رأى أكوام الدفاتر .

كانت معجزته الكبرى ، كتاب (معلمة التراث الأردني) كطوب لم يبنى فيه بعد، متناثر هنا وهناك تناول ما أحاطت به جدران الأردنيين و أوتادهم من حياة، حتى اتصل به العلّامة الأب أنستاس ماري الكرملي و دفعه إلى جمع قاموس لما كان يورد على اللسان الأردني من لهجة جُملةً و تفصيلا، ووعد الأب بطباعته .

فجمع العزيزي كل ما قدر عليه من كتابة خلال الـ 16 عاماً وأضاف إليها في أربعة مجلدات تزيد عن 1200 صفحة تزن ذهباً، لكن قصور المبلغ المرصّد بما كان بيد الأب الكرملي للقاموس جعل العزيزي يلتجئ لوزارة الثقافة حينها وكان معن أبو نوار حينها وزيراً لها إلا أن الوزارة أيضاً لم تكن ذات حيلة حينها لطباعة هكذا كتاب .

لم يقف العزيزي عند هذا الحد، فطلب منالمشير البطل  حابس باشا المجالي أن ينجده بمطبعة القوات المسلحة فلم يُقصّر وكان ذلك فوراً ، كان هذا الكتاب في غاية الأهمية ، للأردنيين وغيرهم ، فبعدها بفترة ليست بالبعيدة كان الكتاب قد اعتمد في جامعة يوتا الأمريكية وأقر في جامعة باث البريطانية وجامعة السوربون الفرنسية.

الحبر الأردني بحضرة الملك الراحل الحسين بن طلال رحمه الله
  • العزيزي وايليا ابو ماضي

من المواقف التي تُجهَل عن روكس ودوره في حفظ ما انتجه الأردنيون هو في سجاله الطويل مع ايليا أبو ماضي ، حيث أن العلّامة كان قد كتب فصلاً في كتابه و أذيع في منتصف الخمسينات تحدث فيه عن البادية الاردنية في الأدب المعاصر ومن بين هذه الأشعار هي قصيدة لأردني يدعى علي الرميثي وقال أنها أصل لقصيدة مشهورة لإيليا أبو ماضي و إسمها (الطين).

و هذا ما أدى لإشتعال حرب إعلامية بين روكس الذي حاول إثبات الابتكار الأردني وبين إيليا أبو ماضي الذي لم يفوت فرصة لقذف العزيزي والأردنيين بأبشع الصفات والألفاظ بل و أنكر التاريخ الأردني ومقدرة الأردنيين على كتابة قصيدةٍ مثل ما ادعى أنه كتبه، والحقيقة أن علي الرميثي معروف في الأوساط الأردنية ، خاصةً في البادية وهو علي الرميثي الخريصي من الفدعان من عنزة ويعرف في بعض الأوساط بمحمد الدسم الرميثي وقصته مع ابن عمه سالم متداولة، فعلي الرميثي عاش في حدود عام 1880 ميلادية، متخصّراً زنار الجوع و الفقر المدقع، لكن لم يمنعه ذلك من أن يتحزّم بسيق عزته وكرامته و نبله .

أما قصيدته فقصتها أن سالم في إحدى الغزوات قتلت فرسه وأصيب هو وسقط ، فعجل عليه عليّ بفرسه وأنجده فأصبح مديناً له بحكم ما فعله، إلى أن أحب الرجلين فتاةً واحدة وخُيِّرت بينهما واختارت علياً فكره الأمر الثاني . و بقيا على هذه الحال حتى توفيت الفتاة  وذهب علي الرميثي إلى ابن عمه فلم يقم بواجب الضيف كما المفروض و التفت بوجهه عنه.

فقال في مطلع قصيدته الشهيرة :

يا اخوي ما احنا فحمة ما بها سنى   و لا انت شمساً تلهب الدو ضيا

و تعني : يا اخي لسنا فحمة خالية من الدخان والنار ،ولا انت شمس تجعل الفضاء ملتهباً بضيائها وحرارتها .

 وينسخ أبو ماضي :

يا أخي لا تمل بوجهك عني   ما أنا فحمة ولا أنت فرقد

ويقول في موضع اخر :

لصار ما تاكل ذهب يوم تبلى   يا خوي وش نفع الذهب لو تقناه

وينسخ أبو ماضي :

أنتَ لا تأكل النضارَ إذا جعتَ   ولا تشرب الجمان المنضّدْ

ولا نريد أن نخوض في القصيدة أكثر ، فهذا ليس موضع كلامه و القصيدتان معروفتان و للكل حرية المقارنة، إلا أن ما يهمنا في هذا الكلام هو الالتفات إلى واحدة من أكبر المعارك التي خاضها روكس لحفظ الإرث الأردني، وهذا ما يفعله المؤرخ و الأديب الحق المنتمي لوطنه ، إذ أن أبي ماضي لم يُنكر فقط ؛ بل وسرق وأصر على ملكيته للقصيدة بالرغم من نهر الأدباء و المثقفين لأبي إيليا، للهجته مع الأردنيين و لسرقته الأدبية أيضاً .

ومن الجدير بالذكر أنه منذ بداية عهد العزيزي في التعليم كتابته الملاحظات حول الكتب المعتمدة في التدريس، فأفاد و أفاض و ظل ما نهل به في الكتب المدرسية إلى آخر عهده، و كان لاستقراره في عمّان الدافع لإنتاج كتب كثيرة .

أما في معرض ما قاله في سبب إهتمامه في الإرث الاردني و البادية تحديداً فيقول : ” يرى الكثيرون أن البادية مباءة الجهل وموئل الحماقة، ويعتقدون أن البادية لا تنتج إلا فكراً قاحلاً ، وعاطفة جامدة، وقد فات هؤلاء المعتقدين أن أبناء البادية على شظف عيشهم ينعمون بذكاء فطري يقف إزاءه ابن الحضارة دهشاَ – كيف لا و حضارة الأنباط أعجوبة حضارية بكل ما أنتجت و ما سبقهم من حضارة مؤاب و أدوم – [2]. و لبعضهم عاطفة عميقة لا ندرك نحن أبناء المدينة عمقها . ولست في سبيل الاستشهاد و ذكر الأسماء لأن ما أزفه في مطاوي كتابي هذا –فريسة أبي ماضي- سيكون البرهان على صدق ما أقول ” .

و يزيد فيقول : ” قد يرى الناس غير ما نرى ، ونحن لا نجادلهم ، لأننا عرفنا بالخبرة و التجربة أن شر ما في الحياة الجدال العقيم الذي لا تقنعه حجة ولا يقبل البرهان “ .

و لعل ما نعيشه اليوم من تعاملات اجتماعية ما اعتبره العزيزي كنزاً إرثياً تاريخياً، فالمملكة طوال عهد الاحتلال العثماني عانت من الظلم والتجهيل والتهميش الشيء الكثير ، ما أدى إلى ظن الكثيرين أن الاردن لم يملك تاريخاً وأن ولادة الأردن كانت من بداية الاستقلال الاول في 1918 بعد انتصار الثورة العربية الكبرى وتحريرها للأردنيين من حكم المحتل العثماني، وهنا القول بأن الاردنيين لم يستطيعوا الكتابة و التأريخ طوال هذه القرون، فالعزيزي اعتمد على الروايات الشفوية المحلية والاخباريين الذين توافرت فيهم الخبرة و المعرفة فلم يفوّت فرصة المشاركة و الملاحظة المتأنية من معاملات يومية و معايشة للناس و الجيران وزيارة الاحياء الشعبية ومشاركة الفلاحين المواسم الزراعية ومسامرة البدو وكان يضفي عليها تقويمه الذاتي من خلال رؤية نقدية –رؤية العزيزي النقدية كانت معروفة و مشهورة في القرن الماضي بين الأدباء العرب- و مناقشة اختلافات الرأي والروايات حول الوقائع .

” جائت الثورة العربية الكبرى لترفع رؤوسنا و تعزز مكانتنا ، جيش نعتز به ، أمن نفتخر فيه ، جامعات و مدارس ثانوية ، … كانت البلاد في جهالة عمياء … تبدل كل شيء ، و الحمد لله ” . (الرأي 6/3/1998)

جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين مقلداً وساماً رفيعاً للحبر الأردني روكس بن زائد العزيزي
  • من مذكرات روكس و مواقف عصره

روكس و الاحتلال العثماني

لقد عاشر العزيزي الاحتلال العثماني و يذكر ما عاث به في البلاد من فساد، فنراه يذكر الجباة التي ترسلهم الحكومة العثمانية بصورة دورية ، تستولي على 12.5% – 50% من محصول الأردنيين، إلا ما إذا رشي أحد الجباة .

و كانت شدة الجباية عندما اشتعلت الحرب الكونية الأولى -كما اعتاد اصطلاحها العزيزي- ، فراح رجال الحكومة العثمانية ينهبون المتاجر ووضعت الدولة يدها على بيادر[3] الناس ، فيذكر العزيزي أحد الأيام كمثال على ما عاشه الأردنيون تحت هذا الاحتلال، فيذكر أنه في يوم واحد استولى الجيش العثماني من عائلته على حمار وفرس وما تم انتاجه من السمن بالإضافة إلى خمسة آلاف كيلو من الحنطة وباتوا في بيتهم وضربوا والده .

و يذكر أن المجاعة والأمراض تفشت في البلاد ، وكان الهاربون من فلسطين إثر الحرب يبيتون في الكهوف و يفدون على أهل مادبا، ويذكر أيضاً أن الحكومة العثمانية لجأت للتسبب في الفوضى من أجل اخماد أي توجه شعبي، بل ووصلت في الظلم إلى أن مدير المدرسة عندما كان يحاول مع أهل المنطقة بناء مستشفى في مادبا ـ اتهموه بالعمالة لفرنسا لما كان لفرنسا من امتيازات على حماية المسيحيين ولو انها انتهت مع بداية الحرب !

و عند استيلاء العثمانيين على المدرسة التي كان يدرس فيها روكس، كان يُرغم على إلقاء الخطب الموالية للاحتلال العثماني وكان عليه تدريس طلاب أصغرهم أكبر منه بخمس سنين لما أصبح في المدرسة من إهمال و فساد .

و يذكر أنه حين انهزم العثمانيون أمام الجيش البريطاني في مصر في واقعة ترعة السويس ، أقامت المدرسة احتفالاً “وطنياً” ! و قدموا روكس للخطابة كالعادة و كان حينها من الملزم ان يقول جمل مثل : ” باد شاهم جوق باشا ” أي فليعش ملكي كثيراً وجملة أخرى يختم بها و هي ” فلتسقط فرنسا وانجلترا و كل حليفاتها ” . أما حينها فقد اشتدّ بروكس الغضب لما أظهروه من كذب علني وختم الخطاب بـ : ” لتسقط الدولة العلية العثمانية و جميع حلفائها [4] ” ، و كان حينها روكس في خطر الترحيل هو وعائلته إلى أنقرة بالإضافة إلى استيلاء الحكومة على كامل ممتلكاتهم ، إلا أن الامر سوّي بخمس ليرات ذهبية عثمانية و تنكتين من السمن !

  • روكس و التأليف

شهدت حياة روكس استقراراً نسبياً بعد استقرار أموره الوظيفية وحال البلاد حينها , خصوصاً بعد الثلاثينات حيث بذل 56 سنة من حياته في سلك التعليم، مردوفةً بالكم الكبير من التأليف و الجمع والتوثيق، كما كان كاتباً صحفياً فكتب في جريدة الأحوال والعرفان اللبنانية و من ثم صوت الشعب والكرمل والجهاد الفلسطينية و أبولو في مصر وعدد غير يسير في مواضع أخرى .

كانت أول مؤلفاته البحثية عام 1956 و هو كتاب فريسة أبي ماضي الذي ذكرنا منه جزءاً يسيراً، لحقه كتاب مادبا و ضواحيها الذي اشترك فيه مع الأب جورج سابا، وأعطى لمادبا العظيمة حقها فيه فأفاد وزاد .

و ثالثهما كان بحثاً بعنوان (الشعر الشعبي البدوي) ونشر في مجلة الفنون الشعبية الفصلية على ثلاثة أقسام .

أما أكبر هذا الكتب حجماً و هيبةً وأهمية هو (قاموس العادات و اللهجات والأوابد الأردنية) عام 1974 ، وفيه أنجد الأبناء بحبل الأجداد وصنع أداة تربط بين الأردنيين وأرضهم حقا في عهد احتاج فيه الأردنيين منهم من ينحت للكلمة مكانها، ووصيفه كان كتاب المعلمة آنف الذكر، سجل الهوية الأردنية، فكتاب المعلمة لم يترك شيئاً من حياة الأردنيين إلا و تطرق له، فلم يجتزل ولم يختصر ولم يسهب الاسهاب الممل، كتاب سهل القراءة كثير الأفكار سهل الاستخراج.

لحق هذه المجلدات الذهبية العظيمة، عدة كتب تحول بعضها إلى معالم أردنية حولها الاعلام إلى مواد، ككتاب نمر العدوان شاعر الحب و الوفاء حياته و شعره، و فيه توثيق لحياة الشاعر المشهور من لب بيته حيث اعتمد العزيزي على الثقات من أحفاده المباشرين لتوثيق حياته.

تبعه كتاب (الشرارات من هم   تصحيح لأوهام التاريخ) حيث قضى مكان المحامي لقضية لم تكشف عنها مصادر كثر، تبعه كتاب لتوثيق الأعلام في الأردن بعنوان (أحسن ما كتب الأرادنة من سنة 1923-1946) .

” فقد ترك لنا المرحوم أسفاراً خالدة توثق للهوية الوطنية الأردنية، وتشكّل ذاكرة برسم القراءة لكل الذين أصيبوا بفقد الذاكرة ، ورأوا الوطن خيمة في معب ، أما الذين لم يفقدوا الذاكرة ، فإن لهم في هذه الأسفار تعاليل وأسمار ومراق إلى صفاء التاريخ ووضوحه في عتمة أيامهم. “[5]

كتابه الأشهر ، معلمة للتراث الأردني
قاموس الأردنيين و منهجهم
  • وفاته

رحل العلّامة بغير وقع أو صخب، فكان رحيله هادئاً في الواحد والعشرين من شهر ديسمبر بعام 2004 عن عمر يناهز قرابة الـ 95 عام، و كان قد أوصى بمكتبته إلى مجمع اللغة العربية الأردني وأقامت له بلدية مادبا و العديد من الجهات عزاءاً و نعياً سنوياً ، لم ينقطع التأبين عن روكس عن الأردنيين الذين عرفوه وعرفوا قلمه وما سطره ، أمّا روكس ؛ فحاله حال كثيرٌ من الأردنيين، جندي مجهول اخر .

المراجع و المصادر :

  1. شهاب ، د. أسامة (2009) , العلامة روكس بن زائد العزيزي (1903-2004) و جهوده في توثيق اعلام الأدب و الفكر ، ج3/4 ، عمان : الجامعة الأردنية.
  2. شهاب ، د. أسامة (2012)، من مذكرات روكس بن زائد العزيزي : رحلة الحياة ، أيام عشناها ، مجلد 3 ، عمان : الجامعة الأردنية .
  3. النوايسة ، حكمت (2008) ، روكس بن زائد العزيزي و تراثنا – دوره في توثيق الهوية الوطنية الأردنية . جذور الثقافة الوطنية الأردنية ، وثائق المؤتمر الثقافي الرابع ، ص 481-488 عمان .

[1] جريدة الرأي ، 17/7/1996

[2] إضافة و جملة معترضة من كاتب المقالة و ليست للعزيزي

[3] مفردها بيدر ، و هو مكان يُجمع به ما تم حصده

[4] كان الألمان الحليف الأول للعثمانيين في الحرب العالمية الأولى و هم من اعتدوا أصلاً على الجيش الروسي في البحر الأسود عن طريق سفن عثمانية و افتعلوا الحرب و جروا ساحة المعركة من أوروبا إلى هنا حتى شملت البلاد .

[5] – حكمت النوايسة 2008

العلّامة و الحَبَر الأردني روكس بن زائد العزيزي

تحقق ذلك الحلم الأردني في بيروت ، عندما صعد منتخبنا الوطني منصة التتويج في منافسات كرة القدم ضمن البطولة العربية التي استضافتها لبنان عام 1997 ، وكان هذا التتويج الأول من نوعه في تاريخ مشاركات الأردن الدورات العربية الرياضية . وقد فاز الأردن باللقب في المركز الأول بعد المباراة النهائية ، والتي جمعت منتخبنا الوطني مع المنتخب السوري الشقيق في العاصمة اللبنانية بيروت عام 1997م ، وسجل هدف الفوز للأردن اللاعب جريس تادرس ، وهو الهدف الوحيد في المباراة.

 

 

وفي عام 1999 كرر فريقنا الوطني إنجازه الثاني بذهبية كرة القدم ، عندما أُقيمت الدورة العربية التاسعة في الأردن ، حيث وصل للمباراة النهائية المنتخب الأردني والمنتخب العراقي الشقيق ، وأسفرت المباراة عن فوز منتخبنا الوطني بالضربات الترجيحية ، بعد التعادل (4-4) على مدار أربعة أشواط ، في مباراة دراماتيكية ما زالت حاضرة في أذهان الجميع، وذلك عندما تقدم المنتخب الأردني بنتيجة 4-0 حتى الدقيقة 74′ ، ليحقق المنتخب العراقي التعادل بعدها خلال دقائق، واستمر التعادل في الأشواط الإضافية، قبل أن يتمكن المنتخب الأردني من الفوز في ركلات الترجيح.

 

 

المراجع :

  • محمد ربيع الخزاعلة ، الأوائل في تاريخ الأردن الحديث ، ص 164-165 ، 2003

اول كأس وميدالية ذهبية يتوج بها الأردن في بطولة خارجية بكرة القدم

فريق النادي الفيصلي

 

كنا قد تناولنا في موجز سابق ، أول فريق أردني لكرة القدم قد تم تأسيسه ، وقد تطورت الحياة الرياضية في القرن الماضي بشكل ملحوظ ، حيث كان لدينا مع نهاية النصف الأول منه 3 أندية رسمية تمارس لعبة كرة القدم بشكل منتظم ومؤسسي، وقد اتفقت هذه الأندية فيما بينها عام 1944م على إقامة بطولة جماعية بطريقة الدوري ، وكانت هذه الأندية هي : النادي الفيصلي ، النادي الأهلي ، ونادي الأردن، وقد حقق النادي الفيصلي في تلك البطولة أول لقب له بعد فوزه علي نادي الأردن بنتيجة (2-1) ، وعلى فريق النادي الأهلي بنتيجة (1-0) .

 

 

 

 

المراجع :

  • محمد ربيع الخزاعلة ، الأوائل في تاريخ الأردن الحديث ، ص 152 ، 2003
  • الرواد : الرياضة والشباب في الأردن ، سمير جنكات – لطف الله سعد الدويري ، عمان 1999م ، ص36

أول دوري بكرة القدم / أول بطل للدوري

 

الخدمات الطبية الملكية:

تأسست الخدمات الطبية الملكية عام 1941 لتقوم بمهمة توفير الإسناد الطبي للقوات المسلحة الأردنية أثناء العمليات وفي حالات السلم ، وتلعب دوراً في المنظومة الصحية الوطنية وعلى المستويات الإقليمية والعالمية، وهي الجهة المسؤولة عن تقديم الرعاية الطبية والوقاية الصحية لمنتسبي القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والمتقاعدين العسكرين وأسرهم، وهي مسؤولة كذلك عن المستشفيات والمراكز الطبية العسكرية والمعاهد والكليات الطبية العسكرية في الأردن، وتزويد مختلف وحدات الخدمات الطبية بالأدوية واللوازم والمهمات الطبية وغيرها، إضافة لدور الخدمات الطبية في عملية إعداد وتدريب وتأهيل الأطباء والممرضين من كلا الجنسين.

أول مستشفى عسكري :

وقد كان المستشفى الرئيسي في ماركا / عمان ، الذي أُنشأ في تشرين الثاني من عام 1947م ، أول مستشفى عسكري تابع للخدمات الطبية الملكية . وقد تم افتتاحه رسميا ً في 31 آذار 1948م ، وأصبح جاهزا ً لاستقبال المرضى عام 1950.

 

 

 

 

المراجع :

  •   محمد ربيع الخزاعلة ، الأوائل في تاريخ الأردن الحديث ، ص46 ، 2003
  •   مجلة الأقصى ، العدد (679) ، آب 1986م ، ص51 .

أول مستشفى عسكري

Scroll to top