جبال عمان السبعة – الجبل الأخضر

صورة للجزء الشرقي من العاصمة عمان ، تصوير : David Bjorgen

مقدمة

كانت عمان منذ القدم حاضنة بواكير التحضر والمجتمعات الإنسانية، فقد منح نهرها الأرض خصوبة تجعلها كنزاً طبيعياً، ذلك النهر الذي امتد من رأس العين مروراً بعين غزال، ليصب في نهر الزرقاء، فرسم خط التواجد الحضاري الزراعي للأردنيين الأوائل حول مجراه، وكما كانت أوديتها مفعمة بالحياة، كانت جبالها محطّ الأنظار منذ القدم، فترى عمان تتربع على عرشها العالي، والذي يتكون من 7 جبال تشكل جبال عمان السبعة، وتُطلق هذه التسمية على سلسلة التلال التي شكلت فيما مضى ما يعرف حالياً بشرق العاصمة عمان، والتي كانت أساس العاصمة حتى بداية ثمانينيات القرن الماضي، حين بدأت العاصمة بالتوسع بشكل كبير نحو الغرب، وهذه الجبال هي: القصور، الجوفة، التاج، النزهة، النصر، النظيف، الأخضر.

أما بخصوص مناخ تلك المناطق، فيعتمد ذلك على إرتفاع المنطقة، إذ يبلغ مُعدل إرتفاع تلك الجبال قُرابة 825 متراً عن سطح البحر، وتمتد من إرتفاع 750 متراً وحتى 870 متراً. ويبلغ مُجموع الأمطار السنوي في تلك المناطق قرابة الـ375 ملم. أما مُعدل درجة الحرارة العظمى في شهر آب فيبلغ 31 مئوية وفي شهر كانون ثانٍ يبلغ 11 مئوية لنفس الإرتفاع. وفي وسط عمان يتربع الجبل الأخضر، كجارٍ للنهر يحمي منبعه، فيشكل مع بقية جبال عمان مزية مهمة لها ، تعطيها نوعاً من الحماية الطبيعية كما تؤثر في مناخها  لتجعله أكثر رطوبة واعتدالاً.

الموقع والخصائص الجغرافية

نشأت عمان على حافة الصحراء الأردنية في كلتقى ما بين الأخضر والأصفر ما بين الصحراء والسهل وفي رقعة انتقالية تربط بين الإقليمين، الصحراوي والمتوسطي شبه الرطب ، وفي الوقت الذي كانت فيه أودية عمان تمتاز بالخصب نتيجة مرور سيل عمان فيها، ونتيجة لكثرة العيون المائية، كانت جبال عمان دوماً يانعة وخضراء تتلقى نسبة من الهطولات المطرية العالية تساهم في خصوبتها، واعتدال مناخها.

وفي المنطقة الوسطى من عمان يقع الجبل الأخضر، ولعل اسمه يوحي بطبيعته الخصبة النابضة بالحياة ، وهو من أكثر جبال عمان ميلاً وانحداراً، ويصل ارتفاعه في أعلى مناطقه إلى  890 م، وهو يحاذي منطقة رأس العين التي كانت منبع نهر عمان أو ما يسمى بمية عمان، الأساس الذي قامت حوله نواة مدينة عمان الحديثة، التي توسعت لاحقاً واستقبلت المهاجرين الشراكسة.

منطقة الجبل الأخضر – خرائط جوجل

التقسيم الإداري

بدأت مدينة عمان الحديثة عام 1921 كمدينة صغيرة تقوم على الزراعة وتنتج كميات من الحبوب والخضراوات، لكنها توسعت بشكل سريع جداً عقب إعلانها عاصمة لإمارة شرق الأردن فبدأ السكان بالتوافد إليها من داخل الأردن وجواره، و كانت حينها تشتمل على مناطق القلعة واللويبدة وجبل عمان والأشرفية والجوفة، وشيئا فشيئا بدأت تحول نشاطها الأكبر من الزراعة إلى النشاط التجاري، واستمرت المدينة بالتوسع مع تدفق اللاجئين الفلسطينيين بعد النكبة، وكان التزايد في أعداد المهاجرين إلى عمان نتيجة الهجرة الاختيارية أو القسرية  يفرض التوسع في حدود المدينة فاتسعت حدودها الإدارية لتشمل بالإضافة إلى السفوح المطلة على الأودية، أعالي الجبال، ودخل الجبل الأخضر في حدود عمان في التوسعة الثالثة خلال الأعوام  (1959-1968)، أما في الوقت الحاضر فيتبع الجبل الأخضر في التقسيم الإداري لأمانة عمان لواء قصبة عمان، كحيّ من أحياء منطقة بدر التي يبلغ عدد سكانها حسب التعداد العام للسكان والمساكن لعام (2015) 229308 نسمة.

الكثافة السكانية

على الرغم من خصوبة التربة في الجبل الأخضر، ونسب الهطولات العالية وإن كانت غير منتظمة، وعلى الرغم من أنها بيئة ملائمة للزراعة، حال التوسع العمراني دون استغلال هذه الأرض بالزراعة، فتحول الجبل إلى منطقة سكنية ذات كثافة سكانية عالية، نظراً لقربه من وسط المدينة، الذي شكل بؤرة التوسع السكاني، إذ تتوافر معظم المرافق والخدمات و تنتشر الأسواق الشعبية التي يعمل فيها قطاع عريض من أبناء المجتمع وفئاته، ونظراً للكثافة السكانية فإن تنظيم المباني والسكن فيها يتبع للقطاعين (ج) و (د)، بيوت صغيرة المساحة، ومتقاربة بشكل كبير.

العمران

كانت بيوت الجبل الأخضر في بداية التوسع العماني إسمنتية بسيطة، ثم ازدادت أشكالها تعقيداً وتطوراً مع التوسع بعيداً عن مركز المدينة، وازداد بناؤها متانة وصار الحجر ومواد البناء الحديثة تدخل في بنائها، ولا يزال الجبل الأخضر محتفظاً بالإضافة إلى المباني الحديثة ببيوته القديمة، في بعض حاراته وأحيائه كحي العماوي، وكثير من هذه البيوت بحاجة إلى ترميم لاستدامتها، خصوصا أنها ما تزال مأهولة بأصحابها .

 وتتميز المنطقة المنحدرة من الجبل بأدراجها القديمة الطويلة التي تقطع مناطق مختلفة من الجبل هبوطاً إلى سفوحه، فتوفر وسيلة مناسبة للتنقل في المناطق المنحدرة بأمان حتى الوصول إلى مناطق عمان الأخرى، وتتفاوت هذه الأدراج في عمرها وشكلها ومواد بنائها، فمنها القديمة الخرسانية التي تعرضت لتأثيرات كثيرة بفعل عوامل  الزمن جعلتها بحاجة إلى الترميم، ومنها التي بنيت من الحجر لتكون قادرة على الصمود مدة أطول.

 ولهذه الأدراج قيمة عالية فهي تشهد لعمان بهويتها الجبلية، وفي هذه الأيام تحظى الأدراج القديمة بمحاولات للعناية بها وتجميلها من قبل أمانة عمان وبعض الشباب المبادرين، لتصبح مظهراً فنياً بالإضافة إلى كونها مظهراً تاريخياً، أدراج بقيت قائمة منذ عقود لتوثق نشأة عمان الحديثة وتوسعها وتطورها .

المراجع

صالح،حسن1980 : مدينة عمان دراسة جغرافية منشورات الجامعة الأردنية

موسى،سليمان 1985:عمان عاصمة الأردن ، منشورات أمانة عمان

 مجموعة مؤلفين ، واقع الزراعة الحضرية في مدينة عمان ، منشورات مؤسسة ruaf

http://alrai.com/article/10443242/محليات/أدراج-عمان-ارث-عريق-ومقصد-لاختصار-أزمات-وسط-البلد تم النشر في 8-7-2018

Scroll to top