مقدّمة

تتبعنا في الأبحاث الماضية من حقل إرث الاستقلال كيف تجاوز الاحتلال العثماني الأردن من حساب سلاطينه في شؤون البناء والتنمية، واستمرار سياسته في الحكم بالوكالة التي اعتمدت على نهب خيرات البلاد وسرقة قمح حوران وتحطيم غابات السلط والشوبك والطفيلة ووادي موسى وفرض الضرائب الجائرة على الأردنيين وجلب أبنائهم للتجنيد الإجباري لخوض حروبهم التوسعية والقمعية للشعوب الثائرة وقد استمر انشغال المحتل العثماني المستمر بتوطيد عاصمته في الأناضول، ثم انشغل بتوسيع احتلاله للشعوب والدول، بينما تركت بلادنا مهملة من حكم غير شرعي، بل وافرغت من كل عناصر التطور ومسبباته، وجلبت أموالها وغيراتها وأيديها العاملة إلى العاصمة العثمانية لتطويرها على حساب الأردن والأردنيين.

والدارس لحقبة التحرر من المحتل العثماني والراصد للثورات الأردنية الصغرى يدرك كيف كانت الحكومة العثمانية تتصرف في حكم البلاد، إذ أناطت مسؤولية أمن المنطقة بشيوخ العشائر الأردنية ولم تستخدم حامياتها وسجونها إلا لقمع الثائرين من الأردنيين الأحرار، وجعلت لغة الترهيب والقمع والإبادة العرقية الممنهجة لغتها الأساسية في التعامل مع العشائر والقبائل إذ سيّرت الحملات العسكرية من جنودها المرتزقة واحدة تلو الأخرى وبلا هوادة أو انقطاع، بينما أشاعت في أحيان كثير سياسة “فرّق تسد” بين القبائل الأردنية، حتى لا تتوحد كتيار استقلالي تحرري من المحتل العثماني فتشكّل قوة خطيرة يصعب مواجهتها وهو ما كان في الثورة العربية الكبرى، واستمرارا لمسلسل الخسّة والغدر المعروف عن العثمانيين وسلاطينهم فقد استخدموا الحيل وأخذ الرهائن للضغط على العشائر الأردنية وفرسانها وشيوخها تارةً وتارات أخرى عبر الإعدام على المشانق والاغتيال بالسُّم وهو أشهر عاداتهم في التعامل مع شيوخ العشائر الأردنية كما فعلوا مع الشيخ البطل الشهيد قدر المجالي.

قبيلة الحويطات الأردنية والاحتلال العثماني ( علاقة متأزمة )

  لم تسجل ذاكرة الأردنيين وروايتهم الشفوية ولا حتى كتب المؤرخين والمستشرقين أدنى حد من العلاقة المعقولة بين العشائر الأردنية والمحتل العثماني، ليست هذه العلاقة بالطبع بمختلفة أو حاملة لأي تمايز عن تلك التي جمعت الاحتلال العثماني مع أي قبيلة أو عشيرة أوحاضرة من الحواضر الأردنية على حدّ سواء، ويمكن لنا أن نقرأ شكلها ومضمونها بلغة الأرقام للتدليل على حقيقتها، إذ شهدت الأراضي الأردنية منذ اللحظات الأولى لاحتلال العثمانيين للمنطقة عددا واسعا من الثورات يتجاوز الـ 53 ثورة صغرى مما تم تدوينه وتوثيقه، وقد استعرضنا عددا كبيرا منها في حقل الثورات الأردنية الصغرى، وفي ذات السياق وعلى ذات الحال لم تكن حال العلاقة بين قبيلة الحويطات الأردنية والمحتل العثماني بالأفضل على الاطلاق . إذ لم تشهد العلاقة أي زيارات رسمية أو شبه رسمية، ولم تذهب وفود من قبيلة الحويطات وشيوخها إلى الحكومة التركية في أي مناسبة اطلاقا . ما عدا تلك الوفود المشكلة لاستقبال قوافل الحج لرفادتها واستلام الأموال من أمراء الحج العثمانيين مقابل توفير خدمات الحماية والضيافة لقوافل الحج العثمانية.

ومن الواضح أن الاتصال الوحيد الذي يذكر ـ كما تقدم ـ هو في باب أخذ المستحقات المالية في موعدها، من باب أنه حق واجب على الحكومة العثمانية لهذه العشائر، بدليل أن العشائر الأردنية كانت تثور فورا إذا أحسّت بأي تلاعب من قبل الولاة العثمانيين في أمر هذه المستحقات إذ عادة ما كان أمراء الحج العثمانيين يسرقونها لجيوبهم ويسيّروا حملات القمع للعشائر الأردنية ليمتنعوا عن دفع حقوقها المالية.

وكانت قبيلة الحويطات الأردنية كما هو حال باقي القبائل والعشائر الأردنية تعتبر أرضها ملك ارادتها ولا تدين للمحتل العثماني بطاعة أو ولاء، كما لم تخضع للاحتلال العثماني، ورفضت على وجه الدوام الانصياع لرغبته بتجنيد أبنائها حتى لو كان الأمر بالإكراه والإجبار، بينما يتضح الموقف العام لقبيلة الحويطات الأردنية تجاه العثمانيين عندما أمدّت قوات الثورة العربية الكبرى بالمال والسلاح والرجال والأرواح وقدّمت فيالق من الفرسان والمحاربين والشهداء .

الشيوخ التسعة

وكما هو ديدن المحتل العثماني في الغدر والخسّة وحالما شعر بأن النفس التحرري الاستقلالي قد بدأ بالاشتعال بشكل متزايد، خطّط الوالي العثماني في دمشق لوأد الحركة في مكانها، وحبكت الخطة أن يقوم باستدعاء شيوخ الحويطات التسعة واعدامهم مرّة وحدة بعيدا عن أهلهم وقبيلتهم ومنعا لقيام ثورة سريعة ومباشرة ضد المحتّل العثماني تكلفه جميع حامياته العسكرية في المنطقة، ومن هنا أوهم الوالي العثماني في دمشق كبار شيوخ قبيلة الحويطات التسعة أنه يرغب في حضور شيوخ قبيلة الحويطات الأردنية لاستلام مستحقات القبيلة المالية، وقد رشّحت عشائر الحويطات كبارها لهذه المهمة كالعادة، وتحضّر شيوخ عشائر النجادات والجازي والتوايهه والزوايدة والمراعية والسليمانيين والعمران والسعيدين والرشايده لهذه المهمّة، ورغم التردّد الكبير من قبلهم وشعورهم بأن مكيدة ما يتم تدبيرها من المحتّل العثماني، إلا أن اخلاصهم للقبيلة وشعورهم بالمسؤولية تجاه تأمين رزق أبنائها في ظل انقطاع موارد التنمية الأخرى أجبرهم على الذهاب وتلبية رغبة المحتل العثماني، وما أن وصلوا مقر الوالي العثماني حتى أمر باعتقالهم جميعا وقطع رؤوسهم، في استمرار لمسلسل الظلم العثماني ولا انسانية ولاته وسلاطينه.

 وقد ظن المحتّل العثماني أنه بارتكابه لهذه المجزرة الرهيبة ورفضه تسليم جثامين الشيوخ التسعة لقبيلة الحويطات ، سيخيف شيوخهم وفرسانهم فلا يقومون بأي تمرد في المستقبل، لكن الجواب كان قادما لا محالة.

 

( الغدر ) درب المحتل العثماني

وفي مؤامرة عثمانية أخرى في القرن التاسع عشر، ولتأديب قبيلة الحويطات وقمع النفس الثوري المشتعل في صدور أبنائها ولتصاعد المطالب المنادية بالاستقلال وضرورة دفع المبالغ الواجب دفعها لقاء حماية قوافل الحج العثمانية خاصة بعد أن ازدادت حالات التلاعب بأمر الصرة من قبل الوالي العثماني في دمشق ورغبته الخاصة بتغيير طريق الحج عن مناطق القبائل الأردنية التي اعتمدت في رزقها على خدمة الحجاج وحمايتهم ، وفي ذات الوقت الذي فرض فيه المحتل العثماني ضريبة جديدة على المواشي.

ولقمع الثورة في مهدها احتجز الوالي العثماني ثلاثة شيوخ من قبيلة الحويطات الأردنية هم الشيخ سالم بن نجاد ومعه اثنين من شيوخ عشيرة المطالقة من قبيلة الحويطات وتم سجنهم لفترة طويلة بعد أن تم استدراجهم بالحيلة والخديعة. كان الشيخ سالم بن نجاد أكبرهم سنا، وقد دبر الشيخ البطل ابن نجاد خطة لتهريب كل من الشيخين الآخرين، بعد ان أقنعهما بأن يسيرا إلى قبيلة الحويطات والعشائر الأردنية الحليفة لها كقبيلة بني عطية في البادية الأردنية الجنوبية ليحرضوهم على الاستمرار في إعلان الثورة ضد الاحتلال العثماني، وقطع طريق امداد الجيش العثماني الذي يمر بالمنطقة، ومهاجمة كافة الحاميات والقلاع والسجون العثمانية فيها .

ومن ثم شهدت العلاقة بين قبيلة الحويطات والاحتلال العثماني العديد من المواجهات المباشرة والدامية، وخاصة بعد تأسيس لواء الكرك عام 1892. إذ تُظهر وثيقة من وثائق (ميرزا وصفي )[1] عام 1893م رفض قبيلة الحويطات عموما وعشيرة الجازي بقيادة الشيخ عرار بن جازي تحديدا دفع الرسوم الضريبية المفروضة على الأغنام و الأبل.

كتاب من متصرف معان إلى رفعت بكباشي البوليس ميرزا وصفي حول رفض قبيلة الحويطات دفع الضرائب بالعثمانية؛ حقوق النشر محفوظة لدى دائرة المكتبة الوطنية
كتاب من متصرف معان إلى رفعت بكباشي البوليس ميرزا وصفي حول رفض قبيلة الحويطات دفع الضرائب – منقولة للعربية؛ حقوق النشر محفوظة لدى دائرة المكتبة الوطنية

وفي عام 1894 وبعد امتداد سلطة الاحتلال العثماني نحو معان والمناطق التي يمتدّ فيها نفوذ وانتشار قبيلة الحويطات، رفض شيوخ عشيرة الحويطات وعلى رأسهم الشيخ عرار بن جازي أن يتنازلوا عن أي شكل من أشكال السيادة والحكم الذاتي للحكومة العثمانية وقام الشيخ عرار بن جازي – وكردٍّ مباشر وصريح على الرفض المطلق للاحتلال العثماني – بشن هجوم سريع ومباغت على القوة العسكرية العثمانية في معان، واستطاع فرسان عشيرة الحويطات قتل عددا من جنودها، قام الاحتلال العثماني بعدها على الفور بمطاردة الشيخ عرار بن جازي والقبض عليه بالخديعة وسجنه في سجن الكرك، وأفرج عنه بعد عامين بعد ضغط متواصل من شيوخ ووجهاء العشائر الأردنية وفرسان قبيلة الحويطات[2].

من اليمين : الشيخ البطل عرار بن جازي ( أبو حمد ) وأخيه الشيخ الفارس عبطان بن جازي (عبطان الخيل )، الصورة من مجموعة المستشرقة البريطانية جرتروود بيل في رحلتها الى منطقة البادية الاردنية ، عام 1868

قامت سلطة الاحتلال العثماني بمحاولة جديدة لإجبار قبيلة الحويطات على دفع ضرائب سنتين مقدما، وأرسلت سرية عسكرية لجمعها، فأبى الفارس البطل الشيخ عودة أبو تايه الدفع فقام جنديان عثمانيان برميه بالرصاص غدرا فلم يصيباه، فردّ عليهما بالمثل وقتلهما بينما فرّ باقي الجنود العثمانيين خوفا من ذات المصير[3].

ثورة الحويطات 1898

كانت حادثة أسر الشيخ سالم بن نجاد وأبناء عمومته من شيوخ المطالقة  قد ألهبت النّار في نفوس فرسان قبيلة الحويطات، وما أن وصل شيوخ عشيرة المطالقة إلى مضارب القبيلة بعد هروبهم من السجن بفضل الخطة المحكمة للشيخ ابن نجاد، سارع هؤلاء ببث دعوة الشيخ السجين إلى شيوخ القبيلة وحلفائها، واشتعل طلب الثأر في صدورهم ، فانطلقت الثورة عام 1898 حيث عمدت قبيلة الحويطات إلى الثورة ضد العثمانيين، وأعلنت نيتها الاستقلال المطلق عن الدولة العثمانية، نظرا لاستفحال حالة التهميش للمنطقة وغياب جهود التنمية والبناء وإدارة المنطقة بعقلية المزرعة عبر جمع الضرائب دون مردود أو مقابل ومن ثم امتناع الدولة العثمانية عن دفع حقوق القبيلة المالية لقاء حمايتها لقافلة الحج الشامي وتأمينها باحتياجاتها في الخانات والقلاع المتوزعة في مناطق انتشار ونفوذ الحويطات، بالإضافة لقيام الدولة العثمانية بمد خط سكة القطار العسكري العثماني والذي وجد أصلا لقمع ثورات الأردنيين وإحكام السيطرة والقبضة على المدن الأردنية ومن ثم جمع الضرائب وفرض التجنيد الاجباري بالسرعة التي يريدها الباب العالي وظهر الأثر الاقتصادي السلبي بشكل واضح وصارخ على مصالح قبيلة والعشائر الأردنية المقيمة قرب طرق الحج، والتي كانت تعتمد بالمطلق على الضرائب والأموال التي تجنيها لقاء حماية قافلة الحج الشامي[4]، في الأراضي الممتدة من معان إلى تبوك في ظل غياب أي مورد آخر للرزق مع تضخم حالة التهميش العثماني وحكم المنطقة بالوكالة.

أعلن فرسان الحويطات وشيوخهم الحرب على العثمانيين ورفعوا راية الاستقلال عن حكم المحتل العثماني، وقد هوجمت كافة الحاميات العثمانية بضراوة وشجاعة منقطعة النظير، وقطع طرق إمداد الجيش العثماني في الجنوب، ودبّ الرعب في صدور الجنود العثمانيين وقادتهم، فأرسلوا للوالي يطلبون النجدة، فأرسل الوالي العثماني في دمشق جيشا كبيرا لبث الرعب في قلوب الأردنيين، لكن قبيلة الحويطات وحلفائها من العشائر الأردنية لم تخش قوة الجيش العثماني، واستمرت في ثورتها بمواجهة الجيش العثماني الجرّار الذي هزم من قبل فرسان العشائر الأردنية على أعتاب البادية النبطية الأردنية التي قهرته لمرّات عدة.

و بعد فترة وجيزة اصطدمت عشيرة أبو تايه مع قوة عثمانية مكوّنة من عشرة فرسان بقيادة قائمة حامية الاحتلال العثماني في الكرك سليمان آغا، ولمّا حاولت القوة العسكريّة العثمانية أخذ الإبل المرافق لعدد من فرسان العشيرة، أسرع فارس شاب من عشيرة أبو تايه راكبا فرسه يتبعه فارسان من العشيرة وتوغلوا بين القوة العسكرية العثمانية وأفرغ بندقيته على القوة فوقع أحد الجنود العثمانيين صريعا، وامعانا في الرد على البطش العثماني ضرب الفارس الحويطي بأخمص بندقيته رأس قائد القوة العسكرية  العثمانية سليمان آغا فأسقطه من حصانه على الأرض وأخذه أسيرّا، وعلى إثر بطولة فرسان الحويطات فرّ جنود الحامية العثمانية إلى مدينة الكرك ليحتموا في قلعتها، ودون أن يستطيعوا سرقة أي رأس من إبل الحويطات، تاركين أحد الجنود العثمانيين غارقا في دمه، وقائدهم أسيرا، أخذت هذه القصة تنتشر بين فرسان العشائر الأردنية كالنار في الهشيم مشعلة الرّغبة بالخلاص من هذا المحتل.

وعندما شعر الوالي العثماني أن الأمور تخرج عن سيطرته بشكل متسارع على نحو لا يمكن معه استيعاب ثورة الحويطات ومع وصول الأخبار إليه بانتشار الثورة كالنار في الهشيم في صفوف العشائر الأردنية القريبة من الحويطات، وتحت الضغط الشديد أمر بالإفراج الفوري عن الشيخ سالم بن نجاد واضطر مجبرا للتخلي عن رغبته بإعدامه حتى لا تمتد الثورة أكثر، واستطاعت قبيلة الحويطات بإسناد من فرسان العشائر الأردنية أن تحصد النصر وتفرض شروطها على المحتل العثماني المنهزم أمام سنابك خيلها.

الحويطات وثورة الكرك 1910

تكررت محاولات قبيلة الحويطات الانفصال عن الدولة العثمانية منذ عام 1898 عبر ثورتها العارمة وصولا إلى مشاركة فرسانها بعد سنتين من ثورة الحويطات في ثورات الشوبك عامي 1900 و 1905، ومن ثم مشاركتهم بفعالية في ثورة الكرك ( الهيّة ) عام 1910.

و إبان ثورة الكرك عام 1910 شاركة قبيلة الحويطات مشاركة فاعلة في الهجوم على محطات سكة القطار العسكري العثماني والحاميات العثمانية في معان والشوبك وغيرها من المواقع وذلك نصرة لإخوانهم من عشائر الكرك ولتضييق الخناق على العثمانيين ومنعهم من إمداد الحامية العثمانية المهاجمة للكرك، إذ تورد جريدة المقتبس، تقريرا مفصلا للهجمات التي قام بها شيوخ الحويطات خلال هذه الثورة، حيث تورد كيف توّجه الفارس البطل عبد القادر بن صالح المجالي إلى قبيلة الحويطات في منطقة الجفر، وضافوه في مضاربهم مدة ثلاثة أيام حسب أعراف الضيافة عند العشائر الأردنية، ومن ثمّ اتّفق مع شيوخ عشيرة الحويطات على إعلان الثورة في الكرك وتم التخطيط عسكريا على دور العشائر الأردنية فيها ودور قبيلة الحويطات على وجه الخصوص، ولمّا انطلقت الثورة بقيادة الشيخ البطل قدر المجالي ووصل الخبر إلى الحويطات قاد الشيوخ الأبطال محمد بن دحيلان أبو تايه، وزعل بن مطلق أبو تايه، وعودة بن زعل أبو تايه هجوما واسعا على الحامية العسكرية العثمانية في معان، بينما هجم الشيخ البطل محمد بن عرار الجازي وعدد من فرسان عشيرة الجازي على مأموري معان ( مكاتب الإدارة العثمانية )، كما هاجموا محطة التلغراف العثماني في ضانا لقطع خطوط التواصل العسكري مع حامية الكرك، وباغتوا المحطة البحرية العثمانية في العقبة، في ذات الأثناء هجم الشيخ البطل حمد بن عرار الجازي وعدد من فرسان عشيرة الجازي على سكة القطار العسكري العثماني وعدد من محطاته، بينما هجم الشيخ البطل سحيمان الجازي وعدد من الفرسان، على مكتب جابي الضرائب العثماني ( كامل أفندي ) والسرية العسكرية العثمانية المرافقة له في الشوبك، بينما هاجم الفرسان عرسان بن ذياب ومفلح أبو ركيبة وعدد من فرسان الحويطات على عدة محطات للقطار العسكري العثماني وأحرقوها، وهاجم الفرسان جراد بن حرب العودات ونهار صباح العودات الحامية العسكرية العثمانية في الطفيلة.

الفرصة الحاسمة

شعرت قبائل الحويطات بشيوخها وفرسانها ونشمياتها بقرب فرصة الخلاص النهائي من المحتل العثماني لما تسامعوا بأنباء الثورة العربية الكبرى، فانضموا لصفوفها وقاد شيوخها وعقداء الخيل فيها الصفوف الأولى لقوات الثورة العربية الكبرى حتى تكللت الجهود بتحرير الأردن وتطهيره نهائيا من الاحتلال العثماني.

    

المراجع

  1. النجادات، نايف محمد، الحويطات ودورهم في الثورة العربية الكبرى، عمان، 1989م.
  2. بيك، فريدرك، تاريخ شرقي الأردن و قبائلها ، الأهلية للنشر والتوزيع، عمان ، 2004 .
  3. الشرعة، ابراهيم ، موقف القبائل البدوية من قافلة الحج الشامي و الخط الحديدي الحجازي ، الدارة ، العدد 4 ، 1426 هــ .
  4. دائرة المكتبة الوطنية،  الوثائق الخاصة، مجموعة ميرزا وصفي .

[1] مجموعة ميرزا وصفي، وثيقة رقم م و 1/21/1. تاريخ 8/10/1310 هــ

[2]  فريدرك بيك ، تاريخ شرقي الأردن و قبائلها ، ص 231.

[3] المرجع السابق،  ص 232.

[4] الشرعة ،ابراهيم ، موقف القبائل البدوية من قافلة الحج الشامي و الخط الحديدي الحجازي، ص :65-35.

ثورة الحويطات 1898

شاطئ البحر الميت الشمالي 1862

مقدمة

اتسمت المملكة الأردنية المؤابية بكثرة صراعها مع جوارها حسب بعض المؤرخين، وخصوصاً العبرانيين، إلا أن هذه السمة سمةٌ اعتباطية فيها الكثير من التعميم وتستند إلى بعض الحروب والصراعات التي خاضها أجدادنا الأردنيون المؤابيون، تناست هذه القراءة أن نشأة هذه المملكة الأردنية اعتمدت بالأساس على قدرتها العالية على صهر المكونات المختلفة في ثقافتها، وأنها نشأت أيضا في لحظة تاريخية كان بإمكان أجدادنا الأردنيين المؤابيين أن يلغوا كامل ثقافة ووجود الإميين الذين استطاعوا انتزاع النفوذ منهم، لكنهم آثروا الاندماج واحترام الوجود الإيمي، وعلى الرغم من ذلك فإن أكثر الملوك الأردنيين شهرة والذين وصلتنا أخبارهم ارتبطت أسماؤهم بصراعات وحروب كان لا مفر منها في ذلك الوقت، وفي بحثنا هذا سنحاول استعراض سيرة موجزة لأبرز الملوك الأردنيين المؤابيين وما استطعنا الوصول إليه من معلومات عن فترة حكمهم.

الملك الأردني المؤابي بالاق

وادي الموجب 1900 نهاية القرن التاسع عشر شمال الكرك وعرف بنهر ارنون وتم ذكره في مسلة ميشع الملك المؤابي الأردني قبل الميلاد (2)

حكم الملك الأردني المؤابي بالاق مع بداية استقرار القبائل العبرانية في المنطقة، ويرد اسمه في المصادر التاريخية على أنه بالاق بن صفور ملك المؤابيين، الأمر الذي يؤكد عراقة النظام السياسي الذي بناه الأردنيون المؤابيون في تلك المرحلة، على عكس ما تناقض به المصادر التاريخية نفسها حين تقول أن نشأة المملكة الأردنية المؤابية تزامنت مع وجود العبرانيين في المنطقة.

تذكر المصادر التاريخية أنه عند استقرار بعض القبائل العبرانية بالقرب من عربوت مؤاب وهي المنطقة المحاذية لوادي الأردن من شمال البحر الميت حتى وادي نمرين، قام أجدادنا الأردنيون المؤابيون بدعوة العبرانيين على ولائم ذبحت قرابيناً للآلهة الأردنية المؤابية فلبّى العبرانيون دعوتهم وشاركوا في الطقوس التعبدية للآلهة الأردنية المؤابية، وشربوا نبيذ العنب الذي صنعه الأردنيون المؤابيون، ووصل بهم الأمر أن سجدوا للآلهة الأردنية المؤابية، هذا الفعل ولد حقداً مستمراً لدى العبرانيين، حيث اتخذوا أناشيد السخرية التي كان يطلقها شعب المملكة الأمورية شمال وادي الموجب في مواجهة الأردنيين المؤابيين، وبدأ كهنتهم بإطلاق اللعنات على الشعب الأردني المؤابي، وقد كان هذا كله استثماراً للدين في الحرب السياسية وغطاءً على أطماعهم في الأراضي الأردنية الواقعة شمالي وادي الموجب (أرنون).

تنبه الملك الأردني المؤابي بالاق إلى جدية المسألة مبكرا، فأرسل في طلب الكاهن الأردني المؤابي الأكبر بلعام ليرد اللعنات على العبرانيين، إلا أن الكاهن بلعام استطاع تقدير الموقف، وتوازن القوى بين الأردنيين المؤابيين وبين العبرانيين المنتشين بنصرهم، فلم يقم برد اللعنات مما يحمل رسالة واضحة للملك الأردني المؤابي بالاق بعدم التهور والاشتباك مع العبرانيين والعمل على تعظيم قوة الأردنيين المؤابيين وانتظار الوقت المناسب، وهذا ما فعله الملك بالاق، واستطاع الحفاظ على السلم في المنطقة لما يقارب الجيلين من بعده.

الملك الأردني المؤابي عجلون

بعد سنوات من حالة التوازن الحذر التي عمت المنطقة، استطاع الأردنيون المؤابيون بقيادة الملك الأردني المؤابي عجلون اعادة سيطرتهم الكاملة على أراضيهم الواقعة إلى الشمال من وادي الموجب (أرنون)، والمسماة عربوت مؤاب، وعقب ذلك استطاع الملك الأردني المؤابي عجلون استثمار الحالة السياسية القائمة وتشكيل حلف يجمع الأردنيين المؤابيين والأردنيين العمونيين والعماليق، حيث أن الأردنيين العمونيين هم بطبيعة الحال حلفاء أبناء عمومتهم الأردنيين المؤابيين، فيما استطاع الملك عجلون استغلال طموح العماليق في العودة إلى أراضيهم بالإضافة لكراهيتهم للعبرانيين، وتوظيفها في تشكيل هذا الحلف الذي استطاع الدخول في عمق أراضي العبرانيين، وفرض السيطرة على أجزاء مهمة منها.

عندما استقر الأمر للملك الأردني المؤابي عجلون، وثبت نفوذه على بشكل كامل على الأراضي التي اجتاحها، قام بفرض الجزية على القبائل العبرانية القاطنة تحت سلطته، واستطاع أخذ الجزية منهم لمدة ثمانية عشر عاماً، في ذلك الوقت كانت إحدى القبائل العبرانية الخاضعة للسلطة الأردنية المؤابية وهي قبيلة بنيامين قد ضاقت ذرعاً بالحال القائم، ولكنهم جبنوا عن المواجهة المباشرة مع الملك الأردني المؤابي عجلون.

رتب أحد زعماء قبيلة بنيامين، وهو أهود البنياميني أمر اغتيال الملك الأردني المؤابي عجلون، حيث زار الملك في معسكره أثناء حملة تفقدية للمناطق الواقعة تحت نفوذه لتقديم الجزية والهدايا، حيث قدمها ثم انصرف ليحاول بث الطمأنينة في قلب الملك وحاشيته، ثم ما لبث أن عاد مدعياً أنه يحمل نبوءة حول الحروب التي سيخوضها الملك عجلون، بالإضافة إلى معلومات عن أعداءه، وطلب أن يجتمع بالملك وحيداً ونتيجة للمقدمات المطمئنة، ولاستبعاد الملك وحاشيته أن يتجرأ العبرانيون على إثارة غضب الأردنيين المؤابيين، فقد وافقوا على أن يجتمع بنيامين بالملك وحيداً، وحينها استطاع بنيامين أن يغتال الملك عجلون ويلوذ بالفرار، واستغل العبرانيون حالة الفوضى القائمة لدى الأردنيين المؤابيين عقب مقتل ملكهم، واستطاعوا الخروج عن السيطرة المؤابية، فيما حاولوا التوغل داخل الأراضي الأردنية المؤابية ولكنهم لم يفلحوا.

الملك الأردني المؤابي كموشيت

قلعة الكرك إبان ثورة الكرك حبث وجد حجر كموشيت

المعلومات الواردة عن الملك الأردني المؤابي كموشيت معلومات ضئيلة، حيث وجدت في إحدى الحفريات الأثرية في محيط قلعة الكرك (قير مؤاب) قطعة حجرية متشظية عن مسلة كتب فيها أربعة أسطر تحمل اسم الملك الأردني المؤابي كموشيت، ويعتقد أن هذه المسلة توثق إنجازات الملك العمرانية، والجدير بالذكر أن الملك كموشيت هو والد الملك الأردني المؤابي ميشع.

الملك الأردني المؤابي ميشع

مسلة ميشع
Henri Sivonen from Helsinki, Finland – Mesha Stele
aka. the Moabite Stone (2007-05-19T14-10-19.jpg)

تعرض أجدادنا الأردنيون المؤابيون  قبيل تولي الملك الأردني المؤابي ميشع لحالة من الضعف، استطاع  العبرانيون خلالها فرض سيطرتهم على المنطقة، إلى أن استطاع ميشع استثمار الروح الوطنية الرافضة للخضوع لدى أجدادنا الأردنيين المؤابيين، وقاد ثورة عظيمة استطاع خلالها تحطيم النفوذ العبراني وملاحقتهم داخل حدودهم وفرض السيطرة المؤابية على أجزاء واسعة من أراضي مملكة يهوذا، الأمر الذي أعطى دافعاً لأجدادنا الأردنيين الأدوميين والأردنيين العمونيين للانقضاض على مملكتي يهوذا واسرائيل.

ولم تتوقف إنجازات الملك الأردني المؤابي ميشع على الانتصار في الحروب بل إن انجازاته الحضارية كانت أكثر أهمية، حيث أطلق ثورة زراعية تهدف إلى تنظيم النشاط الزراعي وتضخيم مخرجاته، جنباً إلى جنب مع نشاط عمراني ضخم، حيث عمّر المدن والقرى المخربة، وأنشأ مدناً حديثة، كما قام ببناء معابد للإله الأردني المؤابي كموش، وقام أيضاً بتوثيق تجربته في نقش على مسلة حجرية تعتبر ذات أهمية تاريخية كبيرة بالإضافة إلى المصداقية لتغطية تلك المرحلة الهامة من تاريخ الإقليم التي تعرضت لكثير من الاختلاق والتشويه.

المراجع

  1. A.H.Van Zyl، تعريب وإعداد، ياسين، د. خير نمر، (1990)، المؤابيون، الجامعة الأردنية عمان
  2. أبحاث إرث الأردن، الملك الأردني المؤابي ميشع
  3. أبحاث إرث الأردن، المملكة الأردنية المؤابية – مراحل القوة والضعف

المملكة الأردنية المؤابية – الملوك

جدول أبجدية الخط الأدومي

مقدمة

تعتبر المصادر الكتابية العائدة إلى المملكة الأردنية الأدومية الأقل مقارنة بتلك المصادر الكتابية العائدة إلى المملكة الأردنية المؤابية والمملكة الأردنية العمونية، وتعتبر هذه المصادر الكتابية أحد أهم المصادر لتوثيق أسماء الملوك في عصر الممالك الأردنية الثلاث، بالإضافة لأسماء الملوك الواردة في المصادر التاريخية وفي الحوليات الآشورية، وفي بحثنا حول ما يتعلق بالملوك الأردنيين الأدوميين اعتمدنا على الثلاثة مصادر سابقة الذكر، محاولين توثيق ما نستطيعه حول هؤلاء الملوك الأردنيين، رغم شح المصادر حول المملكة الأردنية الأدومية، وبخاصة الكتابات التي تعود للأردنيين الأدوميين حيث لا وجود لنص طويل متماسك مثل نص مسلة ميشع لدى أشقائهم الأردنيين المؤابيين، أو نقش قارورة تل سيران لدى أشقائهم الأردنيين العمونيين.

طبعة ختم أدومي- موقع تل خليفة (Gluek 1938: Fig.6)

الملك الأردني الأدومي هدد بن بدد

ورد في المصادر التاريخية اسم لملك أردني أدومي هو الملك هدد بن بدد، ومما ذكر عن هذا الملك الأردني الأدومي أنه كان أميرا أردنيا أدومياً في الفترة التي استطاع فيها الملك العبراني داوود هزيمة أجدادنا الأردنيين الأدوميين والسيطرة على بلادهم عقب قيامه بمجزرة دموية أرهبت الشعب الأردني الأدومي، وقد استطاع هذا الأمير في ذلك الوقت اللجوء إلى مصر في حماية الفرعون المصري في ذلك الوقت ماراً بمدين ثم فاران حتى وصل إلى مصر، وتؤكد هذه المصادر أن الأمير الأردني الأدومي هدد بن بدد قد تزوج بأخت زوجة الفرعون واسمها تخفيس، وأنجبت له من الأبناء جنوبت، في تأكيد على عمق العلاقات السياسية التي جمعت المملكتين حينها، ويبدو أن هذا الأمير قد عاد إلى الأراضي الأردنية الأدومية، وبدأ يجهز للحرب ضد العبرانيين، حيث قام بحفز الروح الوطنية لدى الشعب الأردني الأدومي، كما جهز العدة لمحاربة المحتل العبراني والانتقام للمذبحة التي ارتكبت بحق شعبه، وقد كانت شرعيته كأحد أبناء العائلة التي تحكم المملكة الأردنية الأدومية سببا ليلتف الأردنيون حوله، بالإضافة للشعور الوطني الذي لم يرضَ بقبول الهزيمة والخضوع بأي شكل من الأشكال لحكم وظلم أجنبي.

استطاع الأردنيون الأدوميون وتحت قيادة الأمير هدد – الذي أصبح ملكاً – الانتصار على العبرانيين وانتزاع تحررهم الوطني في جو من الحماس الوطني الأردني حيث تتالت الانتصارات الأردنية على العبرانيين في كل من الممالك الأردنية الثلاث، واستطاع الملك هدد الدخول في عمق مملكة يهوذا وإخضاع مساحات واسعة من أراضيه لنفوذ مملكته ولم يكتفِ بدحر العبرانيين فقط.

الملك الأردني الأدومي قوس جبر

طبعة الختم الملكي الأردني الأدومي – أم البيارة

عثرت الحفريات الأثرية في المناطق العائدة للمملكة الأردنية الأدومية على عدة طبعات أختام، منها طبعة ختم أم البيارة، والذي يعتبر الختم الملكي الوحيد الذي عثر عليه في المنطقة ويعود للعصر الحديدي، يحمل الختم ثلاثة خانات، الخانة الوسطى تحتوي على شكل أسد مجنح، الأمر الذي يؤكد أن هذا الختم ختم ملكي.

ويتوسط رسم الأسد المجنح سطرين كتابيين:

  • السطر الأول: ق و س ج (ب ر)
  • السطر الثاني: م ل ك أ (د م)

فيما أجمع أغلب الباحثين رغم تعرض حروف الختم لبعض التشوه على التفسير التالي للسطرين:

  • السطر الأول: قوس جبر
  • السطر الثاني: ملك أدوم

ولقد فسر الدارسون للغات القديمة الإسم بشقيه، حيث يأتي الشق الثاني جبر من نفس الجذر اللغوي “جَبَرَ” والمنتشر بكثرة في لغات المنطقة، ويعني القوة والقدرة أي الجبروت، وجاء الإسم جبر مقترناً مع الشق الأول قوس وهو اسم الإله الوطني لدى أجدادنا الأردنيين الأدوميين، ويذكر أن عبادة الإله قوس استمرت حتى عهد الأردنيين الأنباط، ويمكن تفسير الاسم ب المستمد قدرته وقوته من الإله قوس، ولقد ورد اسم الملك الأردني الأدومي قوس جبر في الحوليات الأشورية في زمن الملوك الآشوريين أسرحدون وأشور بانيبال وقد حور الإسم باللغة الآشورية ليصبح قوس جبري، وقد ورد من ضمن أسماء الملوك الذين بعثوا بالهدايا للبلاط الآشوري.

الملك الأردني الأدومي قوس ملك

الملك الآشوري تجلات بلاسر الثالث

ورد في الحوليات الآشورية في زمن الملك الآشوري تجلات بلاسر الثالث ذكر للملك الأردني الأدومي قوس ملك، كأحد الملوك الذين بنوا علاقات دبلوماسية تجارية وسياسية مع الأشوريين وقدموا الهدايا للبلاط الملكي الآشوري وقد كتب وفقاً للغة الآشورية قوس ملكو، ويتكون الإسم من شقين الشق الأول قوس وهو إسم الإله الوطني لدى الأردنيين الأدوميين، مقروناً مع ملك، ويمكن تفسير هذا الإسم بأنه يعني أن المُلك للإله قوس، والجدير بالذكر أن إسم هذا الملك الأردني الأدومي الوارد في هذه الحولية الآشورية (744- 727 ق.م) هو أقدم ذكر للإله الاردني الأدومي قوس.

المراجع

  1. ياسين ، د. خير نمر (1994) ، الأدوميون ، الجامعة الأردنية ، عمان .
  2. جتاوية، نداء (2012)، مفهوم الإثنية في علم الآثار: دراسة تحليلية للمالك (عمون، مؤاب، أدوم) في الأردن خلال العصر الحديدي. رسالة ماجستير غير منشورة، الجامعة الأردنية، عمان، الأردن.
  3. العزة، عامر (1995)، أسماء الأشخاص والأماكن عند الأدوميين. رسالة جامعية غير منشورة، الجامعة الأردنية، عمان، الأردن.

المملكة الأردنية الأدومية – الملوك

Scroll to top