بني مسجد إربد الكبير في وسط المدينة ليكون جامعا للمصلين في الأسواق الرئيسة للمدينة أواخر عهد الاحتلال العثماني؛ وبطراز معماري مميز بني المسجد على شكل قناطر (طراز الأعمدة والأقواس). وتم ترميم المسجد عدة مرات في أربعينيات القرن الماضي كما أمر جلالة الملك عبدالله المؤسس ببناء مئذنة تزيد عن 30 مترا.

جامع إربد الكبير ومئذنته العالية. موقع السوسنة

أضيفت الأروقة الجميلة المزخرفة وتمت توسعة ساحة المسجد إلى حين جاء قرار هدم المبنى القديم للمسجد عام 1994 في عهد المغفور له الملك الحسين بن طلال وتم استثناء المئذنة من عملية الهدم لكونها أثرا تاريخيا مميزا وافتتح المسجد مجددا للمصلين عام 1998 وما يزال يحظى بذات الأهمية نظرا لموقعه في قلب مدينة إربد.

المراجع:

مسجد إربد الكبير معلم تاريخي برز وطراز معماري متقدم، صحيفة الغد: 2008

المساجد الأردنية القديمة: مسجد إربد الكبير

ورد أول ذكر لمسجد في السلط [1] عند الرحالة سيتزن ( Seetzen ) أول رحالة زار السلط  في آذار عام 1806 ، ثم ورد ذكره عند بيركهارت الذي زار السلط في تموز عام 1812، فيقول :  ” وفي البلدة جامع قديم وهو البناء الوحيد الذي يقدم نفسه كآثار قائمة “.

والمعروف أيضا أن قلعة السلط كانت تضم مسجدا صغيرا وصفه بكنجهام الذي زار السلط مرة ثانية في شباط عام 1816 بقوله : في إحدى زوايا القلعة مسجد صغير يصلي فيه أهل السلط ، وقرب هذا المسجد مدفعان، وفي أسفل الوادي الجنوبي الغربي مركز البلدة حيث لاحظت برجا صغيرا مربع الشكل، وقد قيل أنه كان جزءا من جامع في هذا الحي ( وادي الأكراد) تهدم منذ مدة طويلة ” .

  جامع السلط الكبير قرب ساحة العين في مدينة السلط. المصدر: موقع وزارة الداخلية

ولعل ما قاله بكنجهام دلالة واضحة على أن الجامع الكبير قد أقيم على أنقاض الجامع المملوكي ومدرسته السيفية التي أنشأها الأمير سيف الدين الحسامي سنة 1333 م، ودلالة أخرى على أن إعادة بناء الجامع المملوكي كانت بعد عام 1816، وأن الجامع الكبير الذي أعيد بناؤه بعد هذا التاريخ هو امتداد للجامع المملوكي، ومما يؤكد أيضا أن الجامع الكبير قد أعيد بناؤه قبل عام 1891 ما قاله شوماخر الذي زار السلط عام 1891 فهو يقول بعد وصف الكنائس والمدارس المسيحية القريبة من ساحة العين : ونشاهد إلى جهة اليسار مسجدًا للمسلمين “.

وكان جامع السلط قد هدم عام 1965خوفا على سلامة المصلين في ظل تزايد نقاط الضعف في بناء الجامع، استنادا إلى صدور أمر دفاع حكومي بالهدم رقم 17 لسنة 1965 في الجريدة الرسمية عدد 1851، تاريخ 20/6/ 1965 ، وعدد رقم 1891 تاريخ 16/12/1965.

وبعد هدم الجامع اكتشفت دلائل تشير إلى المدرسة السيفية، هذه المدرسة التي كانت بالضرورة تابعة لمسجد المدينة، حيث تشير المراجع المختلفة  إلى أن أول مدرسة أُنشئت في السلط هي المدرسة السيفية حيث أنه وفي سنة 1323 م وخلال حركة النهضة والعمران التي شهدتها مدينة السلط في تلك الفترة من العهد الأيوبي من ترميم وإقامة أسوار قلعة السلط على جبل الأمير وبناء الجامع الكبير فيها وافتتاح المتاجر والحوانيت والمدارس، قام الأمير سيف الدين الحسامي بتأسيس المدرسة السيفية في السلط زمن السلطان الأيوبي الناصر محمد بن قلاوون وبتوجيه منه، وتشير المراجع إلى أن موقع المدرسة السيفية كان ملحقا بجامع السلط الكبير وذلك بعد أن اكتشفت دلائل وجودها بعد عملية هدم الجامع عام 1965 لإعادة بنائه من جديد.[2]

 

المراجع:

[1] تاريخ مدينة السلط عبر العصور، د. محمود أبو طالب وآخرون، السلط وجوارها للدكتور جورج طريف.

[2] كتاب تاريخ مدينة السلط عبر العصور، د. محمود أبو طالب وآخرون، كتاب السلط وجوارها للدكتور جورج طريف.

([3]) انظر: ابن الأثير، الكامل 8/284، النعيمي، الدارس في أخبار المدارس 2/67.

[4])) أنظر: ابن حجي الحسباني، شهاب الدين أبو العباس احمد (ت 816هـ/) تاريخ، تح أبو يحيى الكندي، دار ابن حزم/بيروت (2003) 1/528

[5])) الحسيني، حسن عبد اللطيف، تراجم أهل القدس في القرن الثاني عشر الهجري، تح سلامة النعيمات، عما 2010، ص307.

المساجد الأردنية القديمة: مسجد السلط الكبير

كانت واردات الأوقاف والمعونات الأهلية مصدر تمويل بناء الجامع الصغير للسلط. بُوشر في بنائه بتاريخ 7/4/1906 وانتهت عمارته في 31/3/1907. يتكون بناء المسجد من طابقين وقد بني من الحجارة الصفراء التي صارت أمرا يميزه عن باقي مساجد المنطقة. يقع الطابق الأول على منسوب منخفض عن شارع الحمّام وعلى الشارع الخلفي ويضم دورة للمياه و (3) مخازن تجارية. أما الطابق الثاني وهو المُصلّى فيقع على منسوب شارع الحمّام، ألحقت به (6) محال تجارية. وللمسجد ساحة خارجية تتوسطها بركة ماء حجرية تُستعمل للوضوء.

صورة لمسجد السلط الصغير- المصدر: مدونة هنا السلط

شارك في بناء الجامع 35 شخصا من بنائين ونقاشين وحجارين وعمال منهم سليمان أبو الحصن وأحمد الغنمة وبدوي سويلم وأحمد الجرار ويوسف اسكندراني واسعد أبو سمرة ويوسف الألفي واحمد خضر ومرزا جركس وتوفيق أبو الراغب. وكان المشاركون يضمون أناسا من أهل الشام وفلسطين اختاروا السلط كي يستقروا فيها.  وقد تولى الشيخ محمد صالح افندي بن امريش الإمامة عام 1912 وكان مفتيا للسلط. يعتبر المسجد مركزا لتدارس وحفظ القرآن إضافة لكونه الآن أحد أهم المعالم البارزة في المدينة بعد مسجد السلط الكبير.

المراجع:

– تاريخ مدينة السلط عبر العصور، د. محمود أبو طالب وآخرون، السلط وجوارها للدكتور جورج طريف.

المساجد الأردنية القديمة: مسجد السلط الصغير

تقع منطقة القسطل جنوب عمان وليست بعيدة كثيرا عن قصر المشتى. تشتهر المنطقة بقصر القسطل الأموي والذي ألحق له مسجد مستقل كبير الحجم. تبلغ أبعاد المسجد 17.95×21 م وهو مستطيل الشكل مبني من الحجارة المربعة. للمسجد أقواس كبيرة بين بيت الصلاة والساحة الداخلية.

مئذنة القسطل والتي يرجح الباحثين أنها أقدم مئذنة في العالم. موقع راسين

يرجح الباحثون أن السقف كان خشبيا ومن ثم استُبدل في وقت لاحق. ويختلف هذا المسجد عن غيره بكون بيت الصلاة غير عميق وله برج دائري يرجح أنه أساس لمئذنة. (الدرادكة: 1998) ويُرجح أن تكون مئذنة هذا المسجد أقدم مئذنة في العالم .

المراجع:

  • الدرادكة، فتحي (1998) القصور والمساجد الأموية في الأردن، دراسة منشورة.

المساجد الأردنية القديمة: مسجد قصر القسطل

الطفيلة 1900 عملية تعبئة الماء المضنية من عيون الطفيلة في نهاية القرن التاسع عشر

مقدمة

كان اكتشاف النحاس ثورة صناعية حقيقية، ويمكن اعتبارها أول ثورة صناعية فعلية، وقد كان الأردنيون الأدوميون من رواد هذه الثورة، حيث أن النحاس أول معدن تم تصنيعه، وتطويعه، وتحويله لأدوات دقيقة، بعد أن كانت الأدوات محصورة في الصوان الذي يصعب تشكيله، كما أن عملية تصنيع النحاس هي من أوائل عمليات التصنيع الحقيقية، التي تحدث تغيراً جوهرياً على المادة الخام المستخدمة، وتحولها إلى مادة أخرى، وللقارئ أن يتصور حجم النقلة النوعية التي سببها اكتشاف النحاس وتصنيعه قبل آلاف السنين.

لقد كان أجدادنا الأردنيين الأدوميين، من أوائل من اكتشف النحاس، وقام بعملية تصنيعه، وتشير الحفريات الأثرية، في وادي عربة، أن الأردنيين الأدوميين شرعوا في تصنيع النحاس، منذ القرن الثاني عشر قبل الميلاد، حيث كانت منطقة وادي عربة، تحتوي على كميات هائلة من خامات النحاس، وتعد مملكة أدوم الأردنية، أحد أهم مصادر النحاس المصنع في العالم القديم.

عملية تصنيع النحاس

إن ما قام به أجدادنا الأردنيون الأدوميون، في عملية التنجيم عن النحاس وتصنيعه يدل على عقلية فذة، وعلى تطور ضخم في تلك الحقبة من تاريخ البشرية، حيث أن انتاج النحاس يتطلب عدة مراحل وعمليات معقدة.

حفرية في وادي عربة_Condemned Copper Production

الاستخراج

خام النحاس

من المؤكد أن أجدادنا الأردنيين الأدوميين، قد وجدوا خامات النحاس، على وجه الأرض في منطقة وادي عربة، وقد بدأ استخدام هذه الخامات دون تصنيع، عبر تشكيلها على هيئة خرز واستخدامها في صناعة الحلي، أو كنوع من أنواع التزيين على بعض التماثيل.

ومع بداية اكتشاف الأردنيين الأدوميين، لعملية تصنيع النحاس، دعتهم الحاجة بالتأكيد، للبحث والتنقيب عن خامات النحاس، حيث أنه من الطبيعي أن يتم استهلاك كامل الخامات الموجودة على سطح الأرض.

وجدت الحفريات الأثرية حول مناجم النحاس في وادي عربة، مناجم للنحاس تعود للعصر الحديدي (عصر مملكة أدوم الأردنية)، حيث كان أجدادنا الأردنيين الأدوميين، يقومون بحفر الأنفاق والخنادق والمناجم لاستخراج النحاس، ووصلوا إلى أعماق الأرض باحثين عن أفضل الخامات، وأغناها بالنحاس، في عملية معقدة تتطلب جهداً وتنظيماً عالياً.

عينات من لقيات أثرية من خامات النحاس تعود للعصر الحديدي وادي فينان- 4. Kassisiandou, V. Papasavvas, G. (2009) An offprint from eastern metalwork in the second millennum BC, A conference papers, The University of Cyprus

التجهيز والصهر

إن معدن النحاس لا يوجد بالطبيعة بشكل نقي جاهز للاستخدام، بل يتواجد على شكل حجارة أزوريت تحتوي على سيليكات وأكاسيد النحاس، لذلك كانت أول خطوة يمارسها الأردنيون الأدوميون من رواد صناعة النحاس، بعد استخراج حجارة الأزوريت النحاسية، هي قص وتكسير حجارة الأزوريت بما يتناسب وأحجام الأفران الموجودة، والبدء بعملية الصهر.

وقد مرت عملية صهر النحاس بمراحل تطور، فحيث بدأت في أفران بسيطة بانتاج شبه منزلي لسد الحاجات المحلية من معدن النحاس، ثم تطورت وتعقدت العملية مع تحول الانتاج إلى التصدير، بكميات تجارية ضخمة.

عملية صهر النحاس تعد من أعقد العمليات الممكنة، حيث أن النحاس يحتاج لدرجات حرارة عالية تصل إلى 1100 درجة مئوية، وهذه الحرارة يصعب توليدها في أفران مفتوحة، فابتكر الأردنيون الأدوميون بداية أفراناً صغير تسد انتاجهم المحلي، وقد استخدموا لبث الأكسجين داخل هذه الأفران، عيدان القصب وغلفوا مقدمتها بصلصال فخاري، حتى لا تحترق.

لقد كانت التجارة، أحد أهم المهن التي طورها الأردنيون الأوائل عبر التاريخ، وكانت التجارة مصدراً مهما للدخل لدى الأردنيين الأوائل منذ فجر التاريخ، بناءاً على ذلك لم يكتفِ أجدادنا الأردنيين الأدوميين بتصنيع النحاس للاستهلاك المحلي فقط، بل وسّعوا نشاطهم ليتحولوا لأحد أهم مصدري النحاس حول العالم القديم، الأمر الذي تطلب منهم تطوير تقنياتهم الانتاجية، لتوفير كميات ضخمة من النحاس كافية للتصدير، فشرع الأردنيون الأدوميون في وادي عربة، ببناء أفران صهر ضخمة، تستطيع صهر كميات أكبر من النحاس، وطوروا الآلية التي يضخون بها الأكسجين داخل هذه الأفران، حيث ابتكروا (الكير) وهي أداة من جلد وخشب، ولها انبوب طويل في مقدمتها، وكان أجدادنا الأدوميون يغلفون مقدمة هذا الأنبوب بالصلصال الفخاري أيضا كي لا يحترق داخل الفرن، بالإضافة إلى أن تحليل لقيات النحاس من تلك الحقبة في وادي عربة أثبتت أن الأردنيين الأدوميين اكتشفوا مواداً تضاف إلى النحاس لتخفيض درجات الحرارة اللازمة لصهره.

الأدوات والسبائك

بعد أن يصهر النحاس، ويفرز عن باقي المكونات الموجودة، ليتحول إلى نحاس نقي بحالة سائلة، عندها تبدأ مرحلة تحويله إلى أدوات، حيث كان الأردنيون الأدوميون يصنعون قوالب فخارية، على شكل الأدوات التي يريدون صنعها، ثم يصب بها النحاس المصهور، ويترك حتى يبرد ويعود إلى الحالة الصلبة، وعندما تضخمت عملية تجارة النحاس لدى أجدادنا الأردنيين الأدوميين، باتت الحاجة ملحة لا لتحويل النحاس إلى سبائك فقط، بل لإيجاد سبائك بوحدة قياس موحدة وثابتة، حيث اخترعوا السبيكة على شكل (تي) ذات الوزن الموحد، مما ساهم بمنح النحاس الأردني الأدومي الثقة حول العالم.

صناعة النحاس نواة تأسيس مملكة أدوم الأردنية

ساد الاعتقاد عند الباحثيين الآثاريين، حتى مدة قريبة، أن مملكة أدوم الأردنية لم تنشأ قبل القرن السابع قبل الميلاد، بحسب المسوحات والحفريات الأثرية التي أجروها، ولكن الحفريات الأثرية في وادي فينان في وادي عربة، حول مناجم النحاس، جاءت لتفجر مفاجأة ضخمة، حيث أن استخراج النحاس والتعامل معه في وادي عربة بدأ مع القرن الثاني عشر قبل الميلاد، ليشكل هذا الأمر النواة التي أسست عليها مملكة أدوم الأردنية العظيمة، وأن وادي عربة كان مركز مملكة أدوم الأردنية قبل انتقاله إلى بصيرا، كما أن صناعة النحاس وتصديره كان النشاط الاقتصادي الأساسي في مملكة أدوم الأردنية عند نشأتها، قبل أن يتحول نشاطها الاقتصادي للتجارة والوساطة التجارية بشكل رئيس.

لماذا تعد صناعة النحاس دليلاً على نشأة  مملكة أدوم الأردنية؟

إن عملية استخراج خامات النحاس، ومعالجتها بالصهر لفصل النحاس النقي عن باقي المكونات، ثم صبه في قوالب، وتجهيزه سواء للاستعمال أو للبيع، عملية معقدة جداً، ذات طابع متطور، لا يمكن أن يقوم بها مجتمع بدائي بسيط.

ومن الجلي، أن أجدادنا الأردنيين الأدوميين قد بدأوا بتطوير هذه التقنيات حوالي القرن الثاني عشر قبل الميلاد، حسب الحفريات الأخيرة في منطقة وادي عربة، وقد خلصت نتائج هذه الحفرية الى أن عملية تصنيع النحاس بشكل تجاري بدأت في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، الأمر الذي سبب جدلا في أوساط علماء الآثار، حيث أن الاعتقاد السائد قبل هذه الحفرية أن مملكة أدوم الأردنية تأسست في القرن السابع قبل الميلاد، لكن النتائج التي خلصت لها الحفريات الأخيرة نقضت هذا الاعتقاد حيث أنه من المستحيل أن تنشأ صناعة النحاس دون وجود دولة، حيث أن هذه العملية تحتاج إلى مجتمع معقد ومنظم، بالإضافة إلى مهن جانبية لتوفير سبل الحياة للمجتمع الناشئ؛ وتاليا أبرز هذه العوامل والمبررات :

  1. التنظيم السياسي والإداري                                                                                                                 مما لا شك به أن عملية استخراج خامات النحاس، ومعالجتها وتحويلها إلى منتج نهائي للتصدير، عملية معقدة جدا، ولا يمكن لمجتمع بسيط القيام بها كما أسلفنا، إذ أن تنظيم العمل، وتوزيع المهام، والحفاظ على دورة المجتمع، تتطلب بالدرجة الأولى سلطة سياسية قادرة على فرض القانون، ومراقبة العمل، وانتاج منظومة إدارية قادرة على تسيير عملية الانتاج والحياة بشكل عام، كما أن مناطق الانتاج تحتاج إلى حماية عسكرية، من أي حالات غزو ونهب وتخريب، بالاضافة لتأمين طرق النقل التي ينقل عبرها النحاس إلى وجهات التصدير، فلا ريب أن نواة الدولة الأردنية الأدومية قد تشكلت مع تطور عملية صناعة النحاس.
  2. الطقوس الدينية                                                                                                                    ارتبطت الطقوس الدينية  منذ أقدم العصور بالعملية الانتاجية، أو طريقة تحقيق الحاجات، لذلك يجد الباحثون أن أجدادنا الأردنيين الأدوميين، قد طوروا بلا شك منظومة دينية تتمحور حول عملية انتاج النحاس، وترتبط طقوسها بمراحل تصنيع النحاس.
  3. المهن المساندة                                                                                                                             إن مجتمع منتج لسلعة قيمة مثل النحاس، يحتاج بطبيعة الحال لا إلى الحاجات الأساسية فقط بل إلى بعض الرفاهية، حيث أن مجتمع مثل هذا المجتمع سيكون ثريا بديهيا، لذا كان لا بد من توفير عدد من المهن اللازمة لتوفير الحاجات الأساسية والرفاهية، في نواة مملكة أدوم الأردنية حول مناجم ومصاهر النحاس، من مزارعين، وناقلي مياه، ورعاة مواشي، بالإضافة لبعض التجار الذين يجلبون المواد التي لا يمكن انتاجها في منطقة وادي عربة الصحراوية.

الخاتمة

من وادي فينان- وادي عربة جنوبي الأردن، إلى عين غزال في عمان، وسط الأردن، ومنذ آلاف السنين، نقل الأردنيون الأوائل خام النحاس غير المعالج، لتزين به عيون تماثيل عين غزال، التماثيل التي تروي قصة البشرية الأولى، ومن وادي فينان أنارت نيران أوقدها من لا تكل لهم عزيمة، دروب البشرية المظلمة، وعبّد نحاس الأردنيين الأوائل الطريق أمام الانسان ليقفز نحو الحضارة بأرقى أشكالها، ولتكن هذه الثورة الصناعية الأولى عالميا.

المراجع :

  1. ياسين ، د. خير نمر (1994) ، الأدوميون ، الجامعة الأردنية ، عمان .
  2. كفافي ، د. زيدان عبد الكافي (2006) ، تاريخ الأردن و اثاره في العصور القديمة ( العصور البرونزية و الحديدية ) ، دار ورد ، عمان .
  1. Najjar, M. Levy, T. (2011) Condemned Copper production, Biblical Archeology
  2. Kassisiandou, V. Papasavvas, G. (2009) An offprint from eastern metalwork in the second millennum BC, A conference papers, The University of Cyprus

 

 

مملكة أدوم الأردنية- الثورة الصناعية الأولى

 

وادي رم، أحد مناطق نفوذ الأدوميين، الموقع الالكتروني  لسلطة منطقة العقبة الاقتصادية

مقدمة

شكلت جغرافيا الأردن، أو ما يسمى بعقدة الجغرافية الأردنية، تحدياً ضخماً، أمام الأردنيين الأوائل، منذ فجر التاريخ، حيث جعل موقع الأردن الجغرافي الأراضي الأردنية محط أطماع العديد من الجيران، والقوى الاقليمية والعالمية العظمى، في شتى العصور، بالإضافة إلى أن الجغرافيا الأردنية فرضت أيضاً، على أجدادنا الأردنيين الأوائل، نمطاً اقتصاديا يعتمد بشكل كبير على التجارة العالمية، هذه العوامل جميعها فرضت على الأردنيين عبر التاريخ، أن يتعاملوا باحترافية ودقة عالية مع علاقاتهم الخارجية، ولقد كانت هذه العلاقات الخارجية تتسم بالكثير من التعقيد، وغير مستقرة، فمن الحروب والثورات، إلى المعاهدات والصلح، إلى العلاقات المتينة.

مملكة أدوم الأردنية وشقيقاتها

لا نستطيع الجزم إن كانت علاقة الأردنيين الأدوميين، بأشقائهم الأردنيين المؤابيين والعمونيين، تصنف ضمن العلاقات الخارجية، وإن شاب علاقاتهم أحياناُ بعض التوتر والخلافات، إلاّ أن الواقع يشير إلى أن الاحتكاك السياسي بين هذه الممالك الأردنية كان في حدوده الدنيا من حيث الخلافات، فيما تحالفوا كثيراُ في  وجه التهديدات الخارجية التي تحيق بوجودهم، والأمر المؤكد أن شعوب هذه الممالك من الأردنيين الأوائل، كانت تجمعهم علاقات ممتازة، حيث لا يمكن بشكل من الأشكال عزل هذه الشعوب التي نشأت وتطورت في تزامن وتحت ظل ظروف مشتركة عن بعضها البعض.

جانب من جبال الشراه، محافظة الطفيلة، وكالة عمون الاخبارية

مملكة أدوم الأردنية والعبرانيين

من الواضح أن أجدادنا الأردنيين الأوائل كانوا في حالة نزاع دائم مع القبائل العبرانية والممالك التي أنشأتها هذه القبائل، حيث لم يقتصر هذا العداء بين الأردنيين الأدوميين والعبرانيين فقط، بل كان هذا النزاع يشمل مملكتي عمون ومؤاب الأردنيتين أيضا، ويرد هذا النزاع إلى أطماع العبرانيين في الأراضي الأردنية.

بدأ النزاع بين الأدوميين الأردنيين والقبائل العبرانية حسب المصادر التاريخية، قبل أن تنشأ دول عبرانية، عندما كان العبرانيين مجرد قبائل رحل، حيث تذكر هذه المصادر، أن العبرانيين بقيادة النبي موسى طلبوا من ملك أدوم الأردنية المرور بالأراضي الأدومية، وصولا لفلسطين، ووعدوا الأردنيين الأدوميين بأن لا يمسوا زرعا ولا ماءاُ وأن يمروا مرور الكرام، إلا أن الملك الأردني الأدومي، رفض هذه الأمر، وجهز جيشاً لملاقاتهم.

أما فيما بعد، حين قويت شوكة العبرانيين، وتخلصوا من حكم القضاة القبلي، في الوقت الذي مر عدة قرون على تأسيس مملكة أدوم الأردنية، فقد استطاع الملك – النبي – داوود، أن يهزم الأردنيين الأدوميين، مع ممارسته لنوع من الحكم غير المباشر لمملكتهم، واستمر أجدادنا الأردنيين الأدوميين  في محاولات الانتفاض على هذا الحكم، ويذكر أن أحد الملوك الأدوميين الأردنيين، وهو هدد قد لجأ إلى مصر، وتزوج من أخت زوجة الفرعون في ذلك الوقت، وعاد بعد موت الملك – النبي – سليمان، ليعيد تنظيم شعبه الأردني الأدومي، ليستطيعوا فيما بعد أن يهزموا ملك مملكة يهوذا شاعوفاط، ويستردوا ملكهم، ويفرضوا سيطرتهم على أجزاء واسعة من مملكة يهوذا أيضاً.

مملكة أدوم الأردنية والكنعانيين

لا يوجد تأريخ مفصل للعلاقة التي جمعت أجدادنا الأردنيين الأدوميين، مع الممالك الكنعانية ، لكن تذكر بعض المصادر التاريخية، أن أجدادنا الأردنيين الأدوميين قد تحالفوا مع الشعوب غير العبرانية والتي سكنت فلسطين مرات عديدة لمواجهة خطر العبرانيين، وقد توسعت هذه الأحلاف لتشمل ممالك سريانية في الشمال أيضا.

مملكة أدوم الأردنية ومصر

حاول قدامى المصريين دائماُ الحفاظ على علاقات طيبة مع الأردنيين الأوائل، حيث أن موقع الأردن الجغرافي يشكل أهمية أمنية واقتصادية كبيرة للمصريين، ونجد ذكرا للأردنيين الأوائل في السجلات المصرية قبل أن تنشأ الممالك الأردنية الثلاث، واستمر هذا الذكر، كما يتضح أن للأردنيين الأدوميين، علاقات مميزة جمعتهم مع المصريين القدماء، حيث ورد ذكر الأردنيين الأدوميين في سجلات تل العمارنة المصرية كثيرا، كما أن شراكة اقتصادية مهمة نشأت بين الأردنيين الأدوميين، والمصريين، حيث استورد المصريون النحاس والقار الأدومي، كما حَمَت مملكة أدوم الأردنية التجارة المصرية المارة بأراضيها، وتجد ذروة هذه العلاقات، وحجم الاحترام الذي كان قدامى المصريين وفراعنتهم يكنونه لأجدادنا الأردنيين الأدوميين، فيما ذكرناه سابقا، حيث لجأ الملك الأدومي الأردني هدد إلى مصر، وزوجه ملك مصر من أخت زوجته، وهذا دليل على الندية بالعلاقة بين الأردنيين الأدوميين وحكام مصر القديمة.

جانب من رسائل تل العمارنة المصرية

مملكة أدوم الأردنية والأشوريين

يبدو أن مصالح أجدادنا الأردنيين الأدوميين قد اضطرتهم للمبادرة في بناء العلاقات مع الأشوريين، حيث كان الأشوريون قوة اقليمية عظمى لا يمكن تجاهلها، وقد سارع الأشوريون في بسط سيطرتهم على المناطق الشمالية، وهزيمة ملوكها والسيطرة عليها بشكل مباشر حفاظا على مصالح أشور التجارية والأمنية.

من هذا المنطلق، بادر أجدادنا الأردنيون الأدوميون، إلى التواصل مع ملوك أشور وتقديم الهدايا لهم، ليحموا أراضيهم واستقلالهم، وكي لا يتعرضوا لحروب ضخمة، تفقدهم استقلالهم، وتدمر مصالحهم، ويبدو أن العلاقات التي جمعت الأردنيين الأدوميين بالأشوريين قد تطورت، وتشير سجلات الأشوريين، إلى أن مملكة أدوم الأردنية هي أقل من دفع ضريبة سنوية للأشوريين، مما يدل على الحظوة التي بناها أجدادنا الأدوميين الأردنيين لدى  الأشوريين.

الملك الأشوري شلمناصر الثالث

العلاقات الخارجية لدى مملكة أدوم الأردنية بصفة عامة

اعتمد أجدادنا الأردنيين الأدوميين على التجارة بشكل رئيسي كمورد اقتصادي، سواء كوسطاء تجاريين، أو لتسويق بضائعهم، ومن أهمها النحاس الذي كان مصدرا هاما للدخل لديهم، هذا الأمر فرض على الأردنيين الأدوميين أن يحتكوا بشعوب كثيرة غير الشعوب التي تحيط بهم، فقد كانت مملكة أدوم الأردنية إحدى أهم مصادر النحاس في العالم القديم ككل، فمن الطبيعي أن تتوسع علاقاتهم وان كانت بصفة تجارية غير سياسية دبلوماسية، مع كل من يتعاملون معهم تجاريا وخصوصا داخل إطار ما يسمى بالعالم القديم، وحوض الأبيض المتوسط.

المراجع :

  1. ياسين ، د. خير نمر (1994) ، الأدوميون ، الجامعة الأردنية ، عمان .
  2. كفافي ، د. زيدان عبد الكافي (2006) ، تاريخ الأردن و اثاره في العصور القديمة ( العصور البرونزية و الحديدية ) ، دار ورد ، عمان .

مملكة أدوم الأردنية- العلاقات الخارجية

حفرية في وادي عربة – Condemned Copper Production 

مقدمة

إن الاقتصاد، هو العصب الرئيسي التي تنشأ عليه أصغر التجمعات البشرية، وصولاً لأضخم الحضارات، وتعتبر دراسة النشاط الاقتصادي أحد أهم المداخل لفهم طبيعة المجتمعات القديمة، ولا يمكن لأي حضارة الاستمرار دون اقتصاد قوي يستطيع سد احتياجاتها.

لقد مارس الأردنيون الأدوميون صنوفاً شتى من النشاطات الاقتصادية عبر تاريخهم، وقد بدأوا هذا النشاط الاقتصادي بتذليل الصعوبات الطبيعية التي تواجههم، فطوعوا الأرض، وجروا المياه، وحفروا المناجم، واستغلوا بذكاء ومهارة كل ما يمكن أن تقدم لهم أرض أدوم الأردنية.

 كما أنهم اضطروا إلى ممارسة السياسة والدبلوماسية للحفاظ على مصالحهم الاقتصادية وحمايتها، بالإضافة لخوض الحروب الضخمة في سبيل استمرارهم.

 

 

الرعي

نشأت أولى أشكال التجمع الانساني معتمدة على فكرة الصيد و الجمع والالتقاط، على شكل تجمعات بسيطة جدا ومحدودة العدد، هذه النواة للتجمع أسست لينتقل الانسان إلى مرحلة أخرى شكلت نقلة نوعية في التاريخ البشري، حيث بدأ الإنسان بعملية استئناس الحيوانات ورعيها، وأخذت هذه التجمعات البشرية بالتضخم، وتحولت إلى نظام قبلي، حيث تستوطن كل قبيلة مساحة معينة من الأرض، وتمارس فيها عملية الرعي، وقد انتشر هذا النمط من الانتاج الاقتصادي في البوادي على حواف الصحراء، ولم يختلف أجدادنا الأردنيون الأوائل عن باقي شعوب العالم في هذه المراحل من التطور.

ساهمت طبيعة أرض أدوم الأردنية، باستمرار هذا النمط من الانتاج حتى مع قيام مملكة أدوم الأردنية وازدهارها، حيث أن أرض أدوم الأردنية محاطة بالبوادي، كما أن الحاجة الأمنية لوجود قبائل مرتحلة مقاتلة، تحرس حدود أدوم الأردنية، حتمت استمرار هذا النمط من الانتاج الاقتصادي، حيث كان محيط ملكة أدوم الأردنية، محروسا من تجمعات عشائرية أردنية خاضعة لمملكة أدوم، تقوم بحراسة حدودها من الهجمات الصحراوية، وتحمي طرق التجارة، وتبيع انتاجها، من ألبان ولحوم وجلود وفراء وصوف، للمدن والقرى الأدومية الأردنية.

الطفيلة 1916 اطلالة على جبال الطفيلة وراعي غنم يعزف على المزمار

الزراعة

بدأ الأردنيون الأوائل من سكان منطقة أدوم،  بالتوطن حول تجمعات المياه في العصور الحجرية، ومثّل هذا التوطن نقلة نوعية، حيث أنشأت أوائل القرى، ودجن الأردنيون الأوائل الحيوانات، وبدأوا بعملية الزراعة، وثبتت ملكية الأراضي الزراعية للأشخاص أو العائلات داخل هذه القرى، وكانت هذه القرى نواة المدنية الأولى، حيث تطورت عنها المدن، وقد استمرت هذه القرى في محيط المدن الأدومية الأردنية، وكان وجودها عاملاً مهماً في استمرارية مملكة أدوم الأردنية، حيث كانت رافداً أساسيا للمنتجات الغذائية في المملكة.

مارس أجدادنا الأردنيين الأدوميين اشكالاً مختلفة من الزراعة، حسب طبيعة الأرض التي يسكنونها وحسب الحاجة، كما دجنوا الماعز والخراف، والطيور الداجنة.

كما زرع الأردنيون الأدوميون الحبوب بأنواعها، مثل القمح والشعير، الذي اعتمدوه طعاماً لهم وعلفاً لحيواناتهم في المناطق السهلية، واعتمدوا على مياه الأمطار في ري حقول الحبوب هذه، كما زرعوا البقوليات، وأنواعا متعددة من الكرمة والبساتين، وقد أثبتت اللقيات الأثرية جراراً كانت تستخدم لتخزين نبيذ العنب.

الطفيلة 1900 عملية تعبئة الماء المضنية من عيون الطفيلة في نهاية القرن التاسع عشر

التجارة

برع الأردنيون الأوائل عبر التاريخ في التجارة، وقد يكون الموقع الجغرافي الذي لا يمكن الاستغناء عنه للقوافل التجارية أحد أهم أسباب هذه الهبة.

ومما لاشك فيه، أن الأردنيين الأدوميين، امتهنوا التجارة، وكانت أهم مصادر قوتهم الاقتصادية وازدهارهم، ولم يكتفِ أجدادنا الأدوميين بحماية القوافل التجارية فحسب، بل سوقوا منتجاتهم المتعددة، وقاموا بعملية التصدير لمصر وأشور وغيرها، كما أنهم استطاعوا مراكمة الثروات عبر الوساطة التجارية وعمليات البيع والشراء، حيث لم يكتفوا فقط ببيع منتجاتهم، بل قاموا بشراء البضائع من المناطق الشمالية وبيعها لتجار المناطق الجنوبية، والعكس صحيح، كما سوقوا المنتجات المصرية بشكل كبير، وكان لمرور ما يسمى بالطريق الملوكي زمن الأشوريين في أراض أدوم الأردنية، الأثر الكبير في تضخم تجارة الأردنيين الأدوميين، حيث كان هذا الطريق هو الطريق الأهم في الشرق القديم، كما وظف الأردنيين الأدوميين مينائهم عصيون جابر خير توظيف في خدمة تجارتهم، وخصوصا في عملية تصدير السبائك النحاسية التي امتازوا بصناعتها.

 

نماذج من حجارة ارضيات في خربة النحاس- المصدر في المراجع رقم4

الصناعة

 

  1. النسيج

وجد في العديد من المواقع الأثرية التي تعود لمملكة أدوم الأردنية على أدوات نسيج، فيما وجد أيضا قرى بكاملها تعتمد باقتصادها على عملية النسيج وبيعه بشكل رئيسي، ويبدو أن المنسوجات الأردنية الأدومية لم تقتصر على التجارة الداخلية ولكن صدرت أيضا إلى خارج حدود المملكة، وبيعت على القوافل التجارية المارة عبر أراض أدوم الأردنية.

  1. النحاس

تعامل الأردنيين الأوائل في منطقة وادي عربة مع النحاس منذ القرن الحادي عشر قبل الميلاد، أي قبل نشوء مملكة ادوم الأردنية، ويرجع العديد من الباحثين أن النواة الأولى لقيام مملكة أدوم كانت في وادي فينان في وادي عربة، حول مناجم النحاس، حيث أن عملية استخراج النحاس، وتصنيعه وتحويله لسبائك قابلة للاستخدام، وصالحة للبيع، يتطلب منظومة اجتماعية بالغة التعقيد، ونشاطات اقتصادية على الهامش، لتوفير سبل العيش للعاملين في مناجم النحاس، وقد اعتبرت مملكة أدوم الأردنية لفترة طويلة أحد أهم مصادر النحاس حول العالم القديم، وكانت صناعة وتجارة النحاس أحد أهم مصادر الدخل في مملكة أدوم الأردنية لفترات طويلة، وتشير الحفريات حول مناجم النحاس الأدومية الأردنية، أن كميات هائلة من النحاس تم استخراجها في زمن مملكة أدوم الأردنية، حيث وجدت أطنان من خبث النحاس حول هذه المناجم.

المراجع :

  1. ياسين ، د. خير نمر (1994) ، الأدوميون ، الجامعة الأردنية ، عمان .
  2. كفافي ، د. زيدان عبد الكافي (2006) ، تاريخ الأردن و اثاره في العصور القديمة ( العصور البرونزية و الحديدية ) ، دار ورد ، عمان .
  3. كفافي، د. زيدان عبدالكافي (1990)، الأردن في العصور الحجرية، مؤسسة آل البيت، عمان.
  4.  An offprint from Eastern Mediteraean Metallurgy And Metalwork In The Second Millnnium BC , Thomas E. Levy, Erez Ben-Yosef and Mohammad Najjar , Edited by Vasiliki Kassianidou and George Papasavvas , Department of History and Archaeology and the Archaeological Research Unit of the University of Cyprus

مملكة أدوم الأردنية- النشاط الاقتصادي

 

مقدمة

موقع اثري في لواء بصيرا بالطفيلة – صحيفة الغد الأردنية

وجدت المسوحات والحفريات الأثرية على امتداد جغرافيا الأردن، دلائل على منظومات ميثولوجية دينية، منذ عصور ما قبل التاريخ، تجلت هذه الدلائل، في طرق الدفن، وصناعة التماثيل، ووجود المباخر، وانتشار المذابح أو ما يشبهها، وقد مرت هذه المنظومات بتطورات هائلة مع التقدم الاجتماعي والسياسي الذي مر به أجدانا الأردنيون الأوائل عبر مراحل التاريخ المختلفة.

ومما لا شك به أن الأردنيين الأوائل ممن سكنوا منطقة أدوم جنوبي الأردن، طوروا بدورهم منظومتهم الدينية بما يتسق وبيئتهم وطبيعتهم، كما طوروا منظومتهم الانتاجية والاجتماعية والسياسية، وعلى الرغم من النقص الحاد في الحفريات الأثرية والبحوث والدراسات فيما يخص الممالك الأردنية القديمة بشكل عام إلا أننا نستطيع تقديم ملمح بسيط عن طبيعة الميثولوجيا والديانة التي مارسها أجدادنا الأوائل في مملكة أدوم الأردنية.

ميثولوجيا الأردنيين الأوائل قبل نشأة مملكة أدوم الأردنية

مبخرة فخارية أدومية
Bienkozki , piotr (1996) The art of Jordan , UK

عادة ما كانت الشعوب القديمة، تستقي منظوماتها الدينية من البيئة المحيطة، وقد تطورت الأديان القديمة لتجيب على الأسئلة الوجودية التي كانت تؤرق الانسان القديم، ولوضع التفسيرات حول ما لم يستطع العقل البشري تفسيره حين ذاك، كما ساهمت طبيعة الانتاج في تشكيل الطقوس الدينية الممارسة، حيث ارتبطت أغلب الطقوس والشعائر  في مواسم الزراعة والحصاد.

ولم يختلف أجدادنا الأردنيين الأوائل في تلك الحقب عن مجمل الوجود البشري، وقد بدأ نشوء التصورات الدينية لدى الأردنيين الأوائل مع بداية الاستقرار الزراعي حوالي 9000 قبل الميلاد، وقد كانت هذه التصورات في تلك الفترة بسيطة، وارتبطت المظاهر الموجودة حول عادات الدفن بشكل رئيسي، ويعتقد أن البذرة الأولى للمعتقدات الدينية، كانت مرتبطة بتفسير ظواهر طبيعية، وخصوصا المطر الذي كان المصدر الرئيسي لري المزروعات حيث كانت الزراعة في طورها الأول البسيط، واستمر الأردنيون الأوائل في تطوير منظوتهم الدينية، جنباً إلى جنب مع تطورهم الانتاجي بشكل رئيس، حتى ارتقت تلك المنظومة بشكل كبير، مع العصور البرونزية، وحقبة (الدولة المدينة) حيث وجدت الحفريات الأثرية في تلك الحقبة معابد داخل المدن الأردنية القديمة، وحيث أصبحت مجتمعات المدن الأردنية القديمة مجتمعات مقسمة طبقياً، بسبب حالة المدنية والانتاج الفائض، فإن رجال الدين كانوا يمثلون طبقة منفصلة، وتعتبر من الطبقات المتسيدة، وتشير الدلائل أن رجال الدين مارسوا مهمات إدارية داخل المدن.

الديانة الأردنية الأدومية 

طبعة ختم أدومي- موقع تل خليفة (Gluek 1938: Fig.6)

على الرغم من شح اللقيات الأثرية الكتابية التي تصف طبيعة ديانة أجدادنا الأردنيين الأدوميين، إلا أن طرق بناء المعابد، بالاضافة إلى تشابه الظروف الطبيعية وطرق الانتاج، تشير إلى أن ديانة أجدادنا الأدوميين الأردنيين لم تكن تختلف بشكل جوهري عن ديانة أشقائهم الأردنيين المؤابيين والأردنيين العمونيين، وكانت أيضا مشابهة لحد كبير لجميع الديانات المنتشرة في المنطقة في تلك المرحلة، حيث كانت المعابد الأدومية تتكون من مبنى واحد، يحتوي ثلاث حجرات، خلف ساحة واسعة بالإضافة الى المذبح، والعديد من المباخر المختلفة، ووجد في المعابد الأدومية دمى تمثل بشرا وآلهة وحيوانات، كما أن الدمى التي تمثل الآلهة كانت مشتركة مع الكثير من الآلهة التي عبدت في منطقة،  مثل الإله عزوزو، المصور على شكل رجل يمتطي فرساً مما يدل على أنه من آلهة الحرب، الأمر الذي يدل أن أجدادنا الأدوميين كانوا يعبدون العديد من الألهة، وكل إله يحمل وظيفة أو صفة معينة، مثل آلهة الحرب، وآلهة الخصب، وآلهة الشتاء وغيرها من الآلهة المرتبطة بحياة الأردنيين الأوائل اليومية، كما وجد نقوش أدومية تحمل الأسماء (بعل، إيل، حدد، عشتار)، وهي آلهة مشتركة بالمنطقة، كما مارس أجدادنا الأدوميين عادة الختان وهي عادة مرتبطة بالطقوس الدينية في المنطقة.

وشم طويلان

هو نقش وجد على جعل في منطقة طويلان، عبارة عن نجمة داخل هلال محمول على عمود، ونقش حول العامود شجرتان، ويعتقد أن هذا الوشم هو رمز للإله سن إله القمر الذي كان يعبد في كل منطقة الشرق القديم.

الإله قوس

يعتقد أن الإله قوس، هو الإله الرئيس أو أهم آلهة الآدوميين الأردنيين، وغالباً هو إله أردني انتشرت عبادته في جنوب الأردن، وخصوصاً على ضفاف وادي عربة، وقد وجد اسم قوس مقروناً مع أسماء عدد من ملوك أدوم، وهو أسلوب شائع الاستخدام في اللغات السامية، أن يكون الاسم مركباً مع اسم آلهة معينة، فقد ورد اسم (قوس ملك) وهو اسم ملك أدومي حكم خلال فترة حكم الملك الأشوري تجلات بلاسر الثالث، وورد أيضا اسم (قوس جابري) وهو الملك الأدومي الذي عاصر الملكان الأشوريان اسرحدون وأشوربنيبعل، كما وجد اسم قوس في عدد من النقوش المختلفة، وقد استمرت عبادة الإله قوس حتى بعد الأدوميين ولكن بشكل أقل أهمية، فقد وجد اسم قوس في نقوش نبطية تحمل اسم الإله قوس في جبل التنور جنوب الأردن وفي بصرى النبطية.

المراجع :

  1. ياسين ، د. خير نمر (1994) ، الأدوميون ، الجامعة الأردنية ، عمان .
  2. كفافي ، د. زيدان عبد الكافي (2006) ، تاريخ الأردن و اثاره في العصور القديمة ( العصور البرونزية و الحديدية ) ، دار ورد ، عمان .
  3. كفافي، د. زيدان عبدالكافي (1990)، الأردن في العصور الحجرية، مؤسسة آل البيت، عمان.
    1. Bienkozki , piotr (1996) The art of Jordan , UK

     

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ملامح الديانة الأردنية الأدومية

Scroll to top