الهجيني هو أحد أشهر القوالب الغنائية الأردنية، والهجينية هي الأغنية التي في قالب الهجيني، وجاءت تسميته من كلمة الهجن، ومفردها هجان أو هجين، وهي صغار الإبل، ويُعتقد أن غناء الهجيني لم يتم إلا فوق ظهور الإبل ولذلك أخذ هذه التسمية. وعند غناء الهجيني فوق الإبل أو معها فإنها تتأثر به تأثيرًا محسوسًا وتُصاب بالنشوة.

وبالرغم من ارتباط الهجيني بالإبل وبحياة البادية، إلا أنه انتشر وشاع في مختلف مناطق الأردن وأخذ بالتنوّع اللحني والشّعري بشكلٍ ثري، وأُخضِع لمزاجات متعددة، وصار له عدة ألوان تنسكب عليها أشعار شعبية مختلفة ومتنوّعة.

يؤدّى الهجيني في الأصل على انفراد وبمرافقة الربابة، وقد يؤدى على شكل جماعة تنقسم إلى قسمين ترد إحداها على الأخرى فيما يُعرف بالـ “مراددة“، ويُغنى في مختلف المناسبات وتُستخدم فيه الأشعار ذات المواضيع المختلفة، من الغزل والوجد والفخر والهجاء وغيرها.

يوجد للهجيني أكثر من بناء شعريّ واحد، منه ما هو الثنائي : يتكوّن من بيتي شعر لهما نفس القافية، ومنه ما هو الثلاثي : يتكوّن من بيتي شعر تتطابق فيه قوافي الصدر والعجز في البيت الأول مع صدر البيت الثاني، وينتهي عجز البيت الثاني بقافية مختلفة، وهو مطابق تمامًا لمبدأ البناء الشعري في لون العتابا القروي.

وهذه الهجينيّة من أشعار الشيخ الشّاعر هايل السّرور :

من راس عنازة زعقت الصوت .. واهجّع القلب لا يطيري

عيني تخايل سمار بيوت .. شرق البساتين بظميري

يا شوقي حبّن قبل لا موت .. قبل لا تتبدّل على غيري

أبو الثنايا ذهب ياقوت .. رز بحليب المغاتيري

الشيخ الشاعر هايل السّرور

وفيما يلي نماذج مُختارة من الهجيني مأخوذة من الإرث الأردني التي جمعتها وغنّتها عصفورة مؤاب ميسون الصنّاع، ونلاحظ في مقاطع الهجيني التالية تنوّعًا في الموضوعات والمشاعر :

حطّيت راسي على التختي .. قلبي بهواجيس وهمومي

الله يجازيك يا بختي .. ما جبتلي من السنة يومي

النّاس درب السّهل تمشي .. وأنا تلقّيت ع الطّوري

شاورت قلبي بعهد خلّي .. ما يوم شوره على شوري

الله انت سلّط على النسوان .. حتّى العجايز تجازيهن

ما جرّبن لوعة الهويان .. نسين عمرين مظى بيهن

يا قلبي يلّي شريت الهَم .. وأشوفك اليوم تحتاسِ

ع صويحب أنا شربت الدم .. ذبحتني يا اصلع الرّاسِ

يا خيي يلا انا وياك .. ع الغور نزرع بساتينِ

لازرع لحبّي ثلاث وردات .. واسقيهن من ميّة العينِ

ميسون الصنّاع

للإستماع إلى الهجيني بصوت ميسون الصنّاع (من تسجيلات إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية) :

مراجع 

  1. العمد، هاني صبحي، أغانينا الشعبيّة في الضفّة الشرقيّة من الأردن، 1969 الطبعة الأولى، منشورات دائرة الثقافة والفنون وزارة الثقافة والإعلام، عمّان، الأردن.
  2. العبّادي، أحمد عويدي، المناسبات البدوية (سلسلة من هُم البدو 3)، 1979 الطبعة الأولى، دائرة المطبوعات والنشر في وزارة الإعلام الأردنية.
  3. حجاب، نمر حسن، الأغنية الشّعبية في عمّان (موسوعة عمّان التراثية 5)، 2003، منشورات أمانة عمّان الكبرى.
  4. مقابلات شخصية لفريق عمل إرث الأردن في البادية الشمالية 2018.

قالب الهجيني

الموسيقار الأردني عامر ماضي

الولادة والنشأة 

وُلِدَ الموسيقار الأردني عامر ماضي عام 1953 في العاصمة عمّان، في جوٍّ أسريٍّ مفعمٍ بالانفتاح والتفاعل الثقافي، فأبوه أردني عقباوي وأمّه أردنية شركسيّة. وقد جمعت هذه الأسرة في روحها بين الأصالة والحداثة، فقد كان جدّه قاضيًا عشائريًا معروفا في الجنوب، في مدينة العقبة تحديدا، حيث تنحدر أصول عائلة ماضي، وعمل أبوه في سلك العسكرية في عهد الانتداب البريطاني كمأمور إشارة، ثم عمل في مؤسسة البريد الأردني في العاصمة عمّان، وأسس فيه قسم التلغراف معتمدًا على خبرته بهذا المجال في عمله السابق مع الجيش، الأمر الذي أتاح له فرصة التعرّف والتواصل المباشر مع الملك عبدالله الأول المؤسس، الأمير في حينها، والذي شهد على زواج والد عامر ماضي من فتاة أردنية شركسية بعد لجوئهما إلى قصر الأمير طلبًا لمساعدة الأمير في تكليل قصّة حبهما بالزواج إثر معارضة شقيقها الأكبر، فعُقِد قرانهما بمباركة وشهادة الأمير عبدالله.

وُلِد عامر ماضي، أصغر اخوته، في بيت العائلة في جبل القلعة، وكبُر في عدة بيوت سكنتها عائلته في جبل الحسين ثم في جبل التاج إلى أن استقرّ بهم الحال فيما بعد في بيتٍ قرب المدرّج الروماني، وكان لذاكرة المكان الأثر الكبير في ذاكرة ماضي التي احتلت ايقاعات المكان جزءً كبيرًا منها ما ساهم في تشكيل وعيه وإدراكه للأشياء والأصوات. وكان لسكن عامر ماضي في جبل التاج تحديدًا الأثر العميق في إدراكه السمعي للموسيقى وضبط أعماقه على ايقاعاتها، ففي جبل التاج حيث الليالي الهادئة كانت أصوات عزف الكمنجة تتسلل إلى مسامعه من منازل أحد الجيران. أما في بيتهم الذي كان قريبًا من المدرّج الروماني تعرّض ماضي للنشاطات الموسيقية التي كانت تُقام في المدرّج وبعضها يأتي من ثقافات وبلدان بعيدة، مما أعطاه سعة في الثقافة الموسيقية وتدرّبت أذنه على تذوق أكثر وتعمّقت في نفسه لذة الموسيقى. ولم تكن الموسيقى ببعيدة عن جو العائلة أيضًا، فقد كان عامر ماضي يشاهد والده وهو يعزف على العود في بعض المناسبات العائلية، وكذلك أمه ذات الثقافة الشركسية التي كانت تعزف الأكورديون باحترافيّة.

في هذه الأجواء المفعمة بالجماليات وزخم المكان وداخل أسرة محبّة للموسيقى، تذوّق عامر ماضي الموسيقى كاستجابة شعورية ووجدانية أثرت على جميع حواسه وجعلت من الموسيقى تجربة واقعية عاشها بكل تفاصيل حياته اليومية حتى صارت خبرة إنسانية وجمالية عاشها منذ الصّغر. وعلى الرغم من ذلك، لم يكتشف عامر أو المحيطون به موهبته الفريدة والمميزة، إلا بالصدفة المحضة عندما قرر أخوه مالك أن يتعلّم عزف العود وبدأ يمارس تمارينه الموسيقيّة في البيت أمام عامر الذي لم يكن آنذاك قد تلقّى أي تعليمٍ موسيقيٍّ أو أبدى رغبته بذلك، لكنه كان، وكأي موسيقيٍّ محترف، يصحح لأخيه أخطاءه التي كان يرتكبها خلال عزفه على العود، وبذلك بدأت موهبته تُظهِر نفسها بإلحاح على شخصيته وسلوكه، فاندفع لتعلّم العود عام 1968 على يد الأستاذ عبدالكريم عوض والذي كان يعمل في المركز الوطني (وهو مركز ثقافي كان يقع بالقرب من دخلة سينما عمّان ويتم تعليم الموسيقى والطباعة وغيرها فيه).

الدراسة 

التحق عامر ماضي بالمعهد الموسيقي الأردني عام 1972، هذا المعهد الذي افتُتِحَ عام 1964، وكان قد تعثّر نشاطه إبّان حرب عام 1967، وأُعيد افتتاحه في العام الذي تلا الحرب. وكان المعهد فترة التحاق عامر ماضي به يضم نخبة من المُدرّسين مثل : عطية شرارة، أمين ناصر، يوسف نصرة، إلياس فزع، فؤاد ملص، هالة نسيبة. كما أن الخطة الدراسية كانت محكمة لتأهيل الموسيقيين، حيث بلغ عدد المواد التي على الطالب اجتيازها 14 مادة تشتمل على آلات الاختصاص والآلات الثانوية. كان لهذا الأثر الكبير في تمكين البدايات الموسيقية الأكاديمية لدى عامر ماضي وغيره من زملاء الدراسة في المعهد آنذاك. ودرس ماضي في هذه المرحلة آلة العود وآلة التشيللو.

اعتزم ماضي إكمال دراسته للموسيقى هو وأخوه مالك، فالتحقا بالمعهد العالي للموسيقى العربية – أكاديمية الفنون في القاهرة، ولقيا الدعم النفسي والمادي من والدهما لاستكمال مسيرتهما الأكاديمية على الرغم من المحددات الاجتماعية آنذاك. في السنة الأولى من انتظام ماضي في الدراسة في مصر حصل على الدبلوم الموسيقي (الثانوية الموسيقية)، ثم ثابر أربع سنوات وحصل على درجة البكالوريوس في اختصاص آلة التشيللو وبتقدير ممتاز. وتخرّج عام 1979. شكّلت له هذه الفترة فرصة التعرف إلى الموسيقيين الكبار في القاهرة كما أتاحت له المجال للتعرف عن كثب على الموسيقى العربية وأهم الأعمال والعروض الموسيقية المصرية. واجتهد ماضي خلال دراسته بزيادة مخزونه الثقافي من المجالات التي تتقاطع مع الفنون بشكل عام، لقناعته بضرورة أن يكون الفنان مثقّفاً بالضرورة، ولعدم اكتفائه بما توفّره مساقات الدراسة المُدرجة في الخطة الدراسية لاختصاص الموسيقى في المعهد العالي للموسيقى – أكاديمية الفنون في القاهرة، من ثقافة عامّة ضرورية للفنّان.

وخلال دراسته، سواء في الأردن أو في مصر، كان عامر ماضي قد واصل نشاطه التلحيني الذي كان قد بدأه بعد شهرٍ واحدٍ من التزامه في أولى مراحله الدراسية مع أستاذ العود عبدالكريم عوض، فقام بتلحين أغنية على مقام الهُزام(1) ودوّنها بنفسه على شكل نوتات موسيقية وطلب إلى أستاذه أن يعزفها على العود للتأكد من صحّتها وكانت كذلك. كما وبدأ مبكرًا بالتوجه نحو تأليف الموسيقى الدراميّة، حيث قدّم لوحة غنائية (يا حاملة الجرّة) في مسرحيّة لفؤاد الشوملي في مسرح الواصفية عام 1971.

زاوج الراحل عامر ماضي بين تحصيل العلم وتأصيل الإبداع، إذ أنه خلال فترة دراسته في القاهرة كان في إجازات الصيف يعمل في الإذاعة الأردنية فلحّن خلال هذه الفترة أغانٍ للكثير من المطربين الأردنيين المعروفين ومنهم : اسماعيل خضر، فهد النجّار، صبري محمود، سهام الصفدي، فؤاد حجازي. شكّل ماضي مع زملائه خلال هذه الفترة أيضًا فرقة موسيقية كان يعزف فيها آلة التشيللو، وأطلقوا على هذه الفرقة اسم “فرقة أوتار عمّان”. وكانت هذه الفرقة ذاتية الإنشاء والتشكيل، ولم تتلقَّ أي دعم من جهات رسمية أو خاصة، وكانت تُجري تمارينها في بيوت العازفين أنفسهم.

مرحلة العمل والانتاج 

بعد تخرّجه من القاهرة عمل عامر ماضي في الإذاعة الأردنية مدة أربعة عشر شهرًا أعد خلالها موسيقى لمسلسل إذاعي من تأليف سليمان المشيني واخراج موسى عمّار اسمه (أميرة سجلماسا). وواصل في الثمانينات إعداد الموسيقى الدراميّة للمسلسلات الإذاعة ومنها مسلسل كان يؤرخ لـ (أبو خليل القبّاني)، وكان ينجز كل عام عملين إلى ثلاثة أعمال على مدار خمس سنوات إلى أن توقف منتج هذه المسلسلات عن انتاجها.

كما أنه لحن الكثير من إشارات مسلسلات الأطفال الشهيرة مثل : سنبل، زيكو العجيب، دكان الألعاب، مكارم الأخلاق : وهو برنامج من ثلاثين لحنًا.أما أول عمل تلفزيوني له فكان (فيروز والعقد) والذي كانت اشارته “عذّب الجمال قلبي” اشتهرت كأغنية تغنّى بها الناس وحفظوها.

عامر ماضي وهو يقود الفرقة الموسيقية في رحلة حرحش

محطات في مشواره الفني 

رابطة الموسيقيين الأردنيين

أسس الموسيقي الأردني عامر ماضي مع مجموعة من زملائه رابطة الموسيقيين الأردنيين وترأسها منذ العام 1980 وعلى مدى ست دورات متتالية، وكانت الرابطة خلال رئاسته لها نموذجًا للرابطة المكافحة العصامية حيث عملت في ظل إمكانات تكاد تكون معدومة وعانت صعوبات مادية جمّة، ومع ذلك قدّمت الكثير بالإرادة والعزيمة، ولطالما ردد عامر ماضي واصفًا نشاطات الرابطة بأنها نشاطات مجانية وهدفها نشر الثقافة الموسيقية، وكان قد استطاع خلال رئاسته لها أن يحقق أحلامه التي سعى لتحقيقها فانبثقت عن الرابطة ثلاث فعاليات موسيقية رئيسية هي : فرقة النغم العربي، أوركسترا الأردن السيمفونية، وأوركسترا الصغار.

فرقة النغم العربي

وهي أول فرقة موسيقية غنائية أردنية عُنيت بالإرث الموسيقي العربي، وقد انبثقت عن رابطة الموسيقيين الأردنيين ممثلة برئيسها عامر ماضي بدون أي دعم ما خلا جهود أعضاء الرابطة وتصميمهم على الحضور الفاعل في المشهد الموسيقي الأردني وتطويره، وكانت بدايتها من خلال المهرجان الموسيقي الأول للرابطة مطلع العام 1982، ولمّا لاقت استحسان الجمهور وثنائه على مستواها استطاعت أن تستمر لسنوات عديدة بقيادة عامر ماضي وآخرين.

أوركسترا الأردن السيمفوني

 كانت فكرة إنشاء أوركسترا سيمفونية أردنية حلمًا تحقق بالتعاون مع الراحل الكبير عامر ماضي الذي كان له القدرة على استشراف المستقبل واستشعار ضرورة تقديم الدعم لمثل هذه الأفكار التي من شأنها الإسهام في الارتقاء بالموسيقى الأردنية ووضعها على خارطة المشهد الفنّي في المنطقة والعالم، ولذلك لم يدخر جهدًا في ذلك عندما وجد الفرصة سانحة لتأسيس أوركسترا ترتكز على الطاقات المحلية المعطاءة لتتمكن من أداء دورها الثقافي.

بدأت نواة هذه الأوركسترا في قسم الموسيقى بجامعة اليرموك بقيادة الدكتور سيد عوض، والذي كان قائدًا سابقاً لأوركسترا القاهرة السيمفوني، والتحق عامر ماضي بتأسيس المشروع مبكّرًا بصفته موسيقي أردني ورئيسٌ لرابطة الموسيقيين الأردنيين وقدّم ما استطاع تقديمه لإنجاح المشروع. وكانت ثمرة هذا التعاون أن ضمّت هذه الفرقة الأوركسترالية أكثر من 20 عازفًا أكاديميًا محترفًا، وبعد اكتمال التأسيس والتدريبات أقيم الحفل الأول لها بقيادة د. سيد عوض في أيار 1984 على المسرح الرئيسي في المركز الثقافي الملكي. وقد قُدِّم في هذا العرض مقطوعات عالمية، كما أدّى عامر ماضي على العود بمرافقة الأوركسترا في ذات الحفل مقطوعة بعنوان “فانتازيا لآلة العود مع الأوركسترا” من تأليف د. سيّد عوض، وهي مقطوعة موسيقية أشبه بالكونشيرتو(2).

أوركسترا الصغار

سعى الراحل الأردني المبدع عامر ماضي جاهدًا إلى فتح أبواب الحركة الموسيقية الأردنية على أوسع ما يمكن، فقد توّج عمله وسعيه الذي تحقق بفرقة النغم العربي وأوركسترا الأردن السيمفوني، بإنشاء أوركسترا الصّغار التي أرادها، وعيًا منه، أن تكون لبنة راسخة في صناعة مستقبل الموسيقى في الأردن وعدم الاكتفاء بفرق الموسيقيين الكبار والمحترفين، ولكي تكون مساحة حقيقيّة للتجربة الموسيقية بالنسبة للمواهب الموسيقيّة في سن الطفولة. وكان تأسيس هذه الفرقة سابقة لا مثيل لها على الصعيد المحلّي والعربي.

وقد تألّفت أوركسترا الصغار من 20 عازفًا تترواح أعمارهم بين (8 – 16) سنة، بقيادة الفنان محمد فضل الذي قام بتدريبهم، أما الإشراف الفني والإداري فكان على عاتق عامر ماضي. وقدّمت أوركسترا الصغار أول عروضها في أيار 1985 حيث عزف الصغار خلال هذا الحفل مقطوعات كلاسيكية لكبار المؤلفين العالميين من أمثال : باخ، موتسارت، هايدن، وبيتهوفن. ولاقت إقبالاً جماهيريًا غير متوقعًا من مختلف الفئات العمرية.

أعماله الفنيّة 

تنوّعت أعمال الفنان الأردني الراحل عامر الماضي الفنية بين الموسيقى الآلية والغنائية والدرامية، واكتسب بعضها شهرة بين أجيال متعاقبة كبرت على سماع أعماله، ولعلّ نشيد الجامعة الأردنية واحد من أكثر ألحانه شهرةً وترديدًا بين أجيال كثيرة من الذين درسوا في الجامعة وحفظوا نشيدها الذي له، لحنًا وكلمةً، مكانة في وجدان كل أردني.كما أن ألحانه التي كتبها لمسلسلات الكرتون أيضًا تداولتها الأجيال ورددتها مثل : ماروكو، الفارس الشجاع، عودة سنبل، الأحباء الثلاثة، افرح وامرح وتعلّم.

أما حصيلة أعماله الفنية في مجال الموسيقى الدرامية فهي 28 مسلسل تلفزيوني، 5 مسلسلات إذاعية، 13 قطعة موسيقية وأغانٍ لأعمال مسرحية، 25 مسلسل كرتون، أغنيتين لمهرجان الأطفال، نشيد الجامعة الأردنية، نشيد الكلية الجامعية المتوسطة.

وعلى صعيد الموسيقى الآلية فقد ألّف عامر ماضي 7 مقطوعات موسيقية في قالب اللونجا(3)، و4 مقطوعات موسيقيّة في قالب السّماعي(4)، وما يزيد على 25 عملاً غنائياً لمطربين أردنيين مثل : اسماعيل خضر، فهد نجار، فؤاد حجازي، سهام الصفدي، صبري محمود، وليد أبو زياد.

حياته العائلية

تزوّج عامر ماضي عام 1985 من ابنة عمّه نبيلة ماضي، التي كانت تعمل مديرة شؤون إدارية في مركز دار الفن الذي يشكّل الفرع التربوي من مؤسسة أضواء الفن، ورُزِقا بطفلة في العام التالي أسمياها عبيدة، ألحقاها في سنٍ مبكرة بالمعهد الوطني للموسيقى، وهي اليوم عازفة كمنجة أردنية وعضو هيئة تدريس في قسم الفنون الموسيقية في الجامعة الأردنية بالإضافة إلى نشاطاتها الفنية المختلفة ومشاركاتها الأكاديمية والثقافية داخل الأردن وخارجه.

توفّي الموسيقار الأردني عامر ماضي في 16 كانون الثاني عام 2009 إثر نوبة قلبية، تاركًا وراءه إرثًا موسيقيًا وثقافيًا مُلهِمًا للكثير من أجيال الموسيقيين الأردنيين والمهتمين بالشأن الثقافي، وسيرةً ذاتيّة مشرّفة تظهر فيها الشخصية الفنّية الأردنية التي تمتاز بقدرتها على الابتكار وإصرارها على الحضور في المشهد الثقافي بفعالية.

تعريف مفردات البحث 

  1. مقام الهُزام : واحد من السلالم الموسيقية الشرقيّة التي تُسمّى في علم نظريات الموسيقى الشرقية بالـ “مقامات”.
  2. الكونشيرتو : عمل موسيقي كبير يكتبه المؤلف لآلة موسيقيّة معيّنة بمرافقة الأوركسترا، ويكون مبني على حوار بين الآلة المنفردة والأوركسترا، وهو قالب موسيقي ظهر في العصر الكلاسيكي.
  3. اللونجا : أحد قوالب التأليف الموسيقي الآلي الشرقيّة، وهو قالب سريع الإيقاع ورشيق الألحان.
  4. السّماعي : أحد قوالب التأليف الموسيقي الآلي الشرقيّة، وهو قالب معتدل إلى بطيء الإيقاع، وجاءت تسميته من اسم الإيقاع المستخدم فيه وهو إيقاع السّماعي الثقيل.

مراجع 

  1. حتّر، صخر، عامر ماضي (رحلة مع النّغم)، 2009 الطبعة الأولى، وزارة الثقافة.
  2. عبيدة ماضي، مبادئ نظريات الموسيقى الشرق-عربية، الجامعة الأردنية، 2011.

الموسيقار الأردني عامر ماضي

الطفيلة 1920 – الطريق المؤدية إلى الطفيلة

تمهيد

من على قمم الجبال الجنوبية للأردن، وعلى حافة الصحراء الأردنية القاسية، أنشأ أجدادنا الأردنيون الأوائل في أدوم، القرى والمدن، شقوا الصخر، وروضوا رمال الصحراء، وجروا المياه، ليصعدوا سلم الحضارة بثبات، وينشؤوا أولى ممالكهم القوية والمنيعة، ذات السيادة، وقد ظلت قدرتهم على عسف الطبيعة لمصلحتهم لغزاً محيراً حتى اللحظة.

لقد سكن الأردنييون الأوائل هذه المنطقة منذ العصور السحيقة، واستمروا بإعمارها منذ بدايات الوجود البشري، حتى لحظتنا هذه، دون انقطاع،  ومهما بحثنا في ملف الأصول الإثنية لشعوب العالم القديم، لن نستطيع تحديد هذا الأمر بدقة، إلا أن المؤكد أن أجدادنا الأدوميين، يعودون بجذورهم إلى هذه الأرض، وجبالها الشامخة، فهم يشبهونها، ويشبهون طبيعتها، صعوبةً وعطاءاً في ذات الوقت.

 ولدراسة أصول مملكة أدوم الأردنية، بحثنا في عدة حقول، كانت تتمايز بها شعوب العالم القديم عن بعضها، وأهمها اللغة، ونمط العمران، والصناعة الفخارية، كما حاولنا المقارنة بين الممالك الأردنية القديمة الثلاث بإيجاز، حتى يتمكن القارىء فيما بعد وعند اكتمال الأبحاث المختصة في هذه الحقبة من فهم ما يميّز بين أجدادنا الأردنيين الأوائل.

مفهوم الاثنية

الاثنية أو الجماعة الاثنية، هي مجموعة من الناس، يتشاركون في الأصل، والعادات والتقاليد، والنظم الرمزية مثل الميثولوجيا والفنون، وتجمعهم مصلحة مشتركة، ويتواجدون غالباً في حيز جغرافي واحد، وهذا المفهوم ليس مفهوما مؤطراً تماماً، ولا تعني الاثنية أنها مجموعة محصورة من الناس لا تربطها أي علاقات بمن هم حولها، ولا يعبر عنها دائماً بشكل سياسي.

ومفهومنا في هذا البحث للإثنية يعنى بدراسة المميزات الثقافية للمجتمع الأردني الأدومي عبر دراسة اللقيات الأثرية، وتحليل نمط العمران والبناء، و اللغة، الأدومية، ككيان سياسي منفصل، يحمل صفاته الثقافية الاجتماعية التي تميزه عن محيطه.

اللغة الأدومية

طبعة ختم أدومي- موقع تل خليفة (Gluek 1938: Fig.6)

تعتبر اللغة أحد أهم أسس التقسيم الإثني، وقد تكون أسهلها، رغم أنها قد لا تعطي وصفا شاملاً ودقيقاً، حيث أنه بالامكان صبغ شعوب منطقة ما بلغة شعب محتل، أو أن يندمج شعب مهاجر في ثقافة شعب ما والتحدث بلغتهم، إلا أن اللغة تبقى من أهم العناصر الدالة على إثنية أو أصول الشعوب، وهي أقوى الروابط بين شعب أو أمة معينة.

وبالنظر إلى اللقيات الأثرية التي تحمل كتابة أدومية، نجد أن أجدادنا الأردنيين الأدوميين، كانوا يتحدثون لغة تقع ضمن مجموعة اللغات السامية، واللغات السامية الغربية تحديداً، هذا الأمر يعيد أجدادنا الأردنيين الأدوميين إلى ما يسمى بالشعوب السامية.

صورة لبقايا معمارية على نمط بناء دراي ستون، موقع أم البيارة (Bienkowski 1990: fig.4)

نمط البناء الأدومي

أ.تقنية البناء

وجدت الحفريات الأثرية أن تقنية البناء المستخدمة لدى الأدوميين في المساكن، تسمى تقنية ( دراي ستون) بمعنى أن الجدران كانت تبنى برص الحجارة دون استخدام مواد لاصقة، فيما استخدمت الأعمدة الحجرية لرفع السقوف، وفي بعض المواقع كان يستخدم الطوب اللبن.

ب.مخطط البناء

مخطط بناء موقع بصيرا الأثري
(Bunnett 1983: fig12)

1.المنازل ذات الساحة المفتوحة

هي منازل تحتوي على ساحات مفتوحة وغير مسقوفة في منتصفها.

2.المنازل ذات الشكل المستطيل المكونة من ممرات طويلة

وهي منازل مستطيلة الشكل تحتوي على غرف صغيرة مربعة الشكل حول الممرات.

فخار أدومي
Bienkozki , piotr (1996) The art of Jordan , UK

الفخار الأدومي

يعتبر الفخار وصناعته من أهم المميزات بين الشعوب والدول في العالم القديم، حيث أن كل شعب يمتاز بطريقة معينة في صناعة الفخار، واستخداماته، وزخارفه وألوانه، حسب البيئة والطبيعة، والاحتياجات، والمواد الأولية المتوافرة، وقد كان هنالك تمايز بسيط أحياناً بين فخار الشعوب ذاتها، حسب المنطقة والطبقة الاجتماعية، إلا أن الطابع العام لفخار شعب ما يكون متقارب بشكل كبير، وقد امتاز أجدادنا الأردنيين الأدوميين بصناعة فخارية متميزة وقد اهتموا بزخرفة الفخار وجماليته.

أنواع الأواني الفخارية حسب الشكل والاستخدام

  1. الزبادي
  2. الزبادي العميقة
  3. الأطباق
  4. الأكواب
  5. قدور الطبخ
  6. الجرار
  7. الأباريق
  8. القوارير
  9. المصابيح

أنواع العجينة الفخارية

  • العجينة الخشنة

وقد كانت أقل استخداماً ولم تتواجد في جميع المواقع الأردنية الأدومية، وهذه العجينة لا تتم زخرفتها بالعادة.

  •  العجينة الناعمة

وهي العجينة الفخارية الأكثر استخداماً، ويتم زخرفتها.

أنواع الزخرفة 

  • البطانة

كان أجدادنا الأدوميين يهتمون بتلوين بطانة الفخار، فقلما وجد فخار أدومي غير ملون البطانة، وقد استخد لتلوين البطانة عدة ألوان منها (الأحمر، البرتقالي، الأسود، واللون الأبيض بشكل أقل)، فيما كانت البطانة غالباً مصقولة لامعة.

  • الدهان

استخدم أجدادنا الأردنيين الأدوميين الدهان لرسم زخارف على الفخار، وقد تنوعت هذه الزخارف، بين خطوط وشرائط متوازية، خطوط متوازية بينها نقاط، أشكار هندسية من مثلثات ومربعات، أو شبكة (رقعة شطرنج) وسلالم، وقد استخدموا الألوان (الأسود، الأحمر، الأبيض) في رسم هذه الزخارف.

استخدام زخرفة الدهان على الفخار الأدومي
(Gluek 1967) (Oakeshott 1983)

 

العلاقة بين الممالك الأردنية الثلاث (أدوم، مؤاب، عمون)

نشأت الممالك الأردنية القديمة الثلاث (أدوم، مؤاب، عمون) في ذات الوقت، أي مع بداية العصر الحديدي الثاني، وفي ظل ظروف متشابهة، وكان الانتقال من حالة الدولة المدينة إلى دولة الأمة أو الدولة الوطنية متزامناً، وقد تشابه طبيعة النشاط الاقتصادي بين شعوب هذه الممالك بشكل ملفت، والأهم من ذلك أن الخط واللهجات كانت متقاربة بين شعوب هذه الممالك بشكل كبير جداً.

فضلاً عن ذلك فقل ما دخلت هذه الممالك في صراعات بينية، بل على العكس من ذلك كانت تربطهم علاقات جيدة، وقد اشتركوا بالعداء تجاه شعوب وممالك مجاورة، حيث أن الأردنيين الأدوميين انتصروا على مملكة يهوذا عقب النصر العظيم الذي حققه الملك المؤابي الأردني المؤابي ميشع على اليهود.

هذه المؤشرات جميعاً تدلل بشكل أو بآخر، على أن هناك صلات قرابة، أو جذر واحد، يجمع أجدادنا الأردنيين في الممالك الأردنية القديمة، وأن ما حدا بهم أن ينشؤوا ممالك مختلفة، ظروف سياسية واقتصادية عديدة، لكن المؤشر الأهم يدلل على توافر البذرة الأولى لنشوء هوية وطنية واحدة جمعت هذه الشعوب والقبائل الأردنية القديمة .

سبب تسمية مملكة أدوم الأردنية

اختلف علماء الآثار حول تسمية أدوم، هل تعود للأرض أم للشعب، إلا أن الدلائل أغلبها تشير، أن اسم أدوم يعود إلى الأرض والشعب معا، فقد سمي الحيز الجغرافي الذي قامت عليه المملكة الأردنية الأدومية، بأرض أدوم، كما سمي الأردنييون الأوائل الذين اسسوا مملكة أدوم، بالأدوميين أيضا، وقد تعددت الروايات حول سبب التسمية أيضا، فحسب الرواية التاريخية يقال أن جد الأدومييون هو أخ النبي يعقوب الأكبر وقد سمي أدوم لأن شعره كان أحمر اللون، إلا أن أغلبية علماء الآثار رفضوا هذا السبب، وأكدوا أن سبب التسمية يعود إلى انتشار الحجر النوبي الأحمر اللون في أراضي أدوم، الأمر الذي صبغ تلك التسمية على أرض أدوم، وفي ما بعد على أجدادنا الأدوميين الأوائل الذين سكنوا هذه المنطقة وأسسوا المملكة الأردنية الأدومية العظيمة.

المراجع 

  1. ياسين ، د. خير نمر (1994) ، الأدوميون ، الجامعة الأردنية ، عمان .
  2. جتاوية، نداء (2012)، مفهوم الإثنية في علم الآثار: دراسة تحليلية للمالك (عمون، مؤاب، أدوم) في الأردن خلال العصر الحديدي. رسالة ماجستير غير منشورة، الجامعة الأردنية، عمان، الأردن.
  3. Bienkozki , piotr (1996) The art of Jordan , UK

مملكة أدوم الأردنية – العناصر الإثنية

Scroll to top