دور النشميات الأردنيات في الثورة

نشميات الحجايا

14329265_968038110007984_605238304_o

لم تغب شمس النشمية الأردنية عن تاريخ البطولة وكانت دوما المرأة الأردنية ركناً لا هامش في تاريخ التضحيات في سبيل استقلال الأردن وأساساً في التنمية في وقت الرخاء ومنذ القدم  وفي عهد الملك الأردني النبطي الحارث الرابع قام بتوثيق العملة الأردنية النبطية بنقش صورته جنباً الى جنب مع زوجته .

وفي العصر الحديث ضربت جداتنا أروع صور البطولة في مواجهة أربع مائة عام من الاحتلال التركي والتجهيل والفقر والسرقة تحت ستار الخلافة والتجارة بالدين  وسارت النشميات جنباً الى جنب مع فرسان العشائر الأردنية  حتى تحقق الحلم الأردني بالاستقلال وعودة الأردن الى مساره الطبيعي في  الحضارة .

ونحاول في هذا البحث المقتضب سرد أبرز المواقف البطولية التاريخية لنشميات الحجايا في رحلة تحرير الأردن من الاحتلال العثماني

تذكر الوثيقة التابعة لقوات الاحتلال العثماني المرقمة بـ 74 ، الملف : DH-SYS (3-3) 61 أثناء هية الكرك دور فرسان عشائر الحجايا في الذود عن حمى الأردن في تلك الثورة المجيدة التي ربطت بين الثورات الأردنية الصغرى ومهدت للثورة العربية الكبرى حيث تنص الوثيقة بمضونها على : (اصطدم جيش الاحتلال التركي مع فرسان عشيرة الحجايا على مسافة ساعتين شرقي محطة سواقة حيث استشهد فيها  (15) فارس من الحجايا وقتل عدد من العسكر الأتراك).

وأعاد فرسان عشائر الحجايا الكرة يوم لبوا نداء الثورة العربية الكبرى وهذه المرة لم تترك النشمية من الحجايا الفرصة لترتقي شهيدة في سبيل تحرير الأردن من ابشع قرون تجارة الدين التي مارسها المحتل العثماني، وفي نهاية 1917 قام فرسان الحجايا بعملية نوعية ضد القوات العثمانية في محطة الفريفرة شمال الحسا بهدف قطع الإمداد عن قطعان الاحتلال المتكدسة في معسكر بعد القطرانة، وبعد نجاح فرسان عشائر الحجايا بضربتهم التكتيكية التي حاول المحتل الرد عليها في منطقة جرف الدراويش فأرسلت قطعان الاتراك عبر القطار قادمة من حامية معان للانتقام من أجدادنا فثبت أبطال الحجايا ونشمياتهم بوجه المحتل في معركة طاحنة ارتقين فيها شهيدات إلى جوار اشقائهم من شهداء فرسان الحجايا و عرف منهن :

مغيضة ام مفلح المراغية وابنتها، وزوجة علي الصواوية الحجايا، وكفاية الصواوية ، كما تم أسر عدد من حرائر جداتنا من الحجايا من بينهن مغيضة الرديسات التي بقيت لأيام في قلعة الحسا قبل أن يحررها فرسان العشائر الأردنية ويقضوا على حامية القلعة ثأرا لها.

14627834_10211330087748334_2018885857_n
أحد فرسان عشيرة الحجايا حاملا لجثة خطيبته بعد استشهادها على أيدي الغدر العثماني ، و تورد المرويات الشفوية أن أهلها لم يتمكنوا من دفنها لثلاثة أيام إلا بعد أن ترك الفارس جسد خطيبته منتحبا على فقدانها – لوحة للفنانة التشكيلية هند الجرمي

لم تكن لتمر هذه الفعلة الدنيئة من محتل اعتاد الغدر والقتل والحرق في تاريخه البغيض فتنادى فرسان العشائر الأردنية تحت راية الحجايا وأعادوا الكرة على المحتل التركي وساندتهم قوة نظامية من قوات الثورة العربية الكبرى فحملوا على الاتراك المغول حتى انبثقت ساعة النصر ورفعت راية الثورة العربية الكبرى على محطة جرف الدراويش لتكن لبنة جديدة في طريق الاستقلال الأردني الذي جبل بدم جداتنا وأجدادنا .

 

المراجع:

  1. المقتبس،ع615 (4 اذار 1911م) ، ص2
  2. سليمان حماد القوابعة، الثورة العربية الكبرى (معارك الطفيلة-صور من البطولة) ، أزمنة للنشر والتوزيع، ط1، 2008
  3. الثورة العربية الكبرى : الموسوعة التاريخية المصورة ، البحث التاريخي والإشراف الدكتور بكر خازر المجالي ، مركز أرض الأردن للدراسات والنشر،2011.
  4. الريس،منير الريس،الكتاب الذهبي للثورات الوطنية في المشرق العربي،ط1 1969

نساء الثورة – نشميات الحجايا

نهضة التعليم في الأردن 1918 – 1946

عانت الأردن تاريخياً من سياسة التجهيل والتهميش في مجال التعليم من قبل المحتل العثماني إلى جانب بقية المجالات الأخرى ، فقد كان الأردن قبل عام 1918 يخضع لسيطرة الدولة العثمانية التي تحكم بالوكالة وبشكل شكلي، وتتم إدارة الكثير من شؤون الأردن من خارج أراضيه حيث كان التعليم يقع في أدنى قائمة اهتمام السلطات العثمانية. (علي محافظة:ص 147).

التعليم في الأردن في الفترة ما بين 1516-1940

وقد كان الأردنيون تاريخيا يعلمون مدى الأهمية القصوى للتعليم كونه وسيلة لتحرر الشعوب وتنورها ، فعمدوا إلى إقامة الحلقات العلمية ونظام التعليم الأهلي المعروف بالكتّاب، وهي وسائل وحلول بديلة لجؤوا لها، وكانت تدُرّس المبادئ الأساسية للعلوم الطبيعية والرياضيات واللغة العربية إلى جانب العلوم الدينية، وقد يظن البعض أنه حتى هذا النوع من التعليم كان بدعم من النظام العثماني إلا أن هذا غير دقيق اطلاقا فكافة هذه الكتاتيب أنشأت بمنظومة العون العشائري أي بدعم وتمويل ذاتي وكامل من أهالي المنطقة من أبناء العشائر الأردنية. وكانت هذه المبادرات المجتمعية للأردنيين هي الوسيلة الوحيدة لمحاربة مستويات الأمية المرتفعة جدا التي صبغت المنطقة وغطتها بسواد الجهل طيلة أربعة قرون من الحكم العثماني ، بعد الآف السنين من الريادة العلمية ابتداءً بكيميائيي عين غزال ومروراً بمصَنعي “ايدوم” ومهندسي الأنباط وفيزيائي جرش (نيكوماخوس NIKO Makhos) على سبيل الأمثلة لا الحصر،  وصولا ً لمدارس الحضارات الإسلامية السابقة ( أيوبيين و مماليك ) كالمدرسة السيفية وكلية عجلون ، فقد اختفى هذا كله بعد دخولنا في النفق العثماني المظلم.

 من الواضح أن اهتمام المحتل العثماني كان منصرفا بالدرجة الأولى إلى بسط نفوذه وتأمين طاعة السكان وخضوعهم، بالإضافة إلى جمع الضرائب وإخماد الثورات والتجنيد الإجباري، فضلا ً عن أن اهتمامه هذا لم يكن ينعكس طردياً على حياة السكان في مجالات الحياة وأهمها الصحة والتعليم، فقد كان للمحتل رغبة في عدم الإنفاق على هذه الغاية النبيلة، وكانت الإدارة العثمانية تفضل أن يبقى الجهل سائدا ً ومستمرا ً حتى تتمكن من السيطرة المطلقة على المنطقة دون وجود من يهدد وجودها، وما يرتبط بذلك من قدرة عمالها وضباطها على التلاعب بالحسابات وتقدير السن كما يحلو لهم لغايات التنجيد الإجباري وتزوير سندات الأراضي والممتلكات ونقل ملكياتها لأتباعهم والموالين لهم ، وبعض من قاموا بتوطنيهم في الأراضي الأردنية لخلق مجتمعات موالية لهم ولذلك كان انتشار الأمية وعدم قدرة الكثيرين على التعلم ومن ثم قراءة الوثائق والتعليمات والأوامر عاملاً مساهماً في هذا كله.

ولزيادة الأمر سوءاً فإن أوامر النظام العثماني صدرت بعدم السماح لغير الناطقين باللغة التركية من أبناء المنطقة بالتقدم للمواقع الإدارية والعسكرية العليا أو التدرّج فيها، وذلك إمعانا بالظلم والتهميش ولإبعاد وإقصاء أهل المنطقة عن مواقع السلطة والإدارة المحلية والقدرة على تقرير المصير، وبينما كنا نعاني من كل هذا ونغرق في الوحل الذي صنعوه لنا، كانت اسطنبول تعج بالعلم والعلماء وتزدهر وتبني حضارتها الحالية بأموالنا وضرائبنا ودمائنا وثرواتنا ومواردنا، ويظهر مما تقدم بشكل جلي أن الأمر غير متعلق بنهج عام يتعلق بالتعليم وانما هو نهج خاص وواضح يتعمد بإهمال هذه البقعة الجغرافية وأصحابها وتغييبهم عن كل ما فيه مصلحتهم.

بداية التعليم المتأخرة

عمدت الحكومة العثمانية بخجل إلى إنشاء عدد من المدارس الابتدائية كمجاملات أو محاولات استرضاء واستجلاب بعض المنافع لها فإذا ما تتبعنا السالنامة العثمانية، كمصدر من مصادر توثيق أوضاع المدارس والتعليم في قضاء عجلون (الذي يشمل عجلون واربد)،  فنجد أن هناك الإشارات الأولى التي تشير لبداية وجود المدارس تعود لعام 1872 كما يوضح الجدول رقم 1 المرفق أدناه، والذي يوضح وجود مكتب واحد في القضاء يتلقى التعليم فيه عشرة طلاب، إلا أن هذا المكتب كان من نوع الكتاتيب الخاصة، وليس مدرسة رسمية بالمعنى المفهوم للكلمة، ففي هذا العام جاء الشيخ عيسى الأحمد العبد الملكاوي (من وجهاء قرية ملكا) إلى اربد، وافتتح مكتبا لتعليم الأولاد في غرفة واحدة في (دار أحمد السكران)، ثم انتقل الى غرفة  ملاصقة للجامع الغربي، فكانت هذه هي أول ما تم الإشارة له على أنه مدرسة وهذا ما يتكرر بأغلب ما يسمى بأنه مدارس في ذاك الوقت.

إن  أقدم إشارة متوافرة حول افتتاح مكتب ابتدائي كمدرسة حقيقية في مركز القضاء تعود لعام 1882 أي أن أول توثيق متوافر لافتتاح مدرسة ابتدائية، يعود لما بعد أكثر من 3 قرون ونصف من بداية الاحتلال العثماني للمنطقة، وتعود استفاقة العثمانيين في استنبول لوقف التهميش الممنهج للأردن إلى انقلاب عثمانيي مصر واستخدامهم للأردن للعبور باتجاه دمشق بدون أي مقاومة عسكرية للدولة الغير موجودة ” فيزيائيا ” مما اضطرهم لإجراء بعض عمليات التنمية والتطوير لتبرير وجود القوات العثمانية وحلفائها في المنطقة.

وقد شهد العام 1882  أول جهد يمكن وصفه بمنهجية دولة في مجال التعليم وجرى ذلك ضمن ادارة المعارف في لواء حوران حيث افتتح عدد من المكاتب الابتدائية في مراكز الأقضية ومن بينها عجلون، وكان هذا المكتب مؤلفا ً من أربعة محلات، ويتسع لحوالي (150) تلميذا ً من بينها محل للتدريس وحجرة مخصّصة للمعلم .

وفي عام 1885، يشار لمكتب ابتدائي واحد فقط في القضاء ( قصبة اربد )، يتلقى التعليم فيه (30) طالبا، وفي عام 1892 يشار لمكتبين أحدهما في قصبة اربد فيه معلم واحد فقط، ويتلقى التعليم فيه (49) تلميذاً، ومكتب آخر جديد في قرية جرش، فيه معلم واحد وعدد طلابه (51) طالبا، وبعد ذلك بعام 1893 يشار لوجود مكتب ابتدائي في بلدة الحصن، وابتداء من عام 1893، يشار لمكتب رابع في قرية كفرنجة، مركز ناحية كفرنجة، ولا تتفق هذه المعلومات مع الإحصائية التي توردها السالنامة لعام 1898، فسالنامة عام (1312 مالية / 1885م) تورد أن عدد المكاتب الابتدائية في القضاء يبلغ (15) مكتبا ً رسميا، وهذا الاضطراب مردُّه بالدرجة الأولى الى اضطراب معلومات السالنامة التي تلجأ في بعض الأحيان إلى دمج المكاتب الأهلية (الكتاتيب) عند اشارتها لعدد المدارس الرسمية، وهذا يعني بطبيعة الحال تضخيما للرقم الحقيقي وتلاعبا ً بدقة البيانات الخاصة (عليان الجالودي ، قضاء عجلون ، ص 362 – 363 ).

أما المدارس الرشدية، التي تعادل المدارس الابتدائية الكاملة في أيامنا فلا اشارة لوجودها في القضاء قبل 1895.

وساهم الأهالي مساهمة فعالة في إنشاء المدارس في قرى القضاء مما يعكس بالتالي الإقبال المتزايد على العلم والمعرفة، كما يلاحظ أيضا ً أن اهتمام العثمانيين بالتعليم في منطقة عمان وجوارها بدأ متأخرا ً، إضافة إلى كون العملية بطيئة أصلاً، وقد كان تعليم أبناء شيوخ العشائر يتم في مدارس أعدت خصيصا ً لهذه الغاية، مهمتها تطويع هؤلاء الطلبة وإعدادهم مستقبلا ً للولاء للسلطان والدولة فقط لا للتعلم والمعرفة بحد ذاتها، فقد كانت هناك ثلاثة مكاتب تعليمية هي مكتب وادي السير ومكتب عمان، ومكتب مادبا، وجميعها أنشأت عام 1900، وكان الإنفاق على هذه المكاتب يتم عن طريق الإعانة، أي عن طريق تغطية الأهالي لتكاليف التعليم. (نوفان الحمود ، ص 207 – 2010) .

تجهيل ممنهج وجهود مسروقة

وفي عام 1910 ، كانت هناك محاولات لافتتاح عشرين مدرسة ابتدائية، وتقرّر أن يتحمل الأهالي نفقات البناء وأجرة المعلمين رغم أن الضرائب الجائرة التي تبتدأ ب25% على الدخل لم تتوقف منذ أربعة قرون لكن بلا أي مردود، وعلى الرغم من جمع الأموال المطلوبة من الأهالي واحضار المعلمين للتدريس في هذه المدارس، ودفع رواتبهم مقدماً، إلا أن الحكومة العثمانية قررت منع تلك المدارس والمكاتب المزمع افتتاحها من قبل الأهالي، وكان سبب المنع هو أن المعلمين الذين اختيروا للتدريس فيها لا يتقنون اللغة التركية.

     ومن الأمثلة على قيام العثمانيين بتفتيت جهود الأهالي وإقبالهم على إنشاء المدارس، قيام أهالي قرية الرمثا عام 1913 بجمع مبلغ (156) ليرة عثمانية لتأسيس مدرسة في قريتهم، إلاّ أن السلطات العثمانية تحججت بعدم وجود معلم يتقن لغة الاحتلال التركية ليتولى التدريس فيها ليحول ذلك دون تحقيق تلك الأمنية، لكن الأهالي لم يستسلموا لهذا التحدي عبر استعادة الأموال التي جمعوها بل قاموا بإيداع المبلغ في صندوق مال اللواء كأمانة حتى تتمكن إدارة اللواء من توفير معلم للقيام بتلك المهمة، إلا أن متصرف اللواء قام بإنفاق المبلغ دون وجه حق وكما جرت العادة بدون استشارتهم وبسلوك ” المزرعة ” المخيّم على المنطقة طيلة فترة تواجد العثمانيين ، وقد أنفق العثمانيين المبلغ هذا في صيانة بلاط مقر سرايا الحكومة الخاص بالمتصرف العثماني وحاشيته. (عليان الجالودي ، ص 362 – 365)

المدارس الرشدية

 وهي مدارس تعادل المدارس الابتدائية الكاملة في أيامنا، ولا يشار لوجودها في القضاء أبدا ً قبل عام 1895، حيث وجدت مدرسة رشدية في قصبة اربد بالرغم من أن ملفات المدرسة تشير إلى أن تاريخ انشائها كان عام 1900، ومن المؤكد أن هذه المدرسة كانت تطويرا ً للمدرسة الابتدائية التي كانت موجودة منذ عام 1882 . (عليان الجالودي ، قضاء عجلون ، ص 364).

 تجدر الإشارة إلى أن هناك العديد من الدراسات التي ذكرت عدد من المدارس المسجلة في السالنامة ، في العديد من المناطق منها كثربا 1897م ، الشوبك 1899 م ، وادي السير 1903م ، عمان 1903م ، مادبا 1903م ، النعيمة 1910م ، عين جنا 1910م ، عنبة ، سموع ، وايدون ، المزار ، ملكا ، الطيبة ، حرثا ، كفرسوم ، كفر أسد ، بشرى ، حوارة، الصريح ، مكيس ، خنزيرة ، كفر عوان ، عشائر بني حسن ، دير أبي سعيد ، وجميعها للذكور وانشأت عام 1910 م . (هند أبو الشعر ، تاريخ شرقي الأردن ، ص 560 -562) . كما تجدر الاشارة إلى أن هناك بعض الدراسات التي ذكرت أن السالنامة أحيانا ً تورد أسماء المدارس الأهلية (الكتاتيب)  كمدارس رسمية.

مدارس الاناث

وفي عام 1884م ، ذكرت السالنامة أن هناك مكتب رشدي في قضاء عجلون فيه 10 طلاب ذكور، و الإشارة الوحيدة إلى مدارس البنات في قضاء عجلون وردت سنة 1884، وهو مكتب للاناث تتلقى فيه 110 طالبات تعليمهن. وتحدد سالنامة 1896، أن في القضاء مكتبان لتعليم البنات واحد في الحصن والثاني في جرش (هند أبو الشعر، اربد وجوارها، ص 548-549) . وبذلك نجد أن مدارس البنات الرسمية تأخرت في نشأتها مما أثر سلبا ً على الوضع التعليمي في المنطقة.

كما افتتح في السلط مكتب رشدي للإناث عام 1891، وعدد طالباته 38 طالبة (سالنامة ولاية سوريا لسنة 1309 هـ / 1310هـ/1891). إضافة إلى مكتب رشدي في الحصن للإناث عام 1896م ، (سالنامة ولاية سوريا لسنة 1312 مالي / 1896م ، 267). ومكتب آخر في جرش عام 1896م (هند أبو الشعر ، تاريخ شرقي الاردن ص 560 ) .

وبهذا ومع تجاوز عدم دقة التقارير العثمانية التي كانت تشمل الكتاتيب كمدارس ومع أن هذه المدارس ليست الا من تبرع وجهد الأردنيين فقط فإن العدد الكلي حتى عام 1918 كان 39 مدرسة كما يبين الجدول رقم 1  المرفق أدناه ، وبالإشارة إلى تعداد الأنفس عام 1921 الذي يظهر وجود 230000 نسمة (مئتان وثلاثون ألف نسمة) نصفهم من المدن والفلح والنصف الآخر من المرتحلين موسمياً أو بشكل دائم (ماري ويلسون، بريطانيا ونشوء الأردن، 1987، مكتبة كامبريدج للشرق الأوسط). ولو افترضنا أن هذا العدد كان 200 ألف فقط عام 1918 وأن ربعهم فقط (وهذه نسبة غير طبيعية الا بالدول التي تعاني الشيخوخة) من الأطفال في سن المدرسة، فان 50 ألف طالب كان مخصص لهم 39 مدرسة أي بمعدل 1282 طالب لكل مدرسة هي بالأساس غرفة أو اثنتين تم بنائها من قبل الأهالي المتخمين بالضرائب الجائرة المبتدئة ب25% على الدخل.

وعند استعراضنا لأول 28 عام بعد زوال الاحتلال العثماني خلال فترة الاستقلال الأولي وحتى الاستقلال النهائي عام 1946 كما في الجداول 2 إلى 4 المرفقة أدناه فإن القارئ للأرقام يمكنه عمل المقارنات الاحصائية البسيطة التالية والمبينة في جدول المقارنات أدناه :

جدول المقارنات
المقياس 1918 1922 نسبة الزيادة خلال 4 أعوام 1928 نسبة الزيادة خلال 10 أعوام 1946 نسبة الزيادة خلال 28 عام
عدد المدارس 39 44 12.8% 52 33.3% 77 97.4%
عدد الطلاب حد أدنى 745 3316 5312 39.8% 10729 223.5%
عدد المعلمين 81 120 48.1% 216 167%
عدد الطالبات 318 599 88.4% 2056 547%
نسبة الاناث من العدد الكلي 9.5% 11.2% 1,7% 19.2% 9.7%

وكما يظهر جدول المقارنات أعلاه فإن الدولة الأردنية الناشئة وبعد دفع جل تكلفة تحرير الإقليم من الاحتلال بشرياً ومادياً، استطاعت رغم كل ذلك وخلال 28 عام وقبل استقلالها النهائي عام 1946 أن ترفع عدد المدارس بما يقارب الـ 100% وعدد الطلبة بما يقارب نسبة 225% وعدد المعلمين إلى ما يقارب 170% وعدد الطالبات الى ما يقارب 547% وعدد الطالبات كنسبة من عدد الطلبة الكلي بما يقارب الـ10%.

وقد قمنا في إرث الأردن بوضع هذه المقارنات في انفوجرافيك توضيحي ، على النحو التالي :%d8%b2%d9%8a%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d8%a3%d8%b9%d8%af%d8%a7%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b9%d9%84%d9%8a%d9%85-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b1%d8%af%d9%86

جدول رقم (1)

التعليم الرسمي في قضاء عجلون 1864 الى 1918

الرقم التسلسلي موقع المكتب درجة المدرسة سنة الإنشاء نوعه عدد الطلبة المصدر
1 عجلون ابتدائي

كان هذا المكتب من الكتاتيب الخاصة، وليس مدرسة رسمية بالمعنى المفهوم للكلمة

1872 ذكور 10 طلاب سالنامة، ولاية سوريا، 1289هـ، 1872م، 156
2 عجلون ابتدائي تألف من 4 محلات 1882 ذكور اتسع لحوالي 150 طالب جريدة سوريا، العدد 910، ت: 27 ج، 1300 هـ، 1882م
3 قصبة اربد ابتدائي 1885م ذكور 30 طالب سالنامة سوريا، 1303 هـ/ 1885م، 187 – 193
4 قرية جرش ابتدائي 1892م ذكور 51 طالب سلنامة سوريا،1309 هـ/ 1892، 341
5 بلدة الحصن ابتداي 1893م ذكور سالنامة سوريا، 1310 هـ / 1893م، 22
6 ناحية كفرنجة (المركز) ابتدائي 1897م سالنامة سوريا، 1315 هـ/ 1897م، 205
7 السلط رشدي 1874م ذكور 274 طالب سالنامة ولاية سوريا، 1291هـ/ 1874م، 160 وسالنامة سنة 1292هـ/ 1875، 148
8 الكرك رشدي 1894م ذكور سالنامة ولاية سوريا، لسنة 1312هـ، 1894م/ 1895م. 225
9 معان رشدي 1897م ذكور 31 طالب سالنامة ولاية سوريا لسنة 1315هـ/ 1897م، 222. ولسنة 1317 هـ/ 1899م، 233.
10 الطفيلة رشدي 1897م ذكور 32 طالب سالنامة ولاية سوريا لسنة 1315هـ/ 1897م، 222 ولسنة 1316هـ/ 1898م، 228.
11 قضاء عجلون رشدي 1884م ذكور 10 طلاب هند ابوالشعر، اربد وجوارها، ص ص 548 – 549
12 قضاء عجلون رشدي 1884م اناث 110 طالبة هند ابوالشعر، اربد وجوارها، ص ص 548 – 549
13 السلط رشدي 1891م اناث 38 طالبة سالنامة ولاية سوريا لسنة 1309 هـ / 1310 هـ/ 1891
14 الحصن رشدي 1896م اناث سالنامة ولاية سوريا لسنة 1312 مالي/ 1896م، 267
15 جرش رشدي 1896م اناث هند أبوالشعر، تاريخ شرقي الاردن ص 560
16 كثربا 1897م ذكور هند أبوالشعر، تاريخ شرقي الاردن، ص 560 – 562
17 الشوبك 1899م ذكور هند أبوالشعر، تاريخ شرقي الاردن، ص 560 – 562
18 وادي السير 1903م ذكور هند أبوالشعر، تاريخ شرقي الاردن، ص 560 – 562
19 عمان 1903م ذكور هند أبوالشعر، تاريخ شرقي الاردن، ص 560 – 562
20 مأدبا 1903م ذكور هند أبوالشعر، تاريخ شرقي الاردن، ص 560 – 562
21 النعيمة 1910م ذكور هند أبوالشعر، تاريخ شرقي الاردن، ص 560 – 562
22 عين جنا 1910م ذكور هند أبوالشعر، تاريخ شرقي الاردن، ص 560 – 562
23 عنبة 1910م ذكور هند أبوالشعر، تاريخ شرقي الاردن، ص 560 – 562
24 سموع 1910م ذكور هند أبوالشعر، تاريخ شرقي الاردن، ص 560 – 562
25 ايدون 1910م ذكور هند أبوالشعر، تاريخ شرقي الاردن، ص 560 – 562
26 المزار 1910م ذكور هند أبوالشعر، تاريخ شرقي الاردن، ص 560 – 562
27 ملكا 1910م ذكور هند أبوالشعر، تاريخ شرقي الاردن، ص 560 – 562
28 الطيبة 1910م ذكور هند أبوالشعر، تاريخ شرقي الاردن، ص 560 – 562
29 حرثا 1910م ذكور هند أبوالشعر، تاريخ شرقي الاردن، ص 560 – 562
30 كفرسوم 1910م ذكور هند أبوالشعر، تاريخ شرقي الاردن، ص 560 – 562
31 كفر أسد 1910م ذكور هند أبوالشعر، تاريخ شرقي الاردن، ص 560 – 562
32 بشرى 1910م ذكور هند أبوالشعر، تاريخ شرقي الاردن، ص 560 – 562
33 حوارة 1910م ذكور هند أبوالشعر، تاريخ شرقي الاردن، ص 560 – 562
34 الصريح 1910م ذكور هند أبوالشعر، تاريخ شرقي الاردن، ص 560 – 562
35 مكيس 1910م ذكور هند أبوالشعر، تاريخ شرقي الاردن، ص 560 – 562
36 حنزيرة 1910م ذكور هند أبوالشعر، تاريخ شرقي الاردن، ص 560 – 562
37 كفر عوان 1910م ذكور هند أبوالشعر، تاريخ شرقي الاردن، ص 560 – 562
38 عشائر بن حسن 1910م ذكور هند أبوالشعر، تاريخ شرقي الاردن، ص 560 – 562
39 دير ابي سعيد 1910م ذكور هند أبوالشعر، تاريخ شرقي الاردن، ص 560 – 562

 

التعليم في عهد الاستقلال والنهضة وبناء الدولة الحديثة

  شهد الأردن منذ عام 1921 ، وحتى اليوم نهضة تعليمية جبارة لا تكاد تصدق خاصة في ظل مجموعة كبيرة من الظروف الصعبة ، لم يكن أولها تبعيته لسيطرة واحتلال دام لأربعة قرون من التردي في غياهب الظلام العثماني بعد أن كان الأردن من رواد العلوم يصدّر العلماء والمتعلمين من أبناءه للعالم ، كما في حالة ابن القف الكركي وغيره من العلماء بالطب والفلك وكافة المجالات ابان العهد الأيوبي والمملوكي قبل حلول ظلام العثمانيين.

ولم يكن آخر هذه الظروف القاهرة شح إمكانيات الاردن، وافتقاره إلى الموارد الاقتصادية ، فعلى الرغم من نقص الثروات المادية ، وتعرضه لكثير من الهزات والتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، إلّا أنّه استطاع أن يسير قدما بخطى ثابتة وأن يتبوأ منزلة رفيعة ومكانة لائقة ليس فقط بين الأقطار العربية فحسب بل على المستوى العالمي، وفي أقل من 100 عام ، وذلك بفضل كفاح أبنائه وتصميمهم على الجد والعمل واخلاص قادته ونجاعة مشروعهم النهضوي التنويري .

 فبعد تأسيس الإمارة الأردنية عام 1921 ، بلغت ميزانية التربية والتعليم في العام ذاته ستة آلاف جنيه استرليني بوقتها وبنسبة كبيرة من الميزانية الاجمالية، ثم ارتفعت إلى 22,582 دينارا في عام 1928-1929، وبذلك كانت النقلة الحضارية الأبرز بعدما افتقرت البلاد للتعليم في ظل الاحتلال العثماني (محمود عبيدات ، وعبدالله الرشدان ، ص 9) .

 بعد ثورة العشائر الأردنية واسنادها لقوات الثورة العربية الكبرى في العمليات العسكرية ضد قوات المحتل العثماني وحلفائه الألمان والنمساويين عملت الحكومات المحلية المنتخبة من الأهالي والتابعة للحكومة الهاشمية الفيّصلية على إنشاء المزيد من المدارس ، واتخذت قرارا ً بالغ الأهمية وهو أن يكون التدريس باللغة العربية واستبعادها للغة الاحتلال التركية، ورافق هذا القرار قرارٌ آخر أكثر أهمية وهو أن تكون اللغة العربية وحدها اللغة الرسمية في دوائر الدولة ومصالحها، وتم تعيين إداريين ومعلمين من أبناء المنطقة وجوارها محل الإداريين والمعلمين الأتراك، وكانت البلاد في أمس الحاجة لهذا القرار، بعد أن كادت اللغة التركية ترسخ جذورها في النخب التعليمية والفكرية.

ويتبين من دراسة فريدة في بابها للدكتور محمد عدنان البخيت والباحث محمد يونس العبادي، عن مدرسة قرية ماحص في محافظة البلقاء أن الحكومة المحلية قد أنشأت تلك المدرسة خلال الأشهر الثلاث الأولى من قيامها (تشرين الأول – كانون الأول 1918)، وهذا دليل على نشاط تلك الحكومة في مجال نشر التعليم (مجلة دراسات ، العدد 11 ، 1985، 339-363). و (سليمان الموسى : ص 169 ، 170).

وضع أبناء الأردن التعليم نصب أعينهم بعد أن لبّت الثورة العربية الكبرى طموحاتهم، وذلك إدراكا منهم أنه السبيل الأهم لنهضتهم ورفعة شأنهم، فهما أمران لا يأتيان إلا بالتعليم الذي ظل غائبا ً وبعد استقلالهم المستحق عبر الثورات الصغرى الساعية لحكم مركزي محلي مستقل .

واذا استعرضنا التطور القانوني والتنظيمي ، للمسار التعليمي في الأردن منذ الاحتلال العثماني نجد أن قانون “التدريسات الابتدائية” قد صدر عام 1913، وقد ظّل الأردنيون مجبورين على القبول بهذا القانون نظرا ً لافتقادهم لمقاليد الإدارة رغم إدراكهم لرجعيته، وفور تأسيس الإمارة عملوا على استبداله بمجلس للتعليم كان من بين صلاحياته : اختيار المعلمين ، والإشراف على المناهج ، وفي عام 1926 تم استبداله بمجلس آخر سُمي المجلس الاستشاري للتعليم (عبيدات والرشدان:ص 25) ، تبع ذلك ، إصدار نظام المعارف عام 1939 ، الذي قضى بتأسيس المدارس الأميرية و إدارتها وتفتيشها من قبل إدارة المعارف (أحمد بطاح ، ص 13).

  وشهد عدد المدارس في عهد الإمارة تطورا ً تدريجيا ً وارتفاعا ً سريعا ً مباشرا ً في البنية التحتية للعملية التعليمية ، فقد كان عدد المدارس عام 1922-1923 ، (44) مدرسة إلى أن وصل عام 1930-1931  إلى  ما مجموعه (54) مدرسة ، كما شهدت المسيرة التعليمية تطورا ً موازيا ً في عدد الطلبة فقد وصل عدد الطلبة الملتحقين في المدارس عام 1922-1923 إلى ما مجموعه 3316 طالبا وطالبة ، منهم 2998 طالب و 318 طالبة (عبيدات والرشدان ، ص ص 33 – 34).

كان واضحا ً وملموسا ً حجم التغير الكبير الذي شهده الأردن منذ انتهاء عهد الاحتلال العثماني، وكيف بدأت معالم النهضة بشكل حقيقي منذ الإعلان الأول عن تحرير الأرض الأردنية من السيطرة العثمانية و رفع رايات الثورة في أنحائه .

  وقد جاء في أول احصاء عن التعليم خلال شهر آيار 1921 ، أن المدراس الحكومية في الأردن (باستثناء منطقة معان ، العقبة ، وادي موسى ، الشوبك ، التي كانت تابعة للحكومة الهاشمية الحجازية آنذاك)،  كانت تتألف من مدرستين ابتدائي كامل ، و 23 مدرسة ابتدائية غير كاملة ، يعمل فيها 53 معلما ً و 6 معلمات ( خير الدين الزركلي ، عامان في عمان ، ص ص 77-78).

وتأكيدا ً على اهتمام الحكومة الأردنية بتنظيم و إدارة هذا الهيكل المؤسسي المهم في الدولة الأردنية فقد صدرت تشريعات متعددة نظمت بموجبها شؤون التربية والتعليم في إمارة شرق الأردن ، فقد نشرت جريدة الشرق العربي نظام المدارس في الأول من حزيران سنة (1925م) الذي يحدد وظائف المديرين، والمعلمين، والمفتيين ، وواجبات التلاميذ والعقوبات التي تفرض عليهم والعطل الرسمية ، وقد اشتمل النظام على (83) مادة .(جريدة الشرق العربي ، عمان ، عدد 106) .

جدول رقم (2)

مقارنة احصائية لعدد المدارس والطلبة والمعلمين في الاردن

السنة الدراسية عدد المدارس عدد الطلبة عدد المعلمين
1922 – 1923 44 3316 81
1923 – 1924 50 3388 115
1924 – 1925 44 3257 110
1925– 1926 49 3674 119
1926 – 1927 51 3914 118
1927 – 1928 52 4143 121
1928 – 1929 52 5312 120
1929 – 1930 53 4415 120
1930 – 1931 54 4998 122
1931 – 1932 58 5239 134
1932 – 1933 60 5249 134
1933 – 1934 69 5560 148
1934 – 1935 69 5982 153
1935 – 1936 68 5842 154
1936 – 1937 68 6516 154
1937 – 1938 70 7398 163
1938 – 1939 74 8512 181
1939 – 1940 74 9605 182
1940 – 1941 74 10150 184
1941 – 1942 73 10364 184
1942 – 1943 74 9852 186
1943 – 1944 69 9607 188
1944 – 1945 69 9489 197
1945 – 1946 69 8874 201
1946 – 1947 77 10729 216

جدول رقم (3)

عدد الطلبة من عام 1922م لغاية 1947م

السنة الدراسية ذكور اناث المجموع
1922 – 1923 2998 318 3316
1923 – 1924 2985 403 3388
1924 – 1925 2904 353 3257
1925 – 1926 3276 398 3674
1926 – 1927 3472 442 3914
1927 – 1928 3545 598 4143
1928 – 1929 4713 599 5312
1929 – 1930 3871 544 4415
1930 – 1931 4410 588 4998
1931 – 1932 4463 776 5239
1932 – 1933 4327 922 5249
1933 – 1934 4514 1046 5560
1934 – 1935 4784 1198 5982
1935 – 1936 4652 1190 5842
1936 – 1937 5325 1191 6516
1937 – 1938 6084 1314 7398
1938 – 1939 7074 1438 8512
1939 – 1940 7731 1874 9605
1940 – 1941 7255 1895 10150
1941 – 1942 8365 1999 10364
1942 – 1943 7955 1897 9852
1943 – 1944 7750 1857 9607
1944 – 1945 7645 1844 9489
1945 – 1946 6918 1956 8874
1946 – 1947 8673 2056 10729

 

 

      وقد خصصت الحكومة الأردنية الأردنية جزءا ً مهما ً من ميزانيتها ونفقاتها لغايات الانفاق على إدارة المعارف (التربية والتعليم) ويتضح من الجدول التالي الارتفاع التدريجي المتصاعد لنسبة الانفاق تزامنا مع ارتفاع أعداد المدارس والطلبة والمعلمين في الإمارة، بينما كانت تبرعات الأهالي لبناء المدارس إبان العهد العثماني تنهب وتصرف في غير وجه حق في ظل غياب الدعم المالي للإدارات العثمانية المتعاقبة .

 

جدول رقم(4)

مخصصات التعليم السنوية في ميزانية الدولة العامة بالجنيه ( العملة الرائجة قبل سك الدينار الأردني )

النسبة المئوية نفقات المعارف النفقات العامة للدولة السنة المالية
4.4% 11820 267987 1924 – 1925
5.1% 14304 278459 1925 – 1926
6.02% 18232 302520 1926 – 1927
6.9% 19738 282073 1927 – 1928
7.2% 22274 307555 1928 – 1929
7.06% 22350 316147 1929 – 1930
6.3% 23482 367516 1930 – 1931
6.4% 21700 338046 1931 – 1932
6.4% 23429 353227 1932 – 1933

 

كانت الشهادات التي تمنح للطلبة في عهد الإمارة على النحو التالي :

  1. شهادة الدراسة للثانوية  : وقد بدأ الامتحان عام 1933-1934، حيث تخرج في هذا العام 11 طالبا ً .
  2. شهادة الدراسة الابتدائية : وكانت تمنح للطلبة الذين أنهوا الصف السابع الإبتدائي ، ونجحوا في الامتحان العام الذي تقدمه الوزارة في نهاية هذا الصف، وقد ظهر أول امتحان لهذه الشهادة عام 1944-1945 ، حيث تخرج في هذه السنة 144 طالب وطالبة .
  3. شهادة الثانوية الكاملة : وكانت تمنح لطلبة الرابع الثانوي دون أن يتقدم الطالب فيها لامتحان عام، وكانت أول شهادة ثانوية تمنح للطلبة عام 1925-1926 ، وكان عدد الناجحين في هذه السنة أربعة طلاب يدرسون في مدرسة السلط وهي الوحيدة التي تمنح مثل هذه الشهادة .
  4. شهادة الثانوية المتوسطة : وكانت تمنح لطلبة الصف الثاني الثانوي وقد نجحت أول دفعة في هذه الشهادة عام 1925-1926 ، حيث بلغ عددهم 23 طالبا ً وطالبة .
  5. الشهادة المدرسية المهنية : وقد تخرجت أول دفعة فيها عام 1926-1927 ، حيث كان عددهم نحو 15 طالبا .
  6. الشهادة الابتدائية : وقد بدأت قبيل عهد الإمارة بقليل ، وكان تمنح في معظم مدارس القرى في مستوى الصف الرابع الابتدائي .

الاستراتيجية التربوية إبان النهضة

تميزت الاستراتيجية التربوية في عهد الإمارة بما يلي :

  1. تأسيس المدارس الحكومية بما يتناسب مع امكانيات الإمارة ومواردها .
  2. السماح لأي جهة بإنشاء المدارس بما لا يتعارض مع قوانين وأنظمة الدولة .
  3. جعل التعليم مجانيا ً ، وملزما ً .
  4. الإشراف والتوجيه التربوي لكافة المدارس .
  5. تشجيع الحركات العلمية ، والأدبية ، والأعمال الكشفية ، والألعاب الرياضية ، والترفيه والفنون بكافة أشكالها .

كما أن هناك العديد من الوزارات كانت وما زالت معنية بالتربية والتعليم ، إلى جانب وزارة التربية والتعليم التي أبرز من مهامها توفير التعليم الإلزامي والثانوي والأكاديمي والمهني والإشراف على العملية التعليمية ، فقد أسهمت وزارة الدفاع بتوفير التعليم للمرحلة الإلزامية وإعداد الفنيين عن طرق مشاغل الجيش ، إضافة الى وزارة الشؤون الإجتماعية التي تتولى تأهيل الطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة ، ووزارة الصحة التي من مهامها تعليم المهن الطبية إضافة إلى الإشراف على صحة الطلبة في كافة المراحل التعليمية .

المراجع :

 

  • سليمان الموسى ، من تاريخنا الحديث : الثورة العربية الكبرى-الأسباب والمبادئ / شرقي الأردن قبل تأسيس الإمارة ، ط 1 (عمان ، وزارة الثقافة ، 2007) .
  • سليمان عبيدات وعبدالله الرشدان ، التربية والتعليم في الأردن من عام 1921 – 1993 ، ط1 (عمان ، المؤلفان ، 1993) .
  • علي محافظة ، تاريخ الأردن المعاصر (عمان ، مطبعة الجامعة ، 1973).
  • نوفان رجا الحمود السوارية ، عمان وجوارها خلال الفترة 1281 هــ 1864 – 1340 هـ 1921م ، ط1 ، (عمان منشورات بنك الإعمال ، 1996).
  • عليان الجالودي ، قضاء عجلون 1864 – 1918 ، ط 1 ، (عمان ، منشورات لجنة تاريخ الأردن ).
  • جريدة الشرق العربي ، عمان ، عدد 106 ، 1 حزيران ، 1925م ؛ المدني ، وثائق تربوية أردنية في عهد الملك المؤسس عبدالله الأول بن الحسين 1921-1951 م ، ص 29-41 .

نهضة التعليم 1918 – 1946

عثماليكس – الجزء 5 : معارك معان وفق مذكرات ضابط تركي

 

image1

 

تناولنا في نهاية (الجزء السابق) عن معارك معان وفقا لما كتبه مدير شعبة الاستخبارات في القوة التي كانت تحتل مدينة معان في رسالة وصف بها المعارك التي دارت حول تلك المدينة بين قوات الثورة من جهة والأتراك مع من ساندهم من الألمان والنمساويين من جهة أخرى ، و نستمر في هذا الجزء بوصف المعارك التي جرت حول معان وذلك من خلال وثيقة جديدة هي عبارة عن مذكرات ضابط تركي ،  يظهر فيها اعترافات الأتراك ببسالة قوّات الثورة و فرسان العشائر الأردنية وشجاعتهم واقترابهم الكبير من تحقيق الانتصار وتحرير المدينة في ظل ضعف القوات التركية امامهم ثم الانسحاب التكتيكي المفاجئ للثوار بعد ذلك :

يقول الضابط في مذكراته :

“علمنا في أول شباط ١٩١٨ من أقوال عيوننا وأرصادنا أن  قوات الثورة تعد العدة للهجوم على معان، وأنها قررت نسف الخطوط الحديدية شمالاً وجنوباً وتدمير الجسور بالديناميت ليحول دون وصول الذخيرة والعتاد الى القوات التركية في الجنوب بحيث يحملها على الاستسلام وأرسل محمد جمال باشا في طلب الإمدادات والنجدات لأنه اعترف بعجزه عن المقاومة وكان اليأس قد  سرى إلى نفسه أن يذهب بنفسه الى دمشق ليتصل برجال القيادة ويفاوضهم ويطلعهم على الحالة ويسعى لاستقدام قوات جديدة.

لكن سعيه جاء بعد أوانه فلم يكد يغادر معان حتى أخذت قوات الثورة بمضايقتنا، ودارت معارك بيننا وبينهم حول محطات السكة خلال شهري آذار ونيسان وكان النصر فيها سجالاً، فيوم لنا ويوم لهم وربما كان أعظمها شأناً معركة المدورة فقد التحم فيها الفريقان بالسلاح الأبيض وكان الثوّار يظهرون بسالة خارقة” .

133
قوات الثورة تصعد إحدى المرتفعات الجبلية في طريقها إلى معان لتطهيرها من الحامية التركية فيها

 

معلومات سرية ومخاوف وقرارات متأخرة

يتحدث الضابط عن المخاوف التركية مما وردهم من انباء عن طريق جواسيسهم ، حول تقدم الثوار باتجاه معان ونيتهم تحريرها ، وان قوات الثورة أعدت عدتها ووضعت خطتها الرامية لعزل القوات العثمانية الموجودة في معان عن الإمدادات العسكرية في الشمال والجنوب ، كما يتحدث عن تأخر وصول الإمدادات نتيجة لعدم أخذ القيادة العثمانية والألمانية لنداءات الاستغاثة على محمل الجد (كما جاء في الجزء الثالث  ووصفها من قبل القائد الالماني للقوات العثمانية بأنها من قبيل المبالغة العثمانية المألوفة) ، مما دفع قائد قوات الاحتلال العثمانية في معان محمد علي باشا للذهاب بنفسه الى دمشق، والتفاوض مع الضباط والقيادات هناك ، إلا أن ذلك حدث بعد فوات الاوان ، فمع مغادرته وصل الثوار وفرسان العشائر الأردنية لمشارف معان وبدأت معارك التحرير ، فكانت الحرب سجالاً ، ونلاحظ إشادة الضابط في مذكراته ببسالة الثوار وامتداحه شجاعتهم، وهذا شهادة حق من ضابط في الطرف المقابل.

346
قوات العشائر الأردنية قرب إحدى المرتفعات الجبلية في طريقها إلى معان لتطهيرها من الحامية التركية فيه

يستكمل الضابط في مذكراته :

“ولا أذكر جيدا تاريخ اليوم الذي ابتدأ فيه هجوم قوات الثورة على معان، وإنما أظنه وقع بين 5– 6  نيسان، فقد أخذت مدافعهم تطلق نيرانها بشدة على جبال سمنة وهو خطنا الأمامي وبينما كان جيشهم يدخله في المساء سمعنا أصوات الديناميت تقصف كالرعد من شمال وجنوب، ورأينا القضبان الحديدية تتطاير فأدركنا خطورة الموقف وعرفنا أننا اصبحنا في عزلة عن العالم، واستأنف جيش الثورة القتال في الغداة فأمطر خطوطنا الأمامية نيراناً حامية ثم هجوم المشاة تشد أزرها القبائل الأردنية فاستولوا بعد مقاومة طفيفة على المرتفعات القائمة بين معان وسمنة والمرتفعات الواقعة جنوبي المحطة ومركز القيادة التركية وكان نصرهم عظيماً في ذلك اليوم فقد صارت معان وسمنة تحت رحمة مدافعهم التي نصبوها في جبل سمنة كان رصاصهم يصل أيضا إلينا، فتراجعنا على إثر ذلك إلى الخنادق المجاورة وحشدنا قواتنا في خط الدفاع الأخير من المحطة وأقمنا في الخنادق الشرقية والأرض هناك منبسطة نحو 300 جندي للدفاع اذا حصل وهاجمتنا قوات الثورة من هذه الناحية مع مدفع واحد.

42
إحدى عمليات تفجير سكك خط القطار العسكري العثماني أثناء العمليات العسكرية لتعطيله و وقف استخدامه لتموين الحاميات التركية المتحصنة في معان و الأزرق

وكانت قواتنا في معان منقسمة إلى قسمين : قسم البلاد وقسم المحطة، وتتألف القوة الأولى من فوج مشاة لديها ٤ رشاشات ومدفعان نمساويان سريعا الطلقات يشد أزرهم فرسان العشائر المتطوعين من البلد وقد انضموا مع نسائهم للجيش وعددهم 300.

وتتألف قوة المحطة – وتبعد نحو نصف ساعة من البلدة – من فوج مشاة و ٨ رشاشات مع مدفعين نمساويين ومدفعي صحراء وآخر من الطراز القديم وقد نصبوها في الجبال المطلة على المحطة وفي الهضاب الممتدة على طريق معان وشرقيها ( المحطة ) وجنوبها وشمالها ويقود هذه القوة القائم مقام علي وهبي بك، وأصبحنا في اليوم الثالث ونحن أمام قوات الثورة وجهاً إلى وجه – يروننا ونراهم على مسافة 200 – 300 متر، وكانت قنابلهم تتساقط علينا كالمطر ونحن في الخنادق فلا نستطيع أن نرفع رؤوسنا مخافة ان يصيينا طلق ناري، واستنجد قائدنا بدمشق والمدينة أيضا طالباً إمدادات سريعة فأجابه فخري باشا من المدينة بأن امداده له هو الدعاء إلى الله بنصره وقالت القيادة العثمانية في دمشق يجب أن لا تستسلموا للعدو إلاّ جثثا هامدة، وبدأت قوات الثورة في صباح اليوم الرابع بهجوم على جميع المناطق من الميدان وكانت مشاتها تتقدم ببطء، وقد بلغ بعضها خنادق الترك ولكنها ما كانت تثبت في الميدان لعجزها عن مجاراة النظاميين فتراجعوا أمام نيران الترك ولا سيما رشاشاتهم فكانت تصليهم نارا شديدة – رغم تساقط قنابل مدفعية الثورة عليها.

134
خط سكة الحديد – محطة معان و يظهر منزل المهندس الألماني مايزنر – مهندس السكة – مع العلمين التركي و الألماني مرفوعين بجانب المحطة

واستولت قوات الثورة بعد نضال عنيف على آخر هضبة بجوار المحطة وأصبحوا يسيطرون على الساحة وكانت حالتنا سيئة جدا في اليومين الخامس والسادس فقد قلت مسيرتنا وكنا نوزع قطعة من الخبز المجفف مع قليل من الزيتون على الجند كما صدر أمر الى المدفعيين والمشاة بالاقتصاد في انفاق القنابل والرصاص لنفاذ المدخر لدينا.

وقد كنا في حالة يرثى لها لفقد القوة الأدبية ( المعنوية ) وصرنا عاجزين عن القيام بأقل حركة أمام قوات الثورة الزاحفة وأنهكنا التعب داخل خنادق لم تكن مبنية على الطراز الحديث . 

الحامية العثمانية تختبئ في الخنادق تحت وابل نيران  قوات الثورة

يصف الضابط مجرى الأحداث وكيف دارت المعارك، وعن هجوم قوات الثورة العربية الكبرى ومشاركة العشائر الأردنية فيها واصفا الدور الكبير للعشائر بأنها كانت تشد أزر الثوار ، وذلك خلال معارك تحرير معان من الاحتلال العثماني ، حيث يصف أدق التفاصيل المتعلقة بالمعركة ابتداء من تطاير قضبان السكة الحديدية، ووصولا لتعداد الأسلحة والمدافع الالمانية والنمساوية وعدد القوات التي تهاوت واختبأت في الخنادق المعدة المبنية بطريقة سيئة، نتيجة للضغط والكثافة النارية التي كان تحارب بها قوات الثورة، مما استدعى العثمانيين للانسحاب للخطوط الخلفية واتخاذ اوضاع دفاعية.

طلب النجدة من القيادة العثمانية والرد : لا نملك لكم سوى الدعاء

يصف أيضاً عجز القيادة العثمانية الألمانية عن إرسال أي دعم يذكر لقواتهم المحاصرة والمتهالكة تحت قنابل وصليات قوات الثورة، رغم محاولات الإغاثة واستجداء النجدة المتكررة من قبل قائد الحامية، إلاّ أن محاولاته كلها باءت بالفشل، بل يأتيه الجواب من فخري باشا المحاصر كذلك هو وقواته في المدينة المنورة في صيغة لا تخلوا من التهكّم ، بأنه لا يملك له من مساعدة سوى الدعاء،  ومن دمشق لم تصلهم إلا الأوامر بعدم الاستسلام والموت جثثا هامدة في صيغة لا تخلوا من اليأس ومعرفة اقتراب المصير، وهو ما تسبب بانهيار المعنويات في صفوف القوات العثمانية في معان، التي أنهكها التعب داخل الخنادق ، وأخذوا يتقشفون ويرشّدون استهلاك الغذاء والسلاح.

يكمل الضابط :

“واشتدت مضايقة الثوّار لنا حتى أصبحوا على بضع خطوات منا وكانوا يصلونا نارا حامية من مدافعهم ورشاشاتهم وكان رصاصهم يتطاير من الشبابيك والنوافذ فيدخل الغرف، كما تسلل بعضهم الى داخل المحطة، فاستدعينا القوة التي كانت في الجبل حينما رأينا اشتداد الحال فجاءت وطردت مقاتلي العشائر من حول المحطة، ولولا وصولهم لاستولوا عليها ولزادوا قوانا الأدبية وهناً على وهن.

ولإنعاش هذه القوى وتنشيطها أذعنا بلاغا قلنا فيه إنّ الفيلق الثامن الذي يتقدم من القطرانة لانجاد معان صار قريباً وأنه سيدخلها ليلاً.

وصل هذا البلاغ جنودنا في الخنادق وأنعشهم وظهرت عليهم علائم السرور واخذ بعضهم ينبيء بعضاً : إنّ النجدات تاخرت لأسباب قاهرة وفي اليوم السابع أخذنا إشارة لاسلكية من القيادة أنها أرسلت فوجاً مع عتاد وميرة ومدفعي صحراء لإنجادنا وأن قوات الفيلق الثاني بقيادة الأمير آلاي دلي شوكت أرسلت الى محطة القطرانة لتعزيز قوات المحطات بين القطرانة ومعان ولصيانة طريق المواصلات ولمنازلة قوات الثورة وقد بدأت كتائبها تهاجم المحطات بعد احتلال الطفيلة.

وفي ذلك اليوم وقبل وصول برقية القيادة المنشورة آنفاً أرسل علي وهبي بك الى الناصرة (مقر القيادة العليا للجيش التركي في بلاد العرب يومئذ) وإلى دمشق يقول فيها :

أن الذخيرة نفذت من مستودعات الجيش حتى لم يبق للجنود سوى خمس رصاصات وللمدافع سوى عشرين طلقة، وودع القيادة بعبارة مؤثرة “إنّ هذه آخر برقية أرسلها” وفعلا أمـر بإنزال عمود اللاسلكي، فأنزل، وأمر بإعداد المعدات في المحطة لنسفها ونسف المحطة في الصباح حتى لا يستلمها العرب حين دخولهم، وأبلغ الجند بأن يستعدوا المقاومة في السلاح الأبيض وأمر بدفن مال القيادة وكان لديها كميات من الذهب في حفرة يؤشر عليها إشارة سرية بعد دفنها، كما قرر حرق علم القيادة فلا يغنمه العدو.

وأشرقت شمس اليوم الثامن والثوّار يمطرونا نارا حامية شديدة كما كانت فقلنا أنها مقدمة هجوم عام على معان و أن انتصاره مؤكد وقد قررنا المقاومة بالسلاح الأبيض وعشنا في تلك الليلة أكثر من ساعتين أو ثلاث خوفاً من هجومهم وكنا ننتظر الدقيقة الرهيبة دقيقة المعركة الفاصلة حيث اشترك الجيشان بالسلاح الأبيض ولكن نيران العرب خمدت بعده”.

135
أحد المخافر التركية التي تم تدميرها من قبل قوات الثورة بعد تطهيرها من الحامية التركية في إحدى المناطق جنوب معان

الدعاية العثمانية الكاذبة

يصف الضابط اشتداد المعركة واقتراب المقاتلين العرب الشديد من القوات التركية المختبئة داخل المحطة ، وتطاير الزجاج عبر النوافذ ودخوله الغرف  وحالة الرعب التي كانت بها الجنود العثمانيين وقد كاد العرب يسيطرون على المحطة ويزيدون من انهيار معنويات الجيش العثماني لولا تدخل فرقة عثمانية كانت متمركزة على جبل مجاور.

كما يعترف باستخدامهم الأكاذيب لبث روح معنوية في جنودهم اليائسين، من خلال إذاعة بيان كاذب عن اقتراب وصول الامدادات، وهو ما لبث أن انتشر بين الجنود الذين اخذوا يتداولونه ويقاتلون بشكل أفضل مما سبق هذا البيان ، وتزامن هذا البيان في ذلك الوقت مع ارسال القائد العثماني لحامية معان علي وهبه بك برقية عاطفية يعلن فيها نهاية المعركة ونفاذ الذخيرة وأنها ستكون آخر برقياته ، تلا ذلك بعدها تجهيز معدات الإذاعة والمحطة و راية القيادة العثمانية للنسف والتدمير و الحرق لعدم افادة الثوّار منها في حال انتصروا ، وذلك يبرهن على شدة الوهن والضعف الذي كانت تمر به القوات العثمانية المحاصرة في معان في ذلك الوقت ، وشعورهم المؤكد بدنو أجلهم.

اخفاء المنهوبات

كذلك يتطرق الضابط بشكل غير مباشر لنقطة مهمة، وهو أن ذلك الوضع دفعهم كذلك لدفن المصاغات الذهبية والأموال التي كان يتم مصادرتها و نهبها وسلبها من البيوت الأردنية ومن التجار والمزارعين، حيث سارع مئات المرتزقة العثمانيين في دفن هذه الغنائم التي كانوا يسرقونها بغير وجه حق، ووضع العلامات التي تدل عليها أملاً في العودة لها لاحقا، وهو ما لم يتحقق ، وما كانت هذه الدفائن والكنوز في الحقيقة سوى حصاد تعب سنوات لمواطن أردني كان يرعى أو يزرع طول العام ، ليأتي ضابط عثماني يسلبه ما حصده.

بعد ذلك يتحدث عن وصول برقية تنبأهم حقيقة أن القيادة قد أرسلت لهم بعض الامدادات لمساندتهم، وكذلك عن تولي الفيلق الثاني لمهمة حراسة وصيانة السكة الحديدية العسكرية بين القطرانة ومعان والتي كانت قوات الثورة العربية الكبرى قد نسفتها لعزل القوات العثمانية المحاصرة في معان عن أي نجدات أو دعم قد يصلها.

يعيد الضابط التأكيد من جديد على الحالة النفسية الصعبة التي كان يمر بها أفراد الحامية العثمانية المحاصرة في محطة معان ، وأنهم كانوا يعدون اللحظات المتبقية لهم ، حتى اشتبك الطرفان بالسلاح الأبيض وتوقف الرصاص بعد ذلك.

يكمل الضابط العثماني وثيقة مذكراته حول معركة معان بهذه الأسطر :

“ودقّ جرس التلفون وأنا أنزل إلى مقر القيادة العامة تحت الأرض لأتلقى أخبار معان فبشروني أن العدو انسحب من الخطوط الأمامية وأنه يواصل تراجعه فأبلغت هذه البشرى إلى علي وهبي بك فدهش وكان لا يصدقها، ثم صعد إلى سطح الأرض ووجه منظاره نحو قوّات الثورة فوجده يغادر الهضبة والأكمات المحيطة بالمحطة فأدركنا حينئذ أن العدو لم يشدد نيرانه إلاّ ستاراً لانسحابه، وما هي إلاّ دقائق معدودة حتى انتشر الخبر بين الجند فأخذوا يطلقون النار عليهم.

ولكن قائدنا أصدر أمراً إلى الجند بالرجوع الى أماكنهم خوفاً من أن تكون هناك مباغتة وعند الظهر رأينا مدفعية قوات الثورة تطلق مدافعها من جبل سمنة وقد اختلفت الآراء في سبب هذا الانسحاب وفي تعليله خصوصاً وقد كانت معان على وشك التسليم بعدما فقدت ذخيرتها وميرتها، ولو هجم الثوّار علينا يوم انسحابهم لدخلوها دون عناء ولعل أقرب تعليل للحقيقة هو التعليل الأتي :

لما رأى القائد العام لقوات الثورة أن الهجوم على معان طال أسبوعاً ولم يقترن بنتيجة، أمر جنوده بالانسحاب خوفا من تضعضع القوة الأدبية ولئلا يؤثر ذلك في نفوس فرسان العشائر، وشرعنا بعد ذلك في العمل فأصلحنا سكة الحديد وأنشأنا الجسر الذي نسفوه بين معان والجردونة، ووصلتنا النجدات والميرة والذخيرة وسيرنا قطاراً إلى دمشق ارسلنا فيه الجرحى والمرضى كما عززنا الدفاع عن معان وبثينا الألغام حولها، ولما شعرت قوات الثورة بوصول النجدات ورجوع الترك الى نشاطهم بدأوا بمهاجمة ( الجردونة ) ونسف قضبان السكة الحديدية بين محطات الجردونة وعنيزة والحسا وجرف الدراويش، ولا بد لنا من الاعتراف بأن بقاء جيش الثورة في ( جبل سمنة ) المطل على معان أزعجنا، فقد كان يصب نيران مدفعيته في الصباح والمساء دون انقطاع على مراكزنا ولذلك قررت القيادة استرداد هذا الجبل، فقمنا بحركة سريعة وما كدنا نستولي عليه حتى فاجأتنا قوات الثورة فانسحبنا منه.

وقد انحصرت الأعمال الحربية في خلال شهري نيسان وأيار وحزيران بمناوشات بسيطة واتجهت عناية جيش الثورة في الحركة نحو الشمال واشتبك مع الفيلق الثاني التركي بمعارك هائلة في جبهات الحسا، واستبسل الفريقان واحتفظ الأتراك بموقعهم وانتقل مقر الفيلق الثاني من القطرانة إلى عمان بعد استقرار الحالة في تلك المناطق ووجه وجهه نحو جبل الدروز وحوران لمقاومة الحركة العربية الثورية بعد أن بلغ دعاتها تلك الأنحاء “.

342
زوبعة رملية تمر بأحد الاودية قرب معان أثناء العمليات العسكرية للثورة

 

مفاجأة لم يتوقعها أحد ، انسحاب عربي تكتيكي

يدور الحديث في الأسطر الأخيرة من الوثيقة عن المفاجأة التي حدثت في اللحظة الأخيرة من المعركة والتي لم تكن تخطر في بال أحد حيث كانت معان على وشك أن تتحرر،  لولا الانسحاب التكتيكي العربي الذي كان صادماً ومفاجئاً للعثمانيين الذين كانوا ينتظرون لحظاتهم الأخيرة، وهو ما لم يصدقه القائد العثماني علي وهبه بك حتى تأكد من ذلك باستخدام منظاره، الذي لم يتخلّ عن مخاوفه حتى رغم انسحاب قوات الثورة فهاهو يأمر جنوده بعدم اطلاق النار على قوات الثورة خوفاً من أن تكون هناك خطة هجوم ارتدادي.

ويعزو الضابط في تحليله ما حدث أنه بسبب ما يعتقد أنه قرار قائد القوات الثورة العربية الكبرى المهاجمة بالانسحاب خشية تأثر الروح المعنوية للمقاتلين الثوار و فرسان العشائر الأردنية ، في ظل استمرار المعركة لمدة اسبوع دون نتيجة ظاهرة ، لكن في الواقع أن النتائج المخبأة والمفاجأة كانت أكبر.

ويتضح هنا أن الثوار رغم إرادتهم وعزيمتهم وإيمانهم بهدفهم الكبير إلا أن ذلك لا يكفي، في ظل الافتقار لخبرة عسكرية في القتال الطويل الأمد، كما أنهم لم يدركوا وهن القوات التركية ولم يديموا زخم هجومهم في اللحظات القاتلة التي أوشك فيها العدو على الاستسلام، إضافة إلى قدوم الإمداد العسكري العثماني ما دعا قوات الثورة إلى رفع النار عن القوات التركية والتراجع فانقلب الموقف.

الحلفاء لا يرغبون بتفوق عسكري حاسم لقوات الثورة

ويقول الدكتور بكر خازر المجالي في تعليقه على هذه الوثيقة في كتابه التاريخ العسكري للثورة العربية الكبرى فوق الأرض الأردنية :

“وأي كان فإن الوثيقة لم تتطرق الى قوات الثورة العربية الكبرى وكيفية تنظيمها لهجومها وتنفيذه واعتمادها على القصف والإسناد المدفعي، هذا الذي قطعه ( بيزاني ) القائد الفرنسي عندما أوشكت قوات الثورة على تحرير معان، والتعليل في ذلك أن الحلفاء لم يرغبوا في أن يشاهدوا قوات الثورة تحقق نصراً حاسماً فأوقفوا الاسناد المدفعي وأتاحوا للأتراك استخدام أسلحتهم، فأضعف ذلك من معنويات قوات الثورة خاصة وأنهم تقاتل منذ ثمانية أيام وهي في هذه الحالة أحوج ما تكون إلى ما يدفعها للأمام وليس إلى ما يثبط من هجومها فيوقف زحفها أو على الأقل يوقفها عند المناطق الواقعة التي حررتها و استولت عليها.

ويضيف:  قد اعترف التقرير ببسالة الثوّار وقدرتهم على التعامل مع العدو، واعتراف بالحصار الذي ضايقهم، وليس ذلك فحسب فقد أدرك الأتراك أنهم بمعزل عن العالم بعدما شاهدوا قضبان سكة الحديد تتطاير، لكن هذه الأمور تزول بعد الانسحاب ويتمكن الأتراك من تسيير قطار إلى دمشق لنقل الجرحى والمرضى واستقدام المؤن وغيرها.

وأوضح التقرير أن الفرق بين النظاميين وغير النظاميين قد ظهر واضحاً بين قوات الثورة وهذا أثّر على سير المعركة واستفاد الأتراك من هذا التباين خاصة وأن المتطوعين من مقاتلي العشائر الأردنية لم يكونوا خبراء في التعامل مع التحصينات الدفاعية والاستحكامات التي كان العثمانيون وحلفائهم الألمان والنمساويون أكثر معرفة بها.

المراجع: 

  1. مجلة الحرب العالمية العظمى
  2. التاريخ العسكري للثورة العربية الكبرى فوق الأرض الأردنية / بكر خازر المجالي، قاسم محمد الدروع. 1995

عثماليكس – الجزء 5 : معارك معان وفق مذكرات ضابط تركي

Scroll to top