وُلد سحبان محمود خليفات يوم 8/11/1943 في السلط، حصل على شهادة البكالوريوس في الدراسات الفلسفية والاجتماعية من جامعة دمشق سنة 1966، وشهادة الماجستير في الدراسات الفلسفية والنفسية من جامعة القاهرة سنة 1972، وشهادة الدكتوراه في الفلسفة من الجامعة نفسها (1978).
عمل مدرّساً في الجامعة الأردنية، ومستشاراً للأمير الحسن بن طلال، وكان عضواً في مجلس الحسَن منذ سنة 2003، وعضواً في اللجنة الاستشارية لمشروع السلطان قابوس للأسماء العربية (1985-1988).
كتب عموداً سياسياً أسبوعياً في صحيفة “الشعب” اليومية (1990-1992).
مُنح من الديوان الملكي وسام الاستقلال من الدرجة الأولى سنة 1992 لجهوده خلال عضويته في اللجنة الملَكية لصياغة الميثاق الوطني (1990).
كان عضواً في رابطة الكتّاب الأردنيين، وأميناً عاماً لاتحاد الكتّاب والأدباء الأردنيين (1988).
توفِّي يوم 22/7/2012 في عمّان، ودُفن في السلط.
أعماله:
الأدبية:
“أناشيد وطنية” (مراجعة وتحقيق)، وزارة الثقافة والشباب والآثار، دائرة الثقافة والفنون، عمّان، 1984.
“رفعت الصليبي: قصائد ومقالات” (تحقيق ودراسة)، وزارة الثقافة والتراث القومي، عمّان، 1987.
“عبد المجيد سالم الحياري: شاعر الوطن والعروبة” (دراسة وتحقيق)، وزارة الثقافة، عمّان، 2010.
في موضوعات أخرى
“رسائل يحيى بن عدي الفلسفية” (دراسة وتحقيق)، الجامعة الأردنية، عمّان، 1987.
“رسائل أبي الحسن العامري وشذراته الفلسفية” (دراسة وتحقيق)، الجامعة الأردنية، عمّان، 1988 (تُرجم إلى اللغة الفارسية).
“ابن هندو، سيرته، آراؤه الفلسفية، مؤلفاته” (جزءان)، دراسة ونصوص، الجامعة الأردنية، عمّان، 1996.
“منهج التحليل اللغوي-المنطقي في الفكر العربي الإسلامي: النظرية والتطبيق” (ثلاثة أجزاء)، الجامعة الأردنية، عمّان، 2004.
“المدرسة اللغوية في الأخلاق”، دراسة نقدية للاتجاه الإنجليزي المعاصر في الميتا-أخلاق، وزارة الثقافة، عمّان، 2010.
وُلد سالم جريس عواد النحّاس يوم 13/4/1940 في مادبا، وأنهى الثانوية في مدرستها الثانوية سنة 1957، وحصل على شهادة التوجيهي المصري من الكلية العلمية الإسلامية بعمّان سنة 1958، وشهادة البكالوريوس في الأدب الإنجليزي من جامعة عين شمس بالقاهرة سنة 1964.
عمل في السعودية؛ مدرّساً في المدرسة التجارية بالدمَّام (1965-1968)، ومترجماً في الهيئة المركزية للتخطيط (1968/1969)، ومسؤولاً ثقافياً في مؤسسة رعاية الشباب بالرياض (1969/1970)، ثم عاد إلى الأردن ليعمل مدرّساً بمعهد وادي السير التابع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) سنة 1971، ثم رئيساً لقسم النشر في الجمعية العلمية الملَكية (1971-1974).
ثم عمل محرراً؛ في صحيفة “الأخبار”، وفي صحيفة (JORDAN TIMES) سنة 1976، ثمّ في صحيفة “الرأي” اليومية (1977).
كانَ أحد مؤسسي حزب الشعب الديمقراطي الأردني (حشد) سنة 1989، وتولى أمانته العامة (1997-2005)، وأشرف على صحيفة “الأهالي” الأسبوعيّة التي أصدرها الحزب منذ سنة 1992 حتى وفاته.
نال من رابطة الكتاب الأردنيين جائزةَ الرواية (1977)، وجائزة عرار الأدبية (1982).
كان أحد أعضاء الهيئة التأسيسية لرابطة الكتاب الأردنيين (1974)، وشغل عضوية جميع هيئاتها الإدارية حتى سنة 1993 (عدا دورة 1979/1980)، ثم شغلها مرة أخرى في الفترة (2005-2007).
توفّي يوم 29/1/2011 في عمّان بعد معاناة مع المرض، ودُفن في مادبا.
أعماله:
الأدبيّة:
“أوراق عاقر”، رواية، دار الاتحاد، بيروت، 1968.
“وأنت يا مادبا”، قصص، دار ابن رشد، بيروت، 1979.
“الانتخابات”، مسرحية، دار الفارابي، بيروت، 1981. ط2، أمانة عمّان الكبرى ورابطة الكتاب الأردنيين، عمّان، 2002.
“تلك الأعوام”، رواية، دار الوحدة ورابطة الكتاب الأردنيّين، دمشق، 1981.
“الساحات”، رواية، اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1987.
“أنتِ بالذات: تنويعات على جدران التجربة”، شعر، دار الينابيع، عمّان، 2001.
“الأعمال الكاملة”، البنك الأهلي الأردني، عمّان، 2005.
في موضوعات أخرى:
“الأندية الشبابية بين الواقع والطموح”، دراسة، عمّان، 1990.
المراجع:
“سالم النحاس أديباً وإنساناً”، حسين جمعة، دار الينابيع، عمّان، 2011.
“معجم الأدباء الأردنيين” (ج2، م1)، وزارة الثقافة، عمّان، 2006.
وُلد زياد محمّد الحصان يوم 13/11/1950 في عين جنّة/ عجلون، أنهى الثانوية العامة في مدرسة عجلون الثانوية سنة 1970، وحصل على شهادة
البكالوريوس في اللغة العربية وآدابها من جامعة بيروت العربية سنة 1974، ثم شهادة الماجستير في النقد والأدب من جامعة البنجاب في الباكستان سنة 1993.
عمل مدرّساً، ورئيساً لقسم اللغة العربية في كليات حوارة وعجلون وغرناطة الجامعية، ومديراً للثقافة في محافظة عجلون حتى وفاته.
توفِّي يوم 6/4/2004 في عجلون، ودُفن فيها.
أعماله الأدبية:
“البسيط في اللغة العربية”، دار الكندي، إربد، 1989.
“الميسّر في اللغة العربية”، دار الأمل، إربد، 1990.
“أساليب تدريس اللغة العربية”، دار الأمل، إربد، 1991.
“الشراع”، شعر، قدسيّة للنشر والتوزيع، إربد، 1991.
“سادن الليل”، شعر، مطبعة الروزنا، إربد، 2003.
المراجع:
“معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين”، مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري، الكويت، 1995. www.albabtainprize.org
وُلد زياد قاسم “محمّد علي” السيّد يوم 3/12/1945 في عمّان، أنهى الثانوية العامة في مدرسة الجوفة الثانوية سنة 1965، وحصل على شهادة البكالوريوس في المحاسبة من الجامعة الأردنية سنة 1969، ثم شهادة الماجستير في المحاسبة من جامعة “برايتون” في بريطانيا سنة 1982.
عمل في ليبيا في أوائل السبعينيات، ثم عاد إلى الأردن ليعمل في مجال التأمين والملاحة في العقبة حتى سنة 1978، ومديراً للعمليات في الملاحة البحرية حتى 1982، ثم مدرباً للمحاسبة والتسويق المصرفي في معهد الإدارة العامة ومحاسباً في بنك الإنماء الصناعي بعمّان حتى تقاعُده سنة 1993.
نال جائزة تيسير السبول للرواية من رابطة الكتّاب الأردنيين، وجائزة محمّد نزّال العرموطي للإبداع والدراسات العمّانية (حقل الرواية) التي أطلقها آل العرموطي برعاية بيت الشعر الأردني سنة 2008 عن مجمل أعماله عن عمّان (مناصفة مع هاشم غرايبة).
كان عضواً في رابطة الكتّاب الأردنيين.
توفِّي يوم 3/8/2007 في عمّان إثر إصابته بجلطة دماغية، ودُفن في سحاب.
أعماله:
الأدبية:
“المدير العام”، رواية، وكالة التوزيع الأردنية، عمّان، 1987.
“أبناء القلعة”، رواية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1990. ط2، وزارة الثقافة، 2009.
“الزوبعة”، رواية في ستة أجزاء: (ج1)، وزارة الثقافة، عمّان، 1994؛ (ج2)، أمانة عمّان الكبرى، عمّان، 1996؛ (ج3)، دار الفارس، عمّان، 1998. (ج4 و5)، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2003. ط2 (لجميع الأجزاء)، أمانة عمّان الكبرى، عمّان، 1997.
“العرين”، رواية، أمانة عمّان الكبرى، عمّان، 1999.
“الخاسرون”، رواية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2000.
في موضوعات أخرى:
“الشحن والتجارة”، بحث علمي، جزءان، مطبعة الشرق الأوسط، عمّان، 1984.
المراجع:
“معجم الأدباء الأردنيين” (ج2، م1)، وزارة الثقافة، عمّان، 2006.
“تجربة زياد قاسم الروائية”، نضال القاسم، عمّان، 2002.
وُلد زهير محمّد شريف كحالة سنة 1928، قدم جزءاً من امتحاناته الثانوية في مدرسة السلط، وأنهى الثانوية في مدرسة عمّان سنة 1944.
عمل في التدريس بوزارة المعارف (1946/1947)، ثم انتقل إلى مدارس الكلية العلمية الاسلامية التي عمل فيها حتى سنة 1999، مدرّساً ومحاسباً ورئيساً للديوان ومديراً مالياً ومديراً إدارياً وأميناً للمكتبة ومسؤولاً عن اللوازم ومديراً للدائرة الإدارية لمدارس الكلية في موقعَيها في جبل عمّان والجبيهة. ثم عمل مستشاراً إدارياً ومالياً لمدارس الدرّ المنثور في عمّان.
ساهم في إنشاء الحركة المسرحية في الأردن، ممثلاً وكاتباً ومخرجاً، حيث تقاسمَ البطولةَ مع مصطفى الحسن (مدير مدرسة رغدان حينئذ) في مسرحية “أميرة الأندلس” لأحمد شوقي التي قدمها النادي التعاوني الثقافي بعمّان في الأربعينيات. كما قام بتأسيس فرقة مسرحية قدَّمت في الخمسينيات مسرحية “نار ونور” من تأليفه وإخراجه على مسرح سينما بسمان، واشترك معه في التمثيل عبد الغني أبو قورة.
وقدّم منذ مطلع الستينيات وحتى سنة 1985 أحاديث دينية في الإذاعات الأردنية والكويتية والسورية والسعودية، منها: “من هدي القرآن الكريم”، و”نحو النور”، و”القرآن والحياة”. كما قدم عشرات المسلسلات الإذاعية الدينية والوطنية والاجتماعية والتاريخية، منها “في ظلال الإيمان” و”من قصص التنزيل”.
كانت تمثيلية “برّ السلامة” من تأليفه وإخراج حسيب يوسف، أول تمثيلية أردنية يبثّها التلفزيون من على شاشته بعد افتتاحه سنةَ 1968. كما قدم أحاديث تربوية واجتماعية عرضها التلفزيون الأردني.
توفِّي يوم 4/4/2008 في عمّان.
أعماله:
له أكثر من 20 عملاً أدبياً، منها:
“ليلة القدر”، نص مسرحي، (د.ن)، عمّان، 1983.
“والضحى”، نص مسرحي للأطفال، مطبعة الشرق، عمّان، 1984.
“دلّوني على محمد”، نص مسرحي للأطفال، مطبعة الشرق، عمّان، 1985.
“حسبنا الله”، نص مسرحي للأطفال، مطبعة الشرق، عمّان، 1985.
“رحلة النور”، نص مسرحي للأطفال، مطبعة الشرق، عمّان، 1986.
“مرآة القلب”، نص مسرحي، (د.ن)، عمّان، 1987.
“ولدي شهيد”، نص مسرحي، (د.ن)، عمّان، 1989.
“لن نتخلّى”، نص مسرحي، (د.ن)، عمّان، 1990.
“أرض الكرامة”، قصة للأطفال، جمعية عمّال المطابع التعاونية، عمّان، 1992.
“الطريق إلى الكرامة”، نص مسرحي، (د.ن)، عمّان، 1992.
كما ساهم في تأليف عدد من الكتب المدرسية بوزارة التربية والتعليم، من بينها كتاب التربية الإسلامية للصفين الإعداديَّين الثاني والثالث (1968).
دانت قوات الثورة والعشائر الأردنية للواء الهاشميين منذ أن انطلقت الثورة العربية الكبرى، فقد تولى الشريف حسين القيادة العليا وأقام دار الحكم يدير الحركات العسكرية وتتساقط القنابل حواليه في مكتبه وهو صامد لا يبالى، وعـين الشريف أبناءه الأربعة لقيادة قوات الثورة الرئيسية في الميـدان، يتحملون المسؤوليات الخطيرة بكاملها أمامه. ولما كانت الثورة قد قامت في البيت الهاشمي بعد وفود العشائر الأردنية التي قدمت إلى الشريف الحسين بن علي تستنجده وتدعم اطلاق رصاصة الثورة الأولى فقد انتدب الشريف حسين كثيرين من الأشراف لمعاونة أنجاله في قيادة السرايا والبعوث والتعاون مع العشائر في العمليات العسكرية، للأسباب التالية :
1. لأن الراية الهاشمية كانت ولا زالت الأقدر على توحيد الصفوف و شحذ الهمم في مواجهة الظلم و الاستبداد.
2. قدرة الأشراف على تنفيذ الخطط العسكرية وايصال الرسائل لقادة الثورة بأعلى درجات السرية والكتمان وبأفضل درجات التنفيذ .
3. اصرار الشريف الحسين بن علي على أن يكون أبناؤه والأشراف في مقدمة السرايا ليكونوا أنموذجا للتضحية والاخلاص .
وهكذا كان مع كل قبيلة وفي كل موقع حربي عدد من الأشراف، وفي طليعة كل هجوم عدد من الاشراف، وكانوا بمثابة رأس الرمح في جميع معارك الثورة وإندفاعاتها من الجنوب إلى الشمال، و من الأشراف الذين برزوا في جيش الأمير فيصل وقاموا بالعبء الأكبر الى جانبه كانوا ثلاثة: شرف بن راجح، ناصر بن علي، علي بن الحسين الحارثي.
نشأته و ولادته
أطلق رجال الثورة على الشريف ناصر بن علي آل راضي لقب “المحظوظ “، فقد كان موفقاً فى الحملات التي يتولى قيادتها، ولا يمكن أن تجد باحثا أو مؤرخاً يتناول عمليات الثورة العربية الكبرى دون أن يعرض الدور الذى لعبه الشريف ناصر في تقدم هــذا الجيش من الجيش في الجنوب حتى محطة المسلمية في الشمال .
ولد الشريف ناصر بن علي بن حسين بن فهد بن راضي في المدينة المنورة عام 1890 ونشأ فيها وتلقى علومه في مدارسها، وهو شقيق الشريف شحاد بن علي الذي عينه الشريف حسين أمير للمدينة المنورة عندما تولى إمارة الحجاز عام 1908، وتنحدر هذه العائلة من الأشراف الحسينيين الذين يطلق عليهم لقب (السادة).
يوم أعلنت الثورة، كان في السابعة والعشرين من عمره، وقد بدأ اتصاله بالفكرة الداعية لإنهاء الاحتلال التركي العثماني عندما زار دمشق في أوائل سنة 1916 مع الأمير فيصل بن الحسين، وهناك اتصل الأمير فيصل بأعضاء جمعية (العربية الفتاة) السرية وأشرك ناصر معه في اتصالاته بسبب الصداقة الحميمة التي كانت تربط بينهما، ومنذ ذلك الحين أصبح ناصر من المتحمسين لفكرة الثورة، وكان ملازماً للأمير فيصل خلال الأشهر العصيبة التي سبقت إعلان الثورة، ويوم قرر الأمير فيصل أن يبدأ بالعمليات العسكرية، كان الشريف ناصر بن علي في طليعه أعوانه.
كان الشريف ناصر قد غادر أهله ومنزله تلبية لنداء الشرف والبطولة واشترك في جميع الحركات الحربية، وكان العضد القوي للأمير فيصل بسبب الصلات الوطيدة التي كانت تجمعه مع زعماء القبائل الأردنية، وقد انتقم فخري باشا والي المدينة التركي من الشريف ناصر وأخيه شحاد ( الذي انضم للثورة أيضاً وظل طول قيامها مع الأمير علي) فأمر بقطع أشجار النخيل التي يملكانها في مـوقع ” سواله ” و أحرق البيت الذي يملكانه.
تحرير العقبة
كانت خطة الأمير فيصل أن يهاجم محطات سكة حديد القطار العسكري ويعمل على نزع قضبان خطه، على أمل أن يقطع المواصلات بين الجيش التركي الذي احتشد في المدينة المنورة وبين مركز الامدادات التركي وقادتهم الألمان في معان ودمشق، ولتحقيق هذا الهدف تولى الشريف ناصر أمر الهجوم في قطاع قلعة المعظم، كما تولى عدد من القادة الآخرين أمر مناجزة جيش الاحتلال التركي في قطاعات أخرى.
ولم يطل الأمر على ذلك المنوال، إذ أن فيصل أخذ منذ وصوله الى الوجه يرسل الرسائل الى القبائل الأردنية يدعو شيوخها للإنضمام إلى معسكره للتشاور وتحضير الخطط الخاصة بتحرير الأردن من الاحتلال التركي العثماني، و كان الشيخ عودة أبو تايه أحـد أولئك الشيوخ الذين وصلهم رسل الشريف فيصل وأول من لبى النداء. فبادر يغذ المسير من مضاربه في البادية النبطية ومعه عدد من زعماء عشيرته حتى بلغ الوجه في أوائل شهر نيسان، وعرض عودة على الأمير فيصل أن يمتد نشاط الثورة إلى كافة المنطقة الجنوبية للأردن دفعة واحدة ودون تأخير وبإسناد كامل من العشائر الأردنية وعلى رأسها قبيلة الحويطات، حينها وافق ذلك خطط الأمير فيصل الذى كان يتطلع لتطهير العقبة أولا، ولم يكن معقـــولا أن يزحف الأمير فيصل بجيشه كله لأن المصاعب المادية كانت تجعل أمراً كذلك في حكم المستحيل لذا فان تحرير ميناء العقبة لنقل الجيوش بحراً سيوفر الوقت والجهد ويكون أبرز عوامل النجاح الاستراتيجي للحرب.
وقع اختيار الأمير فيصل على الشريف ناصر بن علي آل راضي ليقوم بالمهمة الجـــديدة بالتعاون والاسناد مع الشيخ عودة أبو تايه: المهمة الخطيرة والشاقة التي يحتاج أداؤها الى رجولة وزعامة وشجاعة وإقدام والتي كانت تتجسد في الشريف ناصر. كانت الثورة بهذه الخطوة تمد جناحها خارج الحدود الممكنة ماديا و لوجستيا وتبحث عن آفاق جديدة.
أما الشريف ناصر بن علي فقد كان تواقاً للعمل الكبير والمهام الخطيرة، لم يكن قد هجر منزله وأهله وحدائق المدينة الخضيرة وحياة الدعة، للقيام بأعباء عادية. كان حقا رجل الملمات، وبدأ الاستعداد للرحيل على قدم وساق، وتوسل لورنس ضابط الارتباط السياسي الأمير فيصل بأن يسمح له بمرافقة حملة الشريف ناصر كخبير في زرع المتفجرات وكهاوي طائش للمغامرات حتى قبل له الأمير فيصل مرافقة الكبار.
أتم الشريف ناصر استعداداته، وتزود بعشرين ألف ليرة ذهبية كي ينفق على العمليات المقبلة من علف للخيل ومدافع وبنادق وذخيرة..الخ.، كما أخذ معه عدداً من البنادق، وكمية من العتاد والمؤن وأصابع الديناميت. وفي صبيحة يوم ٩ أيارغادر الوجه ومعه الشيخ عودة أبو تايه عودة ومحمد بن دحيلان أبو تايه و ٣٥ متطوعاً من العقيلات بقيادة ناصر بن دغيثر. وانطلقت الحملة باتجاه الشرق الشمالي وعبرت الحملة خط سكة الحديد العسكري وهناك فجّر رجالها عددا من قضبان سكة الحديد وقطعوا أسلاك الهاتف الخاصة بمراكز قيادة قوات الاحتلال التركي لقطع اتصالهم مع قيادتهم الألمانية بمعان. ومضى الجيش في سيرهم فعبروا سهل الحول ووادي فجر وسهل البسيطة، وأخيراً بلغوا عرفجه على رأس وادي السرحان، ومنها انتقلوا الى العيساوية فحلو ضيوفاً على الشيخ علي أبو افتنة أحد شيوخ الحويطات. إستغرقت الرحلة ثمانية عشر يوماً في صحراء موحشة قاحلة لا ماء فيها ولا أثر للحياة. أما الشريف ناصر ورفاقه فقد ارتحلوا في اليوم الأخير من أيار الى موقع عقلية قـرب النبك ( قريات الملح ) حيث كانت مضارب الحويطات من أنصار الشيخ عودة أبو تايه، وقد قر الرأي على إتخاذها مركزاً للاستعدادات.
أقام الشريف ناصر في عقلية والنبك أكثر من أسبوعين يحشد المتطوعين من أبناء العشائر الأردنية، وقد كان لعودة أبو تايه فضل كبير في كل ذلك بسبب زعامته وشهرته كقائد ناجح للغزوات على مراكز العسكر العثماني في حرب الاستنزاف الذي أعلنها عقب محاولة غدره الى سجن معان سيئ الذكر. وفي يوم 19 حزيران زحف الشريف ناصر ومن اجتمع معه من فرسان العشائر الأردنية، وقد زاد عددهم على الخمسمائة، (لمزيد من التفاصيل يرجى مراجعة المسار الأول لمعارك التحرير ) فبلغ القوم آبار باير وهناك اكتشفوا أن الأتراك وبهندسة ألمانية نمساوية عمـــلوا على ردم فوهات الآبار لتعطيشهم لكن الأردني وبخبرته بأرضه كان له موهبة فطرية بمعالجة الآبار من عبث الألمان وهندستهم لكن اعادة استصلاح الآبار أخر الجيش أسبوعاً حتى تمكن إزاله الردم والاستقاء من الماء.
وخلال ذلك الاسبوع اتصل الشريف ناصر بالعشائر المجاورة، وجاء للقائه بعض شيوخ بني صخر، واستيقن أن طريقه مأمونة من عيون جيش الاحتلال نظراً لأن أبناء العشائر الأردنية سيقدمون العون والمعاضدة و مسح الطريق من العيون والجواسيس. ورحلت الحملة من باير يوم ٢٨ حزيران وكان الشريف ناصر يسير في الطليعة على ظهر ناقته (غزاله) وإلى جانبه الشيخ عودة أبو تايه وبقية شيوخ العشائر الأردنية، يرتفع أمامهم جميعاً علم الثورة إيذانا بإنبثاق فجر جديد للأردنيين.
كانت أنباء هذه التحركات الغريبة قد بلغت قيادة جيش الاحتلال التركي وقيادته الألمانية والنمساوية بالقرب من سجن معان سيء الذكر، فغادرتها كتيبة بقيادة أمير الالاي التركي نيازي بك، وعسكرت مساء ذلك اليوم عند ماء أبو اللسن، وعلم قادة جيوش الثورة بالأمر فهبوا يغدون السير طوال الليل حتى بلغوا التلال المحيطة بالموقع، وانضمت إليهم مجموعات جديدة من عشائر الحويطات فأحاطوا بالمعسكر التركي من جميع الجهات، ومع الفجر بدأوا يطلقون النار على المعسكر بعد أن قطعوا خطوط الهاتف مع قادة الاحتلال الألمانية بمعان. وظل القتال ناشباً بين الطرفين حتى المساء عندما شن الشيخ عودة أبو تايه و فرسان الحويطات بالتخطيط مع الشريف ناصر قائد جيش الثورة هجوماً مباشراً أدى الى انهزام جيش الاحتلال العثماني ووقوع أكثرهم بين قتيل وأسير.
وقد تبّدت إنسانية الشريف ناصر في هذه المعركة إذ بادر لإنقاذ القائد التركي الجريح من يد الفارس محمد بن دحيلان أبو تايه، ثم أخــذ يجمع الأغطية في الليل لتدفئة الجرحى الذين لم تكن هناك وسائل طبية لإسعافهم. وخلال الأيام الثلاثة التالية حرر الأردنيون مراكز الاحتلال العثماني في القويرة وكثارة وخضرا والتي كانت تفصلهم عـن الساحل. وفي صبيحة يوم 6 تموز بلغوا العقبة وحطوا رحالهم فيها، وكانت حصيلة المعارك التي خاضوها حوالي 700 أسير وأكثر من ستمئة قتيل من جيش الاحتلال العثماني من أتراك وألمان ونمساويين، أما خسائر العرب فلم تزد عن شهيدين من فرسان العشائر الأردنية.
كذبة لورنس وسرقته لمجهود الشريف ناصر والشيخ عودة أبو تايه
لقد كان تحرير العقبة حدثا مهما من أحداث الثورة في الأردن، وقد فتحت هذه الخطوة عيون القادة البريطانيين على ما يمكن أن تنجزه جيوش الثورة مـن انتصارات، فأخذوا يراقبون المشهد بحذر شديد، وانتقل جيش الشريف فيصل الى العقبة وأخذ يباشر العمليات العسكرية في قلب الجبهة الأردنية ولكن الأمر الذي يهمنا تسجيله هنا هو أن لورنس أوهم القادة البريطانيين بأن العقبة سقطت بأيدي قوات الثورة نتيجة لتوجيهاته وإدارته وقيادته ومنذ ذلك الحين أخذت شهرة لورنس تنتشر وتذيع حتى ان المرء لا يجد كتابا غربيا يعالج موضوع الثورة إلا وينسب الفضل في فتح العقبة وفي انتصارات قوات الثورة الأخرى الى لورنس. والواقع الذي لا يأتيه الباطل أن العقبة تحررت بيد العشائر الأردنية نتيجة لعملية عسكرية قاموا هم بها، ولم يكن دور لورنس في الحملة أكثر من دور المرافق المرهق. أما القيادة في شن الهجمات فقد كانت بيد عودة أبو تايه، بينما كانت قيادة جيوش الثورة عامة بيد الشريف ناصر بن علي الذي كان يمثل زعيم الثورة الملك حسين ويمثل قائد جيش الثورة الشمالي الأمير فيصل، واننا نرى في في كتابات لورنس نفسه ما يحمل الدليل القاطع على أن الشريف ناصر كان هـو القائد المسؤول، ففي التقرير السري الذي قدمه للجنرال كلايتون قال أن الشريف ناصر كان قائد الحملة، وفي ذلك التقرير قال ” طلب الشريف ناصر مني أن أبحث احتياجاته مع الحلفاء من قادة الجيش البريطاني و إمكانات التعاون بينه و بين البريطانيين ضد قوات الاحتلال التركي والألماني و النمساوي “, وفي أعمدة الحكمه السبعة قال لورنس ” كان الشريف ناصر يقودنا، وقد جعلته سجاياه الحميدة القائد الوحيد من أجـل تحقيق المطامح العسيرة” و في تقرير لورنس السّري قال أيضا “لقد برهن الشريف ناصر على كفاءة فائقة وعلى أنه جاد ومستقيم اثناء الحملة، وأعتقد انه، بعد فيصل وشاكر، من أفضل الاشراف الذين اتيح لي العمل معهم”. لكن ذلك كله ذهب بعد بروز جاذبية كاميرات الصحافة والمخرجين الهولوديين الذين وجدوا قصة رجل أبيض في الصحارى النبطية أمراً يمكن تسويقه لمحبي المغامرة من المراهقين في دور السينما الأمريكية.
تحرير الطفيلة
نرى الشريف ناصر في المرحلة التالية يقود الحملة التي طهرت الطفيلة، ففي أواخر شهر كانون الاول زحفت ثلاث جيوش من وهيدة : الأولى بقيادة الشريف مستور ومعه الشيخ حمد بن جازي والثانية بقيادة الشريف ناصر ومعه نوري السعيد والشيخ عودة أبو تايه والثالثة بقيادة الشريف عبد المعين.
وقد تقدم الشريف ناصر الى الجفر مع المفرزة النظامية ومن هناك اتجها غرباً لمهاجمة محطة جرف الدراويش وهـي محطة من محطات القطار العسكري ذات تحصينات قوية وخنادق، وكان الأتراك قــد نصبوا مدفعاً ورشاشيين على ظهـر تلة وراء المحطة يحيط بها خندق، وكانت هناك رابية وراء التلة تطل عليها. و أقبل العرب وكانت قوتهم تتألف من كتيبة مشاة قوامها 300 جندي ومدفعين جبليين وثماني رشاشات وفرسان الحويطات وبني صخر يقدر عددهم بــ 1500 رجل. ظل الشريف ناصر ينتظر بقوته ليلتين في العراء، وقبيل الفجر من اليوم الثالث باغت المحطة بالهجوم فحرر الرابية أولاً، ثم بادر إلى قطع خط السكة على جانبي المحطة. وعند طلوع ضوء الصباح جاء نوري السعيد بمدفع جبلي ونصبه على الرابية وأطلق قذيفتين منه على المدفع التركي فوق التلة، أما الطلقة الثالثة فقد أخرست ذلك المدفع فظنوا أنه أعطب، وعندئذ أغـار فرسان العشائر الأردنية وعلى رأسهم الشيخ عودة أبو تايه في هجمة مفاجئة فأركن الاتراك إلى اخلاء التلة وانهزموا للاحتماء بأبنية المحطة.
ومضى نورى السعيد الى التلة فوجد المدفع التركي صالحاً للعمل وأن العثمانيين الأتراك قد فلوا خوفاً لا من جراء نفاذ الوسائل للقتال، فما كان من السعيد إلا أن أدار فوهته نحو المحطة وأطلق منه قذيفة أصابت محطة القطار العسكري إصابـــة مباشرة. وعندئذ هجم فرسان بني صخرعلى المحطة فرفعت قطعان العثمانيين شارة الإستسلام دون أن يقاوموا، فأخذهم فرسان بني صخر أسرى وكانوا حوالى مائتين بينهم سبعة ضباط عثمانيين أتراك ( بالإضافة الى ٨٠ قتيل عثماني تركي) ولم تخسر قوات الثورة سوى شهيدين. وعمد فرسان العشائر الأردنية الى تدمير المحطة ودمروا جسراً كبيراً عندها وحرروا حمولة قطارين من المؤن للجيش العثماني كانا يقفان فيها وبهم بعض المؤن من حليفهم الألماني. لقد أدار الشريف ناصر هذه المعركة بمهارة وروية كعادته، وكان الهدف اجراء أكبر تدمير ممكن في الخط ومهاجمة محطات أخرى لشّل المواصلات التركية عن قياداتهم الألمانية.
وادي الحسا
في نيسان 1918 قام الجيش العربي بأكبر عملية عسكرية في تاريخ الثورة، ألا وهي الهجوم على تحصينات مدينة معان في محاولة لتحريرها، وقد اشتركت في تلك العملية جميع الوحدات النظامية وحققت انتصارات موضعية مهمة، ولكن معان المدينة نفسها لم يتم تحريرها بيد قوات الثورة وذلك بسبب أخذ قيادة العثمانيين الألمانية المواطنين من أهل معان كدروع بشرية عالمين أن الهاشميين وشيوخ العشائر الأردنية لن يقدموا على قصف أقاربهم بالمدينة، بالاضافة لوجود بعض المغرر بهم المخدوعين بالبروبوجاندا العثمانية التي هندسها المستشارين والقادة الألمان لخداع بعض أهل المدينة باستخدام الغلاف الديني.
وكان من نتائج العملية تدمير جزء واسع من خط سكة حديد القطار العسكري الى الجنوب من مدينة معان كان من المتعذر على جيش الاحتلال التركي إعادة تعميره، مما أدى الى عزل المدينة وسجنها سيئ الذكر وحاميتها العثمانية عزلاً نهائياً. استقر الرأي على تدمير ثمانين ميلاً من الخط الى الشمال من مدينة معان نظير الأميال الثمانين التى دمرت الى الجنوب، كي يتحقق عزل مدينة معان نفسها عن عمان و درعا. و لهذه الغاية تولى الأمير زيد قيادة القوات النظامية وفرسان العشائر الأردنية في هذا القطاع وأخذ يشن الهجمات على معاقل العثمانيين الأتراك وقياداتهم الألمانية والنمساوية، وكان أشدها الهجمات المتكررة على محطة الجردونة، أما قيادة المتطوعين فقـد أسندت بصورة رئيسية للشريف ناصر بن علي.
وقد قام الشريف ناصر يوم 8 أيار بالهجوم على على محطة القطرانة فأسر عدداً من جنود حاميتها، ثم أعاد الكرة عليها في اليوم التالي، وفي 12 أيار شّن هجوماً ثالثاً ولكنه لم يتمكن من تحريرها فعمد الى تدمير مسافات مــن خط سكة حديد القطار العسكري، و في 18 أيار قام الشريف ناصر بالتحرك الى قاعدة الفجيج، بعد أن انضمت إليه مفرزة نظاميية و مفرزة الهجانه وخبير بريطاني في زرع المقفجرات.
وقامت هذه القوة المختلطة، فجر يوم 23 أيار بهجوم مباغت على محطة الحسا، فاستسلمت حاميتها بعد مقاومة خفيفة وأخذ فرسان العشائر الأردنية فيها 60 أسيرا وحرروا رشاشيين، واستغلوا هذا الانتصار فعمدوا إلى تدمير منشآت المحطة، كما أخذوا ينسفون قضبان سكة حديد القطار العسكري الى الشمال والجنوب من المحطة، وفي اليوم التالي هاجم الشريف ناصر محطة فريفرة فحررها وأخذ فيها 60 أسيرا ثم عمد الى تدمير منشآتها وعربات السكة الموجودة فيها.
ثم أغار على محطتي السلطاني وجرف الدراويش وكذلك على محطة القطرانة في الشمال حتى بلغت المسافة التي شملها التطهير 14ميلاً، ويذكر أحد القادة العثمانيين الجنرال الألماني ليمان فون ساندرس[1] أن قوات العشائر الأردنية قد دمرت 25 جسرا عثمانياً خلال أسبوعين وهو ما خربط كل مخططاتهم التي لم تظن أن فرسان العشائر الأردنية تمتلك الانضباط فوق المسببات للقيام بكل هذا.
كان الشريف ناصر يرتد إلى وادي الحسا بين كل هجوم وآخر ليحتمي في جوانبه الوعرة ويتفادى قنابل الطائرات الألمانية المساندة للاحتلال التركي، وقد اشترك الشيخ عودة أبو تايه في بعض هذه الهجمات وكذلك فرسان بني صخر، ولكن الطائرات الألمانية شددت غاراتها على مواقع قوات الثورة والحقت بهم خسائر لا يستهان بها، كما جلب الأتراك ثلاثة آلاف جندي من الترك والألمان والنمساويين من مسرح فلسطين لتعزيز حاميات المحطات بعدما عاثوا فيها بطشاً ورعباً. فاضطر الشريف ناصر بن علي التراجع المؤقت، ومما يجدر ذكره أن قوة الشريف ناصر في هذه المعارك كانت تقارب 600 مقاتل أكثرهم من مقاتلي العشائر الأردنية، وقد كانت هذه الهجمات مفيدة جداً لأنها حالت بين جيش الاحتلال العثماني وبين القيام بهجوم معاكس على مواقع قوات الثورة في تلول السمنات و وهيدة. وعندما زحف جيش الاحتلال العثماني لإعادة احتلال الطفيلة، اعترض الشريف ناصر بن علي طريق زحفهم وقـاومهم بشدة، ولكن الطائرات الألمانية ظلت توالي الغارات عليه حتى أجبرته على الانسحاب.
وتذكر ( النشرة العربية ) أن كتيبتين عثمانيتين تدعمهما مدفعية ميدان وسريتا رشاش – شّنتا هجوماً يوم ٢٢ حزيران على قوات الشريف ناصر بن علي في وادي الحسا، وأن الفريقين اشتبكا في معركة عنيفة ارتد الجيش العثماني على أثرها بعد أن فقدوا عشرين قتيلا وخمسة عشر أسيراً. وفي 4 تموز تصدت قوة الشريف ناصر بن علي لمفرزة استطلاع عثمانية وردتها على أعقابها بعد أن قتلت ستة من أفرادها واصابة قائد نمساوي.
أثنى لورنس كثيرا في كتابه ( أعمدة الحكمة السبعة ) على الشريف ناصر ووصفه بقوله “كان فاتح الطرق، والطليعة السابقة في تحركات فيصل، هو الرجل الذي أطلق الرصاصـة الأولى في المدينة المنورة والذي أطلق الرصاصة الأخيرة في المسلمية وراء حلب في نفس اليوم الذي طلب فيه جيش الاحتلال العثماني الهدنة. ومن البداية حتى النهاية كان كل ما يمكن أن يقال عنه جميل وطيبا”.
ووصفه في موضع آخر بقوله ” كان لناصر، وهو أمير كبير في موطنه، خيمة كبيرة يستقبل فيها الزائرين، لقد هجر الراحة والدعة والزعامة الطبيعية في مدينته وبين أهله، والقصور ذات الحدائق الغنا التي نشأ وعاش فيها، وها هـو يقضي الأعوام في البراري مقاتلا، دائما في الطليعة، ينتدب لكل مهمه عسيرة شاقة، والرائد في كل زحف. بينما يقيم الأتراك في منزله يقطعون أشجار النخيل، ويقطفون ثمار الحدائق” وقال عنه أيضا أنه كان “رأس الرمح للجيش العربي منذ أيام القتال الاولى” ووصفه بانه شاب جسور ذو جبهة عريضة واطئة و له عينان حادتا النظر.
أما خيرالدين الزركلي فيقول عن الشريف ناصر في كتاب (الأعلام) “قامت الثورة فكان أول من نادى بها، ثم لحق بفيصل وخاض المعرك الدامية، ثم طارد جيوش الاحتلال العثماني حتى حلب، فكان يقال له (فاتح حلب)، ثم بقي في دمشق إلى أن احتلها الفرنسيون فتوجه الى مكة، ثم قصد بغداد وبقي فيها إلى وفاته. كان هادىء الطبع، رضي الخلق، عرفته بدمشق ولقيته بها وبمكة مرات”.
توفي رحمه الله في بغداد في شهر تموز 1934 بالسكتة القلبية، منحته الحكومة الفيصلية في سوريا رتبة (أمير لواء)، وكان دائماً الى جانب الأمير فيصل وأخيه زيد، وقد أبَنته جريدة ( فتى العرب) الدمشقية لصاحبها معروف الأرناؤط تحت عنوان ( فاتح دمشق وبطل حريتها – رجل مات والرجال قليل(.
المراجع :
صور من البطولة ، سليمان الموسى ، المطبعة الهاشمية ، عمّان ، 1968 ، ص 9-34.
الثورة العربية الكبرى : الحرب في الأردن 1917-1918 : مذكرات الأمير زيد / سليمان موسى، دائرة الثقافة والفنون.
التاريخ العسكري للثورة العربية الكبرى فوق الأرض الأردنية / بكر خازر المجالي، قاسم محمد الدروع 1995 .
المراسلات التاريخية 1914-1918 : الثورة العربية الكبرى. المجلد الأول / أعدها وحققها وكتب حواشيها وترجم بعضها سليمان الموسى، 1973.
جيل الفداء : قصة الثورة الكبرى و نهضة العرب/ قدري قلعجي.
[1]أوتو ليمان فون ساندرز : Otto Liman von Sanders كان جنرالًا ألمانيًّا، خدم كمستشار وقائد عسكري للدولة العثمانية، كان من المقربين وصانعي السياسة العسكرية بدولة الاحتلال العثماني. كان مطلوباً لعدة جرائم حرب بدول البلقان واليونان وأرمينيا وفلسطين وغيرها. ولد 17 فبراير 1855 في مملكة بروسيا و توفي في 22 أغسطس 1929
شكل العالم تغير للأبد بعد الحرب العالمية الأولى، الثورة العربية الكبرى احدى النقاط المحورية بمسار الحرب العالمية الأولى، عودة أبو تايه أحد أهم النقاط المحورية بمسار الثورة العربية الكبرى. نعم هو شيخ العشيرة الأردني الذي فرض بطولته على مسار العالم الحديث كما فعل جده الحارث الرابع من قبله.
“موقعك الطبيعي أن تكون في صف الثورة لانها ثورة كل الشرفاء العرب وأنت أول القادمين الى الوجه وسيكون وجه الثوار أبيض بعون الله. وأول الغيث قطرة“
بهذه الكلمات صدح فايز الغصين القائد العسكري في منطقة الوجه حيث معسكر قوات الثورة العربية الكبرى بقيادة الأمير فيصل بن الحسين لحظة وصول الرمز الراحل عودة أبو تايه وأبناء عمومته ليعلنوا انضوائهم تحت لواء النهضة للتخلص من قرون الظلام التي سادت تحت حكم الاحتلال التركي العثماني. فعند قدومه إلى معسكر الأمير فيصل في منطقة الوجه، وعند تقديم الطعام قام بتكسير طقم أسنانه الذي صنعه الأتراك أمام دهشة الحضور قائلاً: لن آكل طعام الأمير قائد جيش الثورة بأسنان تركية، وهو طقم اسنان أمر بصنعه له جمال باشا السفاح طلباً لود الشيخ عودة وعشيرته الأردنية، فكان الراحل أول الغيث الأردني في وابل مطر فرسان العشائر الاردنية الذين انهمروا أرتالا ليختموا فصلا طويلا من الثورات الصغرى ضد المحتل التركي بدُرة تاج التحرير الوطني “الثورة العربية الكبرى”، وهذا ما كان للأردنيين تحت الراية الهاشمية ونتيجة لفزعة العشائر الأردنية وأولهم الشيخ عودة أبو تايه.
“أبو عناد” كان أول رسائل الاردنيين للانجليز قبل الأتراك بأن العشائر الأردنية تعلم جيدا ما تبغيه من حلفها المؤقت معهم ضد الاحتلال العثماني وحلفائه الألمان والنمساويين بعد وضعه وتطبيقه لاستراتيجية تحرير العقبة التي دقت أول مسامير نعش الاحتلال العثماني في الأردن وكانت موضوع مراسلات كافة السفارات الأجنبية المذهولة بالمنطقة. حيث أدرك على اثرها الانجليز أنهم أمام ذكاء المقاتل الأردني الفطري وأن بقائهم لن يطول بعد انجاز الأردنيين حاجتهم من الحلف.
سجل أخو عليا أول حروف البيعة الأردنية للراية الهاشمية الحاملة لمشروع النهضة الأردنية لتعود منارة مشعة عالمياً، كما كانت بعهد الأجداد المؤابيين والأنباط والغساسنة، والتي أتم كتابتها طوابير فرسان العشائر الاردنية ليمهروا بدمائهم الزكية العقد الوجداني مع الهاشميين بوحدة الهدف والمصير والمنظومة القيمية الوطنية العليا.
سياق الطموح وحتمية الموقف
هو الشيخ عودة بن حرب بن صباح بن فرج بن محمد بن فرج ويعد الجد الأخير محمد أبو تايه بن فرج المؤسس لعشيرة التوايهة (أبو تايه) من قبيلة الحويطات الأردنية العريقة حيث مضاربها في جنوب الأردن، وبين جبال الشراه الشامخة بتاريخها المحوري عالمياً ولد الراحل العظيم في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر وفي أقرب تقدير عام 1870.
الحويطات أسوة بغيرها من القبائل والعشائر الأردنية تكيفت مع حالة الاحتلال التركي الذي استمر لأربع قرون من الاضطهاد والقمع والتجهيل عبر التحول من حالة الحضر والاستقرار الى البداوة والترحال لسببين، الأول، كنتيجة حتمية لمقاومة دفع الضرائب الجائرة بلا أي مقابل أو تمثيل ناجع والتي كانت تبدأ ب25% على الدخل وتصعد بحسب أهواء السمؤول المحتل. هنا وعلى سبيل المثال تجد تراجع لعدد المنازل الدافعة للضرائب الجائرة بالسلط من 519 منزل ل105 منازل خلال 70 عام كما تلخيص بحث سابق بالصورة المجاوزة. أما السبب الثاني فهو نتيجة لانعدام امكانية الاستقرار لتكرار عمليات الهدم الممنهج والتدمير المبرمج الذي انتهجته سلطة الاحتلال التركي ضد أي ثورة صغرى أو حركة احتجاجية وبشكل جماعي لكل بناء حضري على أرض الأردن كما حصل بالكرك عندما هدم ما يزيد عن 500 منزل دكت بالمدافع بثورة عام 1910 وخلال موسم الثلوج. فكما سلف، أصبحت العشائر دائمة الحركة في المنطقة، من خلال بيوت الشعر، التي تنصب في منأى عن يد قوات الاحتلال التركي وحيث الكلأ والماء، فبلور الأردنيون ضمن ذلك أسلوب حياة بدوي متكامل مع منظومة ثقافية عشائرية جمعية بقوانينها المحكمة وباعتماد على الترحال الموسمي ككتلة جمعية بمصير مشترك وذلك قبل مجيئ جباة الضرائب وقطعان الحراسة المصاحبة لهم وبحسب تعاقب الصيف والشتاء. لذا وتكيفاً مع حالة الاحتلال الطويلة منح الأردنيون أنفسهم بعودتهم للبداوة القدرة على المناورة في صراع البقاء والمقاومة للاحتلال بعد ان لمسوا أن تاريخهم الطويل يتم ابتلاعه وهدمه بصورة ممنهجة تفصلهم عن حضارتهم العميقة بالتاريخ ليسهل السيطرة عليهم تحت ستار التجارة بالدين التي حملها الأتراك على مدى اربع قرون والتي لم تقدم للأردن وأهله سوى الفقر والتدمير والتخريب وسرقة حضارتهم، فتراكمت الثورات الصغرى التي خاضوها توقا للانعتاق حتى توجوها بخوض ثورة العربية الكبرى تحت راية الهاشميين الذين وحدوا الأردنيين وقادوهم للنصر ولتحقيق المشروع النهضوي العظيم.
بوصلة تشير لدرب الشرفالوطني
برز “صقر الصحراء” كما وصفته العديد من الجرائد العربية والأجنبية كرقم أردني صعب في معادلة الحرب العالمية الأولى كاملةً فلولاه لضعفت الثورة وتأخرت بأقل تقدير ولولا الثورة العربية الكبرى لتغيرت كل مجريات الحرب العالمية الأولى ولهذا تجده بالاسم بالعديد من مراسلات السفارات العالمية بالمنطقة وموضع نقاش قادة أقطاب القوة العالمية بوقتها.
تميز بحكمته وحنكته، التي ارتوى بها بشكل طبيعي كسيد عشيرته، كما اشتهربكرمه الذي كان على حساب حاجته حتى وصف أن كرمه أورثه فقر المال ولكن عطاؤه أعطاه غنى النفس وثراء السيرة التي يتداولها الأردنيون الى اليوم فارتقى من شيخ العشيرة الكريمة الى مرتبة الرمز الأردني الوطني حيث بوصلة الأردن هي الأولوية وتتساقط أمامها المصالح الشخصية لتحقيق المصلحة الوطنية العليا المخططة من القيادة الهاشمية الأمينة.
نشرت جريدة (القبلة) في عددها 130 نقلا عن جريدة (المقطم) المصرية أن جمال باشا السفاح أرسل رسالة الى الشيخ عودة يطلب منه أن يظهر طاعته للأتراك مع الوعد بأن يجعله (ممتازا بين مشايخ العرب والعشائر اذا ألقى عودة ابو تايه القبض على الشريف ناصر) فأجابه أخو عليا (ان قتال الاتراك أصبح واجباً وطنياً وان عليكم أيها الأتراك أن تجلوا عن أرض الأردن وكافة بلاد العرب).
وحاول الاحتلال التركي استدراجه الى سجن معان سيء الذكر لسلب عودة ابو تايه ماله تحت ذريعة الضرائب التي اعتاشوا عليها وأمضو يصرفونها ببذخ على الحرملك والجواري باستنبول بينما يترك الأردنيين للجوع والظيم والقهر بعد أن يدفعوا ربع ما يملكونه كحد أدنى من ضريبة الدخل. فكان أن حاول عدد من جنود الاحتلال سوق الشيخ عودة ابو تايه الى معان حيث حاميتهم التي يدرعون بها وسجنهم مقر جرائمهم هناك ليجبروا الراحل على دفع الضريبة وسلبه فلما أدرك الحيلة أبى عودة الامتثال للترك فصوب الجنديان الأتراك عليه فأخطاءاه لسرعة حركته الفطرية، وبسرعة الفرسان رد عليهما بغيهم وغدرهم له فأرداهما قتيلين وفر الباقون.
منذ ذلك الحين لم يدخل الراحل معان حيث حامية الاحتلال تتكتل وتتربص به وبالأردنيين الأحرار الذين حسموا أمرهم مع المحتل المتاجر بالدين. تحولت حادثة الغدر
ومحاولة جلب الراحل عودة الى سجن معان الى وبال على المحتل التركي فتحول كل جندي تركي محتل الى هدف لنيران فرسان العشائر وباتت حرب استنزاف مشابهة للنموذج الايرلندي أذيق فيها المحتل التركي الأمرين لدرجة أن مراسلات الألمان والنمساويين من سجن معان كانت دائم تدل على خوفهم الخروج منه الا بحراسة مشددة.
وصف المطران بولص سلمان الراحل عودة ابو تايه في كتابه (خمسة اعوام في شرق الأردن ) قائلاً: “انه من أقوى الزعماء في الحويطات وأغناهم وأوسعهم ملكاً وله مواش وخيول وبيوت، رجاله سبعة آلاف والمسلحون عددهم اربعة آلاف ولهم سطوة ودولة ويسكن في قرية تدعى (الجرباء).
أبوتايه والتاريخ العالمي
وعندما ظهرت الفرصة التاريخية بتكليل ثورات الأردنيين عبر القرون والوصول لانعتاق الأردنين من نير الاحتلال التركي، طوع عودة ابو تايه كل امكاناته في هذا السبيل وهو ما انسحب على باقي شيوخ العشائر الأردنية وفرسانها بعد ان أعلنها الشريف الحسين بن علي مدوية (طاب الموت) فطاب موت الأردنيين في سبيل استقلالهم وحريتهم وفي سبيل ردم فجوة التاريخ التي امتدت لأربع قرون وفصلت بين كل حضاراتهم ومستقبلهم ونهضتهم ليعيدوا عربة النمو الوطني الى مسارها الصحيح .
فبعد لقائه للأمير فيصل بدأ العمل على الفور بالتهيئة والاستعداد والتعبئة للمعارك الفاصلة في تاريخ الأردن الحديث وفي اليوم التاسع من أيار 1917 غادرت الحملة سالفة الذكر عن (الوجه) باتجاه الشمال الشرقي للأردن وعبرت خط سكة حديد القطار العسكري ثم عبرت سهل (الحول) ووادي (فجر) ومنه اتجهت الى (عرفجة) في وادي السرحان عبر سهل (البسيطة) الواسع ومنه اتجهت الى سهل العيساوية ومن العيساوية انقسمت الحملة الى فريقين:
-الفريق الأول بقيادة الشيخ عودة
-الفريق الثاني بقيادة الشريف ناصر
وكانت الخطة تقضي بتوجه الشيخ عودة الى مضارب الشيخ نوري الشعلان وولده الشيخ نواف كما نشرنا سابقاً.
لقد حققت الحملة نجاحاً باهراً واستقطبت المئات من فرسان العشائر الأردنية وهيأت بذلك الظروف الملائمة لاجتياح المناطق المذكورة عسكريا، وتفوق نداء الواجب للتطوع للثورة العربية الكبرى بكل بساطة انتقاله بين مضافات شيوخ الأردنيين وفشلت الدعاية العثمانية ومهندسينها من ألمان ونمساويين والتي كانت تزعم أن ألمانيا والنمسا جاءت لنصرة الإسلام وحماية الخلافة الاسلامية من أهل الكفر، وهي التجارة بالدين التي مارسها المحتل التركي على مدى قرون دون جدوى.
شارك الرمز الوطني في تحرير العقبة والطفيلة ومعان وتطهيرها من صلف الاحتلال وكانت الضربة الخاطفة والحازمة التي قدمها في استراتيجية تحرير العقبة الأردنية احدى أهم نقاط التحول بتاريخ الثورة العربية الكبرى فدارت دائرة المعارك لصالح الفرسان ارتكازا على مخطط الزمن الذي أدركه الشيخ عودة وكانت النتيجة جلية بسوق المئات من قطعان الأسرى من قوات الاحتلال العثماني ومن والاهم من ألمان ونمساويين أمام طوابير الأحرار من فرسان العشائر الأردنية وقوات الثورة العربية الكبرى. وتعد معركة العقبة والاستراتيجية المتبعة خلالها احدى أولى المؤشرات التي تلقاها الانجليز قبل الاتراك بأن فرسان العشائرالأردنية يعلمون جيداً ما يبغونه من الحلف الآني مع الانجليز في الحرب العالمية الأولى ضد الأتراك والنمساويين والألمان وبأنهم أمام حليف يجدر الحذر منه.
لم يتوقف دور الاردنيين على تحرير مدنهم وتطهيرها من قطعان الاحتلال التركي والألماني والنمساوي بل امتدت اياديهم الخيرة لتحرير دمشق وحلب وكان لفرسان العشائر الاردنية الفضل بتحرير سوريا وكان الشيخ الراحل عودة ابو تايه على رأس قائمة الأبطال الأردنيين الذين دفعوا وبذلوا في تحرير سوريا من الاحتلال وزرع راية الثورة في قلبها لينبض بحرية بعد الاحتلال العثماني لها وبعد 70 عام من مذبحة دمشق التي أراقت بها قطعان القوات العثمانية دماء عشرات الآلاف من أبناء دمشق الجارة.
سجل الشرف
ويمكن سرد أهم المعارك التي شارك بها الراحل في رحلة التحرير والثورة العربية الكبرى بما يلي حسب التراتب الزمني:
في 9 ايار1917 توجهت حملة بقيادة عوده ابوتايه من الوجه، وعند عبور الحملة لخط سكة حديد القطار العسكري قامت بنسفها وابطال فعالية الاتصال الهاتفية بين القيادات الألمانية وباقي قوات الاحتلال العثماني.
تحرير ابو اللسن، وهيده، المريغه، القويره، كثيره، والخضره في طريقهم إلى العقبه.
تحرير ثغر العقبه يوم 6 تموز 1917
تحرير محطة جرف الدراويش.
تحرير الطفيله بقيادة الأمير زيد بن الحسين يوم 25 كانون الثاني 1918
تطهير 80 ميلا من خط سكة حديد القطار العسكري إلى الجنوب من معان في شهر نيسان 1918
تطهير خط السكك حديد القطار العسكري بين درعا ودمشق يوم 17 أيلول 1918
تحرير محطة الغزاله
تحرير محطة درعا
تحرير مدينة دمشق يوم 1 تشرين الأول 1918
تحرير حلب يوم 22 تشرين الأول 1918
بكل هذا الإرث البطولي بات تاريخ عودة ابو تايه مطمعاً للتزوير والنهب فحاول لورنس أحد ضباط الأنجليز مدعماً بآلة اعلامية متقدمة تطويب تاريخ عودة لمصلحته فأخذ يذيع في اوروبا بعد انتهاء الحرب انه اي لورنس قد وضع الخطط لفتح العقبة وقام بتنفيذها وقام بترويج ذلك بشكل هوليودي انطلى على الأجيال التي لم تعاصر بطولة أجدادهم ولم يعوا قرابين الشهداء التي بذلت على درب الاستقلال الأردني.
النضال السلمي
بعد مشاركة الراحل عودة ابو تايه وفرسان العشائر الأردنية في تحرير حلب بعد دمشق أعلن الأتراك استسلامهم وخضوعهم النهائي وأيقن الأردنيون أن الاستقلال الأولي من المحتل التركي قد بدأ، وباتت المعركة مع الانجليز على الأبواب لتحصيل الاستقلال النهائي والتام.
اختار الأردنيون لهذه المرحلة عنوان الكفاح السياسي السلمي ضمن رؤية استراتيجية عميقة ترمي الى الحفاظ على ما تحقق وتمتينه كي لا تذهب التضحيات العظيمة التي بذلها الشهداء الأردنيون من فرسان العشائر وامهروها بدمائهم مع الريح، خاصة وأن أهل الأردن قد عانوا الأمرين خلال الأربعة أعوام من الحرب العالمية الأولى وما جرى خلالها من مصادرة محاصيلهم على يد العثمانيين وما نتج عن القصف الجوي الألماني والانجليزي لمدنهم.
وهكذا كان ونجح الأردنيون بتجاوز اختبار الحكومات المحلية والتفوا تحت الراية الهاشمية في الوقت الذي بدأت الاضطرابات تعود مع الاصطدامات في الدول المحيطة للأردن وبدأ النزوح الى الأردن من دول الجوار فوصل للأردن الفارين من سوريا ومنهم: رشيد طليع، عادل أرسلان ابن عم مظهر أرسلان، وكامل القصاب، وحسن الحكيم، وخير الدين الزركلي، ورشدي الصفدي، ونبيه العظمة، وعادل العظمة، وسامي السراج، وفؤاد سليم، وبذات التوقيت فر أحمد مريود ومجموعة ترافقه ولجأ الى قرية كفرسوم الأردنية واحتمى بعشيرة العبيدات الأردنية.
خرجت في الأردن مظاهرات في آب 1921 قادها الراحل عودة أبو تايه وسعيد خير وعدد من شيوخ الأردن، أمر فيها مظهر أرسلان المفروض من الانجليز على الحكم الناشئ اطلاق الرصاص على المتظاهرين، مما أدى الى دفاع شيوخ العشائر عن أنفسهم وابعاد نيرانهم عن الأردنيين واستهداف رأس المخطط قائد القوات الانجليزية فريدريك بيك شخصياً والذي تصاوب ونجى بأعجوبة بمعاونة فؤاد سليم السابق الذكر. فشنت حملة اعتقالات واسعة من قبل الانجليز اعتقل فيها علي خلقي الشرايري وصالح النجداوي وتوفيق النجداوي وهم ضباط أردنيون كانوا يعون مخطط الانجليز ورجلهم المفروض على الحكم الناشئ، وعاد عودة الى مضاربه عند جبال الشراة.
في ظل خيار النضال السلمي الاستراتيجي باتباع الدبلوماسية لتحقيق الغاية الأهم وهي الاستقلال النهائي ازداد تعقيد المعادلة. وفي تشرين أول غادر الأمير عبدالله في رحلة دبلوماسية لتمهيد سعي الأردنيين نحو استقلال معترف به دولياً. فاستغل مظهر أرسلان وزير الداخلية في حينها غياب الأمير عبدالله وبعث بدعوة عاجلة الى الراحل عودة أبو تايه باسم الحكومة للحضور الى عمان فلبى الشيخ عودة الدعوة بحسن نية.
ولحظة وصول الشيخ عودة بكل حسن نية لطي صفحة المظاهرة، غدره مظهر أرسلان وسلمه للانجليز الذين نقلوه على عجل الى سجن السلط ظناً منهم أنهم بذلك يعزلون الشيخ عودة في مكان قصي عن أهله. وفي السلط تجسدت الروح الأردنية وكان الفارس الشيخ عبدالله الخطيب قد استبق الأحداث ووضع خطة لإخراج الشيخ عودة فقام وبمعاونة فرسان السلط بخلع قضبان السجن وكانوا قد جهزوا (الكحيلة) وهي فرس عربية أصلية تسابق الريح أهداها شيخ من النهار المناصير من بني عباد .
واكتملت الروح الأردنية عندما لحقت قوة عسكرية قوامها 150 جندي بقيادة اللواء الراحل محمد علي العجلوني، وهو الفارس النبيل وأحد أهم رجال الثورة والوطنيين الأردنيين الذين قادوها، حيث أقنع العجلوني أرسلان والانجليز من خلفه أن أبو تايه وفرسان السلط ممن رافقوه لن يذهبوا جنوباً مروراً بمضارب بني صخر وذلك لوجود فتنة سابقة أحدثها العثمانيين بينهم وأنهم سيسلكون الطريق الشرقي باتجاه مضارب بني حسن حيث (الشيخ ابن قلاب فزعة السلطية ) حيث تحالف السلطية التقليدي ضد فتن العثمانيين سابقاً، وذلك بالتنسيق مع شيوخ بني صخر وعلى رأسهم الشيخ مثقال الفايز والشيخ عضوب الزبن. وعلى ذلك راوغ العجلوني في مهمته ووجه القوة باتجاه مغاير ولم يحاول اللحاق بعودة ليسقط مؤامرة مظهر أرسلان الذي كان يرى بالوطنيين الأردنيين خطراً على شرعية وجوده.
استقبل الشيخ عودة أحشم استقبال في مضارب بني صخر حيث تجسدت الروح الوطنية وتم تأمين طريقه للعراق حيث طلبه الأمير فيصل بن الحسين واقتطع له من الأرض ما يليق به يسكنها حتى عودة الأمير عبدالله من جولته العالمية واكتشافه لمؤامرة الانجليز وأزلامهم وذلك لتعذر الاتصالات السريعة بوقتها. وعندما علم الشريف حسين بن علي بخبر القبض على الشيخ عودة غضب وطلب لقاءه وكان عودة يقيم في ضيافة الأمير فيصل بن الحسين في العراق فعاد الشيخ عودة مكرماً الى وطنه الذي أفنى عمره في الكفاح لاستقلاله من حرب الاستنزاف الذي أعلنها هو على العثمانيين وصولاً للثورة العربية الكبرى الذي أعلنها الشريف حسين من مكة.
خلود الروح وذهاب الجسد
وفي عام 1924 اشتدت وطأة المرض على الراحل عودة ابو تايه إذ كان يشكو من ورم خبيث وقرحة في المعدة، فسافر للعلاج إلى مصر، ثم عاد إلى القدس فأجريت له عمليه جراحية. وتوفي في عمان ليلة الثلاثاء في 22 تموز 1924 ودفن فيها بتشييع رسمي كبير وحداد شعبي شمل جميع المناطق، ونعته الصحف العربية في الشام والعراق والاردن والحجاز ومصر .
كتب محمد الشريقي في جريدة الشرق العربي وهي الجريدة الرسمية للحكومة الأردنية في حينها مودعا الراحل الكبير الشيخ الفارس عودة ابو تايه قائلاً:
“كان شجاعاً في القول والعمل، ذكي الفؤاد، كان نموذجأً للبطولة الفطرية …إن عودة لا يُسْتَذَل”
المراجع:
صور من البطولة ، سليمان الموسى ، المطبعة الهاشمية ، عمّان ، 1968 ، ص 37 -58
التاريخ العسكري للثورة العربية الكبرى فوق الأرض الأردنية / بكر خازر المجالي، قاسم محمد الدروع 1995 .
الثورة العربية الكبرى : الحرب في الأردن 1917-1918 : مذكرات الأمير زيد / سليمان موسى، دائرة الثقافة والفنون.
احسن الربط في تراجم رجالات من السلط ،د.هاني العمد،2007
وُلد رشيد عمر زيد الكيلاني سنة 1905، التحق بـ”الأزهر” في القاهرة سنة 1917، وبعد إغلاق “الأزهر” بتأثير من ثورة 1919، عاد إلى مدينة السلط في الأردن حيث انتقلت أسرته، وقد حِيْلَ بينه وبين استئناف دراسته لضيق ذات اليد، عمل مدرّساً في جنوب الأردن، وموظفاً في وزارة الأشغال (النافعة) بعمّان، ثم عمل في الإذاعة الأردنية بعد تقاعده، وكان له فضل جمع التراث الغنائي الشعبي في الأردن وفلسطين، وكتب مئات الأغاني الشعبية التي أكسبته شهرة واسعة، وقد لحّن أغلبها جميل العاص. وكان إبداعه في الشعر الشعبي من أسباب شهرة الفنانة سميرة توفيق التي غنّت من شعره أكثر من عشرين أغنية.