تركت معركة الكرامة أثرًا وجدانيًا لايزال حتى يومنا الحالي وسيبقى مصدر ثقة الأمة الأردنية بجيشها الذي حقق هذا النصر بقيادته وحيدًا دون إسناد أو دعم لأن العدوان جاء مباغتًاـ خصوصًا وأن هذا النصر الساحق جاء بعد الهزيمة التي لحقت بالعرب تحت القيادة المصرية في حرب حزيران.

 

في الذكرى السنوية الأولى لهذا الانتصار وبهذه المناسبة غنّت السيّدة فيروز بصوتها أوبريت “القصة الكبيرة” من كلمات وألحان الأخوين رحباني وبتنسيق مباشر مع معالي الأستاذ صلاح أبو زيد وزير الإعلام آنذاكـ الذي سطر بطولة من نوع خاص في إصراره على أن يتم بث هذا الأوبريت في موعد المناسبة بالرغم من أن الحدود كانت مغلقة وليس من الممكن أن يتم نقل هذا التسجيل من لبنان للأردن في الموعد المطلوبـ فاتصل معالي أبو زيد بالأخوين رحباني وطلب أن تقوم الإذاعة اللبنانية وقبل أيام قليلة من ذكرى معركة الكرامة ببث الأوبريت وفي ساعة متفق عليها أن تكون قبل الفجر والناس نيامًاـ وأن يتم التقاط موجات البث اللبنانية من مرتفعات الشمال وتسجيل الأوبريت من البث المباشرـ وبالفعل تم تنفيذ هذه الخطة الإبداعية في الموعد من المحدد وحصلت الإذاعة الأردنية على الأوبريت وتم بثه في الوقت المُحدد في احتفالية السنوية الأولى لنصر الكرامةـ وصدح صوت السيّدة فيروز منشدًا للأمّة الأردنية الحبَّ والعزّةَ والنصرَ والكرامةـ وكان الإعلام الأردني بهذا قد سجّل نصرًا من نوع آخر.

 

تضمن مجموعة من الأغنيات الخالدة التي عكست معالجة الأخوين رحباني للحالة العربية وانتهاءً بالنصر الأردني الذي كُتِبَ هذا العمل لمناسبتهـ حيث ينتهي الأوبريت بأغنية “القصة الأخيرة” والتي صوّرت نهضة الأمّة الأردنية بصوت السيدة فيروز في أبهى صورها وأشكالها :

 

العامل الصغير يكتبُ كلّ يوم حرفاً من التاريخ قبل النوم

والولدُ الصغير في غرفة بالبيت يكتب أقمارًا تضيء البيت

والزارعون يكتبون السطر في التراب.. ويتركون إسمهم يسقط في التراب

وجيشنا يكتبُ تاريخًا لنا بالدّم بالرصاص بالحِراب

ويكتبُ الأردنّ بذهبِ الكرامة بالعزّ بالشهامة تاريخًا كبيرًا يكتبُه الأردن

ويُنشدُ الأردن أغنية بهية حسناء كالحرية أغنية قدسية يُنشدُها الأردن

وإنني نذرتُ يا بلادي .. صوتي لأجل الحق والجهادِ

لقصتنا من شرقنا جميلة … للحبِّ .. للعزّةِ .. للبطولة

 

 

المصدر : أرشيف الإعلامي ممدوح أبو الغنم

صلاح أبوزيد يضيف مكسب فني لمعركة الكرامة بالتعاون مع فيروز

تحدثنافرقة نبطية - رسمة في الجزئين السابقين من سلسلة مقالات (موسيقى الأردنيين الأنباط) عن دلالات استخدامات الموسيقى في حضارة الأردنيين الأنباط ودور المرأة في الحياة الموسيقية النبطية, ونتناول في هذا الجزء نوعية وطبيعة الآلات الموسيقية التي استطاع الباحثون تحديدها ومعرفتها من خلال الآثار المتبقية, وذلك يعني أنه من المرجح وجود آلات أخرى لم تصل إلينا بذاتها أو من خلال الرسومات والمنحوتات. عرف الأنباط الآلات الموسيقية التالية :

أولاً : القيثارة 

وهي من الآلات الوترية وتُسمّى بالفارسية “جنك” وبالإنجليزية “Harp”, ومن هذه الآلة التاريخية القديمة تطوّرت آلة “الهارب Harp” المعروفة بشكلها الحالي والتي هي اليوم جزء من آلات الأوركسترا السيمفوني, يرجع تاريخها إلى 3000 سنة قبل الميلاد وقد استخدمها السومريون والأكاديون والبابليون, كما استخدمت في حضارة وادي النيل بشكل واسع جدًا في مناسبات وفترات مختلفة.عرف عرب الحيرة القيثارة أيضًا وقد أشارت الدلائل الأثرية الى ممارسة العرب اللحيانيين العزف على آلة وترية وُجدت منقوشة على جبال العذيب, وهم الذين عاصروا الأنباط وانتهوا على أيديهم في نهاية القرن الأول قبل الميلاد.

وقد ظهرت القيثارة مع العازفات النبطيات بأشكال وأحجام مختلفة مما قد يعني أن الأنباط قاموا بتطوير هذه الآلة إلى عدة نماذج مختلفة لتتناسب مع استخداماتهم الموسيقية المتعددة, كما ظهرت هذه الآلة مع العديد من تماثيل الآلهة النبطية ومنهم هرمز الذي ظهرت خلف كتفه الأيسر والحال نفسه في تمثالي الآلهة تايكه وزحل الذي ظهرت القيثارة خلف أكتافاهم اليمنى.

ثانيًا : الناي 

وهي من آلات النفخ, والناي لفظة فارسية تقابلها بالعربية كلمة “شبابة أو القصابة”, وفي الإنجليزية “Flute” , وقد استخدمت كلمة مزمار في الكتابات والمصادر التاريخية أحياناً للإشارة إلى الناي.

والناي على نوعين : منفرد ومزدوج, وقد استخدم كلا النوعين عند الأنباط، فظهر الناي المزدوج مع الرجل في منحوتة إمرأتين ورجل, أما الناي المنفرد فقد ظهر مع الإله بان Pan في الرسومات الجدارية النبطية، ويبدو أن إله الموسيقى بان Pan لعب دورًا في ممالك عربية أخرى فقد ظهر في الحضر منحوتة بارزة وهو ينفخ في مزمار يتألّف من تسع أنابيب, ويشير هذا إلى السطوة الثقافية والفنية لمملكة الأردنيين الأنباط على الممالك والحضارات المجاورة, ولايزال الناي بنوعيه المنفرد والمزدوج موجود في الأردن ومستخدم بكثرة في الموسيقى التراثية والشعبية المعاصرة ويُعرف الآن بأسماء أخرى مثل “الشبابة والمجوز”.

ثالثاً : الخرخاشة 

وهي من الآلات الإيقاعية التي تُصدر الأصوات الإيقاعية بضربها أو جعل أجزائها تتصادم ببعضها البعض، ومثّلت هذه الآلة جزءً من المرافقات الموسيقية في الفرق النبطية.

من خلال طبيعة الآلات الموسيقية التي تم اكتشافها لدى الأنباط يُعتقد ما يلي :

1 – تكوّنت الموسيقى النبطية من عناصر موسيقية مكتملة كما نعرفها اليوم, وهي اللحن والهارموني والإيقاع.

2 – اهتم الأنباط بالإرث الموسيقي للشعوب الأخرى التي خاضوا معارك ضدها ولم تكن حروبهم همجية, فلقد أخذ الأنباط آلة القيثارة عن عرب الحيرة الذين أنهى الأنباط وجودهم ولكنهم استفادوا من تراثهم الموسيقي والثقافي.

3 – كان الأنباط منفتحين على الحضارات والثقافات الأخرى المجاورة لهم.

4 – كان لدى الأنباط نماذج حقيقية متنوعة لكل آلة موسيقية, مما قد يُرجّح احتمالية أنهم طوّروا بعض هذه الآلات الموسيقية, والتطوير في الآلة الموسيقية يعني بالضورة وبدون شك أن هناك منهجية علمية اتبعوها في ذلك, ويعني ذلك أيضًا بالتوازي وبالضرورة وجود حركة تأليف موسيقية اضطرت ولجأت إلى تطوير آلة موسيقية بهدف تأدية لحن موسيقي لا يمكن للآلة أن تؤديها بشكلها التي هي عليه.

المصدر :

الموسيقى عند العرب الأنباط – د.إياد المصري, د.مهدي عبدالعزيز

موسيقى الأردنيين الأنباط – الجزء الثالث

Scroll to top